الحلقة الثانية من بحث مؤتمر المهدوية -محسن وهيب عبد

Thu, 19 Jul 2012 الساعة : 12:05

الحلقة الثانية
استراتجية استخدام الفنون في التمهيد للظهور البهي لصاحب الامر
عليه السلام
4- من هم الظالمون وذوو السجايا السيئة في التاريخ؟:
( التعريف بالظالمين؛ لرصدهم ومتابعة خططهم ورسم الاستراتجيات الفنونية للمواجهة)
الظالمون على سطح الارض وعبر التاريخ هم صنف واحد ، ومن كل أصناف البشر؛ يرفعون شعارا واحدا هو شعار إبليس نفسه: (انا خير منه ) وهذا ما يجب ان يجسده الفنانون الممهدون في كل أعمالهم.
فلابد من بيان كيف ان المترفين والمستكبرين وأعداء النبيين والمرسلين وأعوان الشياطين يرفعون هذا الشعار؟
ذلك ما نجيب عليه الان وعلى الفنانين ان يسجلوه معيارا ضابطا في صحة عملهم التمهيدي:

الظلم: كل فعل شاذ عن خيارات النسق الكوني الفطري والبديهي، فهو ظاهر قوة قاسية غاشمة تتجسد من خلال فعل الإنسان فقط ـ دون بقية المخلوقات ـ فترعب وتخوف وتروع الآمنين في أفراده ومجتمعاته، ولذا فان الظلم يمارس من قبل كل نفر غلظ طبعه وقسيّ قلبه، وكلما كان الطبع أقسى كان الظلم أقوى وتأثيره في الرعب والتخويف اكبر.
وكأن الظالمين كلهم قد اتفقوا في الشرق والغرب على تجسيد شعار إبليس في عداوته للإنسان: (أنا خير منه).. فلا يأتي الظلم الذي يعم، إلا ممن يرفعون هذا الشعار( ).

5- معايير الظلمة وسوء سجاياهم في العالم التي يجب على الفن إبرازها:
للفنان المسلم أيضا أن يتوجه لمعاني الظلم الفاضح التي يجدها العالم في المعايير المزدوجة على كل صعيد يدعي الغربيون أنهم بلغوا فيه إنسانيتهم: ولنأخذ على سبيل الحصر أمثلة على ذلك:
أولا- الحرية الشخصية:
وهو ما يتشدق به الغربيون، ويعتبرونها عنوان حضارتهم، يجد المسلم أو المسلمة خصوصا أنها محض هراء، فالمسلمة لاحق لها إن ترتدي لباس اقره دينها لها، وإنها إن لبست ما يناسب عقيدتها تعاقب بالطرد من الوظيفة أو الجامعة أو من المدرسة، وعلى المنصف إن يرى مقدار ما تنطوي عليه نفس المسلمة المتعففة أو أبوها أو زوجها أو أخوها أو المسلم المراقب: من اضطهاد وهم يرون إن الحرية مباحة للأخريات بالتهتك أو وهن يمارسن الرذيلة علنا في الحدائق العامة الغربية.
إن الحرية الشخصية في الغرب لها اتجاه واحد فقط، هو الذي يتوافق مع المركزية الغربية ولا يتعارض مع التوجهات الصهيونية: وهو بهذا يخدم طرفاً آخر في أيدلوجية الإرهاب، وهو ما يستفيد منه المجرمون في غسل العقول البسيطة وتوجيهها إلى الاستشهاد لرفع الاضطهاد عن المسلمين، والانتقام من واضعي المعايير المزدوجة لؤلئك الأشرار-كما يظن- والذي يستفيد منه الحاقدون في الطعن بالدين واعتباره ممارسة إرهابية يدعو لها الدين الإسلامي.
ثانيا- الحرية الفكرية:
وهي من عناوين حضارة الغرب: هي كذلك يجدها المسلم محض هراء، وهو يرى إن الأوربي الأصيل (روجيه غارودي) يقدم للمحاكمة ويهان، لأنه آلف كتابا عن الأساطير الصهيونية، بل إن الناشر للكتاب يغرم ويصادر الكتاب من الأسواق..في حين إن الذي يشتم نبي المسلمين في كتابه (آيات شيطانية) : الهندي سليمان رشدي: تصرف الملايين على حمايته في أوربا ويطبع كتابه بكل لغات العالم.
وهذا مما يترك أثرا بالغا جدا في لب كل مسلم لأنه إجراء لا يشك في عدوانيته وخبثه، إلا من لا لب له ولا ضمير، حتى وان لم يكن مسلما، فكيف سيكون من يريد إن يوظف كل شيء لمآربه.
ثالثا- الديموقراطية:
فازت بالانتخابات التركية الديمقراطية النائبة (مروة قاوقجي) التركية في البرلمان التركي، إلا أنها كانت محتشمة اللباس و تضع قطعة قماش فوق رأسها لتغطية شعرها، كما تعتقد بالإسلام.. والآن فإنكم جميعا تعلمون مصيرها!! فقد أوصلتها الديمقراطية الغربية إلى الطرد من البلاد، وإسقاط الجنسية التركية عنها، عام 1999م، بعد فوزها عن حزب الفضيلة بحجة أنها محجبة!( ) ، إنها منتهى القسوة التي لا نجد مثيلها إلا عند التكفيريين.
من هذا المثال أرجو إن يلتفت المنصف إلى مقدار الاضطهاد الذي تنطوي عليه نفوس المسلمين الذين يعلمون أو ربما أعلمهم آخرون: إن النساء في اسطنبول يعرضن عاريات من خلف الزجاج في (الفترينات): من اجل الرذيلة، وعليهن أرقام يستدل بها الزبائن، ربما في هذا عار يجعل التكفيريين يفخرون بقتل الأطفال في العراق، والجزائر… دون التعرض لهذه الأسواق!!
رابعا- القرارات الدولية:
عشرات القرارات التي صدرت من الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن لا ينفذ منها إلا ما صدر ضد دول بذاتها، بينما ما يصدر ضد إسرائيل فانه يبقى حبرا على ورق ولا يجرؤ أحد إن يقول لماذا؟
ثم كل ما تقوم به إسرائيل من ذبح للفلسطينيين وتدمير وتشريد وهدم بيوت ومزارع وردم الآبار: مباح إلا إن يقوم فلسطيني بما يدل على انه معارضة على ذلك الفعل فانه إرهاب.
