وقفة خاطفة مع العهد الإلهي المطالب به الانسان-ابو فاطمة العذاري
Thu, 2 Aug 2012 الساعة : 13:29

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلي الله على محمد واله وسلم تسليما .
اقرأ معي قوله تعالى :
(( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ {البقرة/40} ))
الاية تقرر ان من أراد أن يفي الله تعالى بعهوده فعليه أن يفي بعهود الله ومن هنا كان وفاء العهد الالهي من قبل الإنسان مقدمة لإتمام العهد الإلهي .
لكن ما هو العهد الإلهي المطالب الإنسان بالإيفاء به والذي أكد عليه الحق في أكثر من مرة وشدد على الإيفاء به وقرن الكثير من ثوابه في وفاء الانسان لذلك العهد ؟ .
ولو راجعنا القران وروايات اهل البيت لوجدنا إن هنالك نصوص عديدة ُتبين أن هنالك عهدا قطعه الإنسان مع الله تعالى وكذلك هنالك عهد من قِبل الله تعالى للإنسان مشروط أن يفي الإنسان بعهد ه ، ومن
تلك النصوص قوله تعالى :
(( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ {يس/60} وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ {يس/61} ))
هنالك عهد ًا بعبادة الله تعالى وترك السير وراء الشيطان ومعرفة الصراط المستقيم . وكذلك قوله تعالى: :
(( الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {البقرة/27} ))
وفي المقابل قال تعالى :
((مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا {الأحزاب/23} ))
فالصدق في العهد ينتج اقدام الانسان على التضحية في سبيل الله بالنفس ، فضلا عما هو دون النفس .
ثم في اية آخرى يبين الله تعالى أهمية هذا العهد ويتوعد من ينقض هذا العهد بأسوء أنواع العذاب في الدنيا والآخرة إذ يقول جلّ من قائل :
(( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {آل عمران/77} ))
وهذا اشد انواع العذاب لأنه يعبر عن غاية البعد عن الحق تعالى فلا يكلمهم الله بالهداية ولا ينظر إليهم بالرحمة ولا يزكيهم بالتطهير ومن كان حاله هذا فهو في عذاب اليم .
ولكن ما هو العهد ؟
ما يمكن لنا ان نفهمه من العهد من خلال القرآن وأهل البيت (عليهم السلام)
في قوله تعالى : (( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ {الأعراف/172} أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ {الأعراف/173} ))
فمما يمكن لنا ان نفهمة من الاية الكريمة إن الله تعالى اخذ عهدا على بني آدم جميعًا في زمان وفي مكان الله العالم به وقد ورد عن المعصومين )ع( انه حدث في عالم يسمى بعالم الذر أو عالم الميثاق ، رغم ذلك فان صورته غير واضحة عندنا نتيجة الانغماس في الدنيا ولكن هناك اخذ الله عهد بني آدم بأن يعبدوه وحده وان يطيعوه في أوامره وينتهو ا بنواهيه .
والإنسان يولد على الفطرة وهي توحيد الله تعالى واتباع أوليائه ولكنه يسبب انحرافه عن فطرته بعمله وذلك بالميول إلى الشهوات .
والمهم ان العهد الذي عاهدنا عليه الله هو التوحيد والالتزام بالأوامر الإلهية والتي ظهرت من الحالة الفطرية إلى الحالة الفعلية وتمثلت بالإسلام الحنيف.