الامام علي (ع) الأول في الزمن كلّه !! -عبدالامير الخرسان -فنلنده
Fri, 10 Aug 2012 الساعة : 3:29

مد بصرك الى السماء , فهل تبلغ مقدار ما بصرت ؟ ثم ارمق السماء بنظرات ثاقبة بعيدة وتفكّر جيدا وتأمّل طويلا بزرقتها بصفائها بهدوئها بشمسها المشرقة وقمرها المنير وكواكبها السيارة ونجومها المتلألئة , بقوامها وشموخها بانسجامها وتوافقها بنظامها ودقتها بسخائها ونبلها , ترى ينقلب البصر خاسئا أمام عظمتها وروعتها وتناسقها الرباني القدسي العظيم ... ثم أنظر الى الأرض وجبالها الراسيات الشاهقات وأوديتها الغائرات وبحارها الهادرات وأنهارها الجاريات وسهولها الخضراوات ثم حاول ان تخرق الارض فلن تبلغ شيئا منها ... فلا للسماء ترقى ولا للأرض تخرق فأنت ضعيف امام الارض وما طوت والسماء وما حوت !! فكيف تستطيع ان توصّفها بالوصف الدقيق ؟ وكيف لك ان تحصي مكوناتها وعناصرها وكيف لك ان تبلغ الميتافيزيقي (الما وراء) منها ,, << والقول المأثور للإمام الصادق (ع) انت لم تبلغ الى السماء فترى ما هنالك ولن تخرق الارض فترى ما تحتها فكيف تجحد خالقها ,, والعاقل لا يجحد ما لا يعرف >> . كيف نصف الارض والسماء ونحن نجهل تركيبتها وماهيتها وعناصرها وعوالمها , اذن نحن نجهل ماذا يجري هناك ونجهل ان نصفها بدقة لأنه لا علم لنا ماذا يكون هناك .
وهذا أمير المؤمنين علي (عليه السلام) مثله مثل السماء العالية بشمسها وقمرها ونجومها .. وما تحوي من عوالم لا تحصى ولا تدرك !!!
فعلي (ع) عالي أعلى من السماء ونقي أنقى من السماء وعظيم كأعظم من السماء ومقدس فوق قداسة السماء ومشرق كالشمس ومنير كالأقمر لان الله عظّمه وشرّفه ونقّاه وقدّسه ونوّره وأشرقه واصطفاه ليكون سيد الاوصياء وأفضل من الملائكة والناس أجمعين بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) , لأنه العالم بطرق السماء كعلمه بطرق الارض لا يعزب عنه مثقال ذرة وهو القائل ( سلوني قبل ان تفقدوني سلوني عن طرق السماء فاني أعلم بها من طرق الارض) , رغم وضوح طرق الارض له , وسأله عمر بن الخطاب يوما كيف تعرف جواب المسائل الصعبة والعلوم العظيمة فرفع كفّه لعمر وقال كم هذه الاصابع فأجابه عمر (خمسة) فقال له كيف عرفت قال انها واضحة فقال له علي (ع) هكذا عندي المسائل الصعبة والعلوم الكبيرة واضحة جلية !! .
عرف علي (ع) السماء بعظمتها وعلوها وارتفاعها وغوامضها ودقائقها وظاهرها وباطنها .. فبدأ يوضح طرقها وأفلاكها ونجومها ومسمياتها وأبراجها وتوسّعها وعجائبها وغرائبها .. عرف كل تفاصيلها فعرفته ألسماء !!عرفته بشموخه وعظمته وارتفاعه وعلمه وحلمه .. وتواضعه وزهده .. وتقواه ورحمته وخيره وبركته .. عرفته بعدله وإحسانه وكرمه وسخائه وجوده .. عرفته السماء بصفاته ونوره وإمامته وخلافته وقيادته ..عرفته بسلمه وحربه وشجاعته وبطولته وبسالته .. عندما كان يقول (لو كانت الارض حلقة لحملتها بخنصري وأنا ابوالحسن ..) عرفته السماء انه الاول في الزمن كلّه .. والأول في الكون كله والأول في الدنيا كلها ... والأول في الآخرة كلها بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله ).. لأنه الاول في الخصال الحميدة والسجايا الكريمة والصفات الطيبة والبراهين الباهرة والحجج الدامغة .. والعلوم المتنوعة والمختلفة .. والشجاعة الفائقة والبسالة المنقطعة .. والعدالة الواضحة البينة ... انه الاول في لين الجانب والسماحة .. والفصاحة والبلاغة .. والثبات والحزم .. والصبر والقوة ..