إن أي منصف يرى في ذلك اضطهاداً أيما اضطهاد: فهناك شعب يشرد بالكامل، ودولة تخرج على كل القوانين الدولية تحت رعاية غربية كاملة وعمياء..انه عار يكلل الحضارة الغربية ومسوغ لعدم استقرار العالم القائم على الظلم.
لكن الغريب إن هذا الظلم والذي يقع على الفلسطينيين مما لا يشغل اهتمام تنظيم التكفيريين، ولا تستغله في تجنيد الانتحاريين ضد إسرائيل!!

6- نماذج الظلم التي يجب أن يحاربها الفن من اجل التمهيد الفنوني
للظهور البهي للإمام المهدي عليه السلام:
(ما يجب على الفنانين الممهدين بيانه)
اولا- ظلم البيض وسوء سجاياهم الإنسانية:
لقد سعت المركزية الغربية الظالمة، إلى محاولة تصدير نموذجها الحضاري الظالم والذي يشهد الآن فضيحة لم يشهد لها التاريخ مثيلا، تمثل في نهضة الفقراء الذي ابتدأ في فرنسا، وأمريكا من الأعراق المهاجرة وفي ما يسمى بالربيع العربي حيث سياسة النبذ والإقصاء والإهمال، فكيف يمكن لها أن تصدره بعد اليوم إلي مختلف بقاع العالم؟! خصوصا وان هناك ممهدون سينهضون بمهام كشف الظلم ومحاربته.
وقد تجسد أسلوب التصدير المقيت هذا تاريخيا، بإشكال واضحة لا لبس فيها، منها:
1- فيما عرف بغزو أمريكا، عندما أسس المهاجرون الهاربون من نير الكنيسة البروتستانتية مدينتهم الفاضلة على جثث الهنود الحمر والازاتيك، وبسواعد الأفارقة السود.. هذا ما يجب على الفنانين الممهدين بيانه.
إن ممارسات السيد الأبيض في الإبادة الجماعية للهنود الحمر والازاتيك، وسوء سجاياه الإنسانية معهم والاستغلال البشع للأفارقة السود في مناجم الفحم والذهب، والنظر إلى الإسلام كعقيدة دموية وللمسلمين كبدو متوحشين … والمعاملة المباشرة التي تجسد تلك النظرة: ولد حقدا دفينا تغلغل في نفوس هذه الشعوب.
وبهذا الصدد يقول الغذامي في كتابه: (رحلة إلى جمهورية النظرية: مقاربات لقراءة وجه أمريكا) عن حال السيد الأبيض مع الأرقاء السود هناك:
(إن كل مواطن حرٌّّّ كان يستمتع بعمل أربعة أرقاء في المتوسط، ولم يكن هؤلاء الأرقاء يستخدمون في الخدمة المنزلية وحدها، بل كان منهم الزراع والرعاة، ولكن استخدامهم الأكثر شيوعا، كان في مجال الحرف والصناعات اليدوية واستخراج المعادن)( )
أما (فرنسيس فوكويام) – الأمريكي من أصل ياباني لذي ينظّر ويمهد لسيادة الرجل الأبيض- فقد جعل من إبادة الهنود الحمر والازاتيك الجماعية واستغلالهم، هدية كبرى قدمها السيد الأبيض لهم، فنراه يقول:
(إن أمريكا هي آخر بلد يمكن إن يكون فيه للاعتبارات العائلية والعرفية أية أهمية، وهي لم تقم - كما يدعي البعض – على أشلاء أهلها الأصليين من الهنود الحمر والازاتيك الذين كانوا يذبحون أطفالهم قرابين للآلهة)( ).
(الإنسان الأبيض الذي فضلته الطبيعة واختارته ليكون حامل مشعل الحضارة والتقدم: هو المنطق الذي يبرئ الغربيين والمستغلين الاستعماريين من تهمة الإرهاب ولو أبادوا البشرية كلها)( ).
ويقول المستشرق (كارا دو فو)- الذي يبرر للفرنسيين قتل الجزائريين أبان الثورة الجزائرية:
(إن البدوي في أفريقيا هو الهندي الأحمر، و يجب تهيئة المصير نفسه الذي آل إليه الهندي الأحمر على أيد الرواد البيض لأمريكا ، ويجب إن يختفي البدوي من على وجه الأرض)( )
وعن (برنا رد لويس)، (ودانيال بايبس) ، ينقل ، حسن الأمراني أيضا قولهم:
(إن الشعب العربي لا يبدو إن يكون إذن كالهنود الحمر، وان حضارة الغرب وحدها جديرة بان تسود)( ).
هذه النصوص تؤكد ما ذهبنا إليه من إن هناك تيارا قويا في السياسات الغربية، هو الأصل الباطن لما نرى من معايير مزدوجة وسلوك عدواني من قبل الرجل الأبيض، هو الذي أسهم إن لم يكن هو الذي هيأ الأرضية لردود الفعل القوية الانفعالية التي يشهدها العالم اليوم، والذي يميزها إرهاب دموي فظيع.
ان على الممهدين بالفن يصنعوا إعمالا فنية وان ينبهوا العالم من خلالها الى الظلم الأمريكي الفاحش، فمنذ مائتي سنة تقريبا والأمريكان يبيدون الشعوب الأصلية (حوالي الملايين من الأشخاص)، ويحتلون نصف المكسيك- منطقة جزر الكاريبي ومنطقة أمريكا الوسطى- ويحتلون هاييتي والفلبين مسببين مقتل مائة آلف فلبيني!( ).
وهي اليوم وامس تحاول أن تهيمن على العلاقات الدولية من خلال التهويل بوجود عدو شرير يهدد الأمن ولاستقرار الدولي .
فتلوح على الرأي العام العالمي بشبح الإرهاب لتنفيذ مخططاتها. علما إنها تدعم علنا دول دكتاتورية أو حتى أنظمة إرهابية فتقدم لها الأسلحة لقمع شعوبهم( ).
