أدعو المخرجين قراءة الرواية وعرضها تلفزيونيا لأنها استكمال لمسلسل ضياع في حفر الباطن ..الأديب والروائي حسن عبد الرزاق روى قصة روائية (بوصلة غضبان بن شداد )

Wed, 29 Aug 2012 الساعة : 8:56

ذي قار- فوزي التميمي

لأاعتقد ان الشعب العراقي ولاسيما في الجنوب محيء من ذاكرته تاريخ الاول من اذار واستمرت احد عشر يوما من عام 1991  ..الثورة الجهادية التي انتفض من خلالها العراقيون في الجنوب إيذانا منهم الإطاحة بالنظام المخلوع
حيث يعتقد العديد من السياسيين في مؤتمراتهم ان الربيع العربي كانت بداياته مع بدايات انطلاق الثورة في تونس وقد اغفلوا الانتفاضة الشعبانية التي حصلت في العراق عام 1991 حيث اشترك في هذه الانتفاضة اكثر من عشرة ملايين عراقي من خمسة عشر محافظة ضد نظام صدام
وقد افرزت هذه الانتفاضة الكثير من الظواهر التي اثرت على المجتمع العراقي والمنطقة ومنها المقابر الجماعية والأنفال والحصار الاقتصادي والنفط مقابل الغذاء

وانطلق الأديب حسن عبد الرزاق خلال روايته (بوصلة غضبان بن شداد )من تلك الثورة وما سبقها من احداث  اذ ركز على منطقة الجنوب بالذات وشعبها برجالها  والتي بدات الشرارة الاولى للثورة فيها من مناطق تبعد حوالي عشرات كيلو مترات عن مركز المدينة  وكانوا ينتظرون مرحلة الحسم على مدى اكثر من احد عشر يوما حتى دخول جيش النظام في تلك الفترة

واشارت الرواية بواقع 100 صفحة وطبعت في دار ميزوبوتاميا ببغداد ان  (غضبان) ساهم مع الثوار واخذته الحمية على شعبه وراح يصطف مع رجال الثورة حتى دخولهم المقرات والسيطرة بالكامل على انحاء متفرقة من المدن

الرواية أعطت نموذجا رائعا لشعب قاوم العذابات تارة و  (غضبان) تارة اخرى الذي أفدى حياته لحبيبته تمارس عملها في مهنة التمريض عندما عشقها وحبها حبا جما وصفه القاص حسن بانه اشبه بعشق( قيس وليلى) (وعنتر بن شداد وعبلة) حتى انه أوصى الثوار بعدم التقرب لها وفعلا وعدوه بعدم المساس لها لانه في موقف أنساني اولا وثانيا لانها تعيش وسط قلبه المليء بالرحمة والحب والإنسانية والخلق الرفيع

