التعامل بين الرحمة والقسوة/عصام الطائي

Wed, 5 Sep 2012 الساعة : 1:32

 

هناك مسالة في غاية الاهمية وهي حول طبيعة التعامل مع الاخرين فصنف يتعامل مع الاخرين وفق منطق الرحمة الا ان صنف اخر من الناس لا يتعامل الا وفق منطق القسوة والسبب الذي يجعل الاختلاف هو انه له علاقة بالطبيعة النفسية والروحية والثقافية والايدولوجية لكل شخص ونجد تاكيد الاسلام على اهمية التعامل مع الاخرين وفق منطق الرحمة والشفقة والمودة القائم على اساس المحبة لذلك كان تركيز الاسلام على لغة المحبة والمودة والاحسان خصوصا مع الارحام وبالاخص الوالدين مهما كانت سلوك الوالدين لذلك نجد ان التشريع الالهي قائم على اساس بناء الفرد الذي من الضرورة ان يمتلك الرحمة وضرورة من كل امة ان تمتلك صفة الرحمة والابتعاد على صفة التعامل بالقسوة ونجد الظالمين بمختلف صنوفهم يكون سلوكهم العام قائم على اساس القسوة من الولد والبنت والاب والام والزوج والزوجة والجار والموظف والعامل والطالب والطبيب والمهندس والحاكم وغيرهم.
 
ومن المعلوم ان طبيعة الناس لا تملك العصمة الكاملة بل ان كل شخص يملك نسبة من العصمة على مستوى بناءه النفسي والروحي وان طبيعة تعامل الناس قائم على اساس اما العلم او الشك وان كثير من الظنون تحصل في ذهن الانسان نتيجة الشكوك مما يجعل الناس تخطا في التصرفات مما يترتب على ذلك كثير من المشاكل الاجتماعية والسياسية وقد تصل تلك المشاكل الى ازمات وبالتالي الى حالات من الخصومة والعداء فهناك مساحة واسعة من الاخطاء والسلبيات والانحرافات قد تحصل ومن الممكن التعامل مع الاخرين على اساس منطق الرحمة والشفقة خصوصا مع كون تلك الاخطاء لم تكن متعلقة بالاعراض والاموال والانفس اما اذا كانت تتعلق بهذه الامور المذكورة فهناك حقوق لا بد ان تعود الى اصحابها وياخذوا حقوقهم على من اعتدء عليهم ومجال حديثنا ليس هذا بل هو في الطابع العام في التعامل.
 
ولقد اكد الاسلام على البناء النفسي والروحي كي ينعم المجتمع بالراحة والاطمئنان لذلك نجد تعبير الامام علي ع في خطبة المتقين لهمام بان المؤمن يتعب نفسه ويريح غيره وان الناس منه في راحة اما غير المؤمن فيتعب الاخرين وهذا ما نجده كثير في التعاملات التجارية حيث الشخص الذي يتعامل مع العامل والنجار والحداد والبقال والمعلم والمهندس والطبيب والتاجر والزوج والزوجة والاب والام او أي فرد من الاسرة وغيرهم من الاصناف سوف يتعب كثيرا فالكثير الذي يتعامل تعاملا ماديا صرفا سوف تجد اسلوبه اما بالتعامل القاسي مع الاخرين او غش الاخرين اوعدم الالتزام باكمال أي عمل بصورة مضبوطة وهذا يدل على وجود خلل في بناء القيم نتيجة لتفكك القيم خصوصا بعد الحصار الذي كان قد فرض على العراق مما سبب مشاكل وازمات كثيرة في حياة الفرد والمجتمع.
 
ومع وجود مثل هكذا امور الا اننا لا نجد للطبقة السياسية أي اهتمام بالجانب التربوي من خلال تخصيص قنوات متخصصة تهتم بالجانب التربوي وان نفس الطبقة السياسية لها كثير من السلوكيات السلبية حتى اضحى المواطن له انكشاف تام بهشاشة الطبقة السياسية بشتى اتجاهتها الحزبية والفئوية فقد ضعفت ثقته بالطبقة السياسية خصوصا حينما يجد الاهتمام البمالغ به من قبل الطبقة السياسية بذواتها واهمال وتهميش دور المواطن .
 
ولم يصل الهشاشة بالطبقة السياسية فحسب بل تجد البعض من اصحاب الشان الديني الذي يجب أي يكون قدوة تجده يرتكب الاخطاء والسلبيات والتجاوزات هذا مما سبب هو الاخر ضعف الثقة برجل الدين وهكذا نجد بنيان المجتمع قد تصدع واصاب كثير من الناس ضعف الثقة باي اصلاح وذلك لان اضحت لغة المصالح هي السائدة واضحى الشخص النزيه متهما والانسان الطيب غير مرغوبا وصاحب الفضيلة مكروها والذي يتمسك بفعل الخير مدانا والذي يلتزم بالقيم والمبادى لا يجد له أي وجود في أي زاوية من زوايا الحياة .
 
وان الاصلاح لا يتم الا من خلال البحث على الانسان النزيه وجعل الاولوية له خصوصا مع توفر الكفاءة والاختصاص وان الامة التي لا تعير اهمية الى هذه الامور سوف تضحى امة ميتة في المستقبل واننا لا نجد الان الا لغة العناء والتعب التي يلاقيها كثير من الناس من قبل الفاسدين والظالمين والانتهازيين وكل هؤلاء يشتركون بصفة الظلم وانه لا نجد الا لغة الظلم في التعامل ولو اردنا ان نستحصل على كل ما تعرضه المسسلات التلفزيونية هو باختصار انه اضحت لغة الظلم هي السائدة فمسلسل عالم الاسرار يتحدث لك على لغة الظلم ومسلسل اوراق الخريف تتحدث لك على لغة الظلم والقسوة ومسلسل الاوراق المتساقطة تتحدث لك على صراع القيم ومدى الظلم الذي يلاقية الانسان المتلتزم بالقيم من قبل الظالمين ومسلسل فاطمة هو الاخر يتحدث على نفوذ اصحاب المال وسطوتهم وقدرتهم على قتل الحق والحقيقة وباختصار ان الكثير من المسلسلات الهادفة تريد ان تقول ان الظلم هو المشكلة البشرية الاولى .
 
وان الله تبارك وتعالى في كتابه العظيم ووفق المنطق القراني كان تركيز القران على ضرورة تحقيق العدل ونبذ الظلم لان الظلم هو العائق في الكمال الانساني والحضاري ولا يمكن القضاء على الظلم ما لم نتخلص من تأثير اهواء النفس والشيطان وتاثير الكفر والنفاق والحسد وكل هذه الامور تؤدي الى ارتكاب الظلم فالاهواء النفسية تجعل الانسان يظلم والشيطان باغواءه يجعل الانسان يظلم والكفر يؤدي بالانسان ان يظلم والنفاق يؤدي كذلك الى الظلم و الحسد حتى من قبل المؤمن يؤدي الى وقوع الانسان بالظلم وان سعادة البشرية يوم تتخلص من الظلم.
 
وان الامة بحاجة ماسة الى المنقذ كي يخلصها مما هي فيه فقد اصاب الامة حالة من الياس والقنوط وذلك قد فقد حتى الشخص الرسالي من رسالته التي يحملها الذي باعتباره قدوه واضحت لغة المصالح هي السائدة واضحى الشخص كثير ما يدعي ادعاءات تبدو فارغة وخالية فقد يواجهك بسلوكيات محيرة مما تصاب بفقدان الثقة باي شخص مهما كان يدعي من ادعاءات.
 
عصام الطائي
Share |