وعندما أعلنت الأوساط الغربية الحكومية المستكبرة عن حربها ضد الإرهاب! على أساس انه غدة سرطانية يجب استئصالها من جذورها، كانت الحكومة الأمريكية بإدارة الرئيس الأمريكي آنذاك ومستشاره (الاكسندر هيغ) : قد أنشأت منذ عشرين سنة شبكة إرهابية دولية ذات نطاق واسع، لا مثيل له يهدف لمناهضة أعداء الولايات المتحدة المتخلفين حضاريا!( ).
وقد نفذت هذه الشبكة عددا لا يحصى من الجرائم في مختلف أنحاء العالم منها ما جرى في أمريكا الوسطى وبالخصوص ما جرى في نيكاراغوا.
فقضية نيكاراغوا قضية خاصة يجب على الفانين ان يظهروها على الحقيقة الظالمة التي جرت فيها؛ قضية نيكاراغوا سابقة دولية في إرهاب الدولة لا جدال فيها حتى في قانونهم الذي وضعوه في القانون الدولي: لأنه لأول مرة يصدر عن المحكمة الدولية حكما لا رجوع عنه تدان فيه دولة بعملية إرهابية والقضية أفضع بكثير من اعتداءات 11 أيلول: ذلك إن الحرب التي خاضها الرئيس (رونالد ريغان) ضد نيكاراغوا أسفرت عن وقوع عما يقل عن (57000) ضحية منهم (21000) قتيلا وسببت دمارا وخرابا يعادل قنبلة هيروشيما( ).
فالأوربيون: أعطوا لأنفسهم ظلما حق التحكم في البشرية؛ لأنهم بيض البشرة، أو لأنهم ولدوا في أوربا! .. وهذا الخط - خصوصا- له أصوله الأيدلوجية الضاربة في التاريخ( ) ، ابتدأ من (ابيقور) مرورا بـ (نيتشة) والى (هيجل) الذي ادعى إن صيرورة الفلسفة: غربية، هو ذاته غايتها، وصيرورة الدين في المسيحية، حيث الأوربيين يمثلوه.
وصار لهذا الخط اليوم مدرسة، وقادة، وثقافة انتروبولوجية، تكتسح العالم بما أوتيت من إمكانيات إعلامية هائلة.
ثانيا- ظلم الصهاينة وسوء أخلاقهم (شعب الله المختار!!!)
ومثل ما نرى من ظلم السيد الأبيض، فان هناك من هو أعتى منه إرهابا، يدلس عليه السادة البيض أمعاناً في احتقار الإنسان لأخيه الإنسان، لمصالح غير مشروعة مشتركة بين سادة البياض وسادة الاختيار وتحت نفس الشعار الظالم وسوء الخلق؛ (انا خير منه)!!!
فالصهاينة ادعوا الأفضلية على البشر، بما لا أحد يستطيع إن ينازعهم إياها..لأنها منحت لهم بتفويض الهي كما تصفهم الكتب المنزلة من الله – كما يدعون- فهم شعب الله المختار!!!.وهم الصهاينة.
ولذلك فهم يتكبرون ويستعلون على الاغيار والاغيار:هي المقابل العربي للفظ العبري (جوييم): وهي تشير إلى الأمم غير اليهودية، وقد تحول هذا الاستعلاء والتكبر إلى عدوانية واضحة في التلمود: الذي يدعو دعوة صريحة إلى قتل الغريب حتى ولو كان من أحسن الناس خلقا( ).
والغريب: الذي ليس له تفسير واضح: هو أن في سيادة الصهاينة امتياز في احتقار الأوربيين على مسمع ومرأى، بل وحماية من الأوربيين أنفسهم!!
ففي 1907م انشأ اليهود في فلسطين أول قوة إرهابية، باسم منظمة الحرس اليهودي – هاشومير- ، وقد اشرف عليها حزب بوعالي صهيون( ).
وكان شعار المنظمة: (سقط يهودا بالدم والنار، وسيبعث بالدم والنار)، وقد أنشأها الإرهابي الكبير (دافيد بن غوريون).
وفي عام 1919م انقلبت (الهاشومير) إلى منظمة (ألها غانا): التي ارتكبت مجزرة دير ياسين الرهيبة والمشهورة بالتعاون مع منظمة (الارغون) في التاسع من نيسان عام 1948م.
ولقد وصف أحد قادة الارغون هذه المذبحة بقوله: (لقد قمنا بعملية تنظيف)( )
آما الوصف الدقيق للمذبحة فقد جاء على يد رئيس بعثة الصليب الأحمر الدولي آنذاك (جاك دي رينييه)( )، حيث قال:
(بعض مقاتلي الارغون قطعوا أوصال ضحاياهم بالخناجر قبل إن يقتلوهم)( )
كما إن سلطات السيد الأبيض البريطاني سجلت بدورها تفاصيل الإرهاب الصهيوني بدقة متناهية, على يد مفتش الشرطة العام، (ريتشارد كالتنغ) الذي قام بالتحقيق بالحادث فقال:
(نزعت أساور وحلقات النساء، من أذرعهن وأصابعهن بوحشية متناهية وقطعت، أجزاء من آذانهن لانتزاع الأقراط منها)( )
ثم يتباهى الإرهابي (مناحيم بيغن) بإرهابه فيقول عن دير ياسين المذبحة الكبرى في التاريخ:
(تملّك العرب هلع لا حدود له، بعد سماعهم القصص عن مذبحة الارغون، وبدءوا بالهروب للنجاة بأنفسهم، وسرعان ما تطور هذا الهروب إلى فرار جماعي جامح لا يمكن السيطرة عليه) ( ).
وهكذا كانت مذابح (كفر قاسم، وكفر برعم) نسخا طبق الأصل لمذبحة لدير ياسين، وكأن عيني السيد الأبيض في غشاوة من هذا الإرهاب، بل الذي حصل انه قدم للإرهابيين اليهود وساما: بان واسى اليهود بمذابح هتلر ومحرقته، وصارت في بلاد الغرب معادة السامية التي تعني معاداة إسرائيل جريمة يعاقب عليها القانون وذلك تغطية لإرهاب اليهود.
أليس ذلك هو الظلم الذي حاربه الأنبياء عليهم السلام والذي سيحاربه المهدي عليه السلام في وجود الناس عموما وفي المسلمين خصوصا؟!
والصهاينة امعانا منهم في الظلم؛ هم أول من ادخل أسلوب الرسائل والطرود الملغومة، وأسلوب التخريب الاقتصادي في العمل الإرهابي: منها تلك الرسائل التي بعثوا بها إلى بعض المسئولين البريطانيين في الثلاثينات من القرن الماضي، واغتيالهم مسئولين بريطانيين آخرين خارج فلسطين، بسبب موقفهم المعارض للحركة الصهيونية، وكذلك نسف خط أنابيب النفط قرب حيفا في صيف 1929م.
وقد بلغ الأمر بالصهاينة إلى أن يستخدموا الإرهاب حتى ضد اليهود الذين لا يؤمنون بها، إذا ما كان ذلك يساعد على تحقيق أهدافها في إجبارهم على الهجرة إلى فلسطين.. فقد نسف الصهاينة السفينتين باتريا في العام 1940م.. والباخرة ستروما عام 1942م، واغراقهما بمن عليهما من ركاب يهود..وتعاون الصهاينة مع النازية في مذابح اليهود في أوربا إبان الحرب العالمية الثانية لإجبارهم على الهجرة إلى فلسطين( ).
وفي عام 1946م قامت منظمة إرهابية صهيونية بتفجير فندق الملك داود في القدس، حيث كان مركز سلطات الانتداب البريطاني، وكان المبرر لهذه العملية وما شابهها من عمليات مرعبة قامت بها المنظمة الصهيونية الإرهابية المعروفة (ارغون)، هو رفع الروح المعنوية الصدامية لدى اليهود، كما قال مناحيم بيغن زعيم المنظمة.
وفي عام 1948 اغتال الصهاينة مبعوث الأمم المتحدة إلى فلسطين الكونت السويدي (برنادوت)، لأنهم خافوا من نتائج منتظرة لمهمته في المشكلة الفلسطينية.
إن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المرقم (2279) لسنة (1975)، باعتبار الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، يعتبر فلتة قدرية تدل على ارتباط الإرهاب بانحراف الفطرة واحتكار السيادة الذي أذهل النخبة المتنفذة في العالم، فعملوا ليل نهار حتى استطاعوا جعل الأمم المتحدة تتراجع عن هذا القرار لاحقا.
ولقد أصدر ثلاثة من عناصر الموساد السابقين كتابا عام 1978 يقولون فيه:
(إن الإرهاب يشكل مركز الصدارة في أعمال وكالة المخابرات الإسرائيلية – الموساد).
ولم يقتصر الصهاينة- قبل وبعد تأسيس كيانهم الغاصب- على أسلوب نسف المنازل وإلقاء المتفجرات على الأسواق وقتل الأطفال والنساء..وهم الذين ابتكروا المذابح الجماعية كما في حدث ذلك في دير ياسين في فلسطين، ومذبحة صبرا وشاتيلا في جنوب لبنان، إلى مذبحة قانا في 18نيسان 1996م.
يستطيع الفنانون الممهدون ان يجدوا في كتاب المنتقمون للكاتب الإسرائيلي (بار زوهار): تفاصيل للأساليب الإرهابية الصهيونية التي قامت بها عصاباتها في ألمانية الغربية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية: كتسميم المياه والخبز، واصطياد العلماء الألمان وملاحقتهم وقتل الكثير منهم( ).
إن مثل هذا الظلم الذي الذي جرى ويجرى على الإنسانية: كان بمثابة البذور التي زرعها السادة البيض، والسادة المختارون من قبل الرب! ليعم الظلم الارض.
وفي غياب العلم بالثقافة المهدوية وبالمهدي المدخر لإزالة الظلم والظالمين بين غالبية بني البشر؛ صار حديث السيد الأبيض الآن عن الإرهاب، وبغضه للأساليب الآخرين، سببا كبيرا، لنهوض الآخر كسيد في الجانب الآخر: لأنه جعل السيادة قرينة الإرهاب عمليا: فلماذا لا يكون الآخرون أسيادا بنفس القرينة؟؟.
وكما أن السيد الأبيض، والسيد المختار!: سوغ لأتباعه القسوة والظلم وحماهم، فما المانع من أن يسلك الآخرون المغصوب حقهم، والذين هم ضحيا الإرهاب الذي لم يبقي لهم من الدنيا ما يتقّوم معه العيش: أن ينتحروا، ويزلزلوا الأرض تحت أقدام المترفين؟
إن على العالم أن يصدق مثلا: إن الفلسطينيين: جاءوا من كوكب آخر، واحتلوا فلسطين: ولذا فان قلتهم وتشريدهم ومصادرة كل حقوقهم، ضرورة لأمن أهل الأرض الأصليين الذين هم اليهود! وعلى كل من لا يصدق هذا الكلام، وزر الإرهاب ووزر ممارسة الإرهاب.
إن هكذا عدالة تستبيح- فعلا- السلام على الأرض.
وان هكذا منطق يعاكس حتميات الطبيعة.. ويفترض أن لا يكون: أن لكل فعل رد فعل. وان هكذا عالم يضيع فيه الأنصاف بعيد عن معاني العقيدة المهدوية، علينا ان لا نستغرب أن يكون بيئة خصبة للظلم والظالمين.
وان رئيس السادة البيض: وبكل صفاقة يسعى إلى إرغام المسلمين على الخلاعة والسفاح المحرم.. وغيرها من معاني الحرية عندهم: وعليهم ان ان يؤمنوا ان هذا فاتحة خير للقضاء على الإرهاب. فلو تمعن أحد المسلمين في أقوال جورج بوش مثلا: لشعر بخيبة أمل كبيرة، من عالم يقوده مثل هؤلاء الظلمة الفاسقون والذين يحتكرون السيادة باعتبارهم خير من البشر، كسيدهم ابليس.
