تونس الخضراء بين الأمس واليوم!....هل تغير شيئا؟/ الدكتور خلف كامل الشطري -المانيا
Sun, 2 Sep 2012 الساعة : 13:46

كان أحب الدروس عندي كطفل في المدرسة العباسية الأبتدائية في الشطرة هو درس الجغرافيا.سمعنا وقرأنا الكثير عن تونس والتي يلقبها العراقيين"بالخضراء!" وعن جوها المعتدل شتاءا وسواحلها الخلابة المشمسة صيفا وعن آثارها الكثيرة وخاصة الرومانية والعربية منها وعن جامع عقبة بن نافع،فاتح شمال أفريقيا،في القيروان.قبل مايسمى "بالربيع العربي"بثلاثة أعوام زرت تونس للسياحة والأستجمام وللمرة الرابعة.حينها قررت عدم السفر إلى تونس "أبدا"وذلك لسوء المعاملة للعرب في الفنادق السياحية مقارنة بمعاملة الأجانب الآخرين وخاصة الأوربيين منهم.كذلك كانت المراقبة الشديدة من قبل رجال الأمن والذي يستطيع كل إنسان منتبه من أكتشافهم فورا(فدوة الهيج رجال أمن!)أضف إلى ذلك المعاملة الرديئة في المطارات وكأنك جئت مع زوجتك وأطفالك لعمل"إنقلاب!"ضد الدكتاتور السابق علي بن زين العابدين .أكثرية الناس هناك كانت تعتبر الطاغية الصنم صدام بطلا قوميا ؟؟.كانوا يشرحون لي كيف أن المجرم صدام كان يرسل بإستمرار الكتب والقرطاسية والأقلام وغيرها من الحاجيات الدراسية لكثير من المدارس عندهم "كهدية من شعب العراق إلى إخوتهم في تونس"؟.لقد إستمر كرم إبن العوجة هذا حتى بعد الحصار على العراق في الوقت الذي ترك كثير من أطفال العراق المدارس لعدم تمكنهم من شراء مايحتاجونه للدراسة.الطبيعة في تونس خلابة بكل معنى الكلمة.عندما زرت يومها جامع عقبة بن نافع في القيروان كان أول سؤال يوجهه لي المسؤول عن الجامع( بعد أن عرف أن أصلي من جنوب العراق)هو هل إنني سنيا أم شيعيا؟.أجبته بأنني مسلم وكفى!.الجامع كبير جدا ويذكرك وأنت تشاهد محتوياته بزمن الفاتح عقبة بن نافع حيث يستطيع الزائر مشاهدة بعض الجدران المبنية من الطين فقط في بعض أقسامه وكذلك رؤية الفسيفساء الخضراء الجميلة التي تبرع فيها الخليفة العباسي المشهور هارون الرشيد للجامع.ومرت الأيام وذهب الدكتاتور زين العابدين بن علي "وربعه"إلى مزبلة التاريخ كالمجرم صدام وأمثاله.ولهذا قررت في نهاية العام المنصرم زيارة تونس وإختيار أحد الفنادق في مدينة سوسة الجميلة.كانت مفاجئة كبيرة ورائعة بكل معنى الكلمة.عند قدومي في المطار كانت المعاملة جيدة كالأجانب الآخرين وربما أحسن.أما في الفندق فكنت"مدللا"! بعد أن عرفوا بأني عراقي الأصل.كانوا يسألوني عن الحالة في العراق ويبتهلون مثلي إلى الباري أن يحفظ العراق الجريح وشعبه وأن ينتهي الأرهاب الأسود لينعم الشعب العراقي بالحرية في جو أمني هاديء.عندما سألت مدير الفندق،ذلك الأنسان الهادي والذي تبين أنه درس في الواقع الآداب في جامعة بغداد،عن سبب المعاملة القاسية للعرب بصورة عامة أيام الدكتاتور زين العابدين بن علي،كدت لم أصدق ماسمعت!قال:كانت هناك تعليمات من الأمن الوطني التونسي والمرتبط مباشرة بمكتب المجرم إبن علي بأن يعامل العرب معاملة غير رقيقة وعدم الأقتراب الغير إضطراري منهم،ويجب معاملة الأجانب الآخرين وخاصة الأوربيين معاملة رقيقة وبإحترام لأنهم لايجلبون المشاكل معهم لتونس؟؟أما العرب فيجب الحيطة والحذر منهم؟؟.بقيت مذهولا للحظات قبل أن أسأله وأنا بين الضحك والحزن:وهل كان أحد والدي زين العابدين أجنبيا(فرنسيا مثلا!)؟.أجابني وهو يبتسم:كلا!ولكن أكاد أجزم بأنه كان عميلا للأجانب!.إذن هؤلاء بعض "حكام العرب السابقين"!(ومن هل مال حمل جمال!).