الديمقراطية (( المســلفنة)) التي يريدها لنا الغرب/ المحامي يوسف علي خان

Sun, 9 Sep 2012 الساعة : 16:39

من الضروري والمفيد ان نتطرق الى هذا الموضوع وننشره للراي العام العربي الذي يغرق في الوقت الحاضر بمعمعة الثورات العربية (( الملونة )) التي اثارها الغرب وكلف لقيادتها لناجورج سورس وبصور واشكال متنوعة فقد عمد الى تغيير انظمتنا بالقوة المباشرة وباحتلال علني كما فعل في العراق وافغانستان... او نصف مباشر كما فعل في ليبيا متذرعا باحداث سبتمبر او وجود اسلحة الدمار الشامل وخطرها على السلم العالمي او لحماية المواطنين العزل 00 او بتغيير غير مباشر كما فعل في تونس ومصر واليمن وسوريا وما تنتظره الدول العربية الاخرى بتحريك اعوانه ومنظماته السرية التي تتخذ عناوين واسماء وصفات مختلفة باشعال الثورات وتشجيع المعارضين والمتظررين من الانظمة القائمة مستغلين احتياجاتهم المادية والصحية وضغوطهم النفسية التي يعانونها بمصادرة الحريات وكبت الانفاس وعنف الاستبداد من اجل تحريضهم لمحاولة تغير هذه الانظمة والاتيان بحكومات ديمقراطية تحقق ماحرموا منه في ظل انظمتهم المتعسفة الحالية 00 باعتبار ان الانظمة الديمقراطية هي احسن الانظمة التي ثبت نجاحها في الدول الاوربية بكل ماتحويه من عناصر الرفاه والحياة السعيدة التي توفرها للمواطن وتؤمن حقوق الانسان بشكل عام وتزيح عنه جميع القيود التي تقيده فيها النوازع الدينية او الانظمة المستبدة الفاسدة 00 بعد ان فشلت كل الانظمة التي جربتها شعوب العالم وثبت فشلها مثل النظام الشيوعي والانظمة الاشتراكية الاخرى او الانظمة الرأسمالية المهيمنة على رأس المال وادارته عن طريق شركاتها المتحدة التي تستغل فيها الطبقات العاملة بابشع صور الاستغلال 00او الانظمة الكنسية التي خضعت لها اوربا ردحا من الزمن 00 فالديمقراطية تواكب في الكثير من الاحيان فكر العلمانية والتي قد تكون توأمها السيامي الذي لاينفصل عنها والذي يبتعد عن التعصب الديني الذي يقيد الحرية الشخصية للفرد حيث نجد العلمانيين هم اكثر تقبلا للا نظمة الديمقراطية من المتشددين الروحانيين في مختلف الشرائع الدينية خاصة الاسلامية منها فقد يعتقد الاسلامييون ان الشريعة الاسلامية نظام روحاني ودنيوي في نفس الوقت فهو يصلح لكل زمان ومكان وخير شريعة وقانون يمكن ان يطبق على البشرية جمعاء بما يحققه لها من حقوق وامنيات وما يجب ان يعيش عليه الانسان ويلتزم ببنوده وهو ما تنكره عليه الانظمة الوضعية في الانظمة الديمقراطية او في الانظمة الاشتراكية او في العديد من الشرائع الروحانية الاخرى التي لاتقر فقهاء الدين على هذا الاعتقاد 00 وعليه ومن هذا المنطلق الذي ينطلق منه الاسلاميون فيعتقدون بانه لاحاجة لهم بالانظمة الغربية ان كانت ديمقراطية او اشتراكية او أي نوع اخر من الانظمة الدخيلة على العالم الاسلامي وان الشريعة الاسلامية اكثر قدرة على تحقيق العدالة بين الناس حتى لغير المسلمين 00وعليه فمن لايؤمن بهذا المعتقد او مما يؤمن بالعلمانية فهو انسان كافر وملحد وفاسد ومرتد ويتوجب عليه القصاص 00وهذا الاختلاف في الرأي لازال قائما بين الدعاة المسلمين