داعية النجاة ... الامام ( بريجنسكي )/محمد علي مزهر شعبان
Sat, 18 Aug 2012 الساعة : 14:50

تذكر دوما ان الاسماك الميته وحدها تسبح مع التيار...... مالكوم مكريدج
ان تنفذ ما تريد دون خسائر تذكر ، وان تحقق هدفك المنشود وهو من اولويات صراعك مع الاخر ، باستخدامك ادوات غير ادواتك مالا ورجالا ، وتحقق الهزيمة لخصمك القوي من خلال الاخرين ، وتكون انت القدرة الفاعله والوحيده في القرار الاممي ، وكقوة يمشي العالم بساق واحده ، اسمها امريكا ، انما هي من المعجزات الفكرية وابهر انواع اللعبة السياسيه وابلغها فنا وقدرة . هذا ما فعله بريجنسكي مستشار الامن القومي الامريكي الاسبق في عهد الرئيس كارتر . هي ذي نظرية ( الحزام الديني )
السؤال ماذا حققت هذه النظرية ابان شروعها في التنفيذ ؟ بعد حرب باردة تساوقت فيها القوتان بين صعود ونزول ، وربح مواقع وخسارة اخرى ، وكانت التعادليه فيها دون ارجحية تذكر لهذا الطرف او ذاك . هل تغيرت موازيين القوى ، وما هي البادرة الاولى للعد التنازلي لهزيمة السوفيت ؟ هل كان مشروع بريجنسكي انحسر لزمان ومكان ما ام امتد ؟ هل بدا تصاعديا بنجاحاته ام اخفق بعض الحين ؟ اسئلة لو اجمعتها في سؤال واحد ... هل نجح المشروع ام لا ؟
لقد اعتمد المشروع احاطة السوفيت بحزام ديني باعتماده ركيزتين اساسيتين ، اولهما البديل الفكري الايديولوجي الاسلامي ، والذي يملك القدرة والفاعلية والجاذبية ان يتفوق على الفكر الماركسي . وحاضنته الاولى الدول العربية وما حولها من الدول الاقليميه ، ولكن اي نوع من الفكر في التنويعة الطائفيه للاسلام قاد على تنفيذ هذا المطلب ؟ انه التيار التكفيري لكل بني البشر حتى لو كانوا من المسلمين . هذا النوع معروف الحاضنه والمكان والانتماء ، انه الفكر الوهابي في ارض المملكة الوهابية حدً النخاع . ومكامن القوة في هذا النوع انه لم يتوقف حينما يكون التطرف غريزة ، والعودة لهيمنة عناوين يدعون انهم رجال دين غايتهم اشعال حروب الطوائف وتكفير الاديان ولا ترى العالم الا من تلك الزاوية المحصورة والضيقة جدا ، فكيف اذا سخرت هذه القوى ضد دولة عنونها الغرب انها ملحدة وكافرة ، فكانت المهمة الامريكية في غاية السهوله في جلب جيش يسمى ( العرب الافغان)
ربما يتفق الكثير من المسلمين ان طبيعة الصراع مع السوفيت هو الالحاد والايمان ، ولكن بنفس الوقت ينظر الى الغرب المستعمر وانه من زرع الكيان الصهيوني في قلب الامة ، وقتل الملايين من شعوب الارض وخاصة العرب في معارك التحرر ، وسرق الثروات ، ولعله الاكثر قسوة في تاريخ هذه الامة .
ازاء ذلك عرف بريجنسكي اي نوعية تيار الذي سيقابل السوفيت ، تيار بقيادات مجنده مدفوعة الثمن وحشود كانها خراف تقاد وتسام كالبهائم للاصدام مع الروس واستنزافهم ، دون ان تقدم امريكا اي خسائر في هذا الجانب .
هذا ما تحصل عليه امريكا من مكاسب كبرى بفضل التغيير الستراتيجي الذي يمكن ان تحدثه صراعات الاديان والطوائف بعد هزيمة الشيوعية، وهذا ما توصل اليه بريجنسكي وطبقه لاحقا كما سنرى.، حينما ستشعل الارض وتبدأ هذه الموجة لتأسس العنف في كل مكان من بقاع الارض ، بمعيار التكفير والايمان ، لتصل فيما بعد الى حيث المنشأ والفكرة وارض المخطط والمفكر ، في ضرب قلب العاصمه الامريكية باحداث الحادي عشر من سبتمر .
المهم انجزت الركيزة الاولى مهامها وخرج السوفيت من افغانستان وما ترتب بعد ذلك من انهيار للدولة السوفيتيه . وهنا لسنا بصدد المقارنه بين ما قدمه الروس للحركات التحرريه لكل الشعوب والعربية خاصه ، وتحت اي مظلة كانت لكنها دون شك هي اقل ضررا مما عانته الشعوب من ويلات وقسوة الاستعما الغربي .
الركيزة الثانيه التي اعتمدها بريجنسكي هي مصادر الدعم على المستوى اللوجستي من تسليح ودعم مالي ، واعلامي . لقد فتحت السعوديه ودول الخليج خزائنها ، ووجه الغرب والدول العربية الملتحقه بذات الركب اعلامها ، ومنابرها وجعجع العوران من ائمة الجوامع لنصرة المسلمين في افغانستان ، وكأن مشاكل المسلمين انتهت في فلسطين ، وتغيرت الانظمة والحكومات الطغمويه واللمملكات الوراثيه ، والامارات العائليه ولم تبق الا مشكلة افغانستان .
