خرائطنا وخرائط الوطن ..!/ناصرعمران الموسوي

Thu, 6 Sep 2012 الساعة : 2:25

 

(تكلمي ايتها الذاكرة
فلاديمير نا بوكوف )
 
 
نكاية ً بالطقوس التي تمرر علي ّ
الأحاييل كي يتملكني النسيان
أعود.......
التأريخ مناخي وطقوس الجغرافية
تصيبني بالدوار،
التصحر وحده من حرك أحلامي
بغتة ، فوجدتني
أعالجه ، بشواطئ من دم ...!
 
... ما خرجنا من الحرب
هي حاضرة فينا،
مازالت تعتصرنا بمرارة،
فَنضع أكفنا على القلوب..
عويل مستمر
ووصايا
ودموع ،
و إيادٍ مرفوعة بالوداع.
 
ما خرجنا من الحرب
ربما هي من خرجت منا
لندخل فيها،
كيف نخرج من أعمارنا
التي أزهرت قرب طابور
من الاحتضار ..........!
 
لم نتعكز خطوط الطول.
لتُغرينا امتداداتها
بالمسافة المقطوعة
بين الذهاب إلى الحرب
والعودة إليها.!
ورغم ذلك ظهرت
إمارة نصلها الحاد
في باطن أيدينا ...!
 
هي توسمنا
بنياشينها علامة عبور
للفزع ،
وذاكرة للاحتفاء بأعراس مآتمنا.
 
من بين طرق نيسمية
عبدها الموت
خَرجنا نعاكس ُ
رياحها الموسمية
الخالية من المشاعر
والجافة عن الأحاسيس
خرجنا...
تلك هي أزمنة انتظارها....!
لذلك ،
كانت الموجة التي نركبها
مبلله بالدموع
والعربات مزدانة بالمناديل،
والريح تزرع الشظايا
على امتداد المسافة
التي تزهرُ ًليمونا ً
لأعضائنا المنسية
في رماد الذاكرة النازفة
من خوّذ أكاليل الموت....!
 
ليس َ هو من رأى
كل شيء ........!
كنا نحن من رأى
فلماذا نتغنى بذكره يا بلادي...؟
كنا نحن
وبالقرب منا
بجعه حزينة تتشبه بالنورس...
و(حوم ) (1) يتبع ما تيسر
من زلزال انكساراتنا
فوق رميم الخلود...!
 
 
ببنادق باردة ،نتابع
الحوت وهو يفترس القمر،
......حيث لا جدار
في صفحات الملاجئ
ولا عصا تبخر
عفونة الحاضر من حولنا.
 
بين خطوط درب التبانة
وطرق جبلية
لا تنتمي لدفاترنا المدرسية
مررنا........
 
بين حقول مزدهرة بالفخاخ
وشواطئ متخمة بالغروب
مررنا ....
 
رغم إننا لا نعرف ما الصّلة
بين نشيدنا المدرسي
وصدرية مليئة بالرصاص ..!
 
كثيرا ً ما حدثونا
فاستمعنا بعد أن فقدنا
السمع عند ضجيج القنابل...!
 
عن آخر... يخطف الفرح حدثونا،
فحصل أن خطفوا
ابتسامتنا بضجيج الألم...!
 
عن آخر..... يسرق أعوامنا حدثونا...
 
فسرقوا أيامنا بالحروب.
 
عن الذبول الذي نقاتله حدثونا....
 
فابتاعوا الوردة
بعطر الندم...!
عن وطن يعرض الربيع ،حدثونا....
 
فضر جوا الوطن بمقاصل الصيف ،
وأقاموا عند شتائه ، شاهدة...!
 
عن امرأة تحتفظ بلياليها الإلف، حدثونا....
وعند أول غروب اغتصبوها
فسكتت عن الكلام المباح ...............!
 
عن أمس الحقيقة حدثونا.....
لم نجد سوى أقنعه لحفلات تنكرية
كريهة اللون والطعم والرائحة .....!
 
عن اليوم واللون حدثونا......
فصادروا أيامنا
بألوان من زيتون
وشرا شف من سواد ...!
 
لم نكن نرى سوى
قلوب تتشح بالوجع
وأمهات محنية على
رحى الانتظار المزمن
تذوي شموعها بهدوء .
 
الحبيبات اللواتي حلمنا
بجدائلهنّ الكستنائية
التي تسرحها النسائم ،
سرحّنها
بمجالس الحداد...!
 
كنا نرى......
مطرا ً من دموع
حقولاً من مقابر
سر فات من الم
انطقه من صبر
أزيز من صراخ
وخوذ من رؤوس
كانت هذه
خطوط العرض
وحدود الوجع
وغمامة التساؤل
بين خرائطنا
وخرائط الوطن........!
 
كنا نمجده فوق مستوى سطح القمر.......!
وكان يغرقنا تحت مستوى مياه البحر.....!
كنا نلمّه كي يحيا
وكان يشتتنا
كي نموت.....!
 
كان ....أيلول الفاجعة
ونيسان الموت
وتموز المأساة.
كنا... كانون الدفء
وآذار الربيع
وتشرين المطر....!
 
كان أباً جاحداً
وكنا أبناء برّرة
منحناه الحنين
فمنحنا المنافي.
 
...يا لهذا الوطن!
الذي يغرب ُ فينا دائما
ونشرق فيه.....!
انه يدمننا داءً
فندمنه دواء......!
 
يا لهذا الوطن !
المنغمس فينا
كالجذور،
والمحلق فينا، كدهشة
والمترامي بنا ، ما شاء له
كحلم........!
 
أيها الوطن
قدرنا أن نعشقك لهبا
وأمنية وطيف ،
وتعشقنا رحيل ولوعة وحزن.
أيها ألوطن
هذه خرائطنا
وتلك خرائطك،
متى ترسمنا مثل ما نشتهي
أحرف من فجر
وجمل من حدائق.
ودفء يكسر
جليد المحطات
ووحشة الحقائب
ولوعة الانتظار......................!
 
هاهو أيلول يجيء
موحشاُ مثل كل مرة،
 
ليمرر أمام أنظارنا
 
صور من فقدناهم
ذات حربِ
لم تكن تعنينا
ونعنيها ابدا ً...................!
 
................
(1) أهزوجة شعبية عبرت عن سادية النظام السابق وعشقه للدماء.
Share |