الاعتراف بالخطيئة فضيلة وروحي فداء الأنظمة العملية!/خليل الفائزي

Sun, 9 Sep 2012 الساعة : 1:15

 

كما وعدتكم في اخر مقال لي انني سوف اكف عن الكتابة نهائيا وعدم التهجم على السياسيين الأغبياء والإعلاميين التافهين ولا سأفضح الأنظمة المحتكرة للسلطة لاسيما الأنظمة الجمهورية التوريثية المزيفة ذات حكم سلطة الحاكم لمدى الحياة اذا أخطأت انا في اي من مقالاتي وتوقعاتي.
و هنا اقرّ و اعترف و ابصم بعشرة أصابعي انني أخطأت بشان نتائج مؤتمر قمة عدم الانحياز الذي عقد في طهران لاني وصفته بالمؤتمر عديم الفائدة و ان المشاركين فيه لا يستحقون حتى وجبة غذاء سريعة وانهم يمثلون انظمة وحكومات منحازة بالكامل لامريكا او غير مستقلة في قراراتها و ان قمة طهران كانت مجرد شكلية و نعتها بقمة الضيافة و المجاملة فقط!.
و لانني من اتباع الذين يقولون الحق حتى و ان قطعت رقابهم! اقول كلمتي الأخيرة وانسحب نهائيا من ساحة الكتابة والنقد والتهجم الإعلامي و سأضع لساني في فمي و اكبت مشاعري نهائيا ومن اليوم وسأكسر قلمي و اشّخ (أبول!) في محبرتي (الدواة) و سأعبر عن اعتراضي وغضبي على الأنظمة الجمهورية الزائفة من خلال صراخي فقط تحت دش الحمام مرة في الأسبوع لاني لا استحم سوى أسبوعيا!
 
و عودة لموضوع قمة عدم الانحياز التي قضت بالكامل على توقعاتي و التي وصفها لاحسو أحذية الحكام انها قلبت الدنيا رأسا على عقب و ضربت إسرائيل وأمريكا بقوة صاعقة على قفاهما معا بالقرارات الاستراتيجية و المصيرية الصادرة عنها! وهي القمة التي صرعنا الإعلام منذ البداية انها سوف تحل فورا الأزمة الراهنة في سوريا و ستضع حدا للمجازر المرتكبة فيها كل يوم بالرغم من ان هذه القمة لم تشر ولا بكلمة واحدة لهذه الأزمة و لا لاسم سوريا بتاتا وصيغ البيان الختامي للقمة بشكل بروتوكولي و إنشائي بحت وكل من يشك بذلك ليقرأ نص البيان الختامي على هذا الرابط و ليراه انه خال من اي قرارات ثورية مزعومة و لم يحل البيان اي من أزمات العالم حتى الهامشية و التافهة منها
الرابط: http://www.alalam.ir/news/1279494
و مع هذا نشير الى النقاط التالية:
 
اولا:يسخر بعض الإيرانيين ومنهم مدير صحيفة كيهان السيد (ح.ش) و مهنته الأصلية تعذيب السجناء السياسيين في معتقل ايفين بطهران، يسخر كثيرا من العرب في كتاباته، وكتب مرة مقالة له تحت عنوان (حجي انا شريك!) ادعى فيها انه قبل قرون مضت كانت قافلة من حجاج ايران في طريقها الى مكة المكرمة. و في الطريق وضع الحجاج الإيرانيون وعاء ( قدر) كبيرا ليطبخوا فيه لحم خروف اشتروه ليأكلوه.
و هم جالسون مرّ عليهم بدوي من بيداء الحجاز و بيده جرذ صحراء كان قد اصطاده و سألهم عما في وعاء طبخهم فقالوا له لحم خروف، فرفع البدوي العربي غطاء الوعاء و دس فيه جرذه الميت وهو يقول لهم (حجي انا شريك!) اي انا أصبحت الان شريكا لكم في الطعام!.
 
هذه الحكاية او النكتة في الواقع تنطبق اليوم على الذي اشرفوا و نظموا قمة طهران من الذين رفعوا حركة عدم الانحياز الميتة و دسوها كجرذ البدوي العربي في وعاء المجتمع الدولي او ساحة النفوذ العالمي و المنافسة الإقليمية وقالوا للعالم اجمع (حجي انا شريك!) لان هذه الحركة ميتة بالأساس ولا حياة و لا دور لها الان و لا حتى بعد 100 عام بعد الان! والسبب واضح جدا لان ليس هناك ولا دولة واحدة من بين ال120 دولة في هذه الحركة ، مستقلة او غير منحازة لامريكا او لاي دولة أوروبية او شرقية و اشتراكية ان لم نقل منحازة لإسرائيل واللوبي الصهيوني و حتى ان نائب الرئيس الايراني السيد رحيمي قال بالحرف الواحد بعد انتهاء اجتماع عدم الانحياز بطهران مباشرة:لقد اتضح لنا ان ليس هناك اي دولة من الدول التي شاركت في مؤتمر قمة طهران مستقلة بقراراتها سوى ايران!
 