إليك نص واحد مما يقوله زعيم المتحضرين البيض (جورج بوش):
قال جورج بوش في خطاب له أمام الكونغرس الأمريكي في يوم 29 كانون الثاني 2002م، ما نصه:
(لن نتوقف حتى يصبح كل عربي ومسلم مجرد من السلاح … ونعتبر جميع المنظمات الدولية التي تعترض كل هدف يتعلق بالمصلحة الأمريكية الإسرائيلية يجب حلها فورا..سنقوم نحن شعوب العالم من الجنس الأبيض المتحضر، بفرض معتقداتنا على عالم جائع لأموالنا ورسالتنا، ولن يخضع الرجال بعد الآن لشرط إطلاق اللحى، ولن تخضع النساء لشرط تغطية وجوههن وأجسادهن، ومن الآن فصاعدا يحق للعالم تناول الخمر والتدخين، وممارسة الجنس السوي والشذوذ الجنسي، بما في ذلك سفاح القربى، واللواط والخيانة الزوجية، والسلب والقتل، وقيادة السيارات بسرعة جنونية، ومشاهدة الأفلام والأشرطة الخلاعية، داخل فنادقهم، أو غرف نومهم، وبالنسبة لشركاتنا التي تنتج مثل هذه المنتجات، فيحق لها الوصول بدون عقبات للدول المتخلفة، التي منعت تلك الحريات عن شعوبها) .
ثالثا- ظلم أمراء المؤمنين النواصب
إن الزرع السيئ الذي رأينا نماذج له في السادة البيض، وفي أبناء الشعب المختار من قبل الرب! انبت شجر سيئ، أثمر في منطقتنا الإسلامية والعربية: أدعياء للسلف (الصالح)! وإنهم هم أسياد العالم- بنفس أيدلوجية الإرهاب - فأميرهم هو أمير المؤمنين، وكل ما دونهم كفار حتى وان شهدوا الشهادتين وصلوا وصاموا وحجوا وزكوا!!
إن ما يحصل اليوم من توجهات مدروسة لجعل الإرهاب تهمة يلصقها الغرب بالإسلام- دين السلام- يتم تمريرها من خلال عملاء مجندين له(علموا ذلك أو لم يعلموا) ، وان كان البعض: لا يشك بان الكبار في تنظيمات المتشددين التكفيريين مثلا عملاء مأجورون، وان الصغار جهلة مغرر بهم: غسلت عقولهم.. كيف؟ ولماذا؟
أن امتياز السيادة هذا، الذي تدعيه ثلة من البيض وأبناء الرب، الآخرين، ليكون الآخرون من البشر دون تلك الثلة في كل الامتيازات الإنسانية، أو آدني درجة؛ فيه ظلم عظيم و فيه تعسف كبير، حيث افرز معايير كثيرة للحكم في قضايا الأمم، مما أدى إلى عالم مليء بالظلم، فدفع بدوره كثيرين للتمرد على الأدعياء للسيادة على البشر، ولكن مع الأسف، صاروا أدعياء مثلهم.
أدعياء لأنهم سلكوا فعل المنحرفين، حين أرادوا أن يكونوا أيضا أسيادا بنفس الميزة المنحرفة للسيادة السائدة اليوم، فيرهبون أو يرعبون المدعين، و ليشعرونهم بحقيقة حجمهم.
تلك إذن هي المعادلة التي تعيشها البشرية اليوم.
وهكذا فان الجميع على خط واحد من الانحراف: و أن المتمردين ليسوا بأفضل من المدعين. إذ هم بالظلم سواء، أسلوبا وجوهرا.
فالحقيقة هي: إن الإنسان أحب السيادة والحرية وسعى إليها: لسنة تكوينية في نفسه وفطرته التي فطره الله عليها، أو لنقل: أن الله خلقه لها، ولكنها انحرفت بانحراف الفطرة، ليرضى الإنسان بمعاني قشور السيادة: ليكون سيدا بالمعنى المنحرف للسيادة.
ان الانبياء ومن هم على خطهم وحدهم المفوضون بالسيادة ليس بشعار انا خير منه بل بالعصمة التي استشعار العجز عن الكمال الذي لا يمتلكه إلا الرب جل في علاه.
ولأن النزوع إلى السيادة سنة تكوينية في نفس كل إنسان، ذلك إنها جعل الله وأرادته في خلق الإنسان.. فليس السيد: إلا ذاك الذي يملك نفسه، فهو حر مختار لفعله وما يصدر عنه، وطبقا لهذا فكل إنسان له قدر من السيادة بقدر طاعته لهذا الجعل الإلهي.
بدأ الإرهاب منذ أن تفرد البعض بالسيادة، ونزع هذا الحق من الآخرين، وفرض وصايته عليهم، فلا خيار لهم إلا خياراته، ولا امتياز معنوي أو مادي إلا له.
قال الله تعالى يصف هذا الحال منذ الوهلة الأولى:
)وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قالَ لأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (( ).
وهكذا فان التفاضل بين البشر، إذا تم من خلال معيار علمي( ) فان الإنسان يترفع من إن يكون ظالما سفّاحاً قاتلا قاسيا.
وهذا المعيار العلمي للتفاضل بين الناس لا يوفره إلا الإسلام كعقيدة تتمكن من النفوس، وهذا المعيار هو التقوى.
والتقوى تعني التزام الإنسان (الخليفة) الطاعة الصادقة لله المستخلف: وتتجسد في تفضيل الإنسان خيار الله في الفعل على خيار نفسه، مما يمنح الإنسان قدرا من الحرية والسيادة بقدر تقواه، في حين أن مدعي السيادة بغير التقوى: يبقى في دائرة العبودية لنزوة نفسية في خيار فعله القاصر لذاته القاصرة، فلا ينطلق إلى قدرات السيادة الحقيقية التي يحققها مصداق جعل الله للإنسان خليفة في الأرض.. وهو لا يتحقق اليوم الا في المهدي المنتظر عليه السلام
إن الاعتبار بمعيار غير علمي للتفاضل بين الناس، أوجد بيئات ظلم، خصبة للتناحر والإرهاب والعنف بين بني البشر.
وعلى هذا المقياس: يبدو إن الشرف والقرف اللذان يصادفان الناس اليوم، هما سنة شيطانية، لأن معيار التفاضل بين الناس اليوم: هو معيار إبليس، وليس من التكوين الرحماني في شئ، لأن السيادة تقوم عندهم: إما على المال، أو الجاه، أو القوة القاسية، أو على العرق أو النسب أو الدين أو اللون، وليس على معيار التقوى، و سلامة الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
قال تعالى:(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)( ).
