مسؤولية الطبيب عن الأخطاء الطبيه-المحامى عبدالاله عبدالرزاق الزركانى

Sat, 21 Jul 2012 الساعة : 15:12

مع التطور الكبير والإنجازات الهائلة في عالم الطب وتشعب اختصاصاته ودقة الاختصاصات العلمية فيه استوجب التنظيم الدقيق لهذا العالم الشاسع من العلم ومراقبة أي تجاوز أو خطأ جسيم قد يؤدي إلى أضرار جسيمة أقل ما فيها يتعلق بحياة الإنسان. ويرى المتخصصين فى الطب أنه المستحيل افتراض عدم وقوع الأخطاء إلا انه من الممكن تجنبها قدر الإمكان ولكن حين يقترب الإنسان من أخيه الإنسان ليس فقط لشفائه من أمراضه وتخفيف وطأتها عليه بل أيضاً لمشاركته فيها بما تحمله من قلق وعذاب لما يتصف به الطبيب من فضائل الصبر والمحبة والرجاء، تتجسد بها مهنة الطب القائم على الخبرة والاختصاص والأخلاق العالية والإخلاص والاندفاع في خدمة الآخرين بأبهى الصور وأحلاها والتي تحميها القواعد القانونية بقوتها الرادعة لمنع أي تقصير أو إهمال في القيام بواجبات المهنة، وبالتالي لا يجوز لأي إنسان أن يستفيد من تفوقه على المريض للتحصن بمناعة قانونية أو رفض أية محاسبة عن الأخطاء والمخالفات التي قد يرتكبها، ولهذا لا بد من الرجوع إلى التاريخ في هذا الموضوع مروراً بتحديد العلاقة ما بين الطبيب والمريض وميدان المسؤولية المدنية العقدية إلى المسؤولية المدنية والجزائية بعيداً عن دائرة حسن النية أو سوء النية توصلاً إلى الحلول
لان العمل الطبي هو نشاط يتفق مع القواعد المقررة في علم الطب ويتجه في ذاته وفق المجرى العادي نحو شفاء المريض و العمل الطبي بحد ذاته علاجياً يستهدف التخليص من مرض أو تخفيف حدته أو مجرد تخفيف آلامه، ولكن يعد كذلك من قبيل الأعمال الطبية ما يستهدف الكشف عن أسباب سوء الصحة أو مجرد الوقاية من مرض وان الطبيب الذي يعالج المريض والمصاب لا يلتزم بتأمين الشفاء له كاملاً ومتماً فيما يجريه من فحص أو عملية إنما يأخذ على عاتقه بذل العناية الواجبة مراعياً في عمله القواعد الطبية الحديثة المستقرة في مجال اختصاصه وفي كل الاحوال الطبيب خاضع من حيث المسؤولية للقواعد العامة، فيسأل عن كل خطأ ثابت في حقه على وجه التحقيق سواء أكان الخطأ عادياً أم فنياً وسواء أكان يسيراً أو جسيماً . و بالرغم من أن الولايات المتحدة تقدم افضل عناية صحية في العالم، فان مستوى الأخطاء الطبية فيها مرتفع بصورة غير مقبولة بتاتا وقبل التطرق إلى مسؤولية الطبيب بشقيها المدني والجزائي أود الإشارة إلى بعض ما جاء بهذا المجال فقد فرض مجمع لاتران عام 1215 على الطبيب أن يخطر المريض بضرورة الاعتراف أمام الكاهن وإلا تعرض للعقاب واستمر ذلك حتى العام 1712 . وقد عارضت الكنيسة العمل الجراحي وفصلته عن الطب وتركت أمر معالجته للحلاقين.عند العرب وان أول من أنشأ المستشفيات أطباء مشهورين منهم أبن سينا وأبن النفيس والرازي. وعلى كل حال كان الطبيب لا يسأل عند العرب إلاّ إذا كان الخطأ المرتكب مما لا يقع به طبب وهوما ينتج عن الجهل أو الخطأ الفاحش
وتترتب عليه المسؤولية القانونية بشقيها المدنية والجزائية . وكما هو معروف المسؤولية المدنية هى كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض .وهذه المسؤولية ناتجة عن المسؤولية التقصيرية التي تنشأ نتيجة خطأ ارتكبه شخص فسبب ضررا للغير لا تربطه به رابطة عقدية ولابد ان تتوفر اركان هذه المسؤولية التقصيرية الخطأ – الضرر – العلاقة السببية .ومسؤولية الطبيب التي يسأل عليها هي الناتجة عن الأخطاء المتعلقة بممارسة مهنته مثال أخطاء التشخيص ولاعتباره مخطئا يجب أن يكون فعله المنسوب إليه مما لا يصدر عن طبيب وسط في نفس مستواه من التشخيص والخبرة . كذلك يُعتبر امتناع الطبيب عن القيام بالمعالجة في الوقت المناسب خطأ طبيا ما لم يكن هذا الامتناع غير ذي تأثير على حالة المريض
.وعليه فان المسؤولية المدنية تستوجب التعويض المادي عن الضرر أو الأذى اللاحق بالمريض ويترك أمر تقدير ذلك للقضاء الذي يراعي كل حالة بحسب مسؤولية الطبيب ومقدار الأذى ونسبة العجز وغيرها من أمور شريطة ان يكون لنقابة الاطباء الموافقة المبدئية لإحالة الطبيب إلى القضاء لإجراء التحقيق إذا رأت أن الطبيب مقصرا بايداء مهنته وفي اطار المسؤولية الجزائية يحاسب الطبيب جزائيا في حالات ثلاثة:
-1- الجرائم العادية التي يرتكبها الطبيب كإنسان عادي
-2- الجرائم المرتكبة أثناء ممارسته لمهنته كطبيب