ودعاة الديمقراطية بجميع تعاريفهم ومفاهيمهم لها المختلفة 00 حيث ان الدعاة الاسلاميين يعتبرون ان الديمقراطية تمثل الحياة الاوربية الحالية المليئة بالمفاسد والتسيب والاباحية وانها لاتلائم مجتمعنا المحافظ الملتزم حالها حال الشيوعية الالحادية التي لاتؤمن بوجود الاديان وتعتبرها افيون الشعوب 00 ولكن الديمقراطيون يفسرون الديمقراطية بانها انظمة تقوم على فصل الدين عن الدولة ولاتتدخل بمعتقدات الناس فهي علاقة البشر بربهم اما الديمقراطية فهي نظام اجتماعي يحقق العدالة وتكافؤ الفرص وتحقيق الضمان الاجتماعي للمجتمع وينظم حياتهم بسن القوانين الوضعية المرنة المناسبة للمكان والزمان والتي تكفل لهم الحريات العامة ولا تتدخل في الامور الشخصية للفرد وتعتبرها خطوط حمراء لايمكن التجاوز عليها 00 ولكن هل ان الدول الاوربية التي تدعي وتروم تطبيق الديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط تفعل ذلك بنيات صادقة وحقيقية 00 ومع ذلك وبغض النظر عن اهدافها الخفية في اندفاعها المحموم لتغيير الانظمة والادعاء بتطبيق الديمقراطية فهي انما تفعل ذلك ليس حبا بالشعوب ورغبتها الانسانية في مساعدتها لتحقيق امانيها ورفع الحيف عنها وانقاذها من حكامها المستبدين00 فالديمقراطية وهي كلمة واحدة ومصطلح واحد ولكنها تحمل العديد من المفاهيم المختلفة من مجتمع لاخر فالتي يريد تطبيقها الغرب يستحيل تطبيقها في عالمنا الاسلامي المحافظ وبشكل صريح وعلني مع ان الكثير من الممارسات التي يتصدى لها المتشددون تمارس داخل مجتمعاتنا وبشكل فضيع ولكن بخفية شديدة وبتحفظ مبالغ فيه وتحت الاقنعة والاغطية فهي احسن حواجز للتخفي ومع ذلك فان الصور التي يجب ان تروج يجب ان تكون بانماط تتماشى مع تقاليدنا واعرافنا حتى لانخد ش بها الحياء المتعارف عليه داخل مجتمعنا العائلي فالديمقراطية التي يمارسها الغرب تتعايش فيها الحرات المطلقة التي لاحدود عليها ولا قيود طالما لاتتعدى حدود حريات الاخرين وتمس حقوقهم الشخصية فهي تتماشى مع مفاهيمهم التي تختلف اختلافا جذريا مع مفاهيمنا من الكثير من النواحي فالاخلاق لها مفهوم يختلف عن مفهومنا لها... فهي تتماشى مع اسلوب حياتهم فالتعري امر شخصي لايجوز الاعتراض عليه في بعض الاماكن وهناك العديد من النوادي التي تجيز هذه الممارسة دون أي حرج وكذلك التبرج والسفورواطلاق الشعور وابراز المفاتن في المناطق العامة التي تعتبر مظهر من مظاهر حياتهم اليومية والذي يحرمه الاسلام خاصة مع النساء بل ويفرض الحجاب والاقنعة المغلقة عليهن 00 فالديمقراطية ليس لها تعريف واحد متفق عليه او مفهوم واحد فكل شعب يفهمها بشكل مغاير لما يفهمه شعب اخر وكذلك الحال بالنسبة للشرف فله صور واشكل تختلف تماما عما نفهمه عنه نحن الشرقيون بل المسلمون 00 وهذا يسري على الفهم الاجتماعي الوضعي او الفهم الروحاني الديني فقد نجد التقارب الشديد في مفاهيم الغرب مع الاتحاد السوفييتي في اسلوب حياتهم المتحررة مع اختلاف طبيعة هذا الفهم... فالشيوعية في الاتحاد السوفييتي كانت ترفض المعتقدات السماوية ولا تؤمن بها فهي تعيش اسلوب حياتها المتحررة المنفلتة من منطلق مبادئها