الناس في عالمنا لا يتعاملون على أساس إن كل الناس لآدم وآدم من تراب.. ولا على أساس إن أكرمهم عند الله اتقاهم.
وإلا لماذا يدعي مثلا: رئيس الولايات المتحدة (جورج بوش): انه هبة الله إلى الأرض لينقذها، وفي الجانب المعاكس وكردة فعل: يدعي آخرون إنهم أسلاف المقدسين، وانه أمير المؤمنين، وان كل ماعداهم كافر، وان الجنة شرعت لمن ينتحر منهم لإحباط مخططات الطرف الآخر!
هكذا توظف هذه الترهات لتصرف عليها المليارات، ويموت بسببها الآلاف تحت اسم حرب الإرهاب والإرهاب المقدس المضاد.
وهذا هو التعسف والظلم الذي تدفع اليوم البشرية كلها ثمنه غاليا، ولا ندري إلى أين يمكن إن يصل بنا الأسياد! من الفريقين.
ولا باس إن يكون السيد: سيدا كما يشاء، ولكن ليكن منصفا: في استعمال ميزان واحد ومعيار واحد في تعامله مع الناس، وذلك لترتفع ذريعة خصمه الذي في الجانب الآخر.
لا باس أن يكون الإنسان سيدا في أي جانب من جوانب الأرض، إذا اخذ بفضائل الأخلاق كسيد محترم ليخلق معادلة إنصاف وليجبر خصمه في الجانب المضاد إن يرتفع إلى مستواه، أو أن يبوء بسخط المجتمع الإنساني.. وهي مهمة الفن.
ولا باس أن يكون الإنسان سيدا كما يشاء، ولكن ليصدق مع الناس، كما هو المفترض بالسادة المحترمين إن يصدقوا.
فلماذا الكيد إذا ؟
ولماذا المكر إذا ؟
ولماذا هذا العبث بمقدرات الإنسانية؟
والى متى سيستمر ذلك؟
إن هناك مسوغات تصب لصالح الأدعياء التكفيريين، الذين توفرت لهم بيئة صالحة لجمع المال، ولتجنيد البسطاء وتحويلهم إلى انتحاريين، يستفيدون منهم في تنفيذ مخططاتهم الجهنمية المرهبة, من تلك المسوغات ما يقوم به الغربيون من أعمال مشينة اتجاه المسلمين تتمثل بمعايير مزدوجة أولا، وبأعمال شريرة لا مبرر لها ثانيا، بل ومن منعهم من ممارسة واجباتهم الدينية، كما فعلوا في منع الحجاب عن الفتيات المسلمات في المدارس والجامعات والدوائر الحكومية.
الهوامش:
1 ) لقمان -8.
2 ) مثال للفن الممهد سلعة (الإرهاب)
يمكن للفنان والأديب والسياسي ذو اللب ان يرى في عالمنا اليوم كيف يسوّق الظالمون (الإرهاب) ومع انه صناعتهم وطبعهم الا انهم يمتنعون مطلقا ان يعطوه تعريفا في منظمتهم الدولية حيث يسيطرون عليها.
لقد وجد تجار الظلم العالميون الكبار جدا: في الإرهاب أفضل سلعة مروجة لبضاعتهم، بل ولاستراتجياتهم العملاقة لابتلاع العالم كله، بما تعنيه تلك الإستراتجية، في تجسيد شعار إبليس (أنا خير منه): من النبذ والإقصاء، واستغلال الأخر، والتلاعب بالعقول.
فمن خلال سلعة الإرهاب التي هم أهلها وأصلها تمرر الخطط الطويلة الأمد، كي يظهروا بمظهر السادة العظماء العلماء المنقذين للبشرية، من البشرية ذاتها!
ومع أنهم يفسدون في الأرض ولا يصلحون … فلا يجرؤ احد أن يشير إليهم بإصبع الاتهام، مما يضفي الشرعية على الاستغلال والنهب والتحكم بمصائر الناس، لأنهم يظهرون من خلال تبنيهم لمناهضة الإرهاب، حرصا شديدا على مصالح الناس! فهم يخوضون حربا ضروسا من اجل البشرية المعذبة! ضد أوغاد ذوي عقيدة تجعل معتقديها يعيثون في الأرض فسادا !
وان ضمان استمرار الغلبة للنخبة (الذين يرون أنهم خير من البشر الآخرين)، وللإبقاء على سيطرتهم وانسياب مصالحهم عبر العالم، يتكفّله إعلان الحرب على الإرهاب.
إذن فالإرهاب: سلعة مهمة جدا، تفتّق عنها أخيرا الذهن التجاري للنخبة من الظلمة الكبار من أرباب المصالح المتحكمة في العالم وأسياد المال، فقد حشدوا الجهود والتوجهات الفكرية والثقافية والسياسية… للترويج لهذه السلعة. وإيجاد أسواق ضخمة وزبائن دائمين.
وليس من المصادفات أن يقع اختيارهم لزبون دائم في الوهابيين والنواصب من الجماعات الإسلامية المتطرفة، ليكون لهم بها عالمنا الإسلامي، سوقا لسلعهم وميدانا لحربهم، ليحققوا بذلك هدفين استراتيجيين من أهدافهم الظالمة:
الأول: تحقيق سوق ساخنة لسلعة الإرهاب في الوسط الإسلامي، لتكون أرضنا دار حرب، ولينعموا هم بالاستقرار والأمان الاجتماعي، و بما يحققه هذا الهدف الخبيث من سيكولوجية عدم الاستقرار المفضية للإحباط في مجتمعاتنا الإسلامية، المستلبة أصلا بالدونية للغرب.
