عمار الحكيم و ضريبة الموقف الوطني - عدنان سعد كامل
Wed, 15 Jun 2011 الساعة : 11:59

ينتقي التاريخ رجاله كما تنتقي الرجال مواقفها ليخلدها التاريخ.
في عراقنا اليوم المائج بمشكلاته و الرازح تحت صعوباته و تحدياته و الواقف بإباء يقاوم الريح العاتية من جهاته الأربع، في هذا العراق أفرزت التجربة الرجال وأشباههم و المواقف و الهروب منها و كشفت الأوجه و أسقطت الأقنعة وصار كل شيء واضحا جليا برغم سحابة الضباب التي تخيم على مشهد السياسة. ما يزرع فينا روح التفاؤل أن للعراق رجالا وظنيين و مخلصين و ما يطمعنا في مستقبل أفضل أن هناك العديد من نجباء وغيارى هذا البلد الذي أوجد التاريخ الإنساني حريصون و صادقون ولا تأخذهم في الحق لومة لائم. و لا يستطيع أحد أن ينكر أو يتغاضى عن حقيقة مهمة في العراق اليوم هي أن أصحاب المواقف الوطنية و النوايا الصادقة يصطدمون بعقبتين و يتعرضون لأمرين الأول الضغوط من قبل القوى السياسية و الساسة و بعض المأجورين في وسائل الإعلام وأعداء العراق و تجربته الرائدة.و الأمر الثاني هو مواقف التشكيك من قبل حفنات هنا وهناك تتشدق بالوطنية ولكنها تكره كل فعل و موقف وخطاب وطني يعالج و ينحاز و يقف مع هموم المواطنين. مثالنا على ذلك مواقف السيد عمار الحكيم، تلك المواقف الوطنية التي تنحاز دون حسابات ثانوية لهموم الناس و الحديث بلسان حالهم. و يبدو أن السيد عمار الحكيم يتعرض اليوم لضغوط فعلية نتيجة هذه المواقف و الخطابات والتصريحات المتكررة التي تحاول التنبيه لمواطن الخلل و الدعوة إلى معالجتها. لهذا نراه يصرح أخيرا بالقول إنه يتعرض لضغط شديد من قبل القوى الحاضرة في الساحة السياسية العراقية، بسبب السياسة التي يتبعها هو والمجلس الأعلى الإسلامي في تشخيص مواطن الخلل، مبينا أن المجلس الأعلى ليس بحاجة إلى تقدير واحترام من احد بل إن مكانته وعزته ورفعته في تواجده وسط قلوب الناس وتكفيه محبتهم له. و يقارن السيد عمار حاله اليوم مع حال جده السيد محسن الحكيم بالقول إن الأمام السيد محسن الحكيم كان قد تعرض إلى المضايقات ودفع ضريبة مواقفه بان اعتقل وقتل وشرد أفراد أسرته بدءا من السيد يوسف الحكيم الرجل الذي ناهز الثمانين إلى الطفل الذي لم يبلغ الحلم. مستشهدا بموقف الإمام السيد محسن الحكيم من حرب الأكراد، وكيف رد على كل منتقديه والمعترضين عليه بشأن موقفه الرافض لتلك الحرب على الأكراد بالتأكيد على أن هذا الموقف ناتج من كونه مرجع المسلمين وموقف شرعي يحتم عليه أن يكون لنصرة المظلوم.
يقول البعض إن مواقف كهذه لها أغراض سياسية وليست وراءها نوايا صادقة! و نسأل هؤلاء نقضا وحلا، لماذا لا يقوم الساسة الآخرون بانتهاج نفس النهج أم ليس لديهم أغراض ودوافع سياسية؟؟؟؟ وكيف يفرز بعد هذا الإنكار والخلط بين الموقف الوطني وغير الوطني؟ هل يكون الموقف الوطني وطنيا حين يصدر من شخص نميل إليه و نؤيده و سيكون الموقف غير وطني حين يصدر من شخصيات أخرى كالسيد عمار الحكيم؟؟ و السؤال الآخر خارج هذا الإطار الأول هو: كيف عرفتم النوايا الصادقة من الكاذبة؟ أليس هذا رجما بالغيب؟ من يعلم نوايا الناس غير خالقها يا ترى؟
مع كل هذا و برغم بعض النفوس المشوهة بالحقد والكراهية و البغض لكل وطني غيور فإن التقييم النهائي والكلمة الفصل للجماهير وللمواطن العراقي الذي يميز بوعيه الثاقب بين من يقف إلى جانب همومه وقضاياه وبين من يتنكر لها أو يزيف الواقع أو يستهين بمعاناتهم ضاحكا على الذقون.