ثانيا:من ابرز الشخصيات التي اعتمد عليها المشرفون على قمة طهران و ركوا وسجدوا لها على مدى اسبوع من الزمن، كانوا حسب اعترافهم:الرئيس المصري و امير قطر ومبعوث الملك عبدالله السعودي و مندوب كوريا الشمالية بالإضافة الى حكام و ممثلي في المنطقة و وفود شرق اسيا من الذين شاركوا في قتل المسلمين في مانيمار قبل أسابيع بالاضافة الى الامين العام للامم المتحدة الذي اصطحب معه متعمدا حسب الاعلام الرسمي اثنين من اشهر الأمريكيين المنحازين لإسرائيل والصهيونية العالمية وهما جفري فيلتمان وتيري لارسون اللذان شغف بهما الاعلام الرسمي اكثر من بان كي مون نفسه!.
يا ترى هل ان اي من هؤلاء مفاخر للانسانية او انهم لم يثبوا حتى الان انحيازهم السافر للجماعات الإرهابية والمتطرفة المنظمة والارهاب الصهيوني؟.وهل يمكن ان نصف اي من هؤلاء وغيرهم من الذين جمعوا من مزابل المنطقة والعالم انهم يمثلون حركة عدم الانحياز او حتى ممثلو و وفود الدول الأفريقية من الذين كما قيل لنا انهم كانوا يسألون دوما على الاماكن السياحية وغرف غسل الثياب الوسخة و المطاعم الفاخرة في الفنادق و القصور التي كانت في يوم مضى من قصور شاه ايران، واليوم في ايران آلاف شاه بدلا من شاه واحد و تم استبدال التاج بلفات الرأس!.
و لاننا اشرنا لهذا الموضوع قال لنا احد المراقبين انه في عهد شاه ايران ثار و اعترض معظم كبار رجال الدين على نظام الشاه لانه انفق 20 مليون دولار فقط على احتفالات باهرة و مكلفة جدا اقامها في مدينة شيراز و دعا فيها كبار ملوك و قادة العالم على مدى أسبوعين. واليوم يلوذ الجميع بالصمت المخجل على حكومة احمدي نجاد التي و باعترافها أنفقت 600 مليون دولار على جوقة من حثالات العالم و وفود دول أكثرها منحازة و متآمرة على الانسانية وعلى شعوبها ولا تمثل اي من دولها و اكثر حكامها من الحائزين على نتائج 99% من اصوات الناخبين دون تزوير الانتخابات بالطبع! و نتحدى جميع لاحسي احذية الحكام من الإعلاميين المهرجين الذين يصفون أنفسهم بالمحللين الاستراتيجيين ان يسموّا لنا دولة واحدة فقط او حاكم واحد او مسئول من الذين شاركوا في مؤتمر قمة طهران انه غير منحاز او انه وطني او يمثل شريحة صغيرة من شعبه او انه فاز في انتخابات غير مزورة النتائج.
هذا يثبت لنا ايضا من ان الخطة الأمنية الاستالينية القمعية لاكثر من 10 ملايين مواطن يقطن في العاصمة التي طبقها الجهاز الامني لحماية حفنة من المشاركين في القمة كانت خطة لفصل الجماهير الإيرانية عن الضيوف و ابعادهم عن الاحتكاك مع المواطنين في ايران و خير دليل على ذلك ان الجهاز الامني في طهران منع حتى الأمين العام للامم المتحدة من القيام بجولات حرة و لم يسمح له ايضا اللقاء مع المعتقلين الإصلاحيين لاسيما كروبي وموسوي حيث كان (بان كي مون) قد اصر اللقاء بهما لكن الجهاز الأمني اجبره على اللقاء مع اسر الشهداء النوويين!،
حقا هذه قمة الأحرار و ذروة الحرية لجميع المشاركين في قمة القمم بطهران! حيث ادعى الإعلام الرسمي ان للضيوف الحق الذهاب لاي مكان يختاروه بحرية دون شروط و قيود!
 
