الأسباب المدمرة لحياة الإنسان/سيد صباح بهبهاني

Fri, 24 Aug 2012 الساعة : 0:45

 

بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
(يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا) الأعراف:27.
 
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ )
سورة التوبة/38.
 
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ
النساء/71. أَوِانفِرُواْ جَمِيعًا)
 
(وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) التوبة/122.
 
المقدمة |
 
الخائن يظل خائنا؛وأن الخونة والمجرمين يستحق أقصى العقوبة لأنهم خانوا الأهل والوطن الجيران والأمة ونرى أن الحضارات تستخدم الإنسان لخدمة الإنسان إلا
أن نقطة ضعف هذه الحضارات رغم ضرورة مبدأ خدمة الإنسان للمجتمع تأتي من أنها كانت تحول خدمة الإنسان لمجتمعه إلى استغلال يمارسه القوي على الضعيف كما فعل الفراعنة حين سخروا الملايين من الناس أثناء بنائهم للأهرام ؛ وكذلك الآشوريين والبابليين والسومرين والأكدين الذين كانت عصورهم وحضارتهم الفريدة . ولهذا فقد جاء الإسلام ليصحح مبدأ استغلال الإنسان للإنسان بمبدأ أمانة الإنسان على الأرض لا لخدمة طائفة أو مادة، بل طاعة الله الذي ابتلى الخلق بخدمة خلقه إذ يقول تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) الأنعام/165 .
ولا شك أن التاريخ يخبرنا بأن هذا المبدأ أيضا قد يستغل باسم الإسلام.. إلا أن المبدأ يبقى هو المهم، لأنه يبقى مؤثرا على نهج الراعي والرعية المسلمين طالما بقي شرع الأمة ومنهج حياتها مبنيا على الإسلام. وتعتبر مبادئ توزيع المياه في الإسلام معلما مهما في استنتاج المقصد الأساسي من عموم التشريع الإسلامي الذي يهدف إلى خدمة كل الخلق مدنيهم وبأديبهم ووحشهم وطيرهم وحاضرهم ومستقبلهم. وتقسم شريعة الإسلام المياه إلى ماء محرز يمتلكه الأفراد وماء عام تجده في العيون والأنهار العامة التي يشترك فيها الناس كشراكتهم في الكلأ والنار، أما حقوق موارد المياه فقد نظمتها شريعة الإسلام تنظيما رائعا يقوم على مصلحة الحياة قبل المادة والضعيف قبل القوي والمحكوم قبل الحاكم، فحق الشرب والشفة جعلت للحياة، وحق المجرى والمسيل تقصد تنظيم استخدام الماء في سقي الأراضي وزرعها.. ونظمت شريعة الإسلام الأحكام العامة للشرب والانتفاع بالمياه بطريقة أقل ما يقال عنها إنها عادلة بيئيا واقتصاديا، ومن أجمل تلك الأحكام إلزام الحاكم بالمحافظة على حافة البئر والعين والنهر العام ومراقبة الخاص منها وجبر المالك على تلك المحافظة إن قصر فيها. ولم تكن الأنهار هي مصدر المياه الوحيد للماء كما في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ) الزمر/ 21 . تبقى من مياه تجمعت في أعماق الأرض منذ أن كانت كل الصحارى بحارا مليئة بالمياه منذ آلاف السنين. وتتجلى عناية المسلمين بخلافتهم للبيئة بما أبدعوه في تلك القنوات التي كانت تنقل الماء تحت الأرض وعبر الصحارى فتنقله من مكان تجمعه إلى حيث يحتاجه الإنسان فتمنع تبخره حتى يصل المدن والحواضر فيهتز به الإنسان ويربو معه الزرع والضرع. وحتى اليوم لا يزال بعض هذه القنوات قائما عامرا عاملا نافعا كأنه شيد بالأمس.. يحار فيها العلماء وفي قدرة الإنسان على إبداعها بما كانوا يمتلكونه من تكنولوجيا محدودة ..وللأسف اليوم نرى الدول المجاورة مثل تركيا أخذت ببناء السد وحجب الماء المشترك بين دول الجوار وحجبه عنهم مقابل الماء مقابل النفط ورفض عبارات غير منطقية وقتل البيئة والطبيعة والشجار والحيوانات والثروة المائية على العراق وسوريا .ويا للعجب نتمكن أن نطلق على هذه الأعمال العدوانية الجبانة أعمال تتارية مغولية مخططة ومنسق للقضاء على اقتصاد بلدان الجوار وخدمة الأجنبي.