والثاني: تحقيق هدف استراتيجي في الطعن بالإسلام الحق، باعتباره الضمانة الوحيدة على سطح هذا الكوكب، التي تحارب إبليس في شعاره آنف الذكر ضد الآدميين، وتمنح الإنسان بكل أعراقه وأجناسه حريته، وتساوي بين أبنائه، وتحقق بصدق سيادته، فالله تعالى يقول في كتابه الكريم:
(يَا أَيّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىَ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وقبائل لِتَعَارَفُوَاْ إِنّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
فلا يوجد فكر علمي عملي صادق في الساحة العالمية اليوم، يحمي ويصون كرامة الإنسان ويمنع استغلاله من قبل ثلة الظالمين إلا الإسلام: لأنه الوحيد الذي يسفه شعار إبليس (أنا خير منه)، الذي في الواقع هو مضمون أيدلوجية الإرهاب والإرهابيين، من كل صنف ويعد البشرية بالمهدي الموعود الذي سيملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، وهنا تكون مهمة الفن بيان هذه الخصوصية للاسلام.
فالإسلام كدين وكعقيدة: يواجه كيد شياطين الجن والأنس، من أرباب المصالح الفاسدة، وأسياد المال: بثقافة الفطرة الجاذبة ودين العدل والرحمة والطاعة والتقوى والقيم الإنسانية الراقية والعقيدة المهدوية.
فما يقوم التكفيريون يتناغم، بل ويقع ضمن النسق التنفيذي لإستراتيجية تجار تسويق الظلم في العالم، ولأنهم يحققون هذه الأهداف نيابة عن أولئك التجار بدقة (علموا أم لم يعلموا)، فلا يستطيع أي مسلم حريص على دينه واعيا لقيمه، ومدركا لمراميه السامية، أن يقبل اعتبار ما يقوم به أولئك الأدعياء: هو الإسلام الحق، وان يقبل: أن تلك الأفعال المشينة، باعتبارها خيارات المحسنY لعباده المحسنين، يقتربون بها منه!
إن مظاهر الظلم المتجلية في القتل الجماعي الذي يقوم به أولئك الأدعياء، من خلال تفجير وسائل المواصلات والمساجد والحسينيات والكنائس والمدارس ورياض الأطفال والملاعب… هو عمل غاية في الأجرام والهمجية.
وان ذبح الأطفال والنساء والشيوخ، الذي يفخر به التكفيريون: عمل محرم بإجماع الشرائع السماوية والأرضية.
وان التمثيل بجثث الضحايا الذي يمارسه بشغف ثلة الأدعياء: من قطع الرؤوس وسمل الأعين، وتقطيع الأعضاء، والذي يعرضونه عبر شاشات التلفزيون..انه محرم حتى على الكلب العقور.
وان ما يبيحونه من معاصي لأنفسهم كوسيلة لتحقيق غاياتهم الوضيعة… كلها تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بان الأدعياء التكفيريين، هم جنود مجندون - شاءوا أم أبوا – يرفعون شعارات جنود إبليس في الغرب والشرق: (أنا خير منه) وكل تحركاتهم تأتي لتنفيذ أهداف السادة الكبار: تجار الإرهاب، فما هم إلا زبائن للشيطان بالحث والتأثير كما يقول الفيزيائيون، أو هم أصحاب ردود انفعالية سطحية كما يقول المتكلمون.
فعلى صعيد الواقع: يقدم التكفيريون خدمات جليلة للظالمين والمستكبرين الكبار والصهاينة من أعداء الإسلام: تتمثل في ما يلي:
1- إن وجودهم بين المسلمين فتنة، يروجون للبغضاء والعداوة بين أبناء الأمة الواحدة بفتاوى التكفير وإباحة دم المسلمين والجهاد ضدهم: كما أفتى زعيم تنظيم التكفيريين في بلاد الرافدين، بقتل الشيعة.. بل وأفتى أمراء آخرون من تنظيمات التكفيريين في بلدان أخرى بقتل السنة أيضا، كما حصل و يحصل في الجزائر وباكستان وأفغانستان، والسعودية وبلدان إسلامية أخرى.
2- إنهم بأعمالهم المشينة هذه يمنحونالظالمين من أعداء الإسلام الذريعة ليضيقوا على المسلمين في المواطن غير الإسلامية، بما يجعلهم موضع ريبة وشك واحتقار.
فلو كنت في دولة مثل الدانيمارك أو النرويج لرأيت كيف تسخر وسائل الأعلام من النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم، فتصوره صلى الله عليه واله وكأنه إرهابي؛ عمامته كقنبلة، وهو منتهى الظلم، وعندما اشتكى المسلمون على ما يجري من احتقار لنبيهم، سخر منهم المسئولون هناك: وقالوا لهم: هذه هي ديمقراطيتنا فمن قبل: قبل، ومن لم يقبل فعليه أن يخرج من بلدنا.
وهذا من المعايير المزدوجة التي تنم عن ظلم عظيم وكراهية دفينة لأعلى معاني العدل والعصمة، فهي التي تذكي الإرهاب، فلو تعرض احد لمقدسات اليهود، لحوكم وجرم بمعاداة السامية.
ومع هذا فأن ما يقوم به جماعات التكفيريين، تعتبر من مبررات السب الذي بدى ممن يدعي الحرية كذبا وزورا وظلما، وقد قال الله تعالى:
( وَلاَ تَسُبّواْ الّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبّواْ اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ..)
إن أعمال التكفيريين ضد الغربيين المبرمج والمفبرك استغله الظالمون ليوظفوه ضد عدل الإسلام ولتشويهه لصالحهم ولمصالحهم.
3 - من خلال ما يقوم به النواصب الظالمون من أعمال إرهابية مخيفة ومنفرة لكل البشر: إنما فوضوا أعداء الإسلام الظالمين لغزو البلاد الإسلامية، باسم حرب الإرهاب في عقر داره كما يقول من شن الحرب على الإرهاب.
4- أعمال الأدعياء المشينة الممقوتة جدا: تعطي صورة مشوهة للإسلام، في حين تمنح الظالمين المجرمين الكبار، ومروجي الفساد والمتلاعبين بمقدرات الإنسانية: صورة الضحية وتجعل منهم أسيادا ظرفاء وحكاما عدولا، يريدون الاقتصاص من الفكر الذي ابرز هؤلاء القتلة، ويسعون لبسط السلام في المعمورة!
5 - إن للأعمال التي يندى لها جبين كل إنسان ذي لب، والتي يقوم بها الأدعياء التكفيريون: أثرا عكسياً، و بشكل مباشر على نشاطات الدعوة للإسلام في العالم.. وفي ذلك خدمة كبرى لأعداء الإسلام، يقدمها الأدعياء للشيطان عدو الإنسانية.
