النضال بين الذات والقضية-يقظان الوائلي
Thu, 16 Jun 2011 الساعة : 8:09

يطرق سمع الفرد في مراحل حياته المختلفة العديد من المصطلحات والعبارات التي ترافقها انطباعات ذهنية عنها سواءا كانت تلك الانطباعات تتوافق الدلالات الحقيقية لتلك الالفاظ او تخالفها فالخير والشر والصلاح والفساد لها صور متعددة والفاض دالة عليها وتصورات منطبعىة في ذهنية البشر وهي مختلفة بينهم.من تلك المصطلحات التي طالما سمعناها وعايشناها بشخوصها ومواقفها مصطلح النضال والجهاد والقضية والذات والايثار فبمجرد سمعنا لها يتولد لدينا فهما داخليا عنها فالنضال والجهاد هي من المعاني السامي الانسانية الكبيرة هنا لابد من الاشارة الى ان النضال بات اليوم من تركات النضام الدكتاتوري السابق رغم عمق الكلمة وجميل اللفظ ولا ذنب لتلك الكلمة الا ان صدام استخدمها لشركاءه في الظلم والاستبداد المهم من تزعجه الكلمة فليسمها ما شا ولنقل الجهاد مع تاكيدنا ان على ان الحكم السوي هو على الافعال لا على الاقوال . ان المقصود من النضال او الجهاد هو ذلك السلوك العنيف او السلمي الذي يسلكه الفرد ضد السلطة الحاكمة لتحقيق اهداف سامية في الغالب متصاحبا باذى يقع على المناضل في الغالب انه ذلك السلوك الذي طالما عايشناه وشهدناه في ايام النضام السابق متمثلا برجال ومواقف . ان الاساس المنطقي والمعلن للنضال بصورة عامة هو التضحية والعمل الجاد والدئوب من اجل تحقيق الهدف السامي ذو النفع العام حيث ان اغلب او كل المناضليين والمجاهدين على طول خارطة النضال عبر التاريخ طالبو باهداف ذات مردود ونفع جماعي من النادر ان نرى حركة ثورية او اصلاحية تنادي بمنافع ذاتية او تنادي بالضلم والاستغلال وعندئذن فان صفة النضال تسلب منها وتتحول الى حركة تخريب وفساد وهي اقرب الى عصابات السرقة والنهب ان جميع حركات المواجهة من اجل الحرية والحياة الكريمة العادلة اتسمت بمطالب تصب في الخير والصلاح والتغيير نحو الاحسن والاكمل لذل تولد انطباع مفاده ان المناضل والمجاهد هو انسان صالح اثر على نفسه وقدمة مصلحة الغير على مصلحة الذات فهو كالشمعة تضيء للاخرين لكنها في الوقت ذاته تضمحل وتتلاشى يقول الشاعر:
تقضي الرجولة ان نمد جسمونا جسرا فقل لرفاقنا ان يعبروا
فهل ان هذا المعنى هو حقيقي ومتاصل في نفس المناضل وهل انه انسان مميز ومضحي من اجل القضية لاالذات وهل للذات والنزعة والمصلحة الشخصية وجود في داخله ؟؟ قطعا ان البشر متباينين في سلوكهم واحاسيسهم وتصرفاتهم وليس كل مايضهره الفرد يعكس ما يبطنه فربما انه هناك فرق واسع بين الباطن والظاهر .على كل حال لنتخذ معيارا للتميز بين المناضليين ليقرب لنا الصورة ويعطينا مقياسا لمعرفة الحقيقة الكامنة وراء النضال ونعتمد على المثل القائل( ان الامور بخواتيمها) فكثير من الامور تكون مبهمة وغامضة في بداياتها الا ان الغبرة تنجلي وتتجلى الحقيقة بعد حين ومن مصاديق ذلك قوله تعالى ((وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم)) مما يدلل على ان فهم الانسان واحاطته بالامور تبقى ناقصة وليست كاملة ومحدودة .
بالعودة الى موضوعنا وبتطبيق المعيار مع تاكيدنا على انه ليس مقياسا ثابتا او دقيقا الا اننا استخدمناه لتقريب الصورة ومحاولة لفهم الحقيقة فليس هذا المقياس حقيقة مسلم بها قطعا لكنها مجرد تاملات انسانية لفهم ذلك السلوك الانساني ودوافعه .
