وتهاوت الاصنام/المحامي يوسف علي خان

Mon, 27 Aug 2012 الساعة : 23:31

 

لقد اضطر العديد من المسؤولين الذين يحكمون اليوم ان يغادرو ا البلاد في عهد صدام واللجوء الى ‏البلدان الاخرى هربا من بطش صدام وازلامه من اركان النظام السابق انذاك.... بعد ان عمل البعض منهم ‏معه لمدد طويلة وتبوأ مراكز ودرجات رفيعة في الحزب او في الوظائف الحكومية ثم اختلفوامعه لاسباب ‏عدة .. وقد عادوا اليوم مناضلين ضد النظام السابق كي يعوضوا انفسهم عما فاتهم خلال تواجدهم خارج ‏العراق بملايين الدولارات فبنوا العمارات وانشأوا المصانع والشركات خارج العراق وملاؤا البنوك ‏الاجنبية بالارصدة الضخمة ... ثم اعتلوا المراكز والكراسي داخل هذا الحكم الجديد ليعلنوا مظلوميتهم ‏من النظام السابق ... فلا بأس ان يفعلوا ذلك ولكن من الذي يعوض مظلومية الثلاثين مليون من ابناء ‏الشعب العراقي الذين لم يغادروا العراق واستمروا في تواجدهم تحت نير وظلم ذلك الطاغية وتحملوا ‏عذاب جلاوزته ... اليس لهؤلاء حق بالتعويض عن مظلوميتهم تحت حكم صدام اليسوا هم احق من ‏اصحاب المظلومية الذين تنعموا بالهدوء والطمأنينة وابتعدوا عن الرعب الذي اشاعه صدام في جميع ‏انحاء العراق .. فجاء هؤلاء ليتغافلوا وانكروا وجود شعب في العراق وقفزوا على الكراسي والشعب ‏ينتظر منهم ولو القليل من حقوقه التي هدرت والاذلال الذي عاشوا فيه والارهاب الذي قطع الالسن و ‏الاذان ووشم الجباه وفتك بالارواح ولا زال هناك من بقي في الخارج من يعتبره بطل مقدام ...وهل من ‏العدل ان يستحوذ هؤلاء النفر القليل الذين لايشكلون نسبة واحد بالا لف وربما اقل بكل موارد العراق ‏ويبقى الملايين في نفس الضروف التي عاشوها تحت حكم صدام 00 وهل ما حدث هو اسقاط النظام ‏وازاحته فقط ليأتي نظام يجلس محله ويمارس نفس طقوسه وتصرفاته ويبقى الشعب على ما هو عليه ‏‏..وهل تبدأ الملايين النضال والكفاح ضد هذه الجماعات الجديدة ولماذا كل هذا التخبط اليس في العراق ما ‏يكفي الجميع فلماذا الاستفراد بالخيرات ؟؟؟؟.. اليس بين هذه المجاميع الصغيرة من الحكماء الذين يدركون ‏بان الشعب سوف ينتفض ولن يرضخ وسوف تكون ثورته انكى واعظم واشد قسوة ؟؟؟؟؟؟..وهل بامكان ‏الامريكان البقاء في بلد يقض مضجعه في كل حين يفجر من تحته الارض بشكل دائم ومستمر؟؟؟؟؟ و هل ‏الامريكان مستعدون تحمل كل هذه الخسائر والضغوط الشعبية من اجل مجموعة صغيرة ليس لها القدرة ‏على حماية انفسها فكيف يكون بامكانها حماية المستعمر المحتل ... خاصة وان الضروف قد تغيرت ‏والمجتمعات الشعبية قد صحت وتنورت .. فان استطاع صدام ان يحكم قبضته عليه فقد كان في زمان ‏يختلف عن الان فثورة الحاسوب قد غيرت المعادلات جميعها وخلقت وعيا رهيبا وطفرة شعبية عارمة ‏قفزت بالبلدان عشرات السنين الى الامام ... فالشعوب العربية هي ليست تلك الشعوب التي تعيش في الخيم ‏وتركب الجمال... وليست هي نفسها حتى قبل خمسين سنة.. فحركة التطور تضاعفت سرعتها مئات ‏المرات فشبكة البرمجيات قد قلبت الاوضاع .. فثورة تونس احدثتها هذه الالكترونيات وثورة مصر كانت ‏نتيجتها وهذه الانتفاضات تمتد وتكتسح البلدان بفعل هذه الوسائل التي لم يعد بامكان المستبدين ايقافها ‏بالدبابات او الانقلابات... فقدانتهى عهد الجيوش المدججة بالسلاح وجاء عصر المنظمات المجتمعية التي ‏تنظم الشعوب وتقود التظاهرات