إرهاصات الربيع العالمي/اياد نجم الحسني

Sat, 18 Aug 2012 الساعة : 13:30

لم نذق بعد ثمار الربيع العربي الذي اطل علينا فجأة ليطيح بأربعة من انظمة الحكم العتيدة في المنطقة في أقل من عام و لا ادري لم ما زلت اعتقد ان ثمار هذا الربيع ستكون مرة لا نستطيع استساغه طعمها لأن قطافها لم يحن بعد بالرغم من انها قد تنضج لتكون حلوة المذاق نستطعمها و نأنس بثمرها و نستبشر بها خيرا على المدى المتوسط او البعيد لانها إرهاصات كما يعبرون.

لقد حملت رياح التغيير هذه عدة مؤشرات ودلالات لا يمكن المرور عليها دون توقف و تمعن بالرغم من ان رياح التغيير هذه لم تركد بعد فأمامها رواح و غدو لعله يعصف بما تبقى من عروش خاوية او يهزهزها فيبقيها لا على حال فما زال الشعب في البحرين يسعى نحو الحرية بالرغم مما يحيط بثورته من تعتيم و محاولات لخنقها لانها تحمل بعدا طائفيا كما يحلو القول لبعض منتقديها و مازالت الثورة المختطفة بيد السلفيين المكفرة في سوريا تعاني من أخذ و رد.

لقد حمل التغيير تساؤلات حيرت المفكرين و المراقبين و أبقتهم دهشى أمام سيناريو يتحقق بسرعة البرق و هم الذين كانوا يحسبونه لا يأتي إلا بعد عناء ومكابدة و طول سنين لقد كانت حركة تمرد أخرجت مخزونها من الغضب و القهر والحرمان لتسمعه الطغاة و أعوانهم هديرا ضجت به ساحات التحرير (الشعب يريد إسقاط النظام) لتعبر بعمق كبير عن مقولة (الجماهير أقوى من الطغاة) .

أن الشعوب التي خرجت هادرة و مازالت في سوح التحرير ما زالت تبحث عن شيء فلا تجده لا في الطغاة الذين أسقطتهم و لا في من حل بديلا عنهم فما زالت سوح التحرير ممتلئة في تونس واليمن و مصر و ليبيا و إن كانت تختلف بتعبيراتها من شعب الى اخر لكنها في النهاية أوجه لحالة من الرفض , و لذلك وجهان باعتقادي إنها الفوضى التي تكون بعد زوال كل نظام كان يكتم على أنفاس شعبه فيريد الشعب ان يعبر عما بداخله بحرية مفرطة و الوجه الثاني إنها إرادة مختزنة تعبر عن الحاجة الى شيء غيبي ينتشلها من واقعها و بؤسها الذي عاشته لسنين فهي لم تعد تؤمن بما تجربه عليها الأحزاب من علاجات لا تمت لدائها بصلة فتزيد علتها علة و دائها داءا نعم انهم ينتظرون شيئا ما في ساحة التحرير و يعلمون انه قريب سيطل عليهم من احدى الزوايا.

انه لمن الخطأ ان نسمي هذه الثورات ربيعا عربيا بل هي باعتقادي الربيع العالمي الذي لم يكتمل بعد و سيكتمل, لان الثورات التي حدثت هنا تزامنت معها ثورة هبت في قلب أمريكا التي لم تحمل شعار الشعب يريد إسقاط النظام بل حملت شعارا يناسبها و يماهي مشكلتها فرفعت شعار (أحتلوا وول ستريت) قلب العالم النامي قلب و مركز التجارة العالمية ,هناك حيث يتربع أسياد الاقتصاد العالمي وانه لمن العجيب ان يحصل هذا التزامن و التناسق في الحركة بين الشرق والغرب و لا اعتقده إلا إرهاصة على طريق التغيير و ما كان ليحدث الا ما حدث في سوح التحرير العربية اعتقالات و ضرب و تنكيل و تشكيك و مع ذلك فقد امتدت الشرارة لتصل الى بريطانيا و غيرها من دول اوربا لكن ثورتها سرعان ما أخمدت وأسدل دونها ستارا.

إننا لا ينبغي ان ننظر إلى التغيير الذي يجري اليوم وفقا لمؤشر واحد هو الثورات التي حصلت و ما زالت تحصل لتطيح بالطغاة بل لا بد من ان ننظر الى الفوضى العارمة التي تجتاح العالم كمؤشر أخر ففي كل مكان و زاوية تجد مشكلة تحيط بتلك الامة وذلك الشعب و ما الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم بالأمس و ما يسمى بأزمة منطقة اليورو في اوربا و الارهاب العالمي الذي تمارسه خلايا القاعدة والمتشددين في كل بقعة من بقاع الارض و أزمة المناخ و ازمة الطاقة الا أشارات و إرهاصات لا يمكن أغفالها و الالتفات الى الثورات فقط و ان كنت أعتقد ان أغلب الثورات هي تعبير عن السخط على السياسات التي جرتنا الى هذه الازمات و الويلات.

و لربما يتفق الكثير معي ان ما يجري في العالم اليوم يختبأ خلفه حدث مهم يشكل انعطافه مهمة على المستوى العالمي و ابرز الاحداث هو الربيع العالمي و أنتظروا إنا و أياكم منتظرون.

Share |