اقتراح الى رئاسة الوزراء-سيد احمد العباسي
Tue, 17 Jul 2012 الساعة : 20:08

بسم الله الرحمن الرحيم
وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ
لايخفى على أحد بعد سقوط طاغية العراق سنة 2003 وجود بعض المتناقضات حيث ظهر على الساحة السياسية العراقية سياسيون من كل الوان الطيف العراقي . مِن هؤلاء لهم باع طويل بالسياسة . والبعض الاخر دخل الى هذا العالم بفضل بريمر . ورشح البعض الاخر عن طريق كتلهم . والاعم الاغلب تم تنصيبهم ( بالواسطات ) !!
والعجلة تدور ولكل سياسي حالة خاصة . وفي كل دول العالم هناك نظام سياسي لكل بلد وقانون للاحزاب ينظم العمل الحزبي والسياسي بشكل مشروط ومنظم الا في العراق فرقا واحزاب ماانزل الله بها من سلطان و( محاصصة بغيظة ) !!
يقال ان السياسة فن الممكن . وكثيرون يرددون موضوعة خاطئة اسمها السياسية فن الممكن . وهو تعريف يستخدم عند تقديم التنازلات أو لتسويغ تقديم التنازلات . وهذا بالطبع مجرد حالة جزئية في السياسة ولايستخدم الا من قبل من يقدمون التنازلات أو من قبل الذين يريدون إغوائهم لتقديم التنازلات .
ونحن اليوم بحاجة الى تقديم بعض التنازلات لكي نخدم ونرمم العملية السياسية برمتها . واذا رجعنا الى التعريف الأشمل والأدق للسياسة هو فن تغيير موازين القوى . وهو ماتفعله كل سياسات العالم بغض النظر عن طبيعة واهداف تلك السياسات . فالسياسة أن تسعى لتقوية نفسك وإضعاف خصمك وتحويل ماهو غير مؤات لك في الظروف وموازين القوى الى ماهو مؤات لك وغير مؤات لخصمك . وهذا التعريف يشمل فن ادارة الصراع وادراة الازمات وتقدير موازين القوى وحساب المواقف الصحيحة ولهذا يعج العمل السياسي بأرتكاب الاخطاء . وأكثر الذين يرتكبون الاخطاء هم الذين يغلبون اهوائهم في رؤية الوقائع والحكم عليها .
وتعالوا معي نبحر في كتاب محمد حسنين هيكل ( الإمبراطورية الأمريكية والإغارة على العراق ) في صفحة 254 . تابعوا معي بدقة وتركيز كتب يقول :
وكان رأس المال الامريكي بذكاء المصالح والتجارب قد أدرك ان المفكرين عنصر قلقفي مجتمعاتهم . وكان ذلك ملحوظا في الولايات المتحدة نفسها فترة مابين الحربين العالميتين ( الاولى والثانية ) فمعظم المهتمين بشؤون الفكر والمستقبل جنحوا تلك الفترة . دون ان يتعمدوا ( الى اليسار ) وكانت دلالة ذلك أن بعد الحرب العالمية الثانية . وفي وجود الاتحاد السوفيتي وتأثيره . فأن احتمال " جنوح الفكر في أمريكا " لابد من التحسب له . أي لابد من احتوائه في مرحلة . ثم اعادة توجيهه في مرحلة تالية . وكانت المعضلة في هذه اللحظة الفارقة هي البحث عن اطار مقبول ومحترم يحتوي الفكر المستعد للجنوح .
ثم يعيد توجيه طاقته وحيويته . بحيث يضيف ولايخصم . على حد تعبيره .
" آرثر شلزينجر " ( المؤرخ الامريكي الاشهر الذي اصبح فيما بعد أهم مستشاري الرئيس " جون كنيدي " في البيت الابيض سنة 1961 ) .
وكان الاطار الأمثل هو اطار " المؤسسة " على مثال مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك . بحيث يكون هذا الاطار جاهز لاستقبال وتوظيف مئات والاف من المؤهلين لصناعة التفكير . يحصلون فيه على أعلى المكافآت لكي ينطلقوا ثم تكون أفكارهم من الداخل قابلة للتأثير على الخارج . وليس من الخارج نازلة على الداخل . وذلك وصفه الرئيس " ترومان " ( وكانت التجربة مازالت تتشكل ) بأن هؤلاء الناس " ذوي الشعر المنكوش يستحسن أن يكونوا في الداخل وتتجه أحجارهم الى الخارج بدلا من أن يكونوا في الخارج وتتجه أحجارهم الى الداخل " . ومن ذلك التعليق يبدو أن " ترومان " لم يكن قد رأى بعد غير ظاهر التجربة . ولكن نجاحها ـ عندما ظهر ـ تجاوز تقديراته . وبين الدواعي أن " المؤسسة "
أحسنت مكافأة المفكر . وساوته بمدير الشركة اعترافا بدوره في الزمن الجديد .
وكذلك تم عقد صلح تأريخي بين الرأسمالي وبين المفكر . وخفت بشكل ملحوظ حدة التوتر ( الطبيعي ) بين الطرفين عبر التأريخ . ( انتهى ) .
وهذا ماذا يعني حاجتنا الماسة الى مثل هؤلاء لكي نكسر حاجز الخوف والتردد الذي في داخلنا . وان نخرج من القوقعة التي وضعنا أنفسنا فيها ومن الدائرة الحزبية التي تفرض علينا بعض الشروط . وأن نمارس نوع من الاستقلال الذاتي ونمارس نشاطات غير محدودة في مجال التفكير الاستراتيجي ورسم السياسات ومتابعة الازمات وكتابة الاوراق واقتراح الحلول والتفاوض احيانا . وان نجمع الخصوم والفرقاء ولااريد هنا اذكر الاسماء . لانهم بعدد أصابع اليد أو أكثر . ونكسبهم الى صفنا بتقديم الاغراءات لهم وهم في الداخل حتى بعد ذلك يرمون حجاراتهم الى الخارج والعاقل يفهم ماهو المراد والمقصود !!
آمل من رئاسة الوزراء أن تدرس هذا الاقتراح وتأخذ به خدمة للمصلحة العامة وسوف ترون النتائج ان شاء الله مثمرة وايجابية كما هو شأن الدول المتقدمة .