أوغلو عريان في حديقة الجّيران/ حسين شلوشي

Tue, 28 Aug 2012 الساعة : 16:30

 

استشاطت تركيا غضباً وخرجت من هدوئها المصطنع ولياقتها المقنعة والسكينة والوقار الحضاري أو الدبلوماسي أو الأخلاقي أو الإسلامي إن كانت تعتقد بذلك، وهرولت إلى بيت جيرانها حافية عارية لتعبّر وتكشف عن عمق مشكلتها السياسية الوطنية الداخلية سواءً في سلوكها الحكومي أو تشريعها الدستوري وكذلك لتعبّر عن عقدتها التاريخية تجاه شعوب المنطقة، فهذه الدولة الكبيرة التي يصنّف جيشها العاشر على مستوى جيوش العالم، وإقتصادها الأكبر الرابع في العالم وهي صديقة الولايات المتحدة الأقوى في العالم، وهي أداة لها وعضو في حلف الأطلسي وصديقة الكيان الصهيوني وأداته في المنطقة ارتعدت مُستفزة بشكل لا يصدّق على وقع أخبار وحوادث هيمنة أكراد سوريا على مناطقهم الكردية والتسريب لإعلانهم إنفصالهم عن دولة سوريا، ويتحركون بحرية واسعة ويحملون السلاح سواء من الإتحاد الديمقراطي أو من جبهة الأحزاب المنضوية في المجلس التنسيقي، ولكن المهم في الأمر أنّ هؤلاء الأكراد السوريين محاددون أو ملاصقون أو ممتدون مع أكراد تركيا، وقد خشيت الحكومة التركية من هذا الفايروس الكردي الذي يملأ المنطقة ويثيرها نحو الإستقلال أو الحرية أو المطالبة بالحقوق القومية للشعب الكردي والممنوعة في تركيا الديمقراطية !!
السيّد أوغلو هرول إلى شمال العراق بوعي أو بدونه إلاّ أنّه من المؤكد فيه العصبية القبلية والخبث الطائفي الذي يخبئه خلف ابتسامته الصفراء التي أصبحت فاقعة في الوسط التركي سواء العلوي منه أو الكردي أو السياسي العلماني وإنجرار الدولة التركية إلى دولة طائفية دون إعتبار آخر لوطنية أو قومية، قد يكون وضع في حسابه المواجهة مع المالكي في الشمال والعبور منه إلى كركوك لثلم هيبة الدولة ومس سيادتها وتكريس الهيمنة والعنجهية التركية في المنطقة وممارسة الإرهاب السياسي العلني والإرهاب الأمني من طريق آخر على العراق وغيره، إلاّ أنّه في الجانب الآخر خسر موقفاً وجماهير عراقية لا تقبل بهذا الإستهتار التركي الذي يستغل حالة ضعف الدولة أو الحكومة العراقية ومحاولة إذلالها أو تقزيمها.
بذات الوقت، فإنّ بعض الأحزاب السياسية العراقية والمؤسسة الرسمية عبّرت عن موقفها وأدانت هذه الزيارة، إلاّ أنّ أطرافاً أخرى لم تستطع أن تعبّر عن رأي والتزمت الصمت المطبق لأنهم يعدّون أصدقاء أوغلو في العراق بينما اعتبرهم هو أنّهم أدواته وعليهم أن يوافقوا ويدافعوا عن كل ما يتصرف ويقول ممّا وضع البعض منهم ( من العرب السنّة وتركمان ) في حرج شديد وظلّ ساكتاً والآخر غير التابع عبّر عن رأيه برفض إنتهاك حرمات البيت العراقي، بينما ذهب نفر وهم أتباع " موزة " وقدوتهم موزة إلى مواقف الترحيب التي تقدمها " الموزة " لضيوفها المتعبين القادمين من إسرائيل.
إنّ عري أوغلو هذا ينفع كثيرا من العراقيين الذين تصدّعت رؤوسهم من لغو المزايدين بالوطنية والقومية وسيادة الدولة وأخرست هذه الأفواه ومؤتمراتها الرنّانة الطنّانة، وربما يتذكّر هؤلاء رفضهم زيارات رسمية من دول لا تعجبهم واليوم تنتهك بيوتهم وحرماتهم ولا ينبسون بكلمة.
Share |