والثورات وتعلن العصيان والتمرد على طغاتها حتى تسقطهم رغم انفهم ‏كما تتساقط اوراق الخريف... فهو خريف عروشهم المتهاوية واوان زوالها والحكم اليوم لشعوبها ولن ‏يكون هناك غير سلطة الشعب مهما تمادى العتاة.... فاليعي مما لم يستفق مما بقى من المستبدين وعليه ان ‏يصحو ويتدبر امره فلم تعد الشعوب تخدع بالشعارات او بالمواعظ السفسطائية ولا بالمباديء الزائفة ‏والخطب الرنانة والاقنعة المتغيرة ... فالشعوب لا تلتفت إلا لما تراه على ارض الواقع وما يقدم لها فعلا ‏من بناء وخدمات ولم تعد تصغي للتسويف وتمضية الوقت وتسويق الطائفية العرقية او الدينية ... فهي ‏تريد الملموس ولم تعد تصغي الى المحسوس الملحوس والعزف على تلك الاوتار التي فات اوانها وزالت ‏مخدراتها من اجساد الشعوب ... فمن يريد حقا ان يعمل فعليه ان يعرض ما انجزه لا ما سينجزه كي ‏يصدقه الناس ويثقوا به وليس بالكلام العسول000 فهو مجرد هواء في شبك ... ولابد ان يعلم الانتهازيون ‏ان العزف على الاوتار الدينية مستغلين سذاجة الناس وايمانهم الصادق قد افل نجمها وزال زمانها ولم ‏تعد تؤثر في الكثير منهم العمائم مهما كبر حجمها او اللحا مهما طالت شعيراتها فلم يعد يصدق زيف ‏ادعاءاتها .. فان وجد البعض منهم وليس الجميع بالطبع فهناك العمائم النيرة الخيرة واللحا المباركة فان ‏وجد المزيفون الدعم من امريكا فقد يتبدل نهجها في الغد وقد بدت بوادرذلك واضح للعيان .. فقد تأكد لها ‏بان الغالبية العظمى من مواطني الشعوب العربية والاسلامية تتخذ من الدين مجرد واجهات وعناوين ‏مصلحية وليس عقيدة ثابتة راسخة كما كان يبدو لها ... كما ان ما اصاب الشعوب من قتل واغتيال على ‏ايدي بعض التنظيمات المحسوبة على التيارات الاسلامية قد ولدت نفور عارم لدى السواد الاعظم من ‏مواطني هذه الشعوب من المسلمين والغير مسلمين ما اشعر امريكا بوجوب تغيير مواقفها وسياساتها ‏والتخلي عن دعم المنظمات الاسلامية التي ثبت فشلها في اخضاع وخداع الشعوب باستغلالها الدين ‏واجهات لها00 ولربما ما شاهدته من انتفاضات الملايين في الدول التي حدثت فيها الثورات الربيعية ‏والتي استولت فيها التنظيمات الدينية على السلطة في بداية الامر بانتهازية مكشوفة مستغلة ثورة الجماهير ‏المضطهدة حيث قفزت من فوق كل الجماهير التي كان لها الفضل في اسقاط الانظمة .. فقد عادت هذه ‏الجماهير لتنتفض مجددا على التيارات الاسلامية من جديد وهو ما يحدث اليوم في تونس حيث قفز ‏الاسلامييون على الحكم فانتفض عليهم الشعب ولا زالت المناوشات قائمة هناك وما حدث في ليبيا حيث ‏لم يستطع الاسلامييون الذين استولوا على السلطة في باديء الامر ان يفوزوا في الانتخابات حيث فاز فيها ‏اللبرالييون .... وما يجري تحت الرماد في مصر التي تنتظر بين ليلة وضحاها انتفاضة عارمة على ‏السلطة الحاكمة الاخوانية التي قفزت على السلطة بعمليات اثير حولها لغط التزوير وتمكنوا من الاستيلاء ‏على مجلس الشعب الذي سرعان ما الغي بقرارالمحكمة الدستورية...