3- -حالات استثنائية .يعاقب الطبيب في حالة ارتكابه الخطأ المهني الجسيم .هذا الخطأ الذي لايقع فيه الإنسان العادي كما في حالة جهله التام أو عدم مراعاته للقواعد الفنية العادية الواجب مراعاتها مثل عدم تعقيم الأدوات الطبية المستعملة أو يقوم بعمل جراحي وهو سكران أو امتناعه عن الاستمرار بمعالجة المريض وتسبب فى موت أحد عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة والتعليمات او يسبب إيذاء أخر غير مقصود. وهنا يعطى المجنى عليه او من يمثله قانونا او من الورثة اذا كانت هناك وفاة حق إقامة الشكوى على الطبيب وكما هو الحال اذا افشى اسرار المريض . في حين عاقب القانون على جريمة القتل بدافع الرحمه واعتبرت ذلك جريمة قتل كما هو حال الإجهاض وبأية وسيلة كانت لإجهاض امرأة أو محاولة إجهاضها منه حتى ولو كان برضاها وإذا أفضى الإجهاض أو الوسائل التي استعملت في سبيله إلى الموت عوقب الفاعل .كما لايجوز القانون استخدام جثة الانسان وتشريحها لهدف علمي دون موافقة من له الحق بذلك وتختلف المسؤولية القانونية الجزائية عن المسؤولية المدنية لجهة الأركان اللازم توافرها للمساءلة فالمسؤولية الجزائية يجب توافر عناصر ثلاثة : الإدراك -التمييز - حرية الإرادة - الخطأ - ويعتبر الخطأ أهمها وهو الإهمال أو قلة الاحتراز أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة كما هناك بعض الجرائم التي يمكن وقوعها في مجال ممارسة مهنة الطب او ناتجه عنها جرائم النصب والاحتيال الطبي كالتهويل بأمراض غير موجودة بقصد الابتزاز- جرائم العرض حيث يستغل الطبيب مهنته وظروف مريضته فيأتي معها أفعالا مخالفة للأخلاق والشرف وإساءة معاملة المصابين بأمراض عقلية ونفسية وجريمة نسب المواليد لغير ذويهم وجريمة أبدال الجنس وسرقة الأطفال وانتهاك حرمة الموتى وجرم أعطاء خبرات غير صحيحة وغيرها كثيرا. وهناك بعض الأخطاء لايمكن قبولها ويجب أن لاتقع من الطبيب والطاقم الذي يعمل معه وعلى سبيل المثال إدخال أنبوب الأوكسجين لغرض التنفس أثناء ألعمليه إلى المرى وكثيرا ما يدخل المريض أو أهله فى ألمساعده على تكوين الخطأ وخاصة الخطأ الجسيم دون أن يكون للطبيب اى دخل أو علم أما بسبب العاطفة أو لجهل أو إرباك الطبيب خلافا لعمله وعادة تكون هذه الأعمال بدافع غريزي .أما تقسيمات الخطأ الطبي فيُجمع معظم الفقهاء القانونيين على وجود قسمين من أخطاء الأطباء الخطأ الفني- وهو الخطأ الذي يصدر عن الطبيب ويتعلّق بأعمال مهنته ويتوجّب لإثبات مسؤوليته عنه أن يكون الخطأ جسيماً ومن الأمثلة عليه: عدم الالتزام بالتحاليل الطبية والخطأ في نقل الدم وإصابة المريض لسوء استخدام الآلات والأجهزة الطبية وإحداث عاهة فضلاً عن التسبّب في تلف عضو أو تفاقم علّةالخطأ العادي- ومردّه إلى الإخلال بواجبات الحيطة والحذر العامة التي ينبغي أن يلتزم بها الناس كافة ومنهم الطبيب في نطاق مهنته باعتباره يلتزم بهذه الواجبات العامة قبل أن يلتزم بالقواعد العلمية أو الفنية لمهنته. ومثاله أن يجري الطبيب عملية جراحية وهو فى حاله لايسمح له وضعه الصحي وهذا ما يحدث الا نادرا.أما الإهمال الذاتي: فيقصد به التفريط والتقصير وعدم الانتباه ومن صور الإهمال. أن يُكلّف شخص بالعناية بمريض أو طفل صغير فيهمل العناية به حتى يموت. أو ينسى الطبيب قطعة شاش أو آلة داخل جسم المريض.وكذلك قلة الاحتراز وعدم التقدير على نحو سليم للآثار الضارة لفعله فضلاً عن عدم مراعاة القوانين والأنظمة.مع إدراكنا المسبق لا يوجد بين أطبائنا من يسمح لنفسه بإيذاء احد المرضى ولكننا نتعامل مع سياق الواقع العملي لهذه ألمهنه ألمقدسه وبكل المعانى الانسانيه وبغض النظر عمن يقع فى دائرة الأخطاء الجسيمه حتى يتعرف الآخرين لان الواقع العملي واليومي يعطينا ويطلعنا لمثل هذه الحالات لاعلى سبيل الحصر في مكان معين نقصد به بل اين ما وجد سواء فى العراق او غيره.وإن إحدى أهم المشاكل التي تظهر في دعاوى مُساءلة الأطباء مدنياً عن أخطائهم المهنية هي مسألة الإثبات فالمريض يجب عليه أن يُثبت وقوع الخطأ وأن يثبت وقوع الضرر ثم يثبت علاقة الخطأ بالضرر وأن هذا الخطأ هو الذي أوقع ذلك الضرر وأن هذا الضرر ما كان ليقع لولا وقوع ذلك الخطأ. ويظهر ثقل هذا العبء بشكل جلي ومعقّد في ظل الصعوبة البالغة التي تنجم عن إفادات الخبراء الذين تدعوهم المحكمة وهم من الأطباء في تحميل زملائهم في المهنة أي نوع من أنواع المسؤولية لدى إدلائهم بإفاداتهم مع الملاحظة أن تشريعات بعض الدول ذهبت إلى ابتكار حلول جديدة لمواجهة هذه الإشكالية بحيث افترضت قيام مسؤولية الأطباء دون حاجة إلى تحميل المريض عبء الإثبات فيما جعلت عبء إثبات العكس يقع على الأطباء. ومن هذه الدول السويد ونيوزيلندا.