تعلمنا تجارب الحروب الدينية والمذهبية عبر التاريخ، أنها ــ أي الحروب ــ بكل أدواتها ووسائلها المختلفة، لا تنهي المشكلة، وإنما تزيدها اشتعالاً، وتوفر لها أي للعلاقة المضطربة بين أهل الأديان والمذاهب، مبررات ومسوغات إضافية من خلال متواليات الحرب، لإدامة الخصومة والعداوة بين الناس، تحت عناوين ويافطات دينية أو مذهبية
فالإشكاليات والتباينات العقدية أو الاجتماعية أو السياسية بين أهل المذاهب الإسلامية، لا تعالج بإشاعة ثقافة العداوة والخصومة، وإدامة نزعات الكراهية مسيطرة على العلاقة بين أهل المذاهب الإسلامية. بل إننا نعتقد أن كل هذه الممارسات، تزيد الأزمة الطائفية والمذهبية في المنطقة تعقيداً وصعوبة وخطورة. فالحروب المذهبية مهما كانت مبرراتها تزيد المخاطر، وتسقط المنطقة بأسرها في أتون الأزمات الكارثية التي لا رابح منها. فسفك دم المسلم الذي ينتمي إلى مذهب لا أنتمي إليه، يفاقم من الأزمات والكوارث. ومن يبحث عن حماية مقدساته، بسفك الدم وقتل الأبرياء وإطلاق حملات البغضاء والكراهية بين المسلمين، فإنه لن يحصد إلا المزيد من الدمار على مختلف الصعد والمستويات.
أن الخلاص من هذه الفتن الطائفية البغيضة المدمرة هو أن يتعاون الجميع ويكون يداً وصفاً وخندق واحد ليتسنى القضاء على هذه التجمعات الإرهابية و إيجاد حوار مشترك بين أهل المذاهب الإسلامية الخمسة . وأن ما يعانيه العالم المعاصر اليوم من مشكلات
كثيرة فبالرغم من التقدم المادي الهائل الذي
نعيش فيه والخيرات العظيمة التي وفرها العلم لحياة الإنسان ورفاهيته، إلا
أننا نعيش في ظل مشكلات رهيبة يتولد بعضها عن بعض، ويؤثر بعضها في وجود بعض،
ومن هذه المشكلات القلق النفسي والاضطراب، وانتشار الجريمة، وانعدام الأخلاق
والفردية والأنانية، والظلم بكل معانيه وصوره، والانحلال والفساد، فالفضائح
السياسية والمالية نسمع عنها كل يوم تقريباً، ولا يكاد يخلو بلد من بلدان
العالم من هذه المشكلات، ولم يستطع تقدم الإنسان المادي أن يقضي أن يخفف من
هذه المشكلات بل على العكس من ذلك كلما ارتقت حياة الإنسان المادية كلما ظهرت
وانتشرت هذه المشكلات .
وبالرغم من كثرة هذه المشكلات وتعددها فإن أعظم هذه المشكلات وأكبرها أثراً
في ظهور الفساد والاضطراب والقلق هي مشكلة الإلحاد. فهذه المشكلة في الحقيقة
هي أم المشكلات وسببها جميعاً. فماذا نعني بمشكلة الإلحاد؟ وما سبب هذه
المشكلة التي أصبحت إحدى مظاهر العصر؟ وكيف يعالج الإسلام هذه المشكلة؟ هذا
ما سنناقشه في الصفحات التالية بحول الله .
الدواء الخبيث ؛ ونتائجه!!
نتاج خبيث للفكر الديني الذي يريد أن يخدم المصالح الرأسمالية، واعتقد
الشيوعيون لذلك أن الأنبياء ما كانوا إلا دجالين أرادوا بنشر أديانهم تخدير
الشعوب لتستنيم للظلم والقهر وبهذا أصبح هذا المذهب الاقتصادي بفلسفته التي
أطلقها على الأديان موجة جديدة من موجات الإلحاد والزندقة. ولعل هذه الموجة
الجديدة التي جاءت بها الشيوعية كانت أعتى موجات الإلحاد جميعاً وذلك أن
الشيوعية تبنت الدفاع عن المظلومين والفقراء وهذه قضية عادلة وإنسانية في
ذاتها ولذلك تبنى هؤلاء الفقراء والمظلومون وهم أغلبية الناس دائماً هذه
العقيدة الجديدة والدين الجديد لأنه يدافع عن مصالحهم ويتبنى قضاياهم وبالطبع
أخذوا هذا الدين بفلسفته العقائدية وليس بفكره الاقتصادي فقط .