وعينوا رئيسا للجمهورية من احد ‏اعضائهم الذي تمكن من الالتفاف على قادة الجيش واحالتهم الى التقاعد والتي ستزيحها الانتفاضات ‏المحتملة عن الحكم بكل تأكيد00وان احداث سيناء التي يرمون من ورائها اسكان جماعة حماس في غزة ‏واستقطاعها من الجسد المصري لابد وان يكتشف نواياهم الشعب المصري .. كما ان الدعم الذي يحضون ‏به من الادارة الامريكية انما هي عملية مقصودة من اجل كشف جميع خطوط وخلايا ومرنكزات الاخوان ‏المسلمين كي تتمكن بالنهاية من القيام بضربات كاسحة لهم واقتلاعهم من جذورهم.... فقد استفادت امريكا ‏من التجربة التي خاضتها مع القاعدة التي انقلبت عليها بشكل مفاجيء قبل ان تتغلغل في كل مفاصلها ‏وخلاياها مما سبب لها هذه المشاكل مثل عملية الخبر ثم احداث المركز التجارة العالمي التي لازالت ‏تعاني من ويلاتها محاولة تصفية جميع اذرعها بصعوبة بالغة كا وجدت بان اعتمادها على التنظيمات ‏الاسلامية كان خطأ استراتيجيا كان يجب ان لا تتورط فيه منذ البداية غير انها كان هدفها ضرب الشيوعية ‏واقتلاعها من منطقة الشرق الاوسط دون الانتباه لمخاطر التنظيمات الاسلامية و تزايد نفوذها فهي ‏تنظيمات عقائدية متشددة لا يمكن ضبط ايقاعاتها كما كانت تتصور فوقعت في المطب ما جعلها تفكر ‏تفكيرا منطقيا جديد يعتمد على طبيعة هذه التنظيمات وعدم الاعتماد عليها والانصراف الى التنظيمات ‏اللبرالية والعلمانية بدلها.... وتقويتها فهي اكثر امانا وضمانا لتحقيق اهدافها في المنطقة والعمل على ‏توسيع نشاطها.. بالاكثار من منظمات المجتمع المدني التي هي ركيزة للتنظيمات العلمانية وهو ما بدأت ‏فعله في الاونة الاخيرة بشكل متدرج حتى تتمكن من كشف جميع اذرع التنظيمات الاسلامية ولا يمكن ان ‏يتحقق لها ذلك إلا بغض النظر عنها بل و دعمها في الوقت الحاضر للاستيلاء على السلطات في جميع ‏الدول العربية وبذلك تضمن ظهور وبروز جميع منتسبي ومؤيدي هذه التنظيمات والخروج تحت الاضواء ‏كي تتمكن من الانقضاض عليها وسحقها... كما تعمل وبنفس الوقت على محاولة اضعاف الوازع الديني ‏في نفوس العديد منهم من خلال نشر الفساد المالي واغراقهم فيه وتجنيد العملاء المجلببين بلبوس الدين ‏والذين سيلعبون الدور الفعال في تشويه المعتقات الراسخة في نفوس الملايين واذابتها رويدا رويدا كما ‏فعلت الشيوعية في اواسط القرن الماضي حيث تمكنت من غسل ادمغة الملايين من المسلمين ورسخت في ‏عقولهم بدلها الافكار العلمانية الاشتراكية المبنية على المادية الصرفة التي لا تؤمن بالمعتقدات الروحانية ‏وهو ما تجلى لدى معظم الشيوعيين بل والشرائح العلمانية بصورة عامة....وهو ما تعمل عليه السياسة ‏الامريكية داخل العالم الاسلامي في هذه الايام اذ انها ستتخلى عنها بعد ان تسلط الاضواء على جميع ‏نوافذها وتضع ايديها عليها بشكل تام وهو ما ستفعله في العراق عن قريب جدا بعد ان تنتهي من سوريا ‏وتلتف على لبنان كي تحرك الخلايا النائمة فيها وبعد ان تحاصر حزب الله وتجعله مطوق من كل الجهات ‏فتنفرد به وتبتلعه مثلما تبتلع الافعى فريستها بعد ان تعتصرها فيسهل عليها التهامها 00ثم تعود الى العراق ‏وقد يتزامن الحدثان بوقت واحد وسيشهد العراق احداثا يتغير فيه الجلباب وتقطع الاوصال وتزلزل الجبال ‏وتعيد الابن العاق الى احضان امه ... فقد فهم الامريكان ما يجب ان يكون00وان اللعب على اوتار ‏الطائفية والعرقية قد مهد لها الطريق... ولا بد ان تتغير اشكال اللعبة فقد تمكنت ان تكره الناس في عقائدها ‏فيما احدثته خلال تلك الفترة ومنذ هيمنة البعث على مقاليد الامور وحتى احتلال بغداد وما جرى بعد ‏الاحتلال حتى الوقت الحاضر فاضحت الارض ممهدة .. فقد اكتشفوا وتأكدوا بان التيارات الدينية اضعف ‏مما كانوا يعتقدون وانها لا تشكل