علي (ع) الاول في الايمان واليقين.. والصلاح والتقوى والهدى والطاعة .. والوفاء والصدق والحق والرفق .. والشرف والفضل والدرجة الرفيعة والمقام المحمود عند الله .. ودفع الباطل والمنكر ومحاربة الظلم والجور .. وقتل الكفر والنفاق .. ليأمن المظلومون ويطمئن المستضعفون .. ليعيش الناس سواسية متحابين متقاربين في ظل عدله وإحسانه ورحمته .. .
سيدي يا أمير المؤمنين كم كنت كريما سخيا لن تبخل من فيض فضلك وجودك في حياتك وبعد مماتك سواء في العطاء المادي او المعنوي , فها نحن نكتب من فيض فضلك وخزائن علمك التي لم نطلع عليها بجميعها .. فأنت البحر الزاخر الذي لا ينفذ والعلم الهادي المهدي للجميع والنور المضيء في السماء والأرض فما أوسع ساحتك المقدسة وأعظم قدرك وأحلى ذكرك وأجمل مناقبك ...
لقد كنت الروح النقية الهادية المهدية .. السامية السماوية الملكوتية الملائكية .. التي تعلّقت بعرش ربها لتزهد الدنيا وتترفّع عن الدنايا لتقر عينها مع باريها لتهلّله وتعظّمه وتسبّحه وتقدّسه فما أبقت لها شيئا سوى حب الله ورضاه والقرب منه تعالى , كان هذا أحب اليه من الدنيا وما فيها من أولها الى لآخرها ...
سيدي لقد كنت الامين المؤتمن والحجة على الخلق .. ووريث الانبياء فضلا عن وراثة رسول الله (صلى الله عليه وآله) .. والمثل الاعلى والقدوة الحسنة والداعي الى الله بإذنه وسراجا منيرا .. لأنك ذات رسول الله ونفسه الزكية وروحه التي بين جنبيه ومهجته الكريمة ...
سيدي يا أمير المؤمنين لماذا حسدوك ؟ ولأي ذنب قتلوك ؟ لأنهم لم ولن يقدروا ان يصلوا الى سفح جبلك الشامخ وصرحك العظيم وروحك الكريمة المقدسة .. حسدوك لأنهم جهلوك ولم يعرفوك .. حسدوك لأنهم مرضى وقلوبهم مريضة ونفوسهم خبيثة .. حسدوك لأنهم عاشوا موتى بلا ضمائر ولا أخلاق فضلا عن الدين .. حسدوك لأنهم خافوك على دنياهم وحرصت انت على آخرتهم .. فشتان بينك وبينهم ( فهل يستوي الاعمى والبصير مالكم كيف تحكمون ) وصدق الشاعر بقوله ( ساووك بمن ناووك وهل ساوو نعلي قنبر ؟؟ ) ...
قتلوك سيدي وفجعونا بك وفجعوا العالم كله .. بقتلك قتلوا الانسانية كلها والعدل كله والرحمة كلها ...
امضي يا سيدي كريما على الله وعلى رسوله وملائكته وأوليائه .,. امضي يا سيدي قرير العين بلقاء الحبيب .. امضي رعاك الله الى جنة الخلد والنعيم الذي لا يفنى والملك الذي لا يبلى .. سلام عليك يوم ولدت وسلام عليك يوم نلت الشهادة والدرجة العظيمة وسلام عليك يوم تبعث حيا لتكون أميرا هناك وقسيم الجنة والنار ليعرف من اتبع هداك او من عاداك ... والحمد لله رب العالمين والصلاة وازكى التسليم على نبينا محمد وآله المعصومين الطيبين .