ألشعب ُ مظلوم .. مَن الذي ظلــمه ؟؟؟-ألمهندس/ جمال الطائي- السويد
Sat, 14 Jul 2012 الساعة : 17:52

قبل فترة تداولت المواقع الالكترونية العراقية رسما ً كاريكاتيريا ً لرئيس احدى الكتل السياسية الكبيرة في العراق وهو يفترش الارض لابسا ً ( دشداشة ) مقلــّمة ممسكا ً بربابة يعزف بها في ربوع شمالنا ، بدء وصلته معاتبا ً الزمن الذي حرمه من رئاسة الحكومة ليغني له (هذا مو انصاف منــّك .. ) ،وربما في اغنيته الاخرى اراد أن يعاتب رئيس الوزراء الذي ما ان حظى بكرسي الوزارة حتى أدار له ظهره فغنى له ( مخطرتش على بالك يوم .. ) ، و أخيرا ً حين نظر لنفسه في المراة وهالته حالة البؤس التي وصل اليها كفكف دمعتين نزلت على خديه وهو يدندن ( ظلموه .. ! ) ,
ويبدوا ان مفردة ( ألظلم ) مفردة جديدة لم نعرفها نحن العراقيين عِبــر َ قرون كاملة ولم نعيش الظلم يوما ً واحدا ً بل ولم نعرف ظالما ً واحدا ً في تاريخنا السابق لذلك فقد ركض العديد من السياسيين والبرلمانيين ليتلقفوا هذه المفردة ويجعلوها فاكهة موائدهم لاسابيع عدة ، ولن أبالغ اذا قلت انني خلال الشهرين الماضيين أحصيت أكثر من ثلاثين لقاء ً عبر شاشات الفضائيات لنواب و ( نايبات ) عراقيين يذرفون فيها الدموع على الشعب المظلوم وما ألـم ّ به من الماسي !!
ألنائب ( ألوَرِع ) بهاء الاعرجي وفي عدد من اللقاءات لقنوات الشرقية والبغدادية كان يدافع بقوة عن مشروع سحب الثقة من المالكي لانه ( أي المالكي ) لم يقدّم طوال فترة رئاسته للحكومة أي منجز لهذا الشعب ( المظلوم ) فلا كهرباء ولا ماء صافي ولا أمن ولا خدمات بلدية ولا شيء ، كما يقول الاعرجي ، النايبة ( مها الدوري ) المتخصصة في مهاجمة رئيس الوزراء منذ ستة سنوات تصدرت برامج البغدادية وهي تهاجم المالكي وتذرف الدموع على الشعب العراقي ( ألمظلوم ) وعلى نزلاء السجون
( ألابرياء !! ) الذين يقبعون في سجون السلطة ( كما تقول ) منذ سنين طويلة بلا سبب ، ولا تنسى طبعا ً ( كعادتها في كل لقاءاتها التلفزيونية ) أن تـُـشهر علينا نسخة الدستور العراقي على صفحة 27 ( التي لم تغادرها النائبة منذ ست سنوات !! ).
ألنائبة / فيان دخيل ( من تحالف الاكراد ) و في معرض دفاعها عن اصرار جماعتها لسحب الثقة عن المالكي تتساءل ما ألذي قدمته الحكومة طوال هذه السنوات للشعب العراقي ( المظلوم ) ولا تنسى أن تذكر لنا معلومة مهمة عن 37 مليار دولار صرفت على قطاع الكهرباء وما يزال العراقيين المظاليم يعانون من انعدام الكهرباء !!
أما / حيدر الملا ( فارس ) القائمة العراقية وواجهتها الرسمية فقد أبكاني شخصيا ً وهو
يبكي على ( مظلومية ) أهل البصرة الذين ما زالوا حتى اليوم يشربون الماء المالح ؟؟
تصوّروا/ حيدر الملا ومن مقر أقامة قائمته المريح في الاردن وهو يصرف ببذخ من اموال أهل البصرة المكاريد مازال يفكر بل ويبكي على احوال اهل الجنوب ومصالحهم فقرر وقائمته حجب الثقة عن المالكي انتصارا ً لهم؟؟؟
فرهاد الاتروشي ، ألمتخصص في استعمال كل انواع الاسلحة ضد / نوري المالكي و / حسين الشهرستاني لم يترك قناة فضائية أو حوار تلفزيوني او حتى ( سبتايتل صغير )
في اسفل الشاشة الا وملأه بانواع الهجوم على المالكي ( والعصابة ) الاتحادية التي تريد أن تسلب من الشعب الكردي ( المظلوم ) كل انجازاته التي حققها خلال الـــ30 سنة الاخيرة حتى ولو كانت على حساب ارض العراق وثروات شعبه ؟؟
أحد النواب طالب المالكي بتقديم كشف تفصيلي عن كل دولار من 500 مليار دولار يقول ان حكومة المالكي صرفتها خلال سنوات ،نائب اخر يطالب المالكي بالسفر حول العالم واسترداد كل الهاربين باموال عراقية خلال العشر سنوات الاخيرة .. وتطول قائمة المطالب التي تنتهي عادة بجملة : والا فاننا سنذهب لسحب الثقة عن رئيس الوزراء؟؟ ولعل اخر هذه الطلبات هو ما طالب به احد النواب ، الذي طالب المالكي بالاعتذار للشعب العراقي على مجيء المطربة اللبنانية ( مادلين مطر ) وغناءها في عيد الصحافة معتبرا ً في هذه الحفلة اساءة للمجتمع العراقي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
قديما ً كان اباءنا يقولون ؛ لو حدثت مشكلة بين سمكتين في البحر فان ( أبو ناجي ) هو سببها !! ، و /أبو ناجي ( لمن لا يعرف ) كان يقصد به الانكليز . يبدوا ان ساسة اليوم استبدلوا (ابو ناجي ) بـــ ( نوري المالكي ) ