تعالوا شوفوا الطامة الكبرى بشركات الهاتف النقال-سيد احمد العباسي

Mon, 6 Aug 2012 الساعة : 11:33

بسم الله الرحمن الرحيم
في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا
عندما حطت بنا الطائرة على ارض مطار بغداد الدولي كنت أول شيء افكر فيه الاتصال عبر الهاتف النقال الى السائق الذي كان ينتظرني في ساحة عباس ابن فرناس . جربت ان اتصل مرة ومرتين ولكنني وجدت صعوبة في الاتصال لم اعرف كنهها وشككت بالرصيد . وبعد الاجراءات الروتينية في صالة المطار بدأت بحمل كيس بيدي اليسرى وشنطة اجرها بيدي اليمنى . خرجت من المطار لكي استاجر سيارة تقلنا الى ساحة عباس ابن فرناس . الجو خانق وحار جدا في الخارج .

طلبت من سائق السيارة ان يشغل التبريد قال لي لحظات بعد ان يكتمل العدد من الركاب ( وبيك خير ودلل ) . ابتسمت وقلت له اين اجد كارت أو ( رصيد ) هنا ؟ قال لي هذا عندي واحد جديد . قلت له فورا : هاته . كم تريد ؟ قال لي بسرعة : ( مو هواي ستة الاف دينار ) قلت له موافق . لم يكن باليد حيلة !!

كنت بحاجة شديدة الى الاتصال ولم يكن يهمني سعر الكارت اذا كان اكثر من سعره بألف دينار . اخيرا عبئت الرصيد على السريع واتصلت وفي كل اتصال اسمع الجواب : الهاتف مغلق . كررت المحاولة مرة ثانية وثالثة لم احصل على جواب . خلال الطريق كان بين جانبي الطريق اشجار وارفة الخضرة وجميلة وبعض اشجار النخيل شاحبة وصفراء وميتة . حزنت كثيرا عندما رايتها . سألت السائق قال كلفة النخلة الواحدة ستة الاف دولار !!

قلت له مستغربا ومستهجنا مما قاله : سعر الواحدة ستة الاف .. اووف مستحيل !

يبدوا ان الفساد ليس فقط بشركات الهاتف النقال وانما بشارع المطار ايضا !!

فأكد لي الخبر بهزة من رأسه وادعى ان المقاول اشترى كل واحدة بستة الاف .

اثناء هذا الحوار الساخن توقف السائق بساحة عباس ابن فرناس . بدأنا بالنزول واحد واحد واخذنا اغراضنا وكل منا توجه الى من ينتظره او يؤجر سيارة خاصة به . بحثت عن السائق الذي ينتظرني يمينا ويسارا فوجدته خلفي ينادي علي وهو يقول : الحمد لله على السلامة . عاتبته بعد السلام والتحية قال بعد ان اقسم بالله ان هاتفه مفتوح ولم يسمع او يرى اي اتصال مني . تعجبت وقلت له اتصلت أكثر من مرة عليك ولكنك لم ترد علي . أكد لي بأن الخطوط ( تعبانة ) .

لم يمض على وجودي في العراق ثلاثة ايام اشتريت رصيد اخر بعشرة الاف وربع .  ولكن لم يمض سوى يومين اخرين وجدت ان الرصيد تبخر تماما !!

لم اعر اهمية للموضوع . اشتريت رصيد اخر بعشرة الاف وربع . اتصلت بضعة اتصالات بسيطة وليست دولية . وكلها مسجلة ومثبتة عندي .

وجدت ان الرصيد بعد يومين قد ( طار ) . كررت المحاولة مرة اخرى واشتريت رصيد بخمسة الاف دينار وربع اتصلت على اوروبا على احدى الشركات واستغرق الخط دقيقتين وقفلت الهاتف رأيت الرصيد انه سحب مني الفين دينار .

في اليوم التالي حاولت ان اتصل بأحد الاصدقاء وجدت ان رصيدي صفر !!

وهنا بدأت تتضح لي خيوط اللعبة . سألت بعض الاخوة قالوا لي هذه ليست اول مرة .هناك ( شفط ) فلوس توجع القلب . مما اضطرني ان اذهب الى شركة زين في صباح اليوم التالي ووقفت ( بالطابور ) . كان امامي عشرة اشخاص وفي داخل القاعة اكثر من عشرين شخص وكلهم بالدور . تصبب العرق من جبهتي وجسمي . وكل ربع ساعة يخرج واحد وتدخل اما امرأة او رجل !!

انتظرت اكثر من ساعتين عندما سمح لي بالدخول . سألني الموظف عن العطل في الهاتف . شرحت له بالتفصيل عن شفط الرصيد وبأنني لااستخدم الانترنت او افتح الدعايات ابدا . طلب مني رقم الهاتف اعطيته له وبدأ يرى المشكلة على الحاسوب . وبعد التدقيق قال لي لاتوجد لديك اي مشكلة !!

