هور الحمار ومياة المصب العام-تقرير مصور

Sun, 19 Jun 2011 الساعة : 10:08

الحمار ومياة المصب العام تقرير مصور -
جاسم الأسدي/مهندس أستشاري/منظمة طبيعة العراق
لقد مرت أهوار جنوب العراق بكارثة بيئية كبيرة وقاسية خلال سنوات 1991-2003 تمثلت بتجفيفها عبر مشاريع مدروسة وسياسة ابادة للبيئة والسكان على السواء وقد اعتبرها برنامج الامم المتحدة للبيئة من اكبر الكوارث البيئية العالمية في القرن العشرين.
وأبتداءً من عام 2008 قلة تصاريف نهري دجلة والفرات نتيجة سياسة البلدان الأقليمية التي تشاركنا حصة المياة فيهما من جهة والتغييرات المناخية وتناقص كميات الامطار المتاحة من جهة أخرى، مما أنعكس سلباً على وضع الاهوار البيئي والهيدروليكي، فقد جف هور الحمار والاهوار الوسطى مرةً أخرى ولم يبق مغموراً منهما سوى المجاري العميقة واجزاء اخرى قليلة.ونود هنا ان نذكر ان تصريف الفرات في مدينة الناصرية قد وصل الى ادنى مستوياته في تلك الفترة حيث بلغ 17 متر مكعب/ثانية وهذا ما لم يحصل في تاريخ الموارد المائية في العراق على الاطلاق.
ونتيجة الوضع أعلاه تم التفكير بالأستفادة من مياه المصب العام لتغذية هور الحمار عن طريق حفر قناة تربط الجزء الشمالي منه والمسمى هور الكرماشية بالمصب العام عند الكيلومتر 140. وبدون هذا الحل سيستحيل هور الحمار الى صحراء قاحلة. ولم يتخذ هذا القرار ألا بعد دراسة للأثر البيئي تحت عنوان :
PRELIMINARY ASSESSMENT OF ENVIRONMENTAL EFFECTS OF THE MOD DIVERSION INTO THE HAMMAR MARSHES AND CENTRAL MARSHES IN SOUTHERN IRAQ
وقد تضمنت هذه الدراسة بيانات ومعطيات متعددة وانتهت بجملة توصيات يمكن اجمال ما يتعلق منها بأدارة المياة بما يلي:-
§ تحديد استراتيجية لإدارة الموارد المائية : إنشاء لائحة منافسة لأستخدامات المياة، مثل الزراعة ومياه الشرب والصناعة والطاقة ، والذي يتضمن الأخذ بنظر الأعتبار أعادة بيئة الأهوار
§ تنظيم التدفق في مدخل قناة التغذية وتعيين الهياكل الهيدروليكية التي يمكن أن تسمح لمحاكاة الفترات الهيدروليكية (التقلبات الموسمية ومتعددة السنوية لمنسوب المياه في الأهوار)
§ تنفيذ منهجية تحليل تصاريف المياه عن طريق تركيب عدادات مراقبة عند مداخل ومنافذ الأهوار (على الأقل قراءات اسبوعية) ؛اضافةً الى مزيد من التحريات والتي يجب أن تشمل بيانات قياسات التبخر ، ومقاييس الأمطار والتدفق ، وغيرها من البيانات التي تدخل في حسابات ميزانية المياه الهيدروليكية الكلية.
§ تحسين دقيق لتخصيصات المياه المتاحة داخل الأهوار (خلق نوع من "تقسيم" للمناطق المختلفة ، مع إعطاء الأولوية للفيضانات ، والتي يتعين تحديدها وفقا لاحتياجات الناس، أن قاعدة حياتهم تعتمد على الاهوار ، مثل صيادوا الاسماك ومربوا الجاموس ، وحاصدوا القصب)
§ تقليل العقبات القائمة التي تعترض تدوير وتدفق المياه في الأهوار ، والمحافظة على توزيع المياه القائمة ، وخلق أنماط دوران أصطناعية جديدة لتجنب ركود المياه في فترة الصيف وتوفير المياه في المناطق ذات الأولوية.

وحين أكتملت قناة الربط وتم اعادة أغمار هور الكرماشية بمياة المصب العام منتصف كانون الاول 2009 كانت ملوحة مياه البزل أنذاك لاتتجاوز 3800 جزء/مليون وهي نسبة ملائمة للأغمار.وقد تم اعداد اول تقرير مراقبة لهور الكرماشية من قبل دائرة بيئة ذي قار ومنظمة طبيعة العراق في بداية كانون الثاني 2010 وشمل معطيات عديدة وخرج بتوصيات مهمة يمكن تلخيصها بما يلي:-
"أن عدد قليل من عينات المياه من بعض المواقع لن يعكس الحقيقة كما ينبغي ، ان زيادة عينات المياه من مناطق مختلفة سوف تساعد في فهم طبيعة الحالة الراهنة للأهوار بشكل افضل. وجمع عينات مختلفة اضافةً الى المياه مثل الرواسب والتربة امر مهم جدا،
من المعروف بوضوح أن هور الكرماشية قد غمر بالمياه العذبة لسنوات طويلة، والآن ونظرا لطبيعة مياة المصب العام المالحة. فمن الواضح أن هذا سوف يسبب تغيرات هائلة في بيئة هور الكرماشية. ونتيجة لذلك ، ننصح بالرصد المستمر لكل المعايير البيئية والتنوع البيولوجي لمتابعة التغييرات التي تحدث في الأهوار والتعامل معها.
أن مواصلة رصد هذه المسوحات يتطلب تنسيق عال بين الفرق الحكومية المختلفة. وستكون هذه الفرق مسؤولة عن مراقبة بيئة الأهوار والتنوع البيولوجي ونوعية المياه ؛ وبطبيعة الحال ان هذه المسؤولية تقع على عاتق وزارة الموارد المائية ، وزارة البيئة ، وزارة الزراعة والمنظمات غير الحكومية مثل طبيعة العراق.
أن أعادة أغمار الاهوار بالمياه المالحة مسألة حساسة و تحتاج الى مزيد من الاهتمام والإدارة الجيدة. لذا نقترح بناء ناظم كونكريتي على القناة الجديدة للسيطرة على منسوب وكمية المياة المغذية لهور الكرماشية ."

