يريدون ولكنّهم يريدون أيضاً/ حسين شلوشي
Wed, 29 Aug 2012 الساعة : 20:27

ربما دافعهم صدقهم ونبل نواياهم وحسن تقديرهم، وقد تكون الفضيلة وإشاعتها هاجسهم وربما مجاهدون رساليون طامحون لحسنة لا تضر معها سيئة، وربما يحلمون بسيادة المنطق والعقل والنظام والقانون والعدل، ويتحملون الصعاب صغيرها وكبيرها لينقلوا "مضمونهم القيمي" ومجموعة ( المبادئ القيّمة ) الى الآخر عبر نظام وضعي أو شرعة دين أو فكرة سامية أو فطرة الحرص الانساني، وإلى جوار كل ذلك ربما هم صورة ظاهرة لمضمون أو هدف آخر يضمرونه إلى حين، أو يتقوّل عليهم المتربصون بمسخ صورتهم والادعاء عليهم، ولكن في كل الأحوال تبقى الصورة الخارجية وإطارها (النظري) برّاقة جذّابة تستهوي وتلتقط نفوس الآخرين التواقين الى هذه المضامين القيمية التي تقارب المثال ليتمحوروا حولها ويدعمون دعوتها ويبذلون لها قواهم لأنهم يريدون أن تسود هذه المبادئ والمفاهيم بين البشر لتحقيق إنسانية الإنسان في ذاته وبيته وبيئته والمحيط الذي ينتمي إليه.
هذه هي صورة الإرادة الأولى الخالية من شرط القيد أو الشخصنة، ولكن هؤلاء أنفسهم يريدون أيضاً أن تكون كل هذه القيم تحت ( إرادتهم ) ومن ( خلالهم ) و ( لهم )، وما ان تعلن هذه الادارة الثانية حتى يتحول قطب المغناطيس الجاذب الى قطب نافر طارد للآخر المنجذب إليه ليعود هذا الجسم الى الحجم الذي بدأ فيه وانطلق منه وربما ينقص قليلاً من كثرة الإحتكاك أو حتى يتشوه أحياناً وتنقص فيه قابلية الجذب الأولى حتماً، ليعود القهقري ثانية الى ( منطقته التقليدية ) يراوح فيها ويتجاوزه الآخرون الذين التصقوا به يوماً وغربهم بإرادته غير المعلنة وانزوائه عن قافلة الكون المتحركة التي لا تنتظر أحداً بل تتعجل من محطة الى أخرى وتتعقّد آليات ركوبها مع تغّير الزمان والمكان.
تلك الصورة تمثّل مشكلة أو تحدّياً للأحزاب العراقية عموماً عندما تتداخل لديها الممارسة السياسية الحزبية وواجبها في العمل الحكومي المؤسسي مع ثوابت هذا الحزب أو ذاك سيّما تلك التي يركز ويؤكد عليها في خطابه التعبوي والانتخابي.
وهي ذاتها تمثل إجتراراً لحركة الحكومات العراقية وأحزابه العلمانية والدينية التي حكمت أو عملت في دولة العراق.