ففغرت فمي متعجبا وقلت له : هذا غير صحيح . الذي حدث معي انني كلما اضع رصيد يفرغ تماما اما في نفس اليوم او في اليوم الذي يليه . مع العلم انني لااستخدم اي برامج نهائيا . فالتفت احد الزملاء الذين يعملون معه ويجلس بجانبه وكأنه استدرك الموقف خوفا من الانفجار فطلب مني بكل لطف ان اقترب منه لكي يشرح لي بعض الامور . بعد ان اخذ الهاتف ودخل على البرامج والرسائل والانترنت واجرى عملية مسح كاملة كتب لي بورقة صغيرة : ارسل كلمة ايقاف على هذا الرقم ( 4321 ) . قلت له ماهذا ؟ قال توجد عندك خدمات انت داخل عليها وهناك رقم 4444 يسحب منك بحدود 1500 دينار على كل رسالة تأتيك . وبعد ان تتصل على هذا الرقم الذي كتبته لك سوف تلغى منك هذه الخدمة !!

قلت له والرصيد الذي سحب مني ظلما وزورا ؟ قال : يوجد من دخل على هاتفك واستخدم بعض البرامج !! وكلما ( اجيه من جانب يدخل لي من جانب اخر ) .

ووجدت ان الالحاح معه لاينفع والجدال لايفيد والحوار عقيم تماما والسؤال سقيم . اخذت هاتفي بعد ان شكرته ولكنني كنت منزعج جدا وكانت علامات الغضب واضحة في وجهي . وهنا نلفت نظر الحكومة العراقية ان شركات الهاتف النقال وجهت اهتمامها وبشكل مركز على التسويق والدعاية وجذب المستخدم بالعروض والخدمات الجديدة . بينما هي في الواقع خدعة كبيرة لانها لم تهتم فعليا بتطوير البنية التحتية الخاصة بشبكاتها بما يتناسب مع الزيادة الهائلة  في اعداد المستخدمين  مما سبب انزعاجا لدى المواطن العراقي لرداءة الخدمات .

وهناك سؤال لماذا لايوجد تنسيق بين الاجهزة الحكومية وشركات الاتصال بسبب الانقطاعات الكثيرة ؟ ولماذا لاتحاسب الدولة شركات النقال على هذه السرقات المنظمة بشكل واخر ؟ ويخطر على بال كل عراقي سؤال : هل ان الحكومة العراقية متساهلة ومتسامحة مع هذه الشركات التي ( تشفط ) اموال العراقيين ؟

وسؤال اخير كيف وافقت الحكومة العراقية بتوقيع العقد معهم بتصميم وتنفيذ الشبكة بأقل المواصفات ؟ كيف وافقت على هذه الشروط المهينة للمواطن ؟

خاصة بعد ان كشف مصدر امني عن اتفاق بين الكويت وقطر على انشاء غرفة معلومات متطورة في الكويت مرتبطة بشبكات الهاتف المحمول في العراق .

وان مجلس التعاون الخليجي وافق على تمويل هذا المشروع الاستخباراتي !!

وان شبكات الهاتف النقال وشركات الانترنت التي تبث للعراق من مصر ولبنان والاردن قطب مهم في غرفة المعلومات التي تعمل صد مصالح العراق  . وان غرفة العمليات سيكون بمقدورها الاشراف  على كم هائل من وثائق العراق اضافة الى ذلك خصوصية الاتصالات عبر الهواتف النقالة  وعبر الانترنت .

وان الاجهزة الحكومية العراقية الحساسة ماتزال تعمل بطريقة (عجيبة غريبة ) وقبل ايام قرأنا خبر في الصحف لانعرف مصداقيته يقول ان رئيس الوزراء العراقي يغير شريحة هاتفه اسبوعيا لان هناك من يتعقب تلك المكالمات !!

اذن الى متى نبقى اسرى لقيود شركات الهاتف النقال ؟ مع العلم ان قانون الاتصالات والمعلوماتية ترفضه اغلب الكتل لأنها قبضت الثمن من شركات النقال كي لاتصوت عليه وحتى لاتراقب من قبل الحكومة المركزية  .

والطامة الكبرى ان التحالف الكردستاني أول الكتل المعارضة لتمرير القانون .

وأن اولاد العائلة المالكة لرئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني يملكون نصف أسهم شركة اسيا سيل وكورك وبالتالي فان تلك الشركات ستكون مضطرة للخضوع لسلطة الحكومة مباشرة . والسؤال الاخير من ينقذ المواطن العراقي من لهيب القيض الحار ورصيد الهاتف النقال !!

 

 

Share |