سوى نسبة قليلة من ابناء الشعوب العربية وان كل هذا التمظهر انما هو ‏نفاق ورياء وانتهازية حمقاء لا يعتد بها ولا يعتمد عليها.. وان ما يتظاهرون به ليس اكثر من عناوين ‏واسماء فقد غير التعامل معها طيلة تلك المدد القناعات التي كانت قد بنت استراتيجياتها عليها فمشاكلها ‏اكثر من منافعها واثارها اشد وطأة وسلبياتها اكثر ضررا ... فوسائل الاتصالات والتكنلوجيا الحديثة قد ‏عوضتها عن العديد من التعاملات البشرية الروحانية ووجدت التعامل مع رجال العلم والثقافة والمنظمات ‏المجتمعية اللبرالية اكثر تجاوبا واشد ثباتا وهي تشكل الغالبية العظمى من ابناء الشعوب والتي يمكن ‏ترويضها بسهولة ويسر دون خوف وبلا أي محذور فالتعامل مع المنظمات الدينية محفوف بالمخاطر ‏لارتباطاتها بالمعتقدات السماوية وتوجيهات وجال الدين ودعاتها وفتاويهم المرتبطة بالسمع و الطاعة ‏المطلقة للتعاليم والتوجيهات وما قد تصل به الى التضحية بالنفس.... فهي غير مؤتمنة في كل الاحوال ‏مما يجعل الادارة الامريكية والغرب بشكل عام بقلق دائم على العلاقة التي يرتبطون بها مع المنظمات ‏الاسلامية ..(( والمجرب لا يجرب )) فمن كل هذا فقد يدفع الغرب الى التوجه الى الشرائح اللبرالية ‏مستغلين الفصائل المنتشرة في دول المهجر مما سبق ان لجأوا الى احدى دول الغرب فيكون من السهولة ‏تجنيدهم وترويضهم كي يكونوا البذرة او النواة من اجل العمل على تشكيل القوى اللبرالية من خلال ‏منظمات المجتمع المدني ودعمها ماليا وتشجيعها بمختلف الاغراءات والوسائل الترفيهية كي تكون البديل ‏عن الفصائل الدينية التي كان لابد من العمل معها للفترات السابقة والتي استمرت حتى احداث هذا العصف ‏الثوري من خلال الربيع العربي ومشروع كونداليزا رايس (((الشرق اوسطي))) الذي ستلعب فيه الشرائح ‏اللبرالية الدور الرئيس بعد ان تكون جميع التنظيمات الاسلامية قد تم تفكيك عقدها وتفتيتها.. وبالاخير ‏القضاء عليها باذابتها داخل البودقة اللبرالية وتتلاشى من خلالها النوازع الايمانية التي لازالت متحكمة ‏في العديد من النفوس الاسلامية وراسخة فيها كما فعلت الشيوعية في الخمسينات والستينات في شرائح ‏كثيرة من المجتمع العربي ... وسلاحها الامضى في تحقيق ذلك هو الدعوى الى زيادة التشدد الديني ‏واستعمال سلاح التكفير الذي يشهروه في وجه أي معارض او حتى مستفسر .. وتكثيف وتظخيم الفرائض ‏وخاصة التعجيزية منها كي تنفر المسلمين اضافة الى ما ذكرناه من اساليب البطش والارهاب والقتل ‏والذبح وقطع الرؤوس واعتبارها ظاهرة اسلامية وشريعة اسلامية واجبة وركنا اساسيا فيها مما يخلق ‏الرعب المؤكد في النفوس ويدفع الناس للابتعاد عن اجواءه وتجنب تنظيماته والتخلي عن الانتماء له شيئا ‏فشيئا حتى يزول الايمان بشكل تام....وبمرور الوقت ينصرف الكثيرون عن هذا الدين الذي يجلب اليهم ‏المتاعب ويهددهم بافضع المخاطر عند ابسط الزلات ويتجهون الى الايمان بالمباديء العلمانية التي تدعو ‏الى التحرر وحماية ارواح البشر المجردة من هذه القيود المكبلة الدينية وبهذا تتها وى اجنحة المجتمعات ‏الدينية ولا يتبقى منها سوى المراكز الدينية المجردة التي يسهل على الغرب التعامل معها والانقضاض ‏عليها وتصبح في النتيجة مثل الكنائس لاتمثل سوى كيانات لاحول لها ولا قوة محشورة في زوايا محددة ‏داخل المجتمعات العربية والشرقية بشكل عام ...!!! ‏
Share |