بين صرخة جواد الحطاب .. وانين كاظم السعدي/رياض محمود الركابي

Sun, 26 Aug 2012 الساعة : 15:11

 

لم يكن رحيل كاظم الكاطع مفاجئاً لمحبيه ، وعشاق الكلمة الشعبية ، فقد عانى الرجل طيلة اكثر من عقدٍ من الزمن من مرضٍ عضال ، ولكن المفاجيء في رحيله هو الصمت الحكومي المطبق ، وكأن الكاطع مواطنٌ عادي طرق الموت بابه ، حاله حال الآلاف ممن يغادرون احبتهم كل يوم في وطننا الذي بات طريقا سالكا له ، وهنا تحمل مسالة الصمت الحكومي احتمالين لا ثالث لهما ، فإما ان يكون المسؤولون في وزارة الثقافة ، واعضاء لجنة الثقافة والاعلام في مجلس النواب ، ومستشارو دولة رئيس الوزراء لشؤون الثقافة يجهلون الكاطع .. وتلك مصيبة ، واما ان يعرفونه وفضلوا الصمت ، فربما من وجهة نظرهم بأن رحيله ليس بمسألة ٍ مهمة مقارنةً بمسألة سحب الثقة من رئيس الوزراء او محاكمة الهاشمي ، وهنا المصيبة اعظم .
ففي كل دول العالم تسقط الحكومات او تُستبدل بأخرى خلال ايامٍ معدودة ، ويُستبدل المسؤولين خلال ساعات ، وتستمر الحياة دون ان يعكّر صفوها شيء ، ولكن الاديب والشاعر والفنان ، لايمكن ان يعوّض ، لأن الابداع حكر بأناسٍ وهبهم الله الملكة الابداعية والموهبة .
لذا تحتفي دول العالم بمبدعيها الاحياء منهم والاموات ، وتقيم لهم النصب التذكارية والتماثيل ، وتُطلق اسماءهم على شوارعها وساحاتها ، إلا نحن ، فالمبدع يُهمّش في حياته ، وإن مات طويت صفحته الى الابد .
كنت شاهدا على رحيل الكاطع ، وقبله كاظم الركابي ، وغني محسن ورحيم المالكي ومحمد الغريب .. تساقطوا من شجرة الوطن كما تتساقط اوراق الخريف الذابلة .
وقبل ايام اطلق المبدع الكبير جواد الحطاب ، صرخته حول مرض الشاعر المبدع كاظم السعدي وهو يرقد في احد المستشفيات الخليجية ، ولايملك مايسد به مصاريف العلاج ، او اجور العودة للوطن ، ووقفت السفارة العراقية هناك موقف المتفرّج ، مثلما تقف الحكومة هنا موقف المتفّرج من مبدعي الكلمة الشعبية .
يا ابا ( الجود) .. لعل احدا من الحكومة يستمع الى صرختك ، والى صرختنا في اتحاد الادباء الشعبيين ، ونحن نطلب منذ سنوات مقرا يحفظ به ماء وجه الشعر الشعبي ، ونترك شقتنا البائسة التي ترعب الشاعرات الشابات ، لأنّهن مجبرات على صعود ثلاثة طوابق مظلمة في عمارة بائسة .
Share |