وهكذا انتشر الإلحاد سريعاً مع هذا المذهب الاقتصادي الجديد وكان النجاح
الهائل الذي لاقته الدعوة الشيوعية بتفجير الثورة البلشفية في روسيا
والاستيلاء على الحكم عاملاً كاسحاً في هدم الأديان ونشر الإلحاد وانتقاله
ليصبح عقيدة عالمية .
والشك هو إحدى أعظم المعاول الهدامة للمجتمعات وأن هموم الرجل التي تلعبها المرأة بها بين الشك والغيرة تنعكس على الحياة الزوجية ثم المجتمع ويبدأ الظلم والهواجس المثقلة بالأحزان وفي بعض الأحيان تكون هواجس مدمرة!
ولاشك أن هذه اللعبة هي التي تصل للهاوية.. وهي لعبة لأنه ليس لها أساس جدي، أي ليست حقيقية. ولكنها لعبة خطرة ومدمرة ولابد أن تنفجر في النهاية في وجه الزوجة وحدها لتقضي على الأمان والطمأنينة في علاقتها بزوجها، أي تقضي على الحب .
تتحرك المرأة بوعي وبفهم وبقصد أو بحس غريزي تلقائي. إذا تحركت بوعي وفهم وقصد فهي سيئة النية، وإذا تحركت بتلقائيتها فهذه هي فطرة المرأة. والمرأة تجيد هذه اللعبة سواء قصدت أم لم تقصد. والأمر لا يحتاج منها إلى مهارة كبيرة .
أي امرأة ستصيب الهدف وتجرح الرجل لينزف قلبه ويفرغ من الحب. فهذه هي أسهل طريقة لإصابة رجل، لأن الإصابة تتجه إلى مركز رجولته ومحور ذكورته وكينونة ذاته. إذن لابد أن تحدث هزاً عنيفاً في كيانه وكأنها زلزلة الساعة .
والأمر هنا يختلف عن الغيرة الطبيعية التي يستشعرها الرجل في المواقف العادية التي تعبر بحياته مع امرأته. فالغيرة شعور صحي وجميل بالرغم من أنه مؤلم بعض الشيء. وغيرة الرجل هي غيرة الراعي والمسؤول. وهي أمر داخل في نسيج الحب. حب الزوجة وحمايتها. الغيرة الطبيعية تحمل في طياتها احتراماً وتقديراً لهذه الزوجة. فهي تستحق أن يُغار عليها. فهي شيء ثمين وقيم، وهي شيء جدير بالحفاظ عليه وحمايته. إذن الغيرة إعلاء من شأن المرأة وتعبير عن سمو مكانتها وقدسيتها. والرجل الحقيقي هو الذي يغير، والزوج الحقيقي هو الذي يغير، والمحب الحقيقي هو الذي يغير .
والغيرة تنطلق من مركز إحساس الرجل برجولته ودوره ومسؤوليته. نطلق من مركز قيمه وأخلاقه واعتزازه بهذه القيم، تنطلق من حرصه على حياته الأسرية ورغبته المخلصة في استقرارها وثباتها واستمرارها .
الرجل غير الحقيقي لا يغير .
ومعنى الرجولة غير الحقيقة أنها اضطراب في إحساس الرجل بذكورته تجاه الأنثى، واضطراب إحساسه بدوره كرجل، واضطراب إحساسه بالمسؤولية .
وأيضاً إذا فقد الرجل احترامه للمرأة فإنه لا يغير عليها، وإذا تقطعت كل الصلات الإنسانية والروحية بينهما فإنه يفقد تماماً مشاعر الغيرة لأنها حينئذ لا تعنيه هذه المرأة ولا يهمه أمرها ويفقد إحساسه بالمسؤولية تجاهها فهي امرأة غير محترمة، امرأة رخيصة .
