مراسي السفن والفقر في الأهوار/طاهر مسلم البكاء
Sun, 12 Aug 2012 الساعة : 13:48

تنتصب اليوم في اهوار ذي قار نصب ومرافق ،صرفت لأنشاءها مليارات الدنانير العراقية ، يقدرها المسؤولون بأكثر من ثلاثين مليار دينار عراقي ، وهي لاتعدو عن كونها نصب ملونه تنتصب على حافات الأهوار لاتفيد المواطن في شئ ، فالأهوار قد جفت والمياه عنها قد أنحسرت ولاتصلها السفن من قريب أو بعيد لكي ترسو قبالتها !
وبالمقابل يعيش سكان الأهوار أوضاعا" صعبة جدا" ، حيث أن انحسار مياه الأهوار قد أفقدهم أهم وسيلة للعيش عندهم وهي الصيد ،كما أن صعود وأنحسار المياه المتذبذب بين وقت وآخر يمنعهم من الأتجاه بجدية لزراعة هذه المساحات الشاسعة والأستفادة منها والتي كانت أهوار أصلا" في ماضي الزمان ، وبالتالي ازدادت البطالة بشكل كبير وتعمقت حالات الفقر ، ففي زيارة لمدينة الفهود كمثال على مدن هذه المناطق، وجدنا أن مركز المدينة يخلو من المرافق العامة المهمة والأبنية فيها أغلبها قديمة ومتواضعة ولم نجد مطعما" واحدا" فيها ،حيث لاتزال المدينة تحمل طابع المدينة القديمة التي لم يصل اليها العمران والحياة الجديدة ،بينما تنتصب أحد مراسي السفن قبالت المدينة على الشارع العام المؤدي الى مدينة الجبايش كبناء مزخرف لافائدة فيه .
وفي لقاء مع الأهالي ذكروا أن غالبية الشباب القادرين على العمل قد نزحوا الى المدن الرئيسية بحثا" عن العمل ،وعند ذكر هذه المراسي التي تجاور مدينتهم تساءلوا : اما كان من الأفضل لو كانت هذه المليارات من الدنانير قد صرفت في مشاريع تخدم سكان هذه المناطق ،وماذا نسمي مثل هذا الحال هل هو سوء تخطيط أم أنه رمي للأموال العامة بدون فائدة مرجوه ؟
في لقاء مع بعض أعضاء المجلس البلدي في الفهود ،ذكروا جميعا" أنه لم يؤخذ رأي المجلس في الأمر أطلاقا". ولم نجد جوابا" شافيا" عن الجهة العراقية الفاعلة في التخطيط لهذا التبذير غير المبرر ولكن أصابع الأتهام تشير الى وزارة التخطيط والتي كانت هي الجهة الفاعلة وقتها والتي كان يمكن أن تعترض على هذه المبالغ المصروفه للاهوار وتوجهها الوجه الصحيحة .
أن هذه المناطق جميعها بحاجة الى الكثير من الخدمات المهمة ،فلو أخذنا قضاء الجبايش الذي يبعد عن مركز الناصرية مئة كيلو متر ، ترسل النساء فيه، التي تمر بحالات طلق شديدة الى مستشفى الولادة في الناصرية ويمكن أن تتعرض الى الوفاة في هذا الطريق الطويل لعدم وجود مستشفى ولادة متخصص في جميع مناطق الأهوار .
وقبل أيام قليلة سمعنا عن نزوح أعداد كبيرة من سكان ناحية سيد دخيل لعدم وجود ماء ،وهكذا هو الحال في جميع هذه المناطق ،أن ما يؤلم حقا" أن هذه المناطق ليست مناطق بائسة أو فقيرة الموارد ،فقد سكنها الأنسان العراقي قبل آلاف السنين ،وهي تعد من المناطق السياحية التي تمتاز بمميزات عظيمة تجعلها تصبح من المشاتي التي يقصدها السياح من كل انحاء العالم لو انها نالت العناية اللازمة والأهتمام ،كما أنها تصلح لتربية أنواع الحيوانات وخاصة الجاموس وكذلك الطيور ،وقد كانت أنواع الطيور تأتيها في هجرات موسمية من كل أنحاء العالم .
أن ما تحتاجه المنطقة الآن ليست المراسي بقدر ماكانت تحتاج المشاريع الساندة التي تعيد وجه المنطقة السياحي ،وترصد ما يمكن أن يستغل للزراعة من مساحات، فتسنده بالسدود الزراعية المدروسة وكذلك تشجيع مشاريع تربية الحيوان والأعلاف وغير ذلك من الفرص الأخرى وسنجدها وقتها لاتختلف بالموارد عن المناطق التي يستخرج منها النفط