ويلعب النظام العشائري في تسوية قضايا الأخطاء الطبية دورا إنساني ينسجم وحجم مسؤولية الطبيب بقصد المسامحة بالجانب الجزائي من المسؤولية وهذا يجب أن لا يؤثر على الحق المدني للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمتضرر. وعلى المؤسسات ألتشريعيه ان تبادر لوضع قانون يلزم المؤسسات الصحية الخاصة والعامة بالتأمين ضد المسؤولية عن الأخطاء الطبية إلى جانب تطوير الوعي لدى المواطنين بأهمية ملاحقة ومتابعة قضايا الخطأ الطبي بالطرق ألقانونيه السليمة والابتعاد عن الطرق ألبدائيه الباليه والتي تسيى للعمل الانسانى والخبرة ألعلميه وبدوافع الابتزاز وكثيرا ما يقع المتضرر تحت طائلة العقاب عندما يتجاوز حدوده ألقانونيه لكون القانون له الشأن على الجميع ودون استثناء . لذا يجب ان تكون لجان طب شرعية من أطباء وفقهاء وقانونيين تكون مهمتهم إبداء الرأي الفني والعلمي والمهني والقانوني في كل مسألة طبية طارئة وتحديد نوع الخطأ الطبي ومدى مسؤولية الطبيب وضمن اختصاص نقابة الاطباء وهذا لايعنى ابعاد القضاء ففي كل الأحوال القضاء صاحب ألكلمه الاولى وبموجب قانون خاص يحدد الأخطاء الطبية يكون فيصلاً في مثل تلك القضايا التي تتشابك فيها المصطلحات والمفاهيم بين الخطأ الطبي والمضاعفات الطبية ومداخلات المريض وأهله والحالات العائدة إلى القضاء والقدر..لان الطبيب هو الميزان والموازنة والمعيار الذي يدعم النظام الصحي ويهدف لبناء مجتمع خالي من الأمراض وبموجب رسالته التى يملها الامر الذى يستوجب توفير مستلزمات ايداء مهمنته.ولغرض تكيف مسؤولية الطبيب فقد اجمع الفقه والقضاء على ان المسؤولية المدنية للطبيب عن الخطأ والتقصير الصادر من قبلة اثناء معالجته للمرضى مثاراً للجدل والنقاش، الا ان الجدل ثار حول تكيف هذه المسؤولية فيما اذا كانت مسؤولية عقدية أم مسؤولية تقصيرية ولتكيف مسؤولية الطبيب المدنية لابد من وضع هذه المسؤولية في مكانها بالنسبة الى غيرها من انواع المسؤولية وتحديد نطاق دائرتها في وسط نطاق دوائر اوسع منها كالمسؤولية الادبية والجنائية، والمدنية. وبالتحديد لنوع المسؤولية الطبية.
بما فيها المسؤولية الادبية التي لا تدخل في دائرة القانون ولا يترتب عليها جزاء قانوني، بل ان امرها موكول الى الضمير والوجدان والوازع الداخلي، وبالتالي هي حالة الشخص الذي يخالف قاعدة من قواعد الاخلاق، المتعارف عليها بانها مكملة للقواعد القانونية. وكما ان هذه المسؤولية تتحقق حتى لو لم يوجد ضرر. الا ان المسؤولية القانونية تدخل في دائرة القانون ويترتب عليها جزاء قانوني، وبالتالي هي حالة الشخص الذي يخالف قاعدة من قواعد القانون، ولا تتحقق هذه لمسؤولية الا اذا وجد ضرر ولحق هذا الضرر شخص اخر غير المسؤول.
ونستخلص مما سبق ان المسؤولية الادبية اوسع نطاق من المسؤولية القانونية، لانها تتصل بعلاقة الانسان بربة وبعلاقته بنفسة وبعلاقتة مع الناس، بخلاف المسؤولة القانونية التي لا تتصل الا بعلاقة الانسان بغيرة من الناس. وتنقسم المسؤولية القانونية بدورها الى قسمين جنائية ومدنية
1- المسؤولية الجنائية: وهي التي تتحقق عندما يرتكب الشخص فعلا يشكل جرما يعاقب عليه القانون، فتقوم هذه المسؤولية على اعتبار ان هناك ضرر اصاب المجتمع من جراء ارتكاب هذا الشخص فعلا يخالف القواعد القانونية العامة التي تنظم شؤون الحياة في المجتمع وتترتب على مخالفته لهذه القواعد جزاء جنائي محدد بنصوص القانون.
2- . المسؤولية المدنية: وهي التي تتحقق عند اخلال المدين بالتزام يجب عليه، وترتب على هذا الاخلال ضررا اصاب الغير، ويعرفها البعض بانها التزام شخص بتعويض الضرر الذي اصاب شخص اخر، وبالتالي يلزم بتعويض الضرر الذي لحق الغير. وقد تتحقق المسؤولية الجنائية دون المدنية اذا لم يلحق الفعل ضررا بالغير، كما في بعض جرائم الشروع وحمل السلاح ومخالفات المرور، وقد تتحقق المسؤولية المدنية دون المسؤولية الجنائية اذا الحق الفعل ضررا بالغير دون أن يدخل ضمن الاعمال المعاقب عليها في القوانين الجنائية، كالاضرار بمال الغير عن غير عمد وسوء العلاج الطبي.

3. من حيث مدى التعويض عن الضرر (الضمان): ففي المسؤولية العقدية لا يسأل المدين الا عن الضرر المباشر والمتوقع وقت ابرام العقد، باستثناء حالتي الغش والخطأ الجسيم، اما في المسؤولية التقصيرية فيسأل المدين عن الضرر المباشر المتوقع وغير المتوقع.
4. من حيث الاختصاص: ينعقد الاختصاص في المسؤولية العقدية للمحكمة التي في دائرتها موطن المدعى عليه او المدعى واحيانا للمحكمة التي يقع في دائرتها مكان انعقاد العقد، هذا كله اذا لم يتم الاتفاق على غير ذلك، اما في المسؤولية التقصيرية فينعقد الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها مكان وقوع الفعل الضار.
5. من حيث التضامن: ان التضامن في المسؤولية العقدية لا يكون الا بنص القانون او الاتفاق عليه، بخلاف الامر في المسؤولية التقصيرية الذي يفترض فيها التضامن.
6. من حيث نطاق المسؤولية عن فعل الغير: يسأل المدين وفقاً للاحكام المسؤولية العقدية عن فعل كل شخص استعان به في تنفيذ الالتزام، اما في المسؤولية التقصيرية فلا يسأل الشخص الا عن افعالة الشخصية باستثناء ما نص عليه القانون، اي ان الاصل في المسؤولية التقصيرية انها شخصية الا اذا نص القانون على غير ذلك.