والغيرة الطبيعية الصحية هي خليط من مشاعر القوة والحزم والشجاعة والإقدام والتحدي، هي الطاقة التي تنبعث في الجسم والروح فيشعر الإنسان بذاته الرجولية الذكرية الحقيقية وتدفعه إلى أن يكون متأهباً مستعداً. وتفوح منه رائحة الرجولة فتشمها امرأته ومن حوله فتنتشي بها امرأته وتفر الذئاب من أمامه. وتبدو في عينيه أمارات التصميم والصرامة فيبدو في عيني امرأته في أجمل صورة بينما يفزع من شكله مَن كان يحوم حول حماه .
المرأة الصالحة لا تتعمد إثارة غير زوجها .
ولكن هناك امرأة تتعمد إثارة غيرة زوجها، بل قد تدفعها عُقَدُها إلى إثارة شكوكه، والشكوك معناها أنها تزرع في يقينه بذوراً خبيثة سامة تثير قلقه وخوفه وغضبه وتقوى لديه الاحتمال بأن الخطر المحدق ليس خارجياً فقط وإنما نابع من ذات امرأته أيضاً .
هذه هي الغيرة السيئة الضارة والتي تكون المرأة مسؤولة عنها بسلوكها غير السوي أو سلوكها المستهتر أو سلوكها المتعمد منه إثارة غيرة الرجل .
الغيرة في هذه الأحوال هي مزيج من القلق والخوف والغضب والألم. وسرعان ما تتدخل معها مشاعر الحقد والكراهية والعدوان والرغبة في الإيذاء والانتقام. إنها مزيج من أسوأ المشاعر المدمرة .
وحينما تنتاب الرجل مثل هذه المشاعر يبدأ العد التنازل يفي مشاعره الإيجابية تجاه زوجته .
تنهار الطوبة الأولى في صرح العلاقة، تبدأ السوسة الأولى في نخر العمود الفقري للعلاقة الزوجية، وهو وباء لا يمكن إيقافه. تنهار الطوبة الأولى وتعقبها الطوبة الثانية .. وهكذا حتى ينهار الصرح كله .
إذا تم زرع الشك في قلب وضمير الزوج فلا يمكن لأي قوة أن تمحوه ولابد أن يؤدي حتماً إلى موت كل المشاعر الطيبة من جانبه تجاه امرأته، ولابد أن ينقلب الأمر في النهاية إلى حقد ومرارة حتى وإن عاش معها حتى نهاية عمره .
والمرأة هي المسؤولة عن زرع بذور الشك الخبيثة السامة .
لماذا؟ ما الذي يدفع المرأة إلى هذا السلوك الخطر .. ؟
إنه أولاً الإحساس بالنقص، النقص الأنثوي. وهي مشكلة تعاني منها منذ طفولتها حيث النبذ والإهمال وتفضيل الشقيقة الأجمل. وتظل تلازمها مشاعر الخوف من رفض الرجل لها وعدم إقباله عليها. مشاعر دفينة لا تدري عنها شيئاً. وتخاف أن يمل الزوج ويضجر ويهرب إلى أخرى. إذن لابد أن تثبت له أنها مرغوبة، وأنه إذا لم يهتم بها فإن هناك رجالا آخرين يسعدهم أن يقوموا بالمهمة تدفعها عقدة النقص الأنثوي أن تبدي اهتماماً زائداً بالرجل وأن تستدرجهم إلى الاهتمام الخاص بها، ولابد أن يكون ذلك على مرأى ومسمع من الزوج حتى يحدث تأثيره المدوي ويزلزله ويحركه ويذكي داخله الحب والاهتمام. وتتعمد هذه المرأة المسكينة مواقف بعينها وتؤكدها وكأنها تروي بذور الشر التي زرعتها لتظل دائماً حية ويقظة .
