دبلوماسية أل سعود تجاه اميركا 1945-2002 -علاء حسين الشاهين - بيروت
Fri, 10 Aug 2012 الساعة : 4:07

تمتد جذور علاقة أل سعود بالولايات المتحدة الاميركية إلى بداية سيطرة تلك العائلة على حكم ارض نجد والحجاز، وتستمر إلى يومنا هذا..علاقة ظاهرها تحالف لا يثنى..اما باطنها فيقال عنه الكثير.
في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة الأميركية قد دخلت الحرب العالمية الثانية، وتريد موافقة السعودية لعبور طائراتها العسكرية اجواءها بين الهند ومصر وايران، واستعمال مطار الظهران .. بدأت اولى خطوات التعامل الرسمي والدبلوماسي بين الطرفين عندما ارسل الملك عبد العزيز ال سعود ابنيه فيصل وخالد إلى واشنطن لزيارة الرئيس روزفلت عام 1943، تبعه لقاء مهم جمع بين الملك السعودي عبد العزيز والرئيس الأميركي روزفلت في شباط 1945 على ظهر المدمرة الأميركية "كوينسي"، وفيه جرت التفاهمات على العديد من الامور الخاصة بالتواجد الاميركي في السعودية.
وفي العام 1957 اصبح الملك سعود(الذي ورث العرش عن والده عبد العزيز) أول ملك سعودي يزور الولايات المتحدة، فاجتمع إلى الرئيس ايزنهاور وناقش معه مبادرته لتحقيق الاستقرار في الشرق الاوسط، ولمواجهة النفوذ الشيوعي انذاك.
عاد مرة اخرى الملك سعود وزار الولايات المتحدة الاميركية في شباط 1962 واجتمع إلى الرئيس جون كنيدي وبحث معه اضافة إلى تقوية العلاقات استعداد الحكومة الاميركية للتعاون مع السعودية في الاستفادة من عائدات البترول، وتوجيها للاستفادة الامثل منه.
بعد وفاة الملك سعود تولى العرش شقيقه فيصل الذي بدأ باكورة اعماله بزيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية لمقابلة الرئيس جونسون، ليستأنف من خلالها اتصالات سابقة اجؤيت بواسطة السفير الاميركي في الرياض بتأسيس شركة سعودية أميركية لمشاريع التنمية في الرياض، واتفق الرئيس والملك على إرسال فرق تابعة لسلاح المهندسين التابع للجيش الأميركي، وعلى تنظيم عقود الشركات الاميركية مع الحكومة السعودية، خصوصاً في مجال الاسلحة، فجدد الملك طلب شراء طائرات " أف 104".
طلب بعد ذلك الملك فيصل خلال لقاءه الرئيس نيكسون في العام 1971طائرات لسلاح الجو الملكي السعودي، فأعلنت اللجنة التابعة للبيت الابيض أن الادارة الاميركية مستعدة لتبيع للسعوديون كل مايريدون.. وفي 1974 زار الرئيس نيكسون السعودية، وقابل الملك فيصل، وكان اول رئيس أميركي يزور السعودية، فبحثا سبل تعاون البلدين، خصوصا في مجال تدريب الحرس الوطني السعودي، وتطوير الاجهزة الامنية، وتأسيس اللجنة الاقتصادية السعودية الأميركية المشتركة.
الزيارة الرئاسية الأميركية الاخرى للسعودية فقد كانت من قبل الرئيس كارتر في 1978 عندما زار الرياض واجتمع إلى الملك خالد أل سعود وبحثا مشروع الرئيس كارتر لتحريك عملية السلام بين العرب واسرائيل، والذي بدأ باتفاق اميركي روسي في جنيف، ثم قاد إلى اتفاقية كامب ديفد بين مصر واسرائيل.