7. من حيث الاعفاء من المسؤولية: يجوز الاتفاق على الاعفاء من المسؤولية العقدية في حين ان الاتفاق على الاعفاء من المسؤولية التقصيرية يكون باطلاً. وفي حالة اذا توافر في الفعل مسؤولية عقدية وتقصيرية فان المسؤولية العقدية تجب المسؤولية التقصيرية. ومن حيث الاثبات: يقع على الدائن في المسؤولية العقدية اثبات العقد، وعلى المدين اثبات انه قام بتنفيذ التزامه او اثبات السبب الاجنبي الذي حال بينه وبين تنفيذه للإلتزام المترتب عليه، أما في المسؤولية التقصيرية فيقع عبء الاثبات على الدائن (المضرور) فهو الذي يلزم باثبات خطأ المدين والضرر والعلاقة السببية. تحديد نوع المسؤولية الطبية على ضوء القواعد القانونيه العامه. تثور المسؤولية الطبية عندما يتخلف ابناء المهنة عن بذل العناية التي تتطلبها مهنتهم والتي ينتظرها منهم المرضى، وقد كانت تلك المسؤولية محلاً للعديد من الاراء الفقهية والتطبيقات القضائية وبالتالي للكثير من التساؤلات حول تحديد طبيعتها هل هي مسؤولية عقدية ام مسؤولية تقصيرية. الطبيعة التقصيرية للمسؤولية الطبية من المعلوم ان المسؤولية لا تكون عقدية الا اذا وجد عقد صحيح بين المضرور والمسؤول عن الضرر، وكان هذا الضرر نتيجة اخلال احد طرفي العقد بالاتزام العقدي. ويترتب على هذا القول ان مسؤولية الطبيب هي مسؤولية تقصيرية كلما انعدمت الرابطة التعاقدية. وقد ذهب القضاء الفرنسي مدة من الزمن الى اعتبار ان المسؤولية الطبية مسؤولية تقصيرية عندما يصدر خطأ من شخص معين يسبب ضرر للغير دون تمييز بين طبيب او غيره. واعتبر ان المسؤولية الطبية هي مسؤولية تقصيرية، تقوم على الاخلال بواجب عام وهو عدم الاضرار بالغير، وقد استند انصار المسؤولية التقصيرية في مجال المسؤولية الطبية الى عدة حجج لتأييد رأيهم ويمكن اجمال هذه الحجج بما يلي : 1. ان المسؤولية الطبية هي مسؤولية لها طبيعة فنية بحتة، فالطبيب ملزم بمراعاة واجب الضمير والاصول العلمية الطبية الثابتة بعلم الطب، سواء ارتبط بعقد ام لم يرتبط، فكل ما يتعلق بالضمير والاصول العلمية الثابتة بعلم الطب مناطة قواعد المهنة وهذا يخرج عن دائرة العقد.
2. كل فعل يقوم به الانسان وينشأ عنه ضرر للغير، فانه يوجب المسؤولية التقصيرية، وقد ذهب انصار هذه الحجة (النظرية) بان كل فعل حتى ولو شكل جريمة جنائية فانه يوجب المسؤولية التقصيرية، وعمل الطبيب الذي يقوم به لا يخرج عن هذا النطاق ويلتزم بتعويض الضرر الذي نشأ عن فعله الطبي ولا يسأل عن اي جرم جنائي على حد قولهم لانه يتمتع بحصانة جنائية اذا ما التزم باصول المهنة.
3. الاستناد الى فكرة النظام العام، ان العلاج الطبي يتعلق بحياة الانسان وسلامة جسمة وبدنة وسلامة الانسان من سلامة المجتمع، وبالتالي فان المساس بهذه المسائل هو مساس بالنظام العام الذي هو مجموعة من الركائز والقواعد الاساسية التي تهم المصلحة العليا للدولة، والتي على الجميع احترامها، وبناء عليه يجب ان يخضع المسؤول في حالة مخالفتة لهذة القواعد الركائز لقواعد المسؤولية التقصيرية. الا ان الاخذ بالمسؤولية التقصيرية يجعل عبء الاثبات يقع على عاتق المريض المضرور، على اعتبار ان الدائن هو الملزم باثبات الضرر، ومن اجل التخفيف عنه في عبء الاثبات وتوفير الحد الادنى لحمايته فقد لجأ الفقة الى قرينة المسؤولية التي يفرضها الحق ضررا من الاشياء او لحق به ضررا من الاشياء التي تكون تحت الرعايه .ولا يمكن نفيها الا باثبات السبب الاجنبي الذي لا يد له فيه . وعلية لا يكتفي من الطبيب المدعى علية ان يثبت انه لم يرتكب خطأ، وانما يجب ان يثبت ان هناك سبب اجنبي لا يد له فية حتى يتمكن من نفي المسؤولية عنه. وبقي الفقة والقضاء في فرنسا يعتبران المسؤولية الطبية هي مسؤولية تقصيرية الى ان صدر حكم محكمة النقض الفرنسية في حكم شهير لها في يوم 20 ايار من عام 1936م، حيث عرض امر تكيف طبيعة المسؤولية الطبية من جديد على محكمة النقض وقررت انه من المقرر نشوء عقد ما بين الطبيب والمريض يلتزم بمقتضاه الطبيب لا بشفاء المريض بل بتقديم العناية اليقظة التي تقتضيها الظروف الخاصة للمريض والتي تتفق مع اصول المهنة ومقتضيات التطور العلمي، ويترتب على الاخلال بهذا الالتزام التعاقدي ميلاد مسؤولية من نفس النوع اي مسؤولية عقدية. ولذلك فان عقد العلاج بين الطبيب والمريض وان لم يتضمن شفاء المريض فانه لا يكتفي من الطبيب بذل جهود عادية بل المطلوب منه بذل قصارى جهدة في سبيل الشفاء والتي يجب ان تكون متفقة مع الاصول العلمية الثابتة مالم يكن هناك ظرف استثنائي. وعليه تعتبر المسؤولية الطبية هي مسؤوليه عقدية والطبيب وان كان لا يلتزم بمقتضى العقد الذي بينه وبين مريضة بشفائة او بنجاح العملية التي يجريها له الا ان العناية المطلوبة منه تقتضي ان يبذل منه جهود صادقة يقظة تتفق مع الاصول العلمية المستقرة في علم الطب، فيسأل الطبيب عن كل تقصير في مسلكة الطبي والذى لا يمكن ان يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني وجد في نفس الظروف التي احاطة بالطبيب المسؤول. ومع ذلك هناك حالات استقر الفقة والقضاء على أن تكون فيها مسؤولية الطبيب مسؤولية تقصيرية وهي الحالات التالية :
أولاً: اذا كان تدخل الطبيب لا يستند الى عقد صحيح ويقع ذلك في الحالات التي تؤكد الدلائل على انعدام الرابطة التعاقدية ما بين الطبيب والمريض، فاذا ما انعدم وجود مثل هذه الرابطة، فان مسؤولية الطبيب هي مسؤولية تقصيرية، ومثال ذلك ان يقوم الطبيب بانقاذ جريح على الطريق العام او انقاذ غريق، فيعتبر تدخل الطبيب هنا هو اقرب الى قواعد الفضالة حتى ولو دعي من قبل الجمهور للقيام بحالات الانقاذ المذكورة.