ان للفن كلمته الفصل المنقولة عبر العالم في التمهيد لدولة العدل من خلال تجسيد الأعمال الظالمة سواء لأهل الظلم او للأدعياء بعد ان تنجح في بيان ماهيتهم وبيان معاييرهم المزدوجة.

6) المنار، العدد: 76، شوال 1424 هـ، بقلم إيمان الوزير.
) الغذامي؛ عبد الله محمد "رحلة إلى جمهورية النظرية؛ مقاربات لقراءة وجه أمريكا الثقافي" مركز الإنماء الحضاري، دمشق، ط1 (1998م)، ص74.
7) فوكوياما؛ فرنسيس؛ "نهاية التاريخ و الإنسان الأخير" ترجمة: فؤاد شاهين، وآخرين، مركز الإنماء القومي، بيروت (1993م)، ص8.
8) محفوظ؛ محمد "نقد المشروع الحضاري الغربي وتحديات العولمة" مجلة الكلمة، عدد: 194، السنة 5، منتدى الكلمة للدراسات والأبحاث، بيروت (1998م)، ص56 (بتصرف).
9) الامراني؛ حسن "المتنبي في دراسات المستشرقين"، ص341، وجاء نص مقارب في مجلة الكلمة؛ العدد: 4، السنة 11، ص82.
10) نفس المصدر السابق ونفس الصفحة.
11) حب الله؛ غادة، وعاضة؛ رباب، "الإرهاب سلاح ذو حدين" مقالات تهم الإنسان والمجتمع، معهد السيدة الزهراء عليها السم العالي للشريعة والدراسات الإسلامية، ط1، 1425هـ، ص260.
12 ) (استراتجيا: تتغير هوية هذا العدو حسب المصالح الأمريكية، كما هي الحال مع صدام حسين، حيث انقلب بين عشية وضحاها من صديق يحارب نيابة عنها، إلى عدو خطير، سرعان ما تخلصت منه).

13) من أين حصل صدام حسين على الأسلحة الكيمياوية التي أباد بها شعبه في مدينة حلبجة والتي تحاكمه اليوم عليها؟؟؟.
14)E –Bradford: (At war in Nicaragua; The Rangan doctrine and politics of nostalgia of nostalgia), New Yourk.1987.
15(.Toefolo; Cabestrero, (Blood Of Innocent: Victims of the contras War in Nicaragua), Orbis Bood-1985.
16) يقول المؤرخ البريطاني الشهير (أرنو لد توينبي): "إن دراسة الجنس أو العرق كعامل منتج للحضارة؛ تفترض وجود علاقة بين الصفات النفسية، وبين طائفة من المظاهر الطبيعية. ويعتبر اللون هو الصفة البدنية التي يعول عليها الأوربيون- أكثر من غيره- في الدفاع عن نظريات العرق الأبيض المتفوق، وان أكثر النظريات العنصرية شيوعا هي التي تضع في المقام الأول السلالة ذات البشرة البيضاء والشعر الأصفر والعيون الشهباء، ويدعوها البعض بـ (الإنسان النوردي) أي الإنسان الشمالي، ويدعوه الفيلسوف الألماني (نيتشة) بالوحش الأشقر.
ونيتشه هذا يمثل اكبر المفكرين الغربيين الذين مجدوا القوة، وتقوم فلسفته على "إدارة القوة"، والسعي لإنجاب الإنسان الأعلى، واخذ هذه الفكرة "هتلر" وبنى عليها نظرية تفوق العرق الجرماني؛ والتي ترتب عليها جنون القوة وهاجس السيطرة الشاملة، وقهر الشعوب الأخرى واستعبادها، فأفرزت تلك الحروب التي دمرت أوربا وغيرها؟.
((نقلا عن: المقدادي فؤاد كاظم؛ "الإرهاب بين ثقافتين"، مجلة رسالة الثقلين، العدد: 42ص6)).
17 )المسيري؛ عبد الوهاب، "الصهيونية والعنف من بداية الاستيطان إلى الانتفاضة"، دار الشروق القاهرة- 2001م، ط1، ص20.
18) صلاح زكي؛ "نظرية الآمن الإسرائيلي"، دار الثقافة الجديدة، القاهرة، ط1، 1978م، ص34.
19) جوناثان؛ ديمبلي وودونالد؛ ماك كولين، "الفلسطينيون" الدار العربية للموسوعات، بيروت (ب. ت)، ص85.
20) نفس المصدر السابق ونفس الصفحة.
21) نفس المصدر السابق ونفس الصفحة.
22) نفس المرجع السابق ص86.
23) نفس المصدر السابق ص86.
24) الموسوعة الفلسطينية المصدر نفسه، ص191.
25 ) نقلا عن صحيفة الخليج العدد (8300) ص/17.

26) المائدة: 27.
27) المعيار العلمي؛ هو الاعتبار بثابت قياسي في نوع الأشياء أو جنسها، يصدق معه التفاضل بينها. ولذا فعندما يجعل المولى  التقوى معيارا للتفاضل بين الناس في قوله:
"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم أن الله عليم خبير" [سورة الحجرات]، إنما بذلك جعل ؛ معيارا علميا للتفاضل بين خلقه، فمعيار التقوى، معيار يتوحد فيه الناس، لأنه يعتمد مرتكز ثابت واحد بين الناس وهو المرتكز العقلي، الذي يتوحد فيه البشر في خيار الفعل الصادر عنهم، من خلال الحكم العقلي الذي يسبق الفعل.
إن بديهية سعي العقل لبلوغ الأفضل والأكمل، وتقوى الإنسان وحرصه على تجاوز العجز وبلوغ الأفضل بلزوم خيارات الكمال المطلق، فهي المعيار العلمي للتفاضل بين الناس.
فخيارات الكمال لفعل الإنسان الصادر عنه؛ هي الأفضل، والمتقي، هو الذي يتقي الوقوع في القصور.. فالمتقي هو الذي لا يخرج بفعله عن حدود خيارات الله تعالى؛ خيارات الكمال المطلق المفضي حتما إلى تمام الحرية والسيادة.
28) الروم: 30.
 

Share |