ويقلق الزوج، يخاف، يضطرب، وهو قلق لا يزول أبداً، ويبدي اهتمامه بزوجته. وكلما أقبل واهتم أمعنت الزوجة في سلوكها المثير لشكه وغيرته، فلقد نجحت. إن قلق الزوج ثم إقباله الزائد واهتمامه المبالغ فيه عزز لديها هذا السلوك ودعمه، وتحترق أعصاب الزوج. وكلما ازدادت أعصابه احتراقاً ازداد قلقاً وأمعنت هي في سلوكها، وتظن الزوجة أنها ملكت زوجها وأنها سيطرت عليه. ولكن الحقيقة عكس ذلك. إن اهتمامه بها في البداية هو اهتمام القلق والخوف. الخوف من الفقد، الرغبة المقلقة في أن يثبت لنفسه أنه الرجل الأول والأوحد في حياة امرأته، وأنه المسيطر على عقلها وقلبها. وتعطيه المرأة هذا الإحساس فيسعد ويزول عنه بعض قلقه. ولكن تعاود اللعبة مرة أخرى، فيقلق، حتى يفقد الثقة بها تماماً، حتى يراها امرأة لا تستحق حبه واحترامه، حتى يراها معذبته ومقلقته. وحينئذ يكون قد اكتشف اللعبة، فيلعب هو لعبة مضادة، لعبة مفروضة عليه، لعبة ليس له دخل أو إرادة في توجيهها. إنه يظهر حبه واهتمامه ولكنه في نفس الوقت وبالوسائل الذاتية يعالج جروحه وآلامه وذلك بأن يميت مشاعره تجاهها، يكوي خلايا الحب لتموت، ويمشي وفق خطة برسمها له الكمبيوتر الداخلي، خطوة خطوة، قطرة قطرة، حتى يصل إلى آخر مرحلة وهي أن يفقد تماماً مشاعر الغيرة. تصب المرأة لا شيء بالنسبة له، تصبح مدام صفر. حينئذ يكون قد كسب الجولة الأخيرة تماماً والتي تنهي اللعبة أو بمعنى آخر تنهي العلاقة .
والحقيقة أن المرأة ضحية، والرجل ضحية .
المرأة ضحية عدم الثقة بالنفس، والرجل ضحية امرأة معدومة الثقة بنفسها، بالرغم من أنها تحبه وأنه يحبها، بالرغم من أنها مخلصة له وهو مخلص لها، بالرغم من أنه يمنحها الثقة من خلال حبه وأنه يراها فعلاً جميلة ومشبعة، بالرغم من أنه يسعد بالحياة معها، ولكنها أبداً لا تطمئن ولا تستريح وتريد المزيد .
إنه الجوع للثقة، الجوع للاهتمام، الجوع للإحساس بأنوثتها المذبوحة المنقوصة. والرجل معذور. إنها تذبح رجولته، تهد كيانه الأساسي، تمحق ذاته. إنها أيضاً تهز ثقته بنفسه من خلال آخر. ويظل شبح الرجل الآخر يهدده في كل وقت، في منامه وفي يقظته. ويظل يقارن بين نفس والآخرين، مَن أنا في وسط الرجال؟ في أي شيء يتفوق هذا الرجل علي؟ أي شيء أعجبها في هذا الرجل؟ كل هذه التساؤلات والأفكار مدمرة محطمة. وحين يقارن نفسه برجال الآخرين يكون قد وصل إلى درجة كبيرة من افتقاد الثقة بنفسه .
ومع هذا الشعور المضني بفقد الثقة تبدأ أولى درجات الكراهية لامرأته .. لا يكره رجل امرأته إلا لهذا السبب. هناك أشياء كثيرة تفسد العلاقة بين الزوج والزوجة، وقد يؤدي في النهاية إلى الانفصال ولكنه لا يكرهها. الرجل يكره المرأة في حالة واحدة فقط، وذلك إذا هزت ثقته بنفسه عن طريق رجل آخر لأنها تكون قد ذبحت رجولته. ولا شيء يذبح رجولة الرجل إلا رجل آخر يُستخدم عن طريق امرأة مريضة أو امرأة سيئة .
وما زلنا نبحث عن الأسباب التي تدفع عمداً إلى أن تثير شكوك زوجها. السبب الثاني هو أنها امرأة سيئة بالفعل، سيئة الطباع، وسيئة المشاع، وسيئة التفكير. إنها امرأة خبيثة. وزرع الشك في نفس الزوج هو نوع من العدوان السلبي، عدوان الضعيف، عدوان المقهور. وقد يكون الرجل هو المسؤول، فهو الذي قهرها، أو هو الذي أهانها واعتدى عليها. وهي تشعر بالعجز أمامه، لا حول لها ولا قوة ولا حيلة لها. ولا تدري كيف ترد عدوانه. وبفطرتها تعرف أن أخطر ما يجرح كبرياء الرجل ويهده التلويح برجل آخر .