الا ان الرواية لوحت بان (غضبان ) كان متذبذب وغير مبدئي  مرة يوهم المجاهدين بانه يحمل السلام ويقاوم الزعيم ومرة اخرى يصطف مع الجيش وهكذا بدا يتلون بطل الرواية
على غير (حسين صايل) الرجل العراقي الوطني الذي حمل راية الجهاد حتى اختفى وهنا استمرت الثورة وبدا النظام ورجالاته قرروا اقتحام المدن بشتى الوسائل والطرق المتاحة لهم حتى استخدمت الطائرات الحربية في حينها واستقر الجيش واقتحم المدينة أي مدينة لا اعرف بل اشار لها الروائي حسن مدينة صغيرة تغفو على اطراف  النهر ..
وهنا تفارق الحبيبان (شذى وغضبان) لفترة ليست طويلة حتى القي القبض عليه وزج في كرفانات عند اطراف المدينة وبدات سبعة نساء مبرقعات مواليات للزعيم يلوحن بأصابعهن على الثوار ومن ضمنهم  (غضبان ) والذي يشرن عليه ينهال عليه بالضرب والسب والشتم ومصيره هو الاعدام حتما وان لم توشرعليهم وهم قلائل افرج الله عنه وكتب له حياة جديدة .
.وبعد ثلاثة ايام ذهبت القافلة بالمعتقلين وكان (غضبان) يركن في الزاوية وعدد من المجاهدين الابطال وعند منتصف الطريق استجاب الله دعواتهم وهم في القافلة حتى انطلقت النيرات من اسلحة مجاهدين كانوا يتربصون للقافلة من الجانب الايمن للطريق المودي الى بغداد  لغرض انقاذ اخوانهم من الموت .. واستمر تبادل النيران لفترات طويلة حسب قول الرواية ..وفعلا فر (غضبان) وقفز من القافلة وتخلص من الامر والطاعة والخوف والرعب الذي كان يلازمهم وهرب  مشيا على الإقدام وراح ينظر يمينا ويسارا لعل يجد ظالته حتى استقر عن احدى العشائر العراقية الاصيلة والتقى بمجاهد اسمه حسين صايل الذي ضيفه واكرمه ثم غادر المكان للعودة ..
وبعد ايام من نجاته من المشنقة صدر الزعيم  العفو العام .. وراح غضبان يفكر بالعودة الى الخدمة العسكرية  الذي خدم فيها اكثر من خمس عشرة عاما .. وبعد تفكير شد الرحال بامتعه سالكا طريق العودة الى وحدته العسكرية ..
وفعلا عاد وارتدى ملابس الكاكي واصطف مع الجيش واستغل فرصة العفو وراح يجوب مع الجيش للتفتيش والسيطرة بحثا عن المجاهدين المختفين  ..
حتى ان استقرت الامور بعد زمن ليست بالفترة الطويلة .. فوجىء (غضبان) وهو جالس امام شاشة التلفاز  بان الزعيم دعا نساء الجنوب وراح يتمعن وهوغير مصدق لما يشاهده بان حبيبته (شذى) احدى المدعوات وهي جالسة  على يمين الزعيم فرد هذا غير معقول  وراح يتمعن اكثر فاكثر وهو يستمع على صوت الحبيبة المنشقة (شذى) وهي تقص على الزعيم  قصص الجنود  الابطال وهم يلاحقون الثوار والقبض عليهم ولم يبق سوى النساء اللذين استقبلوا رجالك بالورود والزهور
وهنا راح (غضبان) يعض اصابع الندم ولم يصدق ماشاهده حتى أصيب بهستيريا ..وعلى مايبدو ان حبيبته شذى احست بسوء نواياه الشريرة وتلونه في الحياة فلم تتمسك به كعشيق وحبيب يتربع في قلبها
 استمرت الرواية لغضبان وبوصلته التي لم تنجيه من الخطر والموت حتى استقرت في صدره رصاصة صديقه حسين صايل الذي ضيفه يوما  والذي  لم يعرف انها ذاهبة الى صدره فقتل غضبان ببارود صايل وجماعته المتراصفة المنتظرين حلول لحظة الصفر بصبر نافذ ..الذي هب على حين غرة من قلب بساتين الشهلان , اسقط الوحش المستثار من ظهر الزوبعة الى ارض الخمود وجمده في مكانه وصبغ شعاع الوسام المغري بدخانه الأسود . ثم اندفع الى  عمود غضبان الفقري واستقر في احدى فقراته المهمة ليوجه بوصلته هذه المرة الى الابد نحو اتجاه واحد فقط لايمكن لابن شداد الهواسي ان يغيره قط. وهكذا نهى الروائي والقاص حسن عبد الرزاق قصة غضبان بتلك العبارات التي اختتم كتابه فيها

وفي ختام الرواية الشيقة حقا ادعو المخرجين وقناة العراقية ان تسهم في اخراجها على حلقات تلفزيونية  لانها استكمالا لمسلسل ضياع في حفر الباطن الذي عرض على شاشة العراقية في شهر رمضان المبارك ..حيث يكون الرواي حسن عبد الرزاق وعبد الكريم ألعبيدي قد اعطا نموذجا ووصفا كاملا للإحداث ابتداء من الحرب مرورا بالثورة الشعبانية التي اكدت عليها
الحكومة الامريكية عندما قدمت في عام 2011 رسالة اعتذار الى الشعب العراقي وعلى لسان الرئيس اوباما بان الولايات الامريكية قد اخطأت بحق الشعب العراقي في عدم دعم الانتفاضة الشعبانية وفي الحقيقة ان الولايات المتحدة هي التي اجهضت هذه الانتفاضة بالتواطئ مع صدام حسين خوفا من المد الشيعي وعدم تكامل رؤية امريكا للشرق الاوسط.

أدعو المخرجين قراءة الرواية وعرضها تلفزيونيا لأنها استكمال لمسلسل ضياع في حفر الباطن ..الأديب والروائي حسن عبد الرزاق روى قصة روائية (بوصلة غضبان بن شداد )
Share |