قطر ..ومحاولة استنساخ تجربة الدولة العبرية /سمير القريشي

Fri, 24 Aug 2012 الساعة : 16:57

 

قد تختلف ظروف تكوين الدول بفعل عوامل تاريخية وجغرافية واجتماعية وحضارية, لكن عوامل الاختلاف لا تمنع من تشابه أو تقارب تطلعات الدول ذات التكوين المتباين . لأنها أي التطلعات حاجة تفرضها أمال وطموحات الشعوب في السيادة ..ولان التاريخ أيضاء لا يفرض علينا الإقرار بسعي الإفراد إلى السيطرة أو الاستعلاء على الغير فقط. بل انه يقر بسعي الأمم إلى الاستعلاء على بعضها البعض ..
هذا الصراع التاريخي بين الأمم ما فتئ عن التوقف منذ فجر التاريخ على يومنا هذا. لكنه في ذات الوقت لا يسمح بدخول الأقزام إلى ميدانه الممتلئ بالدم والرعب والدمار مثلما هو ممتلئ بالنمو والازدهار والتطور في كل ميدان الحياة ,وبعبارة أخرى ليست كل الأمم تستطيع الولوج إلى ميدان الصراع التاريخي أذا كانت أمم محدودة القدرة وضعيفة البينة ومسلوبة التاريخ ولا تمثل رقما على الخارطة السياسية والجغرافية ..ودولة قطر نموذج لهذه الأمم التي لا تمثل رقما في أي عامل من عوامل قيام الأمم الحضارية القادرة على الصراع التاريخي ..قطر لا تملك شيأ يتيح لها الدخول إلى هذا المعترك فهو ساحة للكبار فقط وفقط .. ومع ذلك قطر تحاول وبأسلحة لا يمكن أن تكون يوما من الأيام من أسلحة انتصار الأمم في صراعها الطويل دخول ساحة الصراع التاريخي ..فإلى أي مدى يمكن أن تنجح ..؟؟؟ سؤال يطرح أمام أنظار الشعب القطري الصغير جدا في إمكانيته التاريخية والجغرافية والحضارية بل وحتى في مجال الثروات الطبيعية التي يبددها حكامه على أهوائهم الشيطانية ..مع كل الاحترام لهذا الشعب لكنه صغير رغما عنه كحقيقة موضوعية لا يمكن أن تتبدل أو تتغير أو يتغاضى عنه احد.. ..
ربما لا يختلف اثنان على زمن بزوغ قطر كدولة تحاول إدخال انفها في شؤون العرب والمسلمين في العقدين الأخيرين من القرن الماضي بعد أن استحوذت الأميرة موزه على (مقاليد الحكم في قطر)وهي عرفت بعلاقتها المشبوهة مع دول الغرب والكيان الصهيوني الغاصب على وجه التحديد ..ولا يخفى على حد محاولة قطر استنساخ تجربة الدولة العبرية..لان قطر تعتقد بان الكثير من أوجه التشابه تجمعها مع الكيان الصهيوني ..جغرافية صغيرة ..شعب بنفوس قليلة ..سيطرة عالية على وسائل الأعلام .. تحكم كبير بالاقتصاد والتجارة ..تطلع لحكم العالم والسيطرة عليه ..وهذا يعني أن العالم واجه منذ منتصف القرن الماضي تحديا جديدا تمثل في سعي الأقزام على منافسة العملاقة أو على الأقل في المشاركة بصناعة الواقع الإنساني بما يتضمنه من متغيرات هائلة .. بحسب ما يعتقدون ..
بطبيعة الحال لا ندعي بان هؤلاء الأقزام يستندون على عواملهم الذاتية المفقودة أصلا بقدر ما يستندون على عرى دول الاستكبار العالمي التي تقف لهم موقف المحامي والراعي والدافع والمحفز لمصالح يراها الاستنكار أنها تلبي مطامحه في العالم وتحديدا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ..ومن هنا نرى أن دولة قطر لا تتورع عن العب أي دور يقدم لها من الولايات المتحدة من اجل سد عقدة النقص التي لا تسد بأي دور يقدم لها !!!..