وقد يكون السبب أن الرجل قد اهتم بامرأة أخرى، فتستخدم امرأته لعبة الشك لعقابه وتهذيبه وتعليمه واسترجاعه. وتظن بذلك أنها سترجعة فعلاً. ولكن الحقيقة عكس ذلك، لأن بداية النهاية هي نزع الطمأنينة. وإذا فقد الرجل ثقته بالمرأة فإنه لا يستطيع أن يسترجعها أبداً مهما فعلت هذه المرأة .
الرجل لا يغفر للمرأة دخول رجل آخر في حياتها، أو حتى التلويح برجل آخر. والأمران يستويان عند الرجل سواء كان هناك رجل فعلي في حياة امرأته أو أنها لوحت بهذا الرجل، أي أنها تعمدت إثارة شكوكه دون أن يكون هناك ظل حقيقي. إذ إن الرجل الذي يعرف أن امرأته تستخدم سلاح الشك يتيقن من شيء آخر وهو أنها خبيثة وسيئة، رديئة المعدن، وأنها عدوانية لأنها اختارت أسوأ وأفظع الطرق لعقابه. إن الرجل يقبل من المرأة أي شيء، ويغفر لها أي شيء إلا أن تخونه أو تهدد بخيانته أو تلعب لعبة الشك. ولعبة الشك معناها أنها امرأة لم تخطئ ولكنها توحي لزوجها بذلك .
وفي الحالة الأولى هي آثمة وفي الحالة الثانية هي خبيثة .
والرجل ينفض قلبه من كلتا المرأتين .
أما إذا بحثنا عن سبب ثالث يدفع المرأة إلى لعبة الغيرة والشك فإنه لا يكون إلا سطحية المرأة وضحالتها وتفاهتها. فالمرأة الذكية الواعية العاقلة المتزنة الجادة العميقة في وجدانها وفكرها لا تقدم على مثل هذه اللعبة الخطرة لأنها تكون أكبر وأسمى من ذلك ولأنها تعرف مدى خطورة هذه اللعبة .
السبب الرابع هو المرأة المستهترة المتسيبة إلى حد ما والتي لها ماض غير نظيف تماماً، أي أن صفحتها لم تكن بيضاء ناصعة ولهذا يسهل على المرأة أن تندفع إلى هذا السلوك الطائش الأحمق. ولدق علمتها تجاربها السابقة أن اسهل طريقة لحرق قلب رجل هو الاستعانة برجل آخر. إنها امرأة مدربة وهناك فرق بين اللعب والإثم الحقيقي. فالمرأة الآثمة تخفي إثمها أما المرأة التي تلعب لعبة الشك والغيرة فإنها تتعمد سلوكاً معيناً يوحي بأن هناك علاقة أو احتمال علاقة أ مشروع علاقة مع رجل آخر وأن رجلاً آخر يهتم بها اهتماماً خاصاً .
السبب الخامس وهو سبب عام: انتقام المرأة لأي سبب من الأسباب من الرجل. لعبة الشك والغيرة هي إحدى وسائل انتقام المرأة من الرجل، وهو سبب قد ينسحب على كل الأسباب السابقة، أي متداخل معها، وبشكل عام أيضاً، فإن لعبة الغيرة والشك لا تلعبها إلا امرأة مريضة أي معقدة نفسياً، فاقدة الثقة بقدراتها الأنثوية أو غير واثقة بحب واهتمام زوجها لها أو امرأة ضعيفة أو امرأة خبيثة، أي لابد أن يكون هناك قدر من السوء في الشخصية. هذه المرأة ـ وهي بالقطع أيضاً ـ قصيرة النظر ولا تدري أنها بهذه اللعبة تكون قد فقدت رجلها تماماً، حتى وإن استمر في الحياة معها فإنها تكون قد فقدت روحه .
هذه هي أخطر هموم الرجل. والأمر يختلف هنا عن الغيرة التي يكون سببها اضطراب شخصية الرجل، وأيضاً الأمر يختلف عن الشك الذي يكون له رصيد وظل من الواقع والحقيقة، أي حين تكون المرأة آثمة فعلاً أو إذا كانت تلعب لعبة الشك .
