زيارة مدينة قرطبة في الأندلس وتأوهات أمام تمثال الحب الخالد!- الدكتور خلف كامل الشطري- المانيا
Sun, 29 Jul 2012 الساعة : 16:02

قبل عدة أسابيع وفي المساء وصلت بي حافلة الركاب التي نقلتني من مدينة إشبيليه الأندلسية في إسبانيا إلى مدينة قرطبة،رمز ونور الحضارة العربية في الأندلس بعد وصول الأموي عبد الرحمن الداخل إليها بعد هروبه من الشام أمام العباسيين.أول مايثير الأنتباه وأنت تتجول في المدينة هو ذلك الجامع الكبير الذي بناه الخلفاء هناك وتم توسيعه وصيانته مع مرور الزمن.بالرغم من مرور ألف عام تقريبا على بناءه،يشعر الزائر له وكأنه بني قبل عدة أعوام.هناك مئات من الأعمدة الرخامية في داخله والفن المعماري العربي لايزال يثير إعجاب ودهشة السواح .الآيات القرآنية لاتزال تغطي بعض أجزاء المحراب.الشيء الذي أثار حزني الشديد(وهنا كمسلم!)هو بناء كنيسة صغيرة داخله وكذلك تم تغطية المنارة الأصلية والتي يستطيع السائح أن يرى لونها الأصلى(أحمر فاتح!)ببناء تعلوه النواقيس.في الثلاثة أيام التي قضيتها هناك شاهدت أهم أقسام المدينة الرائعة العريقة.أزقة المدينة القديمة الضيقة لاتختلف كثيرا عن الأزقة في الدول العربية الأخرى كالمغرب او تونس أو مصر أو العراق.تماثيل لأطباء وشخصيات أخرى عربية وغير عربية من أبناء هذه المينة التي أنجبت الكثير من العلماء والأدباء في أغلب المجالات منتشرة في القسم القديم من المدينة والتي كانت يومها (مع بغداد !)من أرقى مدن العالم.وأنا أتجول في بعض الحدائق الغناء رأيت تمثالا لكفين من رجل وإمرأة حاولا أن يلتقيان ولكن لم يتحقق(وللأسف الشديد ؟ ) ذلك.إنهما كفا الشاعرة الجميلة ولادة بنت المستكفي(والتي كان والدها خليفة هناك لوقت قصير!) والشاعر الخالد إبن زيدون.لقد تبرع أبناء الجالية العربية في قرطبة(وأغلبهم من المغاربة!) لتشييد هذا التمثال لتأكيد حب بن زيدون الصادق لولادة.وقفت أمام هذا التمثال أكثر من ساعة وتذكرت "عذاب" قائل:أضحى التنائي بديلا من تدانينا...وناب عن طيب لقيانا تجافينا،وهو يحاول كسب رضا حبيبته الفاتنة والتي نافسه عليها إبن عبدوس،أحدالأمراء المهمين في الدولة.على قاعدة التمثال وتحت إسم ولادة،قرأت أبياتها الشهيرة الآتية التي قالتها لأبن زيدون:أغار عليك من نظري ومني ...ومنك ومن مكانك والزمان,..فلو أني وضعتك في عيوني...إلى يوم القيامة ماكفاني.تذكرت أيضا ماقاله الشاعر نفسه بأنه كان يلتقي بولادة في الليل في حدائق قرطبة الشهيرة حيث يتبادل الحبيبان الأبيات الشعرية وقبلات الغرام.في المساء قمت بالتجوال في الحدائق هناك وكأني أراقب الأثنين وهم يتحاوران.أحد المستشرقين الفرنسيين الكبار إتهم ولادة بأنها"سادية"؟هدفها "تعذيب"العشاق فقط،وذلك لأنها لم تتزوج قط ولأنها القائلة:إني وإن نظر الأنام لبهجتي...كظباء مكة صيدهن حرام،..يحسبن من لين الكلام فواحشا...ويصدهن عن الخنا الأسلام.رحم الله ولادة وإبن زيدون،لقد تركوا لنا شعرا رائعا لايمحوه الزمن.