ضياع في حفر الباطن - جمال حسين مسلم - النمسا

Mon, 6 Aug 2012 الساعة : 14:26

من روائع الادب العراقي
كلما هممتُ لكتابة بضعة سطور بحق المنتج الفني العراقي لشهر رمضان تراجعت قائلا لنفسي مازال الوقت مبكرا لتقييم سيل الاعمال الدرامية الّتي تمطرها مختلف القنوات الفضائية على المشاهد في ثلاثين يوما لاغير..ولاشك أنّ لتلك القنوات أهدافها ومايبرر تلك الاهداف في طبيعة العمل الفني المنتج واتجاهاته, وكذالك الامر منطبق على القنوات الفضائية العراقية المختلفة في سياستها وأهدافها , وقبيل أقل من سنتين تقريبا , بقيت شبكة الاعلام العراقي , واخص بالذكر منها الفضائية العراقية والّتي تمثل اتجاها رسميا أصابه الجمود في كثير من روافده الاعلامية وراحت منافساتها تصدر ما تشاء من الافكار ولغايات معروفة سلفا ساهمت كثيرا في تدني الدراما العراقية ,,الخارجة في الاصل من سجن امتد بها اكثر من ثلاثين عاما....وساهمت تلك الفضائيات كثيرا في تدني الذوق العراقي و(تسخيفه ) في كثير من الاحيان....أما اليوم فقد اختطت شبكة الاعلام العراقي لنفسها خطا ً مغايرا تماما ؛جعل منها في طليعة القنوات الفضائية العراقية والعربية ؛ وذالك لأسباب متعددة , ومن اهمها المنتج الدرامي الذي يحمل شعار الادب الملتزم , والذي يبقى هو الادب الحقيقي, مهما وضعت الحواجز في طريقه ...وإذا كان المنتج الدرامي العراقي قد عاني كثيرا من الاضطهاد السياسي مما أخل بحضوره في فترات متباينة مت تاريخه , إلا ان الفنان العراقي كان فنانا ملتزما ما سنحت له الفرصة على الرغم من (فم الافعى القاتلة ).... واليوم اذ يقف المثقف العراقي والمتبع العربي حائرا في متابعته , امام مجوعة متميزة من الدراما العراقية وفي مقدمتها ثلاثة أعمال كبيرة ومهمة وهي ( ضياع في حفر الباطن ) و( خارطة الطريق ) و ( باب الشيخ ), الّتي نافست المنتج العربي بقوة وتفوقت بجدارة على المنتج العراقي في باقي القنوات الفضائية ,ومثلت تلك الاعمال الدرامية الكبيرة بصمة واضحة في المشهد الثقافي العراقي عموما ..

(ضياع في حفر الباطن ) لمؤلفه عبد الكريم العبيدي وسيناريو أحمد السعداوي وإخراج مهدي طالب , بمعية مجموعة كبيرة من نجوم الدراما العراقية وأضيف اليهم شباب المسرح العراقي ..ضياع في حفر الباطن عمل أدبي كبير يؤرخ لمرحلة زمنية مهمة جدا في حياة الشعب العراقي , تلك المرحلة التي مثلت بؤس السياسية العراقية الفاشية الوحشية ,تحت وطأة النظام البعثي المقبور ..والعمل يوجز حكاية بطولة الشعب الاعزل اتجاه نظام موغل بدماء الابرياء ,و ينحصر العمل على مساحة مكانية مهمة في تاريخ العراق السياسي الحديث , ألا وهي مدينة البصرة وشعب البصرة و وماحل ّ بهم بعيد الانتفاضة الشعبانية المباركة.

وعلى الرغم من عدم ظهور فناني البصرة في المسلسل , إلا انه يبقى حلقة مهمة في تاريخ العراق الحديث , الذي افتقد كثيرا للإعمال الدرامية التي تؤرخ لأكثر من ثلاثين عاما من الظلام الحالك ..وما أكثر الاحداث التي تستحق الكتابة والتوثيق لها في الادب العراقي على مستوى الاحداث الشخصية او ما يخص فئة بعينها او مدينة بذاتها ..ولذا مثل هذا العمل وقفة جادة في طرح مشكلة الانسان البصري الذي عايش ( الغول الدموي ) وتحمل ألوان العذاب كافة ..اما الانتاج والأداء وبقية الروافد الفنية التي انجزت هذا العمل , فقد كانت روافدا مهمة ورائعة ساهمت كثيرا في انجاح هذا العمل الفني , والذي سيكون خطوة حقيقة , لإنتاج مجموعة من الاعمال الّتي تؤرخ لمظلومية الشعب العراقي , وزرعها في وعي المواطن الصغير والكبير , لكي لاينسى آلامه ولاينسى تاريخ من ظلمه.

Share |