استعراض جيش الإمام المهدي بين قادح ومادح!- خيرالله علال الموسوي

Thu, 16 Jun 2011 الساعة : 8:12

لقد تأخرت عن الأحداث التي يمر بها البلد كثيرا بسبب همومي الخاصة وكان لزاما علينا أن نتواصل مع القراء الكرام لأننا دخلنا معترك الكتابة مرغمين لا طائعين بسبب الغربة وكما قيل (الحاجة أم الاختراع ) فحاجتي لأن أكون بين أبناء العراق هي التي دعتني أن أكون كاتبا كما يصفني أهل المواقع- جزاهم الله خير الجزاء - وان كنت لا استحق هذه الصفة لأنها لها فرسانها وأهلها .
(جيش المهدي) أسس وظهر للعيان بعد الاحتلال الأمريكي للعراق كحاجة رآها السيد مقتدى الصدر ملحة وضرورية ،وكان هذا التأسيس بحد ذاته بين قادح ومادح ولا نريد أن نخرج عن الموضوع الأساس حتى لا نثقل على القارئ الكريم - فلكل حدث حديث – ونسلط الأضواء على استعراض (جيش المهدي).
كنت في المستشفى طوال خمسة وعشرين يوما تقريبا وكنت لا اعلم بيوم الاستعراض بل نظرت له على شاشة التلفاز وعلى ما أظن (قناة السومرية) هي التي نقلت الاستعراض مع تجاهل بعض القنوات لأنها ربما لم ترغب أن تعرض هكذا حدث ومن رأيي المتواضع أن الإعلام يجب أن يكون اسما على مسمى ، ويكون إعلاما حرا لا أن ينتقي في عرضه تبعا لميوله واتجاهاته ،وأظن بل اجزم أن في تجربة البحرين سقط الإعلام برمته العالمي والعربي لأنه تعامل مع ثورة البحرين بصمت وهذا دليل على أن الإعلام إما أن يكون مسيسا او مرتشيا وفي الحالتين لا يليق بالإعلام أن يكون مسيسا تبعا لرغبات الحاكم !.
وجراء هذه الرغبات المغرضة والتي ابتعدت بالإعلام عن رسالته الحقيقية ضاعت وتضيع الكثير من الأحداث العالمية وخاصة التي تنتمي إلى مذهب معين او جهة معينة قد لا ترضي الاخرين بسبب صدقها وتفانيها في خدمة الاسلام والمسلمين ،بل والاقبح من ذلك معاداتها والتشنيع بها كما حصل ذلك في حرب (حزب الله) الذي سحق اسرائيل سحقا ألا أن ثعابين الصحراء - كما يصفهم الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي- لم يرضيهم هذا النصر المؤزر الذي أكحل أعين المستضعفين ألا أن المنصفين مزقوا كفن التقليد الاعمى للموروث التقليدي الذي عاش عليه الخلف على أن هناك عداء تقليدي بين السنة والشيعة وهذا بطبعه من صنع اعداء الاسلام (اسرائيل )منذ أن ولد الاسلام ،وربما قائل يقول هل اسرائيل موجودة في زمن ولادة الاسلام ؟.
نعم موجودة وهي فكر لم يأتي او يطفو على الساحة فجأة انما له جذور عميقة في عمق التاريخ والدليل بعد وفاة الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله قال احد اليهود : (ما أن مات نبيكم حتى اختلفتم فيه؟!).
فرد عليه الامام علي عليه السلام قائلا : (لا اختلفنا عنه وليس فيه) .
ليصحح له مفهومه الخاطئ .
والصوت الوطني او الانساني الحقيقي لابد أن يلاقي من يقف ضده سواء عن قصد او دون قصد ،ولذلك تجد أن استعراض (جيش المهدي ) خضع إلى هذه القوتين المتصارعتين منذ الازل .
أن القادحين بالاستعراض الذي قام به جيش المهدي يرون فيه انه:
1- أن جيش المهدي هو عميل إلى ايران وانه اليد الايرانية الضاربة في العراق كما هو حزب الله في لبنان.
2- أن هذا الجيش هو عبارة عن ناس جهلة لا يعرفون شيئا عن الطريق الذي يسيرون فيه او عليه انما هم مؤمنون بقيادة هي اصلا غير متزنة في قراراتها وخططها ودليلهم انها وافقت على المالكي بعد أن كانت تعاديه .