وخلال سنة ونصف تقريبا عاد هور الحمار الى تنوعه البيئي من طيور واسماك ونباتات،وأزدهر النشاط الأقتصادي للسكان المحليين،وأزدادت ثروة تربية الجاموس اضعافا وعاد الكثير منهم بعد هجرة ماراثونية نتيجة الجفاف وأنحسار المياة .لكن لم تبصر النور منشآت السيطرة على مقدم قناة التغذية لآسباب تبدو غير موضوعية
في بداية الربع الثاني من عام 2011 تم ربط مبزل الفرات الشرقي بالمصب العام شمال مدينة الناصرية ولآن مياه البزل فية متجمعة في قناة مغلقة منذ سنوات عديدة ومعرضة لتبخيير مستمر فقد ارتفعت ملوحتها لحدود تتجاوز 52000 جزء/مليون وهي حدود عالية جدا وغير مناسبة لأغمار هور الحمار بها.لكن مايلاحظ لاحقاً أن هذه النسبة من الأملاح قد أنخفضت خلال شهر الى 35686 جزء/مليون لنفس محطة الرصد نتيجة لتغيير نمط الجريان التشغيلي لمبزل الفرات الشرقي ،كما أن اعلى نقطة في أقصى منطقة أغمار في هور الحمار قريبا من انبوب الأرامكو كانت نسبة الأملاح فيها لنفس الفترة 9472 جزء/مليون.وعلى العموم فأن نسبة الأملاح في عموم هور الحمار بعد أطلاق مياة مبزل الفرات الشرقي بأتجاه عمود المصب العام بين 9472-3014 جزء/مليون.
أن الوضع الحالي لهور الحمار ليس شديد القتامة ولاينذر بخطر لايمكن تفاديه،فأعلى نسبة ملحية فيه في نهاية حدود الأغمار لاتشكل نسبة ألا قليلة من المستوى العام الملحي.
لكن من الناحية الفعلية ليس أرتفاع نسبة الاملاح في هور الحمار نتيجة لاطلاق مياة مبزل الفرات الشرقي وحدها وان يكن هو السبب الرئيسي بل لعدة أسباب يمكن ايجازها بما يلي:-
1- أنخفاض شديد في اطلاقات الفرات جنوب مدينة كرمة بني سعيد وأنخفاض مناسيب الفرات تبعا لذلك.حيث أن هذه المياه مهمة لعملية الخلط
2- قلة أطلاقات المياة عبر عمود المصب العام من منطقة الدلمج في الكوت ذات نسب الملوحة الواطئة نسبياً
3- غلق منافذ خروج المياه من هور الحمار عبر طريق السبيس نهاية حدود الاغمار من قبل بعض السكان المحليين والحكومات المحلية لرفع منسوب المياة في الهور دون الألتفات لتاثيره السلبي على نوعية مياة الهور.
4-عدم وجود خطة أدارة واضحة للمياه في هذه المنطقة ونظام تشغيل متوازن.
لكن مازال الوقت مبكر لأتخاذ أجراءات فعاله وموضوعية لديمومة أغمار هور الحمار بمياة مناسبة نسبيا من حيث المحتوى الملحي وكمية الايرادات وهذا يتطلب المباشرة بأنشاء ناظم الصدر للقناة المغذية وناظم قاطع لعمود المصب العام للسيطرة على التشغيل وتجنب المياة السيئة وديمومة نسبة خلط مناسبة مع مياة الفرات.كما ينبغي غلق مصب مبزل الفرات الشرقي بشكل تام مؤقتاً أو تحجيمه عن طريق منشأ عند مصبه من جهة وزيادة أطلاقات المياة من الدلمج في عمود المصب العام من جهة أخرى.كما ينبغي تخصيص حصة مناسبة من مياة الفرات لهور الحمار والأهوار الوسطى أسوةً بأستخدامات المياة الأخرى.ولايفوتنا أهمية التعجيل بتشغيل ناظم البتيرة في ميسان لأدخال مياة عذبة من دجلة تساهم في تقليل الملوحة في اهوارنا الجنوبية.
وفي الختام على المتشائمين أن ينظروا الى نصف الكأس الممتلئ وعلى المتفائليين أن يواصلوا العمل لتطبيق المعايير الصحيحة والألتفات الى التوصيات آنفة الذكر،وعلى الجميع التعاون بروح بناءه بعيدا عن التشنجات والمكاسب الوقتية خدمةً للأهوار وساكنيها.

 

هور الحمار ومياة المصب العام-تقرير مصور هور الحمار ومياة المصب العام-تقرير مصور هور الحمار ومياة المصب العام-تقرير مصور هور الحمار ومياة المصب العام-تقرير مصور
Share |