طموحات لن تقف عند الزمن ..اليوم غرب الإقليم وغدا شماله ياأوردغان!! / صالح الزيدي

Thu, 6 Sep 2012 الساعة : 0:50

 

إن من المرديات أن يصبح الإنسان حبيس العقد فتسيره وتهيمن على قراراته وتوجهاته , فحيثما ارتضت دفائنه قادته تجاه ما تريد وبالتالي يفشل بمساعيه للوصول إلى غايته المرجوة ، ويبدو إن عقدآ تحكمت بالسيد اردوغان ووزير خارجيته داود اوغلو أنستهما مصالح الدولة التركية ووحدة شعبها  .
إن عرابوا الطائفية لم ينصفوا الرجلين بإقحامهما لفوهة البركان الطائفي في المنطقة التي احرقوها بأتون الصراع الطائفي باستغلال كوامن العقد الدفينة لديهما حيث إن الرجلان مأسورين بمجد تركيا الغابر وبأحلام العودة إلى الخلافة الإسلامية العثمانية التي ازدهرت على مدى قرون من الزمن وتسلطت على رقاب الشعوب المعدمة بالحديد والنار وامتدت شرقا وغربا ممتلكة كل أدوات القهر والظلم واستعباد المساكين وسرقة الثروات باسم الدين ، هذا الهوس بماضي دولة (الاغوات والبيكات والباشوات) أنسى القائمين بإدارة الدولة التركية اليوم واقع المنطقة وحركة التاريخ التي لايمكن تجاوزها , فأساؤا للمستقبل التركي بالمخاطرة بوحدة أراضيه وشعبه ولم يحسبوا تنامي ونضوج القضية الكردية التي تبحث عن فرصة مؤاتية لفرض واقع  جديد مثلما حصل لواقع شمال العراق عند دخولهم على خط الأزمة السورية ، فأن التواصل الكردي - الكردي المنقطع النظير لأجل تأسيس كيان مماثل للإقليم العراقي في سوريا كانت له ردة فعل عنيفة لدى الشارع التركي ،
يلاحظ المراقبون مؤخرا وحدة الخطاب الكردي الجديد ودخول مصطلح (غرب الإقليم) على قاموس مفردات القضية الكردية في إشارة إلى الشرق السوري !! مما  يثير المخاوف لكل الدول ذات الوجودات الكردية ، فأحلام قيام الدولة الكردية الموحدة مازالت غضة وتجربة جمهورية مها باد التي قامت في إيران عام 1946 لم تزل شاخصة لدى الأذهان ، فمها باد وان كان عمرها اقل من سنة إلا أنها كانت تجربة رائدة من نتاج الكفاح المسلح لدولة مدنية أدارت شؤونها لفترة زمنية ما مستغلة المرحلة السياسية آنذاك  ، ومن أهم ملامحها اختيار (القاضي محمد) رئيسا للجمهورية و(حاجي بابه شيخ) رئيسا للوزراء وكابينة وزارية مكتملة ، وشغلت رقعة جغرافية في غرب إيران ، ومن الجدير بالذكر إن من ابرز الشخصيات التي عملت لقيام هذه الدولة هو الشيخ عبد الله الكيلاني وهو احد أبناء الشيخ عبد القادر الكيلاني الذي هاجر من العراق سنة 1941 م بعد احتلال الحلفاء ، وهذا يؤشر إلى وحدة القضية الكردية بكل جغرافياتها الموزعة على دول المنطقة .
 فالدولة الكردية آتية على الأبواب لا محالة في ظل المعطيات السياسية المعاصرة خاصة بعد انسياق تركيا العلمانية للمشروع الطائفي ووجود شخصية كردية متعصبة تجيد المناورة وغير معترفة بالثوابت الإقليمية والدولية تجاه الواقع الكردي العالمي باحثة عن تقرير المصير سرا وعلانية مما أوقع  الساسة الترك ما بين دعم مشروع الفوضى في سوريا وفي العراق أو الوقوف بوجه الحراك والطموحات الكردية التي ستزحف إلى جنوب تركيا في النهاية لوجود العمق القومي والدعم اللوجستي العسكري والسياسي المقدم لهم من قبل أكراد العراق وسوريا لاحقا . فالزيارة المفاجئة لوزير خارجية اوردغان لشمال العراق دون علم الحكومة العراقية وتناسي الأعراف الدولية دلالة واضحة للارتباك السياسي التركي في إدارة هذا الملف , حيث كشفت هذه الزيارة أن عازف الاوركسترا الكردية المهم في هذه المرحلة هو مسعود برزاني .
 إن فشل حكومة اوردغان في تحجيم التمدد الكردي وخلق متنفس جديد لأكراد سوريا بمعاداة الحكومة السورية وتشجيع أكراد العراق على العصيان ومن ثم الانفصال يعرض مستقبل تركيا لمخاطر محتملة وسيجلب علي (أوردوغان ) نقمة الشعب التركي عاجلا وليس آجلا ، فمبادئ الجمهورية التركية التي أرسى دعائمها كمال أتاتورك على أساس الدولة العلمانية بعيدا عن الدين وليس الطائفية مثلما يحصل الآن !! لن تسامحه على التفريط بالمصالح وتبادل المنفعة بين دول الجوار ، فتركيا تربطها مليارات الدولارات كحجم تبادل تجاري مع العراق الذي لن يستمر في ظل الشد والجذب الطائفي  لمواقف الحكومة التركية اليوم .
 فمستقبل سوريا المجهول سيخلق كيانا كرديا بمسمى معين يجري الإعداد له اليوم في شمال العراق وسيهز تركيا من الأعماق وسيفرض معادلة جديدة على المستوى الشعبي والعسكري والسياسي لن تكون حكومة اوردوغان واوغلو سعيدة بحصاد نتائجه المخيبة للآمال ثمنا للسقوط بفخ الطائفية وحلم العودة إلى دولة الماضي السحيق وحكم الباشاوية الخرف ...
Share |