الكرسي -الى الاستاذ عمار المطلبي/ زاحم جهاد مطر

Sun, 9 Sep 2012 الساعة : 19:08

الكرسي أداة من خشب ، او من خيزران أو قصب ، يستلقي عليه الفقير ، وينام عليه البائس الحقير ، او من معدن ثمين او من ذهب ، ويكثر منه عند بلاد العرب ، يجلس عليه الحاكم الأمير ، العظيم الكبير ، وهو بدون ساعدين ولكن له ظهر ، وبأربعة قوائم ولكن ليس له صدر ، ويرحب بكل صاعد من الطهارة الى المنارة ، ويترك كل ساقط من المنارة الى الطهارة ، لافرق عنده بين عجز أو عجيزة ، فالكل عزيز أو عزيزة ، وعنده الجميع سواسية كأسنان الحمار ، لا فرق بين جبار وجبار ، فالكل يحكم بالحديد والنار ، ولا يهاب العار والشنار ، ويرحب بكل العواهر ، ولا يكسر بالخواطر ، ويستوعب العجيزة الكبيرة ، كاستيعابه للعجيزة الصغيرة ، والكل عنده سواء ، بيضاء كانت أم سوداء ، حمراء كانت أم صفراء ، ممتلئة كانت أم نحيلة ، سمينة كانت أم هزيلة ، ضراطة كانت أم عفاطة ، شفاطة كانت أم لفاطة ، ويحب الكرسيَّ كل من فرعن ، ويهواه كل عَثَن ، ويناله السادر الغادر ، والفاجر الداعر ، ومن كان مثالاً لسوء الأدب ، كالجردبي الذي ركب ام جندب ، وهو أغلى من المال والبنون ، ومن الأم والأب الحنون ، تراق عند أقدامه الدماء ، وتحرّف تعاليم السماء، والجلوس عليه أمر خطير ، لا يقبل التبديل والتغيير ، ويتحول عنده الانسان الى شيطان ، والحيوان الى انسان ، ويستغله القاعد ، بتوزيع المغانم والمقاعد ، للأهل والاصحاب ، والاصدقاء والارباب ، ويسيطر على رقاب الناس ، حتى لو كان من الانجاس ، وينسى الوعود ، ويخالف العهود ، ولا يحكم بالعدل والميزان ، ويحكم الناس كقطيع من الخرفان ، فكم من سرسري وسربوت ، ظن نفسه واهباً للحياة والموت ، والكرسي على أنواع كثيرة ، وبأصناف مثيرة أثيرة ، فمن كرسي الرئاسة ، والذي هو لأهل السياسة ، والذي حوله العيون تحوم ، واليه القلوب ترغب وتروم ، وعنده يتساوى الملك الرشيد وغير الرشيد ، والأمير البليد وغير البليد ، ويلتصق به القاعد كالقراد ، ويتناسل عنده كالجراد ، كأجود أنواع الحمير ، وأرقى أصناف البعير ، فحمارنا لا يسمع من حأحأ ، وبعيرنا لا يفهم من جأجأ ، وهناك كرسي الاعتراف ، حيث يعترف المخطأ ولا يخاف ، والاعتراف بالخطأ فضيلة ، يمسح كل خطيئة ورذيلة ، والحكومات لديها كرسي الاعتراف ، وعنده تذوب القلوب والشغاف ، وتباح بكل الاسرار ، وتهتك الاعراض والاستار ، وهناك يعترف كل مذنب او مذنبة ، بتهم باطلة غير مرتكبة ، وهناك كرسي الرسول الجليل ، وهو لمركز البابا دليل ، وفي الجامعات يوجد كرسي الأدب ، مركزٌ علميٌ لاستاذٍ مؤدب ، وكرسي البلاد ، كالعاصمة بغداد ، والكرسي في الكلوب ، معروف في شمال مصر والجنوب ، ويقصد به تخريب الحفلات ، باثارة المشكلات ، بقذف كرسي من بلطجي توب ، باتجاه المصباح او الكلوب ، ويبدأ تخريب الفرح على طول ، وتقلب خناقة على طول ، ويتقاتل من هب ودب ، حتى يصير الدم للركب ، وتسمع صيحات الدلعادي ، من الجيزة للمعادي ، وهناك الكرسي الهزاز ، يستخدمه الأديب والبزاز ، ومن يتذكر اعزاز والله اعزاز ، واخيراً فان كل الكراسي ، قد تنقلب بين الصباحات والاماسي ، وحق الحي القيوم ، فان الحال لا يدوم ، ولنا في كرسي الحلاق دنبوس ، عبر ودروس ، وأقول للبعيد والقريب ، وللجاهل والأديب ، من قلب يتألم ويتحسر ، ومن قلب يتأمل ويتفكر ، اسمعوا ما في القول المأثور ، وافهموا ما في المثل المشهور ، لو دامت لغيرك ، ما وصلت اليك ، وللاستاذ عمار المطلبي ، اهدي ما تواضع من حرفي وأدبي ، فان قبل هديتي ، وقبوله أمنيتي ، سيكون داعياً للسرور ، وانشراحاً للصدور ، وفضلاً لا ينسى ، واحساناً لا يحصى ، ولجميع أحبتي ، كل ودي ومحبتي .  

Share |