الاسماء العراقية بين العربية الفصحى و العامية-امير الكلابي-النجف الاشرف

Thu, 2 Aug 2012 الساعة : 15:23

لكل شعب ثقافة في اختيار واطلاق الاسماء على مواليده الجدد ، ففي الفارسية تعني لفظة ( نامزدي) وضع الاسم او الخطوبة وهي جزء من ميراث قديم كان الفرس يقومون باختيار واطلاق الاسماء على اولادهم خلال مرحلة الزواج لبلوغهم حد الكمال كما كانوا يعتقدون . اما العرب فكان من عادتهم في الجاهلية أن يغلظوا أسماء الرجال ويخففوا أسماء النساء والموالي ، فقال رجل يتعصب من صنيعهم في الجاهلية : إنكم تسمون نسائكم ومواليكم بأسماء رقيقة ، وتسمون أنفسكم بأسماء غليظة ، فمن اسمائهم : حرب ، صخر ، ذئب ونحو ذلك من الأسماء الخشنة فقيل للعرب: لماذا تسمون أنفسكم بالأسماء الخشنة ، وتسمون الموالي بالأسماء الرقيقة كيسار ونجاح ونحوهما؟ فقال يجيبه: أسماؤنا لأعدائنا، وأسماء موالينا لنا. أي: إننا نتسمى بالأسماء الغليظة حتى تكون هيبة لأعدائنا ورهبة لهم فإذا قيل: هذا ذئب، هابه العدو، وما زال هذا الموروث الاجتماعي سائدا لدى ابناء الشعب العراقي من خلال اطلاق اسماء الحيوانات المفترسة والطيور الجارحة و اسماء الاسلحة على اولادهم كصقر ونمر وذئب و صندید و مشعان و زناد و نشمیة وحربية و سمتية وفخرية وكناياتهم ابو صقر وابو نمر وابو ذيبة للاتصاف بالشجاعة .
وبمجيء الاسلام اوصى الرسول الاكرم باختيار افضل الاسماء واحسنها، فخير الأسماء ما عبد و حمد كأن يسمي ابنه : عبد الله ، أو عبد الرحمن أو عبد العزيز، ونحو ذلك من الأسماء الطيبة التي فيها مظاهر الخضوع لله سبحانه وتعالى، او التسمي بأسماء الأنبياء، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال: ولد لي الليلة مولود فسميته بأسم أبي إبراهيم، فسماه بأسم نبي، فاستحب العلماء التسمية بأسماء الأنبياء؛ كموسى وعيسى وزكريا ونحو ذلك .
وقد ذكر بعض العلماء - رحمهم الله - أن من حق الولد على والده أن يختار له أحسن الأسماء وأفضلها ، لكن مانراه اليوم من حالة تشرذم في اختيار الاسماء وتحريفها وتصحيفها ما تقشعر لها الابدان ويندى لها الجبين حتى باتت القابا يسخر من اصحابها وينقم الاولاد منها على اهاليهم .
من عادة العراقيين تصغير اسماء اولادهم اعتزازا بهم لكن عندما تثبت مصغرات هذه الاسماء في الوثائق الرسمية تطغي اللهجة المحلية علي اللغة الفصحي فلو كان الشخص المعني في دائرة الاحوال المدنية عارفا باللغة العربية لما تشرذمت هذه الاسماء وكان باستطاعته تاصيلها بارجاعها الى اصولها فلكل لهجة خصوصية وخصوصيات اللهجة العراقية معروفة لمن يعنون بدراسة هذه اللهجات فحرف القاف يبدل الى ( ج ) حينا و (گ) حينا اخر كما في ( قدر و جدر ) و ( قمر و گمر ) فالمفروض حسب هذه القاعدة ارجاع اسم جاسم الى قاسم فكنية محمد النبي الاكرم (ص) ابو القاسم وعندنا ابو جاسم ومن هنا اصبح لدينا اسمان هما قاسم وجاسم لنفس الاسم وهذا خطا لغوي .
في احد الايام كنت ذاهبا لاستلام جواز سفري من مديرية جوازات النجف الاشرف وكما هو متبع في البلدان المتقدمة يصطف المراجعون بصفوف طويلة و يتم قراءة اسماء المواطنين لاستلام جوازاتهم واثناء الانتظار سمعت اسماءا عجيبة وغريبة قسما منها محرفة والقسم الاخر مولد ممن له معنى او بلا معنى ادناه امثلة بسيطة لبعض الاسماء التي طرقت مسامعي وعكرت مزاجي في ذلك اليوم فمن اسم علي اشتقوا (عليوي – علو – علیة - علوان - علاوي) ومن فاطمة اشتقوا (فطومة – فطم – فطيمة – فطيم ) ومن حسن اشتقوا (حسون – حسوني – حسنية – حساني – حسنه ) ومن زينب (زنب - زنوبه وزنيبه و زننیبان ) وما الى ذلك من الاسماء الغريبة والعجيبة المتداولة في المناطق الريفية كما في (شلاگه ، شلش ، زعيبط ، عنكوش ، حطيحط .....والقائمة طويلة لايتسع ذكرها).
ان غياب الثقافة في المناطق الريفية يصعب اختيار الاسم فالكثيرين لايعرفون القراءة والكتابة والطرف المقابل اما شخص غير مؤهل او غير مسؤول وبالتالي تحدث هذه الحالات اقتراحنا على الجهات المعنية تعيين اشخاص من خريجي قسم اللغة العربية يقومون بمساعدة الافراد في اختيار الاسماء خصوصا الموظف المسؤول بتسجيل اسماء المواليد الجدد في بيانات الولادة حفاظا على سلامة اللغة العربية من الانحراف والتحريف واخراج مواليدنا باسماء جميلة و لطيفة لايتعرضون للسخرية والخجل منها .

امير الكلابي

كاتب واكاديمي عراقي

 

Share |