بعد وفاة الملك خالد تسلم فهد بن عبد العزيز مقاليد الحكم في المملكة وفي عهده استمرت دبلوماسية أل سعود بالنهج ذاته تجاه الولايات المتحدة الاميركية، فقابل الرئيس ريغان عام 1985 في وقت كانت فيه علاقات البلدين قد تطورت بشكل ملفت للنظر، إذ لعب ريغان دوراً كبيراً في اجازة بيع طائرات الاواكس للسعودية، وفي تنسيق مواجهة النفوذ الشيوعي واليساري في المنطقة، وفي دعن امن الخليج، كما شمل التعاون بين البلدين التنسيق في دعم المقاتلين في افغانستان ضد الاحتلال الروسي.
وفي عام 1990 شهدت المنطقة اشد الاحداث سخونة عندما قرر صدام غزو الكويت في 2 اب 1990، فما كان من الرئيس الأميركي جورج بوش إلا ان يتوجه إلى السعودية لزيارة الملك فهد لتنسيق إستراتيجية طرد القوات العراقية من الكويت، ولتفقد قوات التحالف الدولي التي كانت قد بدأت تصل استعدادا لعملية عاصفة الصحراء. فبحثا خطوات ما بعد العملية لاعادة الاستقرار إلى الكويت والمنطقة ولدفع عملية السلام بين العرب واسرائيل.
وعند وصول بيل كلينتون إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية، زار المملكة العربية السعودية في العام 1994 وقابل الملك فهد في قاعدة حفر الباطن العسكرية وبحثا التشديد في تطبيق قرارات مجلس الامن بمقاطعة ومحاصرة العراق بعد أن كان كلينتون قد امر بضرب العراق بدعوى ان العراق قد حرك بعض القطعات العسكرية باتجاه الكويت.
الأمير عبدالله ولي العهد سابقاً والملك الحالي للسعودية التقى هو الاخر الرئيس الأميركي كلينتون في 1998 ليتدارس معه وضع المنطقة في ظل رفض العراق تنفيذ قرارات مجلس الامن، مما ادى إلى قيادة الولايات المتحدة الأميركية عملية عسكرية جديدة ضد العراق سميت تعلب الصحراء..كما عاود ولي العهد الامير عبدالله لقاء الرئيس الأميركي في العام 2002 وكان حينذاك جورج بوش قد تولى الرئاسة في الولايات المتحدة، فزاره عبدالله في مزرعته في تكساس، وكان ذلك أول اجتماع بينهما بعد هجمات 11 سبتمبر ليعلن امام الرئيس استعداد المملكة للتعاون مع المسؤولين الاميركان لمحاربة الارهاب.
كل ماذكر من عرض تاريخي لعلاقات أل سعود بالولايات المتحدة الأميركية في كفة وما ربط بينهما من تحالفات منذ عام 2003 في كفة اخرى، والميزان لا يعتدل.. فالدور المناط بالسعودية من قبل الولايات المتحدة يحتاج إلى بحوث ودراسات طويلة رغم وضوحه للعيان..وتبقى هنالك حقيقتان ارى من الواجب ذكرهما:
الأولى هي ان العلاقة بلغت بين أل سعود والادارة الأميركية مراحل تجاوزت الاعراف الدبلوماسية وذلك بعد ما كشفت مصادر استخبارية اميركية ان وفد من وكالات المخابرات الاميركية يعمل منذ ستة اشهر على حل خلافات عائلة أل سعود وتريب وضعها الداخلي.. اما الحقيقة الاخرى فهي تلك التي طالما لمح اليها اركان الادارة الاميركية بان الولايات المتحدة قد ضاقت ذرعاً بتصرفات حكام أل المنافية لابسط حقوق الانسان والتي تشكل حرجاً كبيراً لهم كونهم الحاضنة والوعاء لهؤلاء الحكام.
فكم جريمة وانتهاك تحتاج الولايات المتحدة لترفع يدها عن ال سعود؟ وهل حان الوقت للتفكير جدياً من قبل الأميركان لتغير وجهتهم في الخليج بعد موجة تغيير ضربت ثلة من اصنام العرب؟