ثانياً: في الحالة التي يسبب المريض ضرراً يلحق بالغير، مثال ذلك اهمال الطبيب في مراقبة مريضة المختل عقليا والذي يسبب ضررا للغير او قيام المريض بمرض معدي -مع علم الطبيب بذلك- بنقل العدوى الى شخص آخر، دون ان يقوم الطبيب بعمل الاجراءات اللازمة للحيلولة دون منع او انتشار المرض المعدي، او اذا منح الطبيب شهادة طبية لشخص معين وكانت هذه الشهادة مخالفة للوقائع وقام هذا الشخص بتقديمها لرب العمل. في الحالات السابقة تكون مسؤولية الطبيب مسؤولية تقصيرية.
ثالثاً: حالة امتناع الطبيب عن علاج المريض او عن التدخل في معالجتة في ظروف كان يجب علية وفقا للقانون ان يتدخل في العلاج، ومثال ذلك عدم قيام الطبيب في قسم الطوارئ بتقديم الاسعافات الاولية للمريض فتعتبر مسؤولية الطبيب في هذه الحالة مسؤولية تقصيرية.
رابعاً: الحالة التي تأخذ مخالفة الطبيب لالتزامه الطابع الجنائي ومن ثم يك هو المختص بالدعوى المدنية، وقد طبق القضاء الفرنسي هذا المبدأ بشأن الممرضة التي ادى اهمالها الجسيم لموت الطفل الصغير.
خامساً: الحالة التي يطالب فيها بالتعويض شخص آخر غير المريض، اي غير المتعاقد مع الطبيب، كما هو الحال بالنسبة لورثة المتوفي المتضرر، اذا قاموا برفع دعوى باسمهم الشخصي للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي اصابهم شخصيا نتيجة لموت قريبهم او مورثهم. هذه الحالات استقرا القضاء عليها بانها مسؤولية تقصيرية لا مسؤولية عقدية لان الطبيعة العقدية للمسؤولية الطبية يمكننا القول بأن الطبيب اذا قام بمعالجة المريض في ظروف عادية فغالبا ما يكون ذلك بناءً على اتفاق مسبق بينهما، وغالباً ما يرتبط المريض مع الطبيب بموجب عقد، حتى وان كانت صيغة هذا العقد في غالب الاحيان غير مكتوبة او غير موثقة، فمجرد فتح المريض لعيادتة وتعليقة للافتة التي تدل على ذلك، فانة يضع نفسة في موقع من يعرض الايجاب، فعندما يتوجة المريض لهذا الطبيب من اجل العلاج فهذا يدل على قبول المريض للايجاب وبالتالي انعقاد العقد الطبي بينهما وبموجب هذا العقد يطلب المريض من طبيبة ان يقدم له العناية التي تؤدي الى شفائة مقابل بدل معين يتم الاتفاق علية وفي العادة وكما هو معمول بة في الاردن يتم تحديد اجور الكشفيات والعلاج مسبقا بموجب انظمة داخلية وعليه تكونالمسؤولية هي مسؤولية تقصيرية واستقر على ان المسؤولية الطبية هي في الاصل مسؤولية عقدية والاستثناء ان تكون مسؤولية تقصيرية. وقد خرج الفقة باقرار نتيجة هامة الا وهي عدم جواز الجمع او الخيرة بين المسؤوليتين، وبناء على ذلك يقع على عاتق المريض الذي يدعي بان التزام الطبيب لم يتم تنفيذه – اذا اعتبرنا هذا الالتزام هو التزام عقدي اثبات ذلك وفقا للقواعد العامة بالاثبات وتعتبر مسؤولية الطبيب مسؤولية عقدية حتى ولو تدخل الطبيب من تلقاء نفسة وفق اصول المجاملات الطبية كما لو قام الطبيب بمعالجة احد اصدقائة او كما لو قام الطبيب بالمعالجة او بالتدخل بناء على اشتراط لمصلحة الغير، كما لو تعاقد رب العمل مع طبيب معين لمعالجة عمالة، فالعامل المضرور يرجع على الطبيب في حالة اهمال الطبيب في معالجتة وفقا لقواعد المسؤولية العقدية . بعد أن تعرضنا للاتجاهات الفقهية والقضائية والتي عملت على تكييف طبيعة المسؤولية الطبية نعرض الان الرأي السائد في التكييف القانوني للمسؤولية الطبية. الا ان الرأي السائد في تكييف المسؤولية الطبية كانت الاتجاهات الفقهية والقضائية السابقة تعتبران مسؤولية الطبيب هي سؤولية تقصيرية ثم تحولت واصبحت تعتبرها مسؤولية عقدية والمسؤولية الطبية والمجمع عليه فقهيا وقضائيا، ان مسؤولية الطبيب عن اخطاءه المهنية، انما هي مسؤولية عقدية. ولكي تكون مسؤولية الطبيب عقدية فانة لابد من توافر الشروط التالية : الشرط الاول: ان يكون هناك عقد صحيح بين الطبيب المريض فيجب ان تتوافر في العقد حتى يكون صحيحا ومشروعا جميع اركانه وشروطة والمتمثلة بالرضى الخالي من العيوب فإذا لم يحصل الطبيب على رضى المريض بالعلاج فانه يكون قد ارتكب خطأ ويسأل عن الاضرار الناجمة عن تدخلة، كما يشترط ايضا ان يكون محل العقد مشروعا، فاذا اتجهة الى انشاء التزام على عاتق الطبيب فهذا يعني ان العقد يكون صحيحا، وبالتالي وجود رابطة تعاقدية بين الطبيب والمريض وتكون المسؤولية بالتالي مسؤولية عقدية. وهذا الامر يثير ضرورة بحث العديد من الحالات الرأي لتحديد ما اذا كان تدخل الطبيب بموجب عقد ام لا: - الحالة الاولى : اختيار الطبيب من قبل المريض. في هذه الحالة يتم اختيار الطبيب من قبل المريض ويوجد عقد ما بين المريض والطبيب بهدف علاج المريض وهذه الحالة لا تثير ادنى شك في كون أن المسؤلية هي مسؤلية عقدية الحالة الثانية : تدخل الطبيب دون دعوى من قبل المريض . وفي هذه الحالة فإن الطبيب يتدخل ليس بناء على دعوى من