ثالثا:يقال ان القمة حققت انتصارات باهرة و منقطعة النظير و لكن كما يقول المثل العربي:اسمع كلامك اصدقك،اشوف عملك استعجب!
و نشير الى موضوع واحد يثبت خلاف ماردده لاحسو أحذية حكام الانظمة الجمهورية المزيفة وهو انه و حسب التقارير الرسمية ان سعر الدولار في ايران كان قبل القمة 1650 تومان (العملة الإيرانية) وقد وصل الدولار بعد القمة الى 2250 تومان اي بارتفاع ناري اكثر من 35% و هذا يعني بلسان مبسط يفهه حتى الحمقى والأغبياء ان هبوط قيمة العملة الوطنية لاي بلد يعني ان جهازه التنفيذي اما ساذج او انه فاشل ولا يستحق اي دعم و تقدير وبعبارة اخرى ان الفشل الذريع في القمة سحق بدوره العملة الوطنية الإيرانية وجعل الدولار الأمريكي و للأسف الشديد والمخجل يشلح اللباس الداخلي للتومان الإيراني و يأخذه كل يوم وراء شجرة التفاح المخادعة ليبخش عذريته و يجعل قفاه اكثر وسعا! ثم يخرج علينا التومان دوما ويطلق شعاراته البراقة بالنصر المؤزر على خصمه امريكا من وراء شجرة الذنب الأكبر!.
 
رابعا:معظم المشاركين في قمة طهران وحسب الحقائق والأرقام هم من اكثر المطلوبين للعدالة الإلهية او للمحكمة الجنائية الدولية بسبب الجرائم التي اقترفها هؤلاء ضد الإنسانية وقيام الكثير منهم اما بقتل مئات الاف من البشر الابرياء والعزل مباشرة او قتل المعارضين والناقدين للحكام داخل و خارج بلدانهم او اصدار أحكام القتل والارهاب والقمع و التدمير والتهجير القسري امثال السوداني عمر البشير وحكام أفريقيا الجناة المعروفين بالمذابح الجماعية الى جانب قتلة البشرية في شرق آسيا و أمريكا اللاتينية بالإضافة الى حكام سوريا والمعارضة المزعومة التي زارت طهران وكل هؤلاء ومن يقف ورائهم من ابرز مجرمي الحرب ومطلوبين للمحاكمة والاقتصاص في محكمة العدل الالهية ومحكمة الجنايات الدولية. فهل نتوقع من مثل هؤلاء انقاذ البشرية ودعم مقاومة الاستكبار او تشكيل جبهة صمود للوقوف ضد جرائم اسرائيل و سلطة امريكا في المنطقة والعالم.
 
و عليه ولاننا نتعامل مع مجموعة من السياسيين الحمقى والإعلاميين من لاحسي احذية الحكام المستبدين ومزوري الأنظمة الجمهورية و الباحثين عن عبيد الدنيا والدولار وبيادق لهم في السياسة والإعلام ولا احد يردعهم بكل تأكيد ولا احد يقف اليوم الى جانب كلمة الحق، و لاننا نعيش في عالم الرياء والنفاق وإغداق المزايا والعطايا على لاحسي احذية المستبدين و القامعين للجماهير و ناعتي الحكام بأسماء و ألقاب اكثر إجلالا و عددا من اسماء الواحد الخالق عز وجل، اكرر تنحيني عن الكتابة واستقالتي عن التهجم على الانظمة التوريثية والجمهورية المزيفة و بيادقها الإعلامية الى وقت غير مسمى قد يطول لاعوام عجاف،غير آسف على هذا الوضع لاننا جميعا صرنا نريد اعلاما مزيفا وحكاما قمعيين ومستبدين ونرغب بخداع انفسنا من اننا نعيش في عالم المقاومة و الانتصارات الوهمية و الانصياع للحكام الحالين الذين هم اساس مصائبنا و تخلفنا و كذلك حقا اننا نستحق الإهانة و القمع و التضليل و الكبت و الاستبداد لانه لائق بنا جميعا لان معظمنا صرنا من لاحسي أحذية الحكام و الباحثين عن رخاء الدنيا وبيع الآخرة بحفنة دراهم (اقصد دولارات!)،لان هذا مصيرنا و هذه هي إرادتنا التي خطها الله لنا وأوصى بها رسله ال 124 الف! .
حقا وكما قيل : كيفما تكونوا يولى عليكم!
و السلام مع الختام!
 
• إعلامي و قانوني مقيم في السويد
Share |