ومن الغير المستبعد أن يكون الكيان الصهيوني مشاركا مشاركة أساسية في صناعة النموذج الصهيوني في قطر أو ما عاد يعرف بقطرائيل.. لما لهذه الصناعة من اثر كبير في تغير معادلة الصراع الإسلامي العربي مع الكيان الصهيوني والذي يدرك تام الإدراك أن طبيعة دولة قطر تختلف اختلافا كليا عن طبيعته وان اتفق مع قطر في حلم العالمية والهيمنة . فلكل منهما منابعه الخاصة التي يستسقى منها طاقته ووجوده ,فإذا كان الكيان الصهيوني مرتكزا على عقائد دينية محرفة تضمنت حلم سيطرته على العالم باعتبار اليهود شعب الله المختار. فان حكام قطر يستسقون طاقتهم من أحلامهم الكاذبة فقط ولا يوجد في عقائدهم الدينية أي تصور أو مفهوم يدل على استعلاء قطر آلا في محيط أمتها الإسلامية الذي لا تشكل منه آلا نقطة على حرف في كتاب كبير ... وبالتالي فان الشعب القطري ليس لديه أي حلم لعالمية قطر ذاتها وان ترسخ حلمه في العالمية في محيط أمته الإسلامية ..قد يتسأل البعض بان كل هذا الهراء عن استنساخ تجربة الدولة العبرية في قطر.محض خيال ونابع من الحقد على دولة قطر التي بدأت تشق طريها نحو العالمية بعد أن حملت على عاتقها الكثير من تبعات الربيع العربي الذي أطاح بدكتاتوريات حكم بلدنها عقود طويلة ..؟
وأقول قد لا يحتاج أي متطلع لوقت طويل حتى يقف على حقيقة أهداف دولية قطر وحركتها الكبيرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لأسباب عديدة منها علاقتها الوطيدة مع الكيان الصهيوني والتي لم تعد خافية على القاصي والداني.. وانأ هنا ليس بصدد تقيم العلاقة السياسية والاقتصادية القطرية الصهيونية. لكني أقول أذا كانت قطر بحق تسعى إلى تحرير الشعوب من قبضة التسلط والحرمان فماذا قدمت للشعب الفلسطيني ؟؟ لقد قدمت دولة قطر كل الدعم السياسي والاقتصادي للكيان الغاصب وحاولت أن تكون الباب الذي يدخل منه هذا الكيان إلى المنطقة العربية ككيان شرعي غير غاصب بعد أن فشلت القاهرة وعمان في ذلك.. والجميع يعلم ملابسات الخلاف العربي مع قطر على خلفية علاقتها مع الكيان الصهيوني ..الشيء الأخر خلافها الكبير مع السعودية على خلفية السيطرة على الخليج العربي وزعامة المد السلفي ...أي زمن هذا الذي يجعل من قطر تقف ندا للسعودية !!!! وليس هذا فحسب بل أن الكثير من المؤشرات تكشف وبوضوح أن قطر تنظر بعين طائفية إلى ما يدور حولها بل حتى إلى ما يدور في داخلها فهي لا تتوقف عن استخدام أقصى أساليب التنكيل والبطش بكل من يحاول النيل من كيانها السياسي ..الغريب أن حمد بن جاسم أمير قطر ,هذا الأمير الذي يعد اليوم حامي حمى الديمقراطية جاء إلى السلطة بعد الإطاحة بولده في انقلاب ابيض ديمقراطي !!
على كل حال.. الشعب القطري هو اليوم مدعو ومطالب أمام الله تعالى أولا. وأمام أبناء أمته العربية والإسلامية للوقوف بوجه المخطط الصهيوني في قطر للحيلولة دون مضي هذا المشروع إلى مدى ابعد مما هو عليه الآن ولإنقاذ قطر كشعب وكدولة من الانهيار من التداعي والتلاشي ثانيا.. ولان الحقيقية التاريخية تنبأ بان كل من لعب في مجال اكبر من حجمه سوف يتعرض إلى الدمار والانهيار والضياع. ولذلك الشعب القطري مسئول على المحافظة على دولته من الضياع ومسئول عن إيقاف حكامه عن هذه السياسية المراهقة التي ما كان الغرب ليسمح بها لو لم تكن في صالحه وعلى حساب الشعب القطري ومستقبله وحريته وكرامته وثرواته.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ...
سمير القريشي
Share |