ان المنضليين انقسمو الى اقسام عدة في مرحلة النهاية النضالية فمنهم من حالات الظروف دون تحقيق اهدافه ظروف القهر او العجز او ارادة الرب حالت دون وصلوهم الى الهدف المنشود او هزيمتهم او تغيرت افكارهم وتنازلهم عن خطهم النضالي لعلمهم بعدم صلاحية النضال او جدواه او كونهم على خطا او تعرضهم للاغراء او كون نضالهم لم يكن عن ايمان وقناعة تامه بالقضية المناضل. المهم هو المناضلون الذي حققوا التغيير الذي هو ايضا يمر بمراحل متعددة اولها ازاحة العائق الرئيسي وتوفير الوسط والمناخ المناسب لبدء التغيير واجراء الاصلاحات المنشودة عند تلك المرحلة يبرز صراع كبير وخطير بين عنصرين هما الذات والقضية وهل ان المناضل مؤهل الى ادارة كل مراحل التغيير ام ان دوره انتهى الى هذا الحد وعليه ان يسلم الادارة الى من هم مؤهليين لها فادرة عملية الاطاحة الواقع الفاسد تختلف جذريا عن عملية خلق واقع صالح وليس بالضرورة ان تجتمع القدرتين في شخص واحد بل الامر اكثر من ذلك لان من يقوم بمعملية التغير والاستاصال تغلب عليه نزعة العنف والتحطيم ام المؤسس والباني للنضام يجب ان يتسم بالهدوء والدقة والتدبر لذا يبدا صراع داخلي يحاول ان يقنع المناضل بان له الاحقية في الحكم لانه ضحى وناضل وتعب وتهجر فالحكم والسلطة من حقة هو لاغيره وهي كجزاء على اعماله تلك ام ان ضميره الحي وحبه للغير والمصلحة العمة تفرض علية ان يكمل مشوار التضحية ويكلله بان يضع الامور في نصابها ويحقق الهدف الذي ناضل من اجله وهي القضية لا غيرها التي لا وجود للذات ومصلحتها فيها حتى لو لم يذكر اسمه ويمج انه ذلك الانسان السامي الذي يحمل اعلى واسمى درجات الانسانية والرقي تلك القيم التي تفيض بالخير والمحبة على كل البشر فهو لايكترث لذلته انما ما يهمه هو تحقيق قضيته السامية العظيمة وهي العدالة والاصلاح والخير.
ان ما يعانيه عراقنا اليوم هو ذلك الصراع بين المصالح الشخصية والمصلحة العامة وبكل اشكالها وعلى كل المستويات فالصراع الخاجي في الولايات المتحدة وايران وسوريا وغيرها والصراع الذي يوجد لدى الطبقات السياسية الحاكمة ايضا . فالصراع الخارجي في الولايات المتحدة التي تبنت اسقاط صدام ونضامه بحجة السلم والامن العالميين ونصرة الشعب المضلوم هي كذبة كبيرة جدا فهدف امريكا الذي لا غبار علية هو مصلحتها الذاتية رغم ان مصلحة الشعب اتفقت مع تلك المصلحة ولم تكن هيالهدف للتغيير لذا فان امريكا ترى ان ما قدمت من تضحيات يستوجب ان يعطيها الاولوية في الاستثمار والاستغلال وان يكون العراق رهن اشارته جزاءا لذلك اما ايران وسوريا فهما ايضا يريان نفس الشي لانهما اويا قسم من المعارضيين العراقيين في ذلك الوقت من الذين وصلوا الى السلطة لاحقا فيجب ان يؤدي هولاء المناضليين فروض الطاعة والولاء لهما وهذا خلاف ما تتبناه تلك الدول في العلن من انها تسعى الى مصلحة العراق وشعبه فهما يسعيان الى مصلحتهما لاغير فلا وجود لمباديء سامية على المستوى الخارجي لتلك الدول وهذا ما يجب ان يهيه العراق قادة وشعبا هو انه لاوجدو لدعم دولي بريء وخالص دون ان تشوبه مصلحة فلا تقديم للمساعدات او المعونات المادية او المعنوية بدون مقابل او بشكل بريء.
اما على مستوى القيادات التي تولت الحكم وزمام الامور بعد الدكتاتور انها نفسها من انتقد تصرفات الدكتاتور الضالمة ونضامه وحكمه نراها للاسف تمر بنفس مراحل نشاءته التي نتمنى ان لاتصل الى ما وصل اليه هو فالولاء والمحسوبية المقيتة التي رفضوها وحاربوها عادت من جديد فالولاء مقدم على الكفاءة والمعرفة والاهلية ورفض النعيم والترف الذي يعيشة القائد على حساب شعبه نراه يعود من جديد ومبررات كل ذلك هي ذاتها مبررات العمل السابق واساليب المهادنة والمراوغة والخداع عادت لتظهر من جديا بل ادهى من السابق لانها تتخذ حاليلا صفة الشرعية وباسم الشعب فهل العيب بالمناضل ام بالقضية ام بكلاهما هل ان ما كنا نمقته في صدام لم يكن يستحق ذلك ام ان اخواننا المناضليين تلوثت ضمائرهم وانتقل الفايروس الصدامي الى دمائهم فما عادو يبصرون بقلوب طاهرة صافية ام انها لم تكن صافية منذ البدء لااعلم ...في النهاية هنا نذكر مصادقين مختلفين حول الجهاد والنضال اولهما ما يذكر عن حادثة في زمن النبي محمد (ص) حيث انه في احدى الحروب برز من المسلمين فارس قاتل باستبسال وعزيمة منقطعة النظير ولما سثخن بالجراحات وسقط على الارض طلب المسلمون من الرسول ان يدعو له فاخبرهم الرسول بانه ليس من اهل الجنة ؟؟؟!! فتعجب المسلمون ولكن سرعان ما انجلى ذلك التعجب عندما حمله المجاهدون وهو في الرمق الاخير وهم يهنؤونه بالجنة ولكن تفاجوا عندما اخبرهم بانه يقاتل من اجل النخل والارض لا الجنة !!!. اما المصداق الثاني فهو ما ذكر عن احد العلماء الافاضل الذي الف كتابا قيما بجزئيين فاخذ احد العلماء الجزء الاول طبعه ووضع اسمه عليه دون معرفة المؤلف وعندما اكمل صاحب الكتاب الاصلي جزئه الثاني ومعرفته بخبر كتابه الاول ارسله اليه وطلب منه ان يضع اسمه عليه لان غاية ذلك العالم الفاضل هو ان يصل العلم وينتشر لا ان يمجد هو ويرتفع اسمه بين الناس .