ولعل هناك سبباً آخر لابد من أن نذكره وإن كان بعيداً عن أن يقبل بسهولة لأنه مرتبط بأعمق أعماق اللاشعور . وهو أن المرأة تلعب هذه اللعبة كنوع مرتبط بأعماق أعماق اللاشعور. وهو أن المرأة تلعب هذه اللعبة كنوع من الانتحار أي أنها تنتحر .
وانتحارها يكون ع طريق تدمير الحب بينها وبين زوجها لكي تفقد في النهاية زوجها. إنه نوع من عقاب الذات. بل إن الأمر قد يصل إلى أن تعترف المرأة اعترافات تفصيلية عن خيانات صدرت عنها ولكنها تعترف .
تعترف بأشياء لم تقترفها. وهذا عرض من أعراض المرض العقلي .
قد يكون اكتئاباً، وقد يكون بداية الفصام وقد يكون أحد أعراض اضطراب الشخصية. إنها قوة تدميرية هائلة تستولي على المرأة لتحطيم كل شيء وهي تحطم ذاتها قبل أن تحطم أي شيء آخر. أو هي تستخدم ذاتها لتحطيم كل شيء. وأي شيء أهم لدى المرأة أكثر من حبها وزوجها واستقرارها؟ وأي عقاب أقسى من تدمير وتحطيم وخراب البيت .. ؟
ولجوء المرأة المريضة بعقلها الباطن إلى هذه الوسيلة يدلنا على أن أخطر ما يهدد العلاقة بين اثنين هو الشك وخاصة شك الرجل في المرأة .
إنها من أخطر هموم الرجل وعذابا ته، وخاصة إذا كان رجلاً حقيقياً .
وبهذا المعمول يبدأ هدم النظام الأسري ويله من كارثة تنحل العمود الفقري للمجتمعات ولكن ما الحيلة؟! بهذا المعول ينموا ويقوي الإلحاد الفكري في المجتمع والكل يعرف مدى أثر الإلحاد المدمر في الحياة الاجتماعية لإنسان.. فالبعد عن الله سبحانه وتعالى لم يكن
من آثار تدميره النفسية البشرية فقط وإنما كان من لوازم ذلك
تدمير المجتمع الإنسان وتفكيكه وذلك أن نظام الاجتماع البشري لا يكون صالحاً
سليماً إلا إذا كانت اللبنات التي تشكل هذا النظام صالحة سليمة، وإذا فسدت
هذه اللبنات فسد تبعاً لذلك النظام الاجتماعي بأسره ولذلك كان من نتائج
الإلحاد أيضا هدم النظام الأسري .
ومعلوم أن الأسرة هي الخلية الأولى في النظام الاجتماعي. وعندما فسدت البشرية
فسدت الروابط الأسرية فالزوج الفاسد المنحل لا بد وأن يمتد فساده إلى زوجته
وأولاده، والزوجة الفاسدة التي لا تراقب الله سبحانه وتعالى ولا تخافه لا بد
وأن ينعكس هذه على أسرتها كلها: زوجها وأولادها، وكذلك الابن الفاسد الذي لا
يراعي حرمة لوالد أو والدة، ولا حقاً لله سبحانه وتعالى وكذلك البنت الفاسدة
وهكذا ابتدأنا نسمع في ظل الإلحاد المعاصر عن انهيار عقد الزواج الشرعي
الشريف الذي يقصر المرأة على رجل واحد وتقيم علاقات متوازنة بين الأزواج
ويوزع المسئولية في الأسرة توزيعاً عادلاً موافقاً للفطرة البشرية التي خلق
الله عليها كلاً من الذكر والأنثى، وبانهيار عقد الزواج الشرعي أصبحت علاقات
الأزواج علاقة متعة ومنفعة مجردة وبذلك قلت التضحيات التي لا بد منها فالزوج
المخلص الوفي لا بد وأن يضحي بشيء من شهواته في سبيل أسرته، والزوجة الوفية
كذلك التي قد تضطرها ظروفها أن تعيش مع زوج فقير أو مريض وأن تكافح لخدمة
غيرها وتربية أولادها. ولكن في ظل العقيدة الإلحادية التي لا تؤمن بالآخرة
ولا بالجزاء، فإنه لم يبق ما يحمل بالزوج أو الزوجة على التضحية والفداء .