لقد ولج بريجنسكي الى حيث التفكير العربي ، وقرأ التاريخ القديم والحديث ، وعرف طبيعة ما تفكر به دولة ال السعود التي اعتمدت الركيزتين في البقاء في الحكم ، وتأسيس نفوذها الكبير من خلال ، خراف يسمون جهاديين ، عقول مسخ وتفكير تكفيري ، ومال مفتوح يدفع لسحق اي حركة تنويرية او ديمقراطية ليس في المنطقه فحسب ولربما حتى في موزنبيق .
بهذا التزاوج لانجاح هذا المشروع ، بين العقيدة العمياء والمال بسخاء والمدفوعان ليس من ضلع الولايات المتحده ، وحققا نجاحا توخاه بريجنسكي فكان له ما اراد . وان انقلب السحر على الساحر لبعض حين ، ولكن بقت نظرية الساحر تمتد وتتوسع ، وان قبلت بعض الخسائر ولكنه هو من وضع العنوان الكبير ، الدفع باتجاه الاهم من المهم ، لأن الرؤية المستقبليه ، لا تنظر الى البيادق على الارض بل الى الحواضن واصحاب الدعم وثباتهم على ذات الاتجاه والرؤى . ورغم ادعاء القاعده بأنها المسؤولة عن احداث سبتمر ، وما خفي اعظم ، وما تبع ذلك من احتلال افغانستان هي غايات ابعد من تلك الحادثه المتغير فرض هكذا نوع من الاحداث ، من خلال سياسة معتمده في الامن القومي الامريكي ، هي تغير الوجوه ، او الشرطة العاصيين ، كما حدث للسادات حين تخبط واضحى وجها عبوسا مع تنامي حركة خالد محي الدين ، وظهور الاخوان المسلمين كقوة في الشارع لا يستهان بها ، وكذلك لابن لادن المجند الذي دفعه الغرور ليشذ ويعصي وكذلك لصدام الذي تجاوز حدود صلاحياته وعبد الله صالح الذي بدى يشكل وهناً وسط موجة الاضطرابات مختلفة العناوين في اليمن ، و مبارك حين فرضت عليه اجندة المشروع القديم الجديد في ركوب موجة السلفيين السلطه فوقع صريعا وهو في ذهول ، اليس هو امريكي حدً النخاع فعلام طلبت منه امريكا التنحي .
رب سائل يقول انها الثورات وانه الشعب ، وهذا ما لم يفرز بعد كاجندة واهداف شعبية تريد الخلاص من الدكتاتوريات ، فاتاها السلفيون وكم من هذه الثورات قد سرقت . المهم ان المشروع الان في قمة جذوته مدعوما مالا وسلاحا ورجالا من ذات المنبع الراعي للارهاب ، وتحت مظلة امريكية شبه مطلقه فوصل السلفييون في ليبيا وتونس ومصر ، وتوطنوا سدة الحكم .
كان ظننا ومن البلادة وقصر النظر ان امريكا اوصلتهم الى الحكم لتحرق اوراقهم امام شعوبهم . ولكن الغرض (حينما تبدأ عجلة التيار الاسلاموي بالدوران لا تتوقف ابدا الا حينما ينحر او ينحر نفسه بعد نحر الاخرين، فحرب التيار الاسلاموي الحكومي والاهلي لم تتوقف عند حدود دحر الاتحاد السوفيتي فلقد تحول هذا التيار السلفي الى قوة كبرى )
اذن تحصيل الحاصل ان يبقى صاحب المشروع كبيرا ومتنفذا ، وهناك تفاصيل تسمى اقاليم / سلفية ، سنية معتدله ، شيعية ، قبطيه ، اقاليم كرديه ، تركمانيه ، مسيحيه في جنوب السودان ، قوس قزح في لبنان ، سوريا علويه ، عرعوريه ، ارمنيه . ( جيب مكص وكص وفصل )
هوذا الانقلاب الستراتيجي لنظرية ( الشيخ بريجنسكي ) ايران في شرق الامة تجد نفسها في حصار غربي اقليمي ، فلجأت ان تكون حامية الطائفة الشيعية باجندة اسلاميه من جهة ، والتف حولها البعض تحت عنوان المقاومة من جهة اخرى . وجهة انضم تحت جلبابها الطائفي ، مركزها السعودية وبعض دول الخليج وتركيا وما يسمى رؤوساء الربيع العربي .
هذان الطرفان الطائفيان قادران على ديمومة الفتن وخلق المبررات للاصطدام وابقاء المنطقة في نفير دائم ، ويبقى الراعي يمدً السلاح وتفتح له الخزائن كي تشترى الذمم ، وتلعب الاواق ، دون اخلاقية تذكر ولا مشروعية قانونيه . انما هو اسطتقطاب طائفي على مستوى الاقليم وفي حدود البلد الواحد وربما الحارة الواحده . انه مشروع نجح وبامتياز وسيبقى محوريين وربما الى اكثر في عداء دائم على مستوى البلد الواحد الى ابعد من الاقليم .
انه التيار الذي لا يسبح فيه الا الاسماك الميته ومصيرها الهلاك والموت وسيجرفها وستكون يبابا وخرابا ،
اما من اطلوا على الحياة فلديهم من الدفع ان يسبحوا ضد التيار ، ولعلهم في منأى عن تيار الكراهية