المريض وبالتالي لا يكون وجود العقد واضحا كما هو الوضع في الحالة الاولى ، بل أن هذا الوضع يتطلب أن نميز بين عدة فروض للتأكد من وجود العقد من عدمه . لفرض الأول : تدخل الطبيب من تلقاء نفسه أو بدعوى من غير ذي صفة ، ومثال ذلك كما لو شاهد الطبيب حادث على الطريق العام وتدخل من تلقاء نفسه لإسعاف المريض أو بناء على دعوى من الجمهور ، هنا لا يوجد عقد بين الطبيب السائد في تكييف المريض ويعتبر العمل الذي قام به الطبيب من أجل إسعاف المريض ، من قبيل الفضالة الفرض الثاني : حالة اختيار الطبيب المعين من قبل مستشفى خاص او مشروع خاص ويتحقق هذا الأمر عندما يبرم الطبيب عقد مع مستشفى أو مع إدارة شركة أو مصنع يلتزم بمقتضى هذا العقد أن يقوم بمعالجة مرضى المستشفى الخاص أو عمال الشركة أو المصنع أثناء قيامهم بالعمل ، أن العقد المبرم ما بين الطبيب والمستشفى أو المشروع الخاص ينظم علاقاتهم التبادلية ، وبموجب هذا العقد يلزم الطبيب بتقديم العلاج اللازم للعمال أو مرضى المستشفى على الرغم من أنه لم يلتزم معهم بإي اتفاق سابق ، فيكون التكيف القانوني لهذه العلاقة وفقا لقواعد الاشتراط لمصلحة الغير ، حيث يعتبر الطبيب متعهدا بتقديم خدمة العلاج والمداواة وتعتبر إدارة المستشفى او المصنع، المشترط، ويعتبر العمال او المرضى هم المستفيدون من هذا الاشتراط، ومن المعلوم انه لا يشترط في الاشتراط لمصلحة الغير تعيين الاشخاص الذين لهم مصلحة ما دام انهم قابلين للتعييين عند التنفيذ. وبناءً على ذلك يكون للمستفيد دعوى مباشرة يستمدها من العقد ويستطيع استعمالها في مواجهة المتعهد الطبيب لمطالبتة بتنفيذ التزامة، وبالتالي يمكننا القول ان مسؤولية الطبيب في هذا الفرض هي مسؤولية عقدية.
الفرض الثالث: حالة الطبيب الذي يعمل في مستشفى عام ينظر الى ان العلاقة بين الموظف والادارة هي علاقة تعاقدية واعتبر قبول الموظف للوظيفة وقبول الادارة للموظف عبارة عن عقد من عقود القانون المدني ويوصف ذلك بانة عقد اجار اشخاص الا انه وجهت انتقادات عديدة الى هذا التكييف القانوني اي لعلاقة للموظف بالادارة علاقه خاصة وان القانون المدني تحكمة قاعدة العقد شريعة المتعاقدين وبالتالي لا يجوز تعديل العقد الا باتفاق الطرفين ونجد على العكس من ذلك ان الادارة تقوم بتعديل شروط التوظيف، بمحظ ارادتها، دون ان يكون الموظف حق الاحتجاج لانه حق مكتسب، لذلك عدل مجلس الدولة الفرنسي عن هذا التكييف واستقرت احكامة على اساس فكرة المركز اللائحي والتنظيمي للموظفين، اي ان العلاقة بين الموظف والادارة هي علاقة تنظيمية لائحية ووفقا لهذا الرأي فإن الوظائف تنشأ بقانون يحدد بموجبها الحقوق والواجبات وقبول الموظف ليس الا خضوع للاحكام .الا ان علاقة الطبيب بالجهة الادارية هي علاقة تنظيمية لائحية وليست علاقة تعاقدية وان مسؤولية الطبيب في المستشفى العام عن الضرر الذي يصيب المريض هي مسؤولية تقصيرية ، كما وكما يلاحظ ان علاقة الموظف بالادارة هي علاقة تنظيمية وليست تعاقدية وان الادارة مسؤوله عن الأضرار التي يسببها المستخدمين، مما أدى الى استبعاد قواعد القانون الخاص بالمسؤولية لتخضع كليا لقواعد المسؤولية الادارية . وكما هو حال الطبيب علاقته بالادارة هي علاقة تنظيمية لائحية تحكمها القوانين والانظمة ولا يمكن القول بوجود الاشتراط لمصلحة المريض بين الطبيب الذي يعمل في المستشفى وادارة المستشفى حيث لا يوجد عقد بينهما، لذلك فإن مسائلة الطبيب في المستشفى العام عن الضرر الذي يصيب المريض يكون وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية. الشرط الثاني: اخلال الطبيب المعالج بالعقد الطبي (ارتكاب الطبيب خطأ طبي) يسأل الطبيب في حالة عدم قيامة بالالتزامات التي يفرضها عليه العقد الطبي المبرم مع المريض عن كل تقصير او اهمال يصدر عن الطبيب اثناء قيامة بمعالجة المريض. وبالرجوع الى قواعد المسؤولية العقدية نجد ان الخطأ العقدي هو عبارة عن انحراف ايجابي او سلبي في سلوك المدين يؤدي الى مسألتة، ومعيار هذا الانحراف هو معيار الرجل عادي اعتبار اذا كان المطلوب من المدين هو المحافظة على الشيء او القيام بادارتة او توخي الحيطة في تنفيذ التزامة فانة يكون قد اوفى بالالتزام اذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذلة الشخص العادي ولو لم يتحقق الغرض المقصود.. وعلية فإن المعيار لذي يطبق على الطبيب المدعى علية هو معيار موضوعي وهو معيار الطبيب الوسط. والأصل في المسؤولية العقدية هو افتراض وقوع الخطأ من جانب المدين إذا لم يقم بتنفيذ التزامة كلية أو في جزء منه او تأخر في تنفيذة، ولا يستطيع الطبيب نفي الخطأ عن نفسة الا اذا اثبت ان عدم التنفيذ يرجع الى سبب اجنبي حيث ينقضي الالتزام اذا اثبت المدين ان الوفاء بة اصبح مستحيلا علية لسبب اجنبي لا يد له فية.