وكذلك الحال بالنسبة للأبناء أيضاً الذين يتعلمون في ظل التوحيد أن يعبدوا
الله بالإحسان إلى آبائهم، وأن يجاهدوا في سبيل مرضاتهم وكفالتهم في أحوال
العجز والكبر ولكن العقيدة الإلحادية التي تقوم على النفعية المادية تنظر إلى
خدمة الآخرين على أنه سخافة وغباء ما دام أنه لا يحقق نفعاً قريباً. وبهذا
ماتت المشاعر الجميلة والروابط الطبيعية التي كانت تمسك بزمام الأسرة وتؤلف
بين قلوب أفرادها . وهنا يجب على الكل أن يفهم أن القاعدة والإرهاب والتكفيريين التي تغذيها أفكار الوهابية والموال المسروقة من شعب شبه الجزيرة العربية المسماة اليوم بالسعودية وهذه الأموال يسرقها آل سعود من قوة وفم الشعب وكذلك حكام قطر والبحرين يسرقونها ويصرفونها على المؤامرات ويقتلوا بها الشعوب الآمنة بسم التحرير والإسلام وللأسف يضربون عصافير بحجر يشوهون اسم الدين الإسلامي للغرباء ويقتلوا بها الأبرياء ويدمروا البناية التحتية للدولة التي كافحت العمر لبناء هذه المنشأة الحيوية بعشرات السنين وللأسف ينسفونها بدقائق أو ثواني بهذه الأسلحة الفتاكة والمرض التي تفشي في هذه الدول التي تتم فيها عمليات الانفجارات من تلوث البيئة ويكثر بها الأمراض الخطر مثل السرطان واليوم أن مرض السرطان ظاهرة جديدة في دول الخليج والعراق وبعض الدول الأفريقية وتعدم بها المناعة للأجسام ووو يتلوث الجو وترتفع درجة الحرارة وتصل إلى فوق الخمسين أو إلى الستين في الوقت الحاضر في بعض الدول.
وهنا يجب أن نعود لتربيتنا العقائدية السمحة التي أخذناها من القرآن والسنة النبوية الشريفة والأحاديث الواردة عن الأئمة أئمة أهل البيت عليهم السلام والأئمة الفقهاء الأربعة تلاميذ الإمام الصادق عليه وعليهم سلام الله وليس لنا إلا أن نتحد ونتآخى ونقف صفاً كالبنيان المرصوص بوجه هؤلاء الطغاة الإرهابيين وسياسة الوهابية والقرضاوية والقطرية الأردغانية السعودية بأموال شعوبهم المحرومة المساكين البحرينيين والسعوديين والقطريين وليس لنا إلا أن نقول ربنا احمي العراق وسوريا والمنطقة من هذا الإرهاب الكاسح المدمر ومرة أخرى يداً بيد للتعاون والتآخي وحضن الأيتام ورعايتهم ودعم الأرامل والمطلقات ظلماً ولنعمل جادين لحماية الوطن وأمن المواطنين وليكن الكل عيناً حارس مع الدولة وقوتها الداخلية والدفاع ولكونوا أمناء على الوطن وإبلاغ أي شكك للجهات المختصة لحماية الوطن وأمن المواطنين والله غالب على أمره وهو الذي يحفظ عباده من الجرائم المفتعلة من قبل هؤلاء الخونة عباد المال والكراسي وأقول أين مجلس المن ليرى هذه المهازل التي تقتل عباد الله الأبرياء ولأسف أن الغطاء الأعلام هو الذي يتستر على الأبرياء الذين يقتلون في العراق وجارتها بالمفخمات العدائية التي بلغة 400 قتل في شهر رمضان ولا تلوم الدولة لأن الإرهاب أخطر ما يكون ولا حتى الدول الكبرى تتمكن من الوقوف ضده ولكن بالتكاتف والتآخي والتعاون يتمكن المجتمع حماية أمنه بالعمل سوياً مع الدولة وأجهزتها الأمنية ؛ وعلى الدولة ملاحقة المرتشين والسراق لقوة الشعب وأصحاب الوساطة بالتعيينات ولعمل الكل معاً والله خير حافظ وهو ارحم الراحمين.
المحب المربي
سيد صباح بهبهاني
Share |