3- من اين جاءوا بالاموال الطائلة للاستعراض ومن اين يمولون ،والأولى أن تصرف هذه الاموال في محلها على الفقراء مثلا .
4- هذا الاستعراض فتنة يراد منها عودة الطائفية إلى العراق مجددا.
وهناك اسئلة كثيرة وكثيرة تضاف إلى ما يدور في ذهن القادحين في هذا الاستعراض .
اما المادحين فانهم يرونه :
1- أن الاستعراض هو بمثابة استعراض لقوى وطنية خدمت وتخدم العراق .
2- أن جيش المهدي هو فكرة عراقية خالصة وليس لايران دخل في تأسيسه ولا هو يد ضاربة لايران ابداً انما هو يد العراق الضاربة .
3- هو قوى شعبية جاءت ضد وجود المحتل ويذهب بذهاب المحتل .
4- جيش المهدي هو من حفظ الارواح والدماء في وجه القاعدة واذنابها على أن القاعدة لها باع طويل في التمويل والتدريب ولولا وقوف جيش المهدي بوجه هذا المد لكانت هناك كوارث لا يحمد عقباها .
5- جيش المهدي لم يقدم القوة فقط في حماية الناس انما الخدمات الاخرى إلى جانب القوة ،فكان يوفر لهم مستلزمات الحياة الاخرى جنبا إلى جنب مع حماية ارواحهم .
لذلك هم يرون أن هذا الاستعراض انما هو خطوة وطنية ملحة وضرورية لانقاذ العراق من المحتل .
ونحن علينا أن لا ننظر إلى الامور بطريقة متشنجة ونشير بالانصاف إلى كل ما يدور على الساحة وان لا يكون لدينا هناك عداء مزمن اتجاه أي جهة او حب طفولي اتجاه أي جهة مهما كانت انما يجب أن يكون ولائنا للعراق والعراق وحده ومع من يقدم لنا الخدمة التي تنصب في خدمة البلد وليس المصالح الشخصية .
أن التنبؤ المبكر لما سيكون عليه العراق في ظل الاحتلال من قبل السيد مقتدى الصدر هو الذي قاد إلى تشكيل جيش المهدي ،وإلا لو لم يكن جيش المهدي لما كان إسلام حقيقي ولسُحِقنا كما تسحق الخرفان وهربنا كما تهرب الفئران من القاعدة وغير القاعدة لأن أمريكا باعتراف بوش عندما وجه له سؤال حول الجدوى من احتلال العراق قال : ( لقد أبعدنا الإرهاب عن مدننا ) .
فهذا الاعتراف يدل على أن احد غايات احتلال العراق أن يكون بؤرة من بؤر الارهاب في العالم وبالتالي سيكون العراق مسرحا لجميع القوى الظلامية والارهابية التي تكون شاغلة لهم ومرتعا لهم دون أن يفكروا في امريكا !.
ولذلك ولدت فكرة تأسيس جيش المهدي كخطوة استباقية جعلت من التأسيس اسقطا لمخططات امريكا .
وقد حاولت امريكا جاهدة أن تجعل هذا الجيش يسقط في أتون حروب داخلية مع الحكومة او مع نفسه بطريقة (فرق تسد) التي ورثتها امريكا من برطانية التي سبقتها في الاستعمار والظلم للشعوب.
واستعراض جيش المهدي لم تكن الغاية منه زعزعت الحكومة او النظام السياسي القائم انما هو تلويح إلى أن الشعب حي وحي ولا يقبل بالظلم والاحتلال وانه لم يخرق الاتفاقية المبرمة بين الجانب الامريكي والجانب العراقي ولذلك فان هذا من حق الشعب باعتبار جيش المهدي هو قوى شعبية غير موجه ضد مكون من مكونات الشعب ولا ضد جهة سياسية انما هو عمل ويعمل لخدمة البلد .
وبنظرة منصفة بعيدة عن التعصب الاعمى او العداء الذي يستند إلى جهل مركب وعدم معرفة حقيقية بما ستؤول اليه الحال ،فإننا سنجد أن هذا الاستعراض هو بمثابة صرخة وطنية بوجه الاحتلال ،وهؤلاء الشباب هم الثروة الحقيقية للبلد الذين أوقفوا الآلة العسكرية الأمريكية بما يمتلكون من عدد وعدة قليلة ،وعدم وجود تقنية في التدريب ،بل كل الذي يعرفونه انهم عراقيون يعملون من اجل العراق والعراق فقط .
 

 

 

Share |