اذن مضمون التزام الطبيب هو بذل الجهود الصادقة واليقظة التي تتفق مع الظروف القائمة والاصول العلمية الثابتة بعلم الطبيب، بهدف شفاء المريض، والاخلال بمثل هذا الالتزام بشكل خطأ طبي يثير مسؤولية الطبيب، والفعل الخاطئ قد يكون مقصودا أو متعمدا وقد يكون غير ذلك كأن ينتج عن اهمال او عدم احتراز. الخطأ العمدي الذى هو قيام المدين بفعل بقصد الحاق الضرر بالدائن مما يعني انه ارتكب غشاً ولذا تشغل مسؤوليتة في جميع الحالات ولا يستطيع التأمين عليها او الاتفاق على الاعفاء منها "وفي كل حال يبقى المدين مسؤولاً عما يأيتة من غش او خطأ جسيم وان الخطأ الجسيم يعامل معاملة الغش .
ولكن هل يجب على الدائن ان يثبت عدم تنفيذ المدين للالتزام، اي يثبت خطأ المدين وهو امر صعب في كثير من الاحيان، ام يكفي ان ثبت عدم تنفيذ المدين للالتزام، اي لمجرد عدم الوفاء بالالتزام وبالتالي افتراض الخطأ في جانب المدين، وعليه اذا اراد نفي المسؤولية عنه ان يقيم الدليل على وجود السبب الاجنبي. ومن خلال الرجوع الى نصوص القانون المدني الاردني لمعالجة التس علينا ان نفرق بين الالتزام بتحقيق نتيجة وللالتزام ببذل عناية.
ففي الالتزام بتحقيق نتيجة يكفي ان يثبت الدائن (المريض) عدم قيام المدين بتنفيذ التزامة، اي ان يثبت عدم تحقق النتيجة، فمثلا في عقد النقل يكفي ان يثبت العميل عدم وصول البضاعة في الموعد المتفق علية مع الناقل، فاذا اثبت الدائن ذلك فيفترض وقوع الخطأ من جانب المدين، ويتعين في هذه الحالة على المدين اذا اراد ان يتخلص من المسؤولية ان يقيم الدليل على وجود السبب الاجنبي الذي ادى لعدم قيامة بالتزامة. وفي الالتزام ببذل عناية، فانة لا يكفي من الدائن اثبات عدم الالتزام لكي يفترض الخطأ في جانب المدين، بل يجب عليه ان يثبت ان المدين لم يقم ولم يبذل في تنفيذ التزامة العناية المطلوبة، فإن اثبت ذلك فإن عبء الاثبات ينتقل للمدين الذي يستطيع نفي المسؤولية عنه اذا اثبت وجود السبب الاجنبي وهذا واضح اؤل السابق يجب علينا ان نفرق بين الالتزام بتحقيق نتيجة وللالتزام ببذل عناية.
ففي الالتزام بتحقيق نتيجة يكفي ان يثبت الدائن (المريض) عدم قيام المدين بتنفيذ التزامة، اي ان يثبت عدم تحقق النتيجة، فمثلا في عقد النقل يكفي ان يثبت العميل عدم وصول البضاعة في الموعد المتفق علية مع الناقل، فاذا اثبت الدائن ذلك فيفترض وقوع الخطأ من جانب المدين، ويتعين في هذه الحالة على المدين اذا اراد ان يتخلص من المسؤولية ان يقيم الدليل على وجود السبب الاجنبي الذي ادى لعدم قيامة بالتزامة. وفي الالتزام ببذل عناية، فانة لا يكفي من الدائن اثبات عدم الالتزام لكي يفترض الخطأ في جانب المدين، بل يجب عليه ان يثبت ان المدين لم يقم ولم يبذل في تنفيذ التزامة العناية المطلوبة، فإن اثبت ذلك فإن عبء الاثبات ينتقل للمدين الذي يستطيع نفي المسؤولية ع تأجل، فهنا لم يحدث لصاحب الجواد اي ضرر من جراء عدم تنفيذ الناقل للالتزامة، ولا تقوم بالتالي المسؤولية غير انه يستثنى من قاعدة وجوب اثبات الدائن لما لحقة من ضرر من جراء عدم تنفيذ المدين للالتزامة أمران : • الاول: خاص بفوائد النقود حيث لا يشترط لاستحقاق هذه الفوائد ان الشرط الرابع: اثبات العلاقة السببية بين عدم تنفيذ المدين لالتزامة والضرر الحاصل. ان المسؤولية العقدية لا تقوم نه اذا اثبت و لمجرد عدم تنفيذ المدين لالتزام، بل يجب ان يكون عدم التنفيذ راجعا الى خطأ المدين او بمعنى ادق ان تكون هناك علاقة سببية بين عدم التنفيذ والضرر الحاصل، وان علاقة السببية هذه يفترض وجودها اذا كان التزام المدين التزام بتحقيق نتيجة، بمعنى انه اذا اثبت الدائن عدم تحقيق نتيجة فيفترض ذلك ان الخطأ في جانب المدين، ولا تنتفي العلاقة السببية الا اذا اثبت المدين ان الضرر قد نشاء عن سبب اجنبي لا يد له فيه كأفة سماوية، او حادث فجائي او قوة قاهرة او فعل الغير او فعل المتضرر، كان غير ملزم بالضمان ما لم يقضي القانون او الاتفاق بغير ذلك. الاختيار بين المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية من المعلوم انه قد يجتمع في الفعل الواحد شرط المسؤولية العقدية والتقصيرية، وهنا تثور مسألة الجمع بين المسؤوليتين والسبب اساس ان الدعوى يجوز دفعها متى توافر شروطها، فاذا توافرت شروط المسؤولية العقدية وشروط المسؤولية التقصيرية كان الدائن بالخيار بينها، ان شاء على اساس المسؤولية التقصيرية،او العقدية ولكن في حالة اذا اختار احد الدعويين فخسرها فلا يجوز له بعد ذلك الالتجاء الى الدعوى الاخرى. لانة لا يمكن القول في هذه الحالة بإن المريض قد اختار الطبيب لعلاجة حتى ينعقد العقد بينهما، كما لا يمكن القول بوجود عقد اشتراط لمصلحة المريض بين ادارة المستشفى العام وبين اطبائها لان علاقة الطبيب الموظف بالجهة الادارية التي يتبعها هي علاقة تنظيمية وليست تعاقدية، وبذلك لا يكون هناك محل لبحث مسؤولية طبيب المستشفى العام في دائرة المسؤولية التعاقدية . وينطلق من اعتبارات عملية وانسانية اذ انه من الثابت ان احكام المسؤولية التقصيرية هي لصالح المريض المضرور من عدة وجوة وفى كل الاحوال حسم المريض حقه القانونى مسبقا بالاختيار وهذا شئنه الخاص.
ففي المسؤولية التقصيرية يكون التعويض عن الضرر المباشر الذي ينتج عن الفعل الضار سواء كان متوقع وغير متوقع، اما في يكون الا على الضرر المتوقع وقت ابرام العقد. وبخصوص التضامن في المسؤولية العقدية فإنه لا يفترض بين المدينين، بل لا بد من الاتفاق علية صراحة، بخلاف الحال في المسؤولية التقصيرية فالتضامن مفترض بين المدينين. ومن ناحية الاتفاق على اعفاء المدين من المسؤولية، ففي المسؤولية التقصيرية لا يجوز الاتفاق على اعفاء المدين من المسؤولية، لان قواعد المسؤولية التقصيرية متعلقة بالنظام العام، اما في المسؤولية العقدية فيجوز الاتفاق على اعفاء المدين من المسؤولية من الخطأ اليسير او حصرها في حدود مبلغ معين. هذا وقد عدل القضاء المصري عن الحكم السابق والذي اعتبر فيه ان سؤولية الطبيب هي مسؤولية تقصيرية.
وان مسؤولية الطبيب الذي يختاره المريض او نائبة لعلاجة هي مسؤولية عقدية والطبيب وان كان لا يلتزم بمقتضى العقد الذي ينعقد بينة وبين مريضة بشفائة او بنجاح العملية التي يجرها له لان التزام الطبيب ليس التزام بتحقيق نتيجة وانما هو التزم ببذل عناية والعناية المطلوبة من الطبيب تقتضي ان يبذل لمريضة جهودا صادقة يقظة تتفق مع الاصول الطبية المستقرة في علم الطب فيسأل الطبيب عن كل تقصير في مسلكة الطبي لا يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني وجد في نفس الظروف التي احاطت بالطبيب وعليه تعتبرت مسؤولية الطبيب مسؤولية عقدية لا تقصيرية وهذا ماستقر عليه الفقة والقضاء على اساس ان مسؤولية الطبيب هي مسؤولية عقدية كلما كان الطبيب قد تولى علاج المريض بناء على اختياره له وطلبة بنفسة او عن طريق نائبة .وتكون مسؤولية الطبيب تقصيرية في الحالات التي يتطوع فيها الطبيب من تلقاء نفسه او امتناعة عن العلاج اولا يكون المريض حرا في للمطالبه بالتعويض وليس له حق الاختيار، ولا يثبت وجود عقد بينة وبين الطبيب . ولا يمكن مساءلة طبيب المستشفى العام الا على اساس المسؤولية التقصيرية، لانه لا يمكن القول في هذه الحالة بأن المريض قد أختار الطبيب لعلاجة وعليه فان مسؤولية الطبيب هي مسؤولية عقدية. في حالة اختيار الطبيب من قبل المريض او نائبة، لانه يتفق مع المنطق القانوني السليم، ويمكن الاخذ بمبدا مسؤولية الطبيب هي مسؤولية تقصيرية في حالة اذا ما كان يعمل كطبيب في المستشفى العام والسبب في ذلك انه يمكن ان يكييف هذا الامر على اساس الاشتراط لمصلحة الغير. ان يعالج المريض الذي تعاقد معه وان يبذل في معالجته العناية الصادقة في حدود الاصول الطبية المستقرة في علم الطب. كما ان مالك المستشفى مسؤول عن اخطاء العاملين لدية لانهم يعملون تحت رقابتهم وتوجيههم. اما بالنسبة لمسؤولية الاطباء المهنية فيكون ضامنا وملتزما بواجباته دون الاخلال بضوابط العمل المهنى. وان واجب الطبيب واداب المهنة ان يؤدى المسؤولية الطبية بينه وبين المريض وعلى بذل العناية وعدم الاهمال وليس الشفاء على الطبيب عند قبولة رعاية اي شخص سواء في عيادته الخاصة او في اي منشأة صحية ان يبذل كل جهدة وطاقته لتقديم العناية والعطف والاخلاص لكل المرضى على حد سواء.مع احترام حرية المريض في اختيار الطبيب. وكذلك حرية الطبيب فيما يصفة مع مراعاة ظروف المريض فيما عدا حالات الطوارئ والاسعاف للطبيب الحق في رفض المعالجة لاسباب مهنية او شخصية ويمكن للطبيب ان يمتنع عن معالجة مريضة بمصلحة المريض.

وعليه ولما تقدم فان مسؤولية الطبيب الجنائية تعد من أهم الموضوعات الطبية خطوره في اطار بالغ التعقيد وأصبحت تثير الكثير من المشكلات القانونية في قدسية عمله المهني باعتبارها من الضمانات الأساسية لحقوق الإنسان حيث تضمنت المادة (12) من لإعلان العالمي لحقوق الإنسان أحكاماً تتضمن حماية الخصوصية الشخصية الأفراد بحكم عملهم.
 

Share |