مسعود البارزاني يتفق مع الارهابي عبد الناصر الجنابي/سرمد المرعبي

Mon, 10 Sep 2012 الساعة : 23:22

 

يبدو ان المصالح بالنسبة لبعض الجهات السياسية فوق كل اعتبار، وحتى لو كان ذلك على حساب دماء الابرياء. فقد تسربت معلومات مؤكدة من مصادر مطلعة من داخل قوات الامن الكردية (الآسايش) التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني عن ابرام الاخير لإتفاق مع ممثلي عدة تنظيمات مسلحة منظوية تحت لواء ما يسمى بـ "دولة العراق الاسلامية" برعاية عضو البرلمان المطرود والمتهم بتهم ارهابية المدعو عبد الناصر الجنابي وذلك من اجل اثارة البلبلة في المناطق التي تقرر ان تقوم عمليات دجلة بتسلم ملفها الامني.
بات من المعروف ان فشل الجهات الامنية في كركوك في حفظ الامن والقضاء على الارهاب وايقاف الهجمات الارهابية المسلحة وتصاعد حالات الاختطاف والاغتيالات كان بسبب تعدد جهات القرار الامني في كركوك وعدم وجود تنسيق فيما بينها كونها تتبع لجهات حزبية ذات اجندات غير متوافقة وفي اغلب الاحيان متعارضة، فهنالك قيادتين لقوات الامن الكردية (الآسايش) احدها يتبع الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة رئيس الجمهورية السيد جلال الطالباني، والآخر يتبع للحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة البارزاني، بالاضافة لقيادتين من قوات البيشمركة التابعة ايضا للحزبين، وقوات الباراستن (المخابرات) الكردية للحزبين ايضا ً، وقيادات الشرطة، والطوارئ، وشؤون الامن الوطني، وشرطة الاقضية والنواحي كلها ولائاتها تختلف باختلاف انتماء قادتها، وهي غالبا ً موزعة بين الحزبين الكرديين ايضا ً، ناهيك عن اسناد مناصب امنية رفيعة الى اشخاص لا يحملون حتى شهادة المتوسطة مثل العميد سرحد قادر مدير شرطة الاقضية والنواحي الذي لا يتكلم العربية ولا يحمل اية شهادات علمية.
هذا الفشل في الملف الامني ادى الى تصاعد المطالبات في شارع كركوك ووجهائها وجهاتها الرسمية لتدخل الحكومة المركزية وايجاد حل للتشرذم الامني في كركوك والذي استغلته الجهات المسلحة للقيام بعمليات ارهابية بشكل شبه يومي ودون وجود رادع لهم.
إلا ان امورا اخرى استجدت على الساحة السياسية الاقليمية والمحلية ادت الى ابرام اتفاقات مشبوهة مع جهات ارهابية لخدمة مصالح حزبية وقومية لأحد الاحزاب الكردية، لكن على حساب الامن والاستقرار في مناطق كركوك وديالى والموصل وصلاح الدين. فقد ادى الدعم اللامحدود لمسلحي المعارضة السورية (الجيش السوري الحر والحزب الديمقراطي الكردي السوري، الفصيل السوري لحزب العمال الكردستاني التركي) من قبل حكومة اقليم كردستان بقيادة مسعود البارزاني (مع تحفظ معظم قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني)، ادى الى استياء الحكومة العراقية ورفضها لتلك التصرفات الكردية خصوصا ً بعد تصريحات اعلامية "جريئة" من اقليم كردستان واعترافها علنا ً بتدريب المئات من المسلحين السوريين من اصل كردي للمشاركة في التمرد المسلح ضد الحكومة السورية. بالاضافة الى المعلومات التي سلمتها روسيا الى الحكومة العراقية والمتضمنة لصور ملتقطة بالاقمار الصناعية تبين تهريب معدات عسكرية ثقيلة وخفيفة وعربات عسكرية الى المتمردين في سوريا.
