الصيف.. نقمة على مواطنين وتجارة لدى آخرين
Thu, 19 Jul 2012 الساعة : 9:03

وكالات:
مقاهٍ مكتظة برجال من مختلف الأعمار، وأخرى شبه خالية، مشهد مألوف في شوارع بغداد، ليس السبب نقل إحدى مباريات كرة القدم للمنتخب العراقي أو بين برشلونة وريال مدريد، كذلك ليس هناك حدث مهم تبثه التلفزيونات في تلك المقاهي، السبب هو الهروب من لهيب الشمس الحارقة في ظهيرة تموزية.
المواطنون من الرجال يبحثون عن ملاذ يحتمون به من حرارة الطقس، فيبحثون عن مقاه فيها أجهزة تكييف وليس مبردات أو مراوح الهواء، انه حال العراقيين في فصل الصيف الحارق.
درجات الحرارة التي ارتفعت خلال الأسبوع الجاري بشكل مفاجئ اضطرت الكسبة والموظفين وغيرهم من شرائح المجتمع الذين تضطرهم أعمالهم أو مراجعاتهم للدوائر الحكومية إلى التنقل بين مناطق بغداد، يلفحهم الهواء الساخن الذي لا تقل درجة حرارته عن الهواء الذي ينفثه مجفف الشعر، وتكويهم أشعة الشمس، فتراهم بوجوه مقطبة، محمرة، يتصبب منها العرق، فيبحثون عن مكان يحتمون به لدقائق أو ساعة أو أكثر، فتكتظ بهم المقاهي والكافيتريات المكيفة.
مواطنون آخرون، يهربون من منازلهم إلى تلك الأماكن خلال ساعات انقطاع التيار الكهربائي، كون المولدات الأهلية محدودة بخمسة أمبيرات أو أقل بالنسبة لبعض العوائل، وهو ما يحرم الغالبية العظمى من العائلات من التمتع بأجهزة التكييف.
الأمر لا يقف عند حدود معاناة المواطنين، بل يمتد إلى المنظومة الكهربائية التي غالبا ما تنهار بعض الوحدات التوليدية في المحطات الكهربائية بسبب ارتفاع درجات الحرارة، أو انهيار شبكات نقل الطاقة أو المحولات الكهربائية المنصوبة في الشوارع.
ارتفاع درجات الحرارة في صيف العراق له تداعيات أخرى، فإذا ما أضفنا إلى تردي واقع الطاقة الكهربائية، الاختناقات المرورية التي تشهدها شوارع العاصمة بغداد والتي تضاعف بدورها من الأزمة الحرارية، وكذلك المضايقات الأخرى التي يعاني منها المواطنون سواء في الشوارع والسيطرات الأمنية، أو في الدوائر الحكومية، وغير ذلك الكثير من المنغصات، كل هذه العوامل ترفع من معدلات المشاجرات والانفعالات لدى الفرد العراقي، وليس بغريب أن تكون الاختناقات المرورية أو طوابير المراجعين، بؤرة خصبة للمشاحنات والمشاجرات الكلامية واليدوية أيضا.
المواطن طارق خالد احتمى بكافتيريا في شارع السعدون وسط بغداد، تقدم المشروبات الباردة والساخنة إضافة إلى (النركيلة)، كان قد انتهى لتوه من إتمام معاملة إصدار بطاقة السكن في مديرية المعلومات التي تقع قبالة هذه الكافتيريا.
قال في حديثه لـ"المدى": إنه غادر منزله بمنطقة القاهرة، في الساعة الثامنة صباحا، على أمل الوصول مبكرا للمديرية وانجاز معاملته ومن ثم العودة إلى مركز شرطة الأعظمية لإصدار بطاقة السكن، لكنه قضى نحو ساعتين للوصول إلى المديرية بسبب الزحامات المرورية.
وبين "ركبت (كيا) من القاهرة التي لا تبعد كثيرا عن باب المعظم لكن قضيت أكثر من نصف ساعة في طريق لا يتجاوز طوله الكيلومترين، ومن ثم ركبت (تكسي نفرات) من الباب المعظم إلى الباب الشرقي، وبما أنه يمر بمنطقة الشورجة، وساحة الوثبة، ومن ثم ساحة التحرير وصولا إلى ساحة النصر، فبالتأكيد لا مفر من أن تقضي من ساعة إلى ساعتين للوصول".
وأضاف خالد "الإجراءات في مديرية المعلومات كانت سهلة وليس هناك تأخير طويل، فلم استغرق أكثر من نصف ساعة للحصول على تأييد من المديرية، لكن الساعة الآن تجاوز الثانية عشرة بعد الظهر في حين الأمر لا يتطلب أكثر من ساعة".
وأوضح خالد "لا أخفي أنني متوتر الأعصاب ومستفز والحمد لله إنني لم أتعرض لمضايقة اليوم فلربما كنت سأتشاجر لأتفه الأسباب بسبب منغصات الطريق وحرارة الطقس التي تثير الجنون".
خالد وغيره عشرات أو مئات الآلاف من العراقيين يعانون بشكل يومي من ارتفاع درجات الحرارة، والزحامات المرورية الخانقة، والسيطرات الأمنية المزعجة، وتردي الخدمات، وعدم توفر الطاقة الكهربائية الكافية للتخفيف من محفزات المشاجرات هذه، وهو وضع تقف أمامه الحكومة ومجلس النواب والجهات المعنية مكتوفة الأيدي من دون أن تمد يد المساعدة في محاولة لتقليل هذه العوامل على أقل تقدير.
المصدر:المدى