المادية التي تتنكر للاديان وبطريقة مشابهة لاسلوب الحياة في الدول الاوربية التي لازالت تنضوي تحت الغطاء الكنسي المسيحي المتسامح بشكل كبير الى درجة الانفلات الاخلاقي الذي يجيز التزاوج المثلي ويشرعنه بقوانين وضعية له اوالعلاقات الجنسية خارج النطاق العائلي وهو نفس الاسلوب المتبع في الدول الاشتراكية ولكن تحت اغطية مختلفة عن اغطية المجتمع الاوربي الذي يؤمن بالرأسمالية التي تعتمد على الاقتصاد الحر المختلف تماما عن الفكر الاشتراكي المعتمد على الملكية الشائعة... ومع ذلك فالجميع ينادون بالديمقراطية ولكنهم يختلفون في مفهوم مقاصدها او في طريقة ممارستها وقد تجد العديد من المسلمين من يؤيد المفاهيم الغربية للديمقراطية بل ويمارسها بشكل محموم ولكن بالخفية وبنفس الوقت يتظاهر بالتدين ورفض هذه الممارسات في العلن في ازدواجية لا مثيل لها في حياته الخاصة 00 وعليه فان محاولة الغرب فرض ديمقراطيته على العالم الاسلامي كما يراها هو وبالشكل العلني فانما يثير النقمة عليه ويدخله في صدامات مع العديد من الحركات الاسلامية المؤمنة حقا بالاسلام او التي جعلت من الاسلام هوية لها بوجودها داخل هذا المجتمع المنغلق والذي ادى كما سمعنا باعلان بعض المفكرين الغربيين عن اصطدام الحضارات والتي بالطبع كانوا يقصدون بها الحضارة الاسلامية التي يعتبرونها متخلفة التي يجب القضاء عليها والحضارة الاوربية المتطورة التي يجب ان تسود 00 لذا فقد تنبهت العديد من الجهات الغربية الى وجوب سلوك مسلك اخر مع الدول الاسلامية ينسجم ومفاهيمهم للديمقراطية بتجنيد العديد من المنظمات التي اضفت عليها الصفة الدينية كي تكون اكثر اقناعا لتنفيذ مشاريعها في هذا الوسط 00 وقد حاول العديد من العرب الذين تعايشوا لفترات طويلة رضاءا او اضطرارا وانجبوا اولادهم في دول الغربة هذه وتكيفوا مع الحياة فيها واندمجوا في اجوائها بكل تفاصيلها وعادوا الى بلدانهم العربية ان اضطروا لترك عوائلهم في اماكنها لامتناعها عن مرافقتهم 00 حيث اعترفت بعض الامهات بفشلهن من كبح جماح اولادهن من البنين والبنات عن الانغماس والمسايرة مع الحياة الغربية فهي مشكلة اجتماعية قائمة ومن الصعب بل من المستحيل تجاوزها واقناع الاجيال الجديدة بالعودة والتراجع الى ماهي عليه الحياة في العالم الاسلامي في جميع اقطاره وان عادوا فسوف يغيرون من الامور كثيرا وسيكون هناك صداما ليس بين الغرب والشرق بل بين الجيل الجديد والجيل القديم الذي سيصفونه بالمتخلف وقد ينجر مجتمعنا ان رضينا او ابينا الى ماهية الحياة الغربية بكل مانقبله او نرفضه في الوقت الحاضر وقد ينحسر الوازع الديني الاسلامي كما انحسر الوازع المسيحي وضمور القوة الكنسية التي كانت تتحكم في اوربا قبل قرنين من الزمن 00 وهو امر قد نستهجنه اليوم ولكن قد يصبح واقعا لربما في وقت قد لا يكون بعيدا وتصبح الاباحية شكلا من اشكال التحضر والمدنية ومن يدري لربما قد تنتشر نوادي العراة بشكل علني وليس كما هي عليه اليوم تمارس في الخفاء وخلف الجدران المغلقة 00 ومع ان العديد من التنظيمات الدينية الاسلامية التي تصدت لهذه الحياة الاباحية في اوربا والتي يتهمونها اليوم بكونها تنظيمات ارهابية او التنظيمات التي تعمل في الدول العربية لمكافحة الفساد والتبرج حيث قامت بارتكاب العديد من الجرائم تحت يافطة الدفاع عن الشرف والاخلاق والدين وراح ضحيتها العديد من النساء اللواتي رفضن التحجب ولبس الاقنعة اذ اعتبرنه ظاهرة من مظاهر التخلف الاجتماعي ومما ادى الى هرب العديد من العوائل الى خارج البلدان العربية اللواتي لم يتحملن هذا التزمت الفكري من بعض المنظمات الدينية التي تدعو الى اتباع السنن الاسلامية كما يفهمونها او مما تتسامح معهم اديانهم الغير اسلامية من المسيحيين والاديان الاخرى الذين لاتفرض عليهم اديانهم لبس الحجاب 00 وقد سبب هربهم دعاية سيئة حول المسلمين واعتبروهم شرائح مجتمعية لا تستحق الحياة ويجب التخلص منها عن طريق الثورات الملونة التي يتبناها الغرب في الوقت الحاضر ويرصد ملايين الدولارات لكي يضخها على المجندين داخل المجتمع الاسلامي العربي المتشدد بصورة رجال دين وخطباء مساجد لكي يكونوا اكثر اقناعا داخل هذا الوسط العربي المحافظ 00 ولكي يغطوا على ديمقراطيتهم التي يريدون نشرها بشكل ينسجم ومفاهيم العالم الاسلامي وبهذه الهالة القدسية التي يتمتع بها رجال الدين المصنعين والمبرمجين والمزيفين يستطيعون التغلغل داخل الشرائح الشبابية التي يركزون على التواصل معها فهي اكثر تقبلا للديمقراطية الغربية من كبار السن من اللذين ولدوا في داخل البلدان العربية وبدعم الشبان الذين نشاوا في الخارج مما كانوا بمعية اولياء امورهم او مما ولدوا خارج الدول العربية والذين يمكن تحريكهم بسهولة ضد انظمتهم بشعارات الوطنية والديمقراطية وبالنوادي المختلطة التي يوظفون فيها الغرائز كاكبر عامل فعال في انتزاع رضاهم وذلك من خلال الاف من منظمات المجتمع المدني كما اسلفنا 00 فيحركونها ضد أي تحرك ديني قد يحاول ان يقف في مواجهة هذه الديمقراطية الغربية يؤيد هذا الزعم ما تأسس في العراق بعد الاحتلال الامريكي له من منظمات مجتمع مدني زاد عددها على الخمسة الاف منظمة اضافة الى الاحزاب والكتل الطائفية والعرقية التي كان في معظمها تكمن دولة فرسان مالطة وتوابعها وهو ما يجري الان بعد العراق في مصر وليبيا وتونس وسوريا واليمن التي تنتفظ فيها الثورات الشبابية التي تعتمد بمسيرتها على الفوضى الخلاقة التي ستستمر حتى تتمكن ان تزيح جميع العوائق المتشددة وينشأ جيل جديد يستسيغ كل مفردات الحياة الاوربية حتى ما يطعن فيه الان بكونه مخالف للشعائر والقيم والمعتقدات وقد يكون ما وصلت اليه احدى المناطق المتحررة في العراق من انفتاح وتطور واسلوب حياة هي اقرب للحياة الاوربية منها ماعليه في بقية المناطق العراقية الاخرى وهو ما يجري تغييره في مصر بدعم الاقباط وبقية البلدان العربية بالتقدم خطوة خطوة بتقسيم البلدان والتجربة في المناطق الاكثر تقبلا في تلك البلدان حتى يعم المظهر الاوربي جميع المناطق مهما طال الزمن ويتخلص العالم الغربي مما يعتبره ا لخطر الديني الذي يهدد الحضارة الاوربية ويجعلها في خوف وقلق مستمر ولا يزول الا بتغيير كل مفاهيم واعراف ومعتقدات هذا المجتع المتدين بحرب صليبية من نوع جديد 000!!! 

Share |