كما ان المناطق التي تخضع كليا (مثل اقليم كردستان) او جزئيا (مثل كركوك و اجزاء من الموصل وديالى وصلاح الدين) اصبحت مصادر قوية لتمويل المتمردين السوريين وايواء عوائلهم وعناصرهم الهاربة ومعالجة جرحاهم وتدريب مسلحيهم. ونتيجة لسهولة حركة المسلحين السوريين فيها، اصبحت هذه المناطق معبرا ً لتنفيذ العمليات الارهابية في وسط جنوب العراق، وحلقة وصل ومحطة استراحة آمنة لفلول الارهابيين.
تلك التصرفات الكردية ادت الى وقوع الحكومة العراقية في حرج كبير امام التزاماتها الدولية وتبنيها لمبادرات لحل الازمة السورية سلميا ً وايقاف اراقة الدماء، في حين ان اطراف عراقية هي التي تقوم بتغذية الصراع الطائفي المسلح في سوريا وتأجيجه.
وكنتيجة لكل ما سبق، قررت رئاسة الوزراء تشكيل قيادة عمليات دجلة لاستلام الملف الامني في مناطق ديالى وكركوك كخطوة اولية لضبط الوضع الامني وضمان استقراره، بالاضافة الى السيطرة على اية عمليات مشبوهة تهدف الى تمويل التمرد خارج الحدود العراقية. لكن تشكيل قيادة عمليات دجلة دق ناقوس الخطر لدى البارزاني المتحمس لاسقاط الحكومة السورية وضمان منفذ بحري عن طريق المناطق الكردية السورية التي ستكون موالية له في حال تحققت الخطط، كما دق ناقوس الخطر لدى التنظيمات الارهابية التكفيرية التي ترتبط ارتباطا ً مباشرا ً ووثيقا ً بالمتمردين المسلحين في سوريا.
التقاء مصالح الطرفين ادى الى ابرام صفقة سرية (قد تكون مؤقتة، وقد تكون بعيدة الامد) مفادها –حسب المصادر المطلعة- غض النظر من قبل القوات الكردية المسيطرة على مناطق كركوك وديالى والموصل عن فعاليات التنظيمات الارهابية المسلحة والمنظوية تحت لواء ما يسمى بدولة العراق الاسلامية والافراج عن عدد من قياداتهم من اجل بلبلة الاوضاع وقلب الطاولة على "عمليات دجلة" وافشال مهمتها في مقابل تعهد تلك التنظيمات بعدم التعرض لاقليم كردستان وللمناطق الكردية في كركوك وديالى وتركيز عملياتهم في المناطق الشيعية والتركمانية والعربية بالاضافة الى ضرب مدن الوسط والجنوب مع القيام ببعض العمليات الخفيفة بين الحين والاخر دون احداث خسائر في المناطق الكردية من اجل التمويه. بالاضافة الى تعهد المدعو عبد الناصر الجنابي لتحسين علاقات الاقليم ببعض دول الخليج مثل السعودية وقطر وضمان مواقفهم الساندة للبرزاني وضغطهم على الادارة الامريكية وضمان مساندتهم له.
ان هذه الاتفاقات المشبوهة التي لا تعير الاهتمام بالدم العراقي ستؤدي الى نتائج كارثية لا تحمد عقباها وستكون وبالا ً على الشعب العراقي بكافة اطيافه. لذلك، فالتساؤل المهم في هذه المرحلة سيكون حول موقف الاطراف السياسية الوطنية في التحالف الوطني وخارجه، وهل ستساند مواقف الحكومة لقطع الطريق على الارهاب ومن يتعاون معه من الاطراف السياسية؟ ام انها ستسمح بتمرير هذه المؤامرة التي ستؤدي الى ادخال العراق الى دوامة عنف لن يخرج منها الا مقسما ً ومنكسا ً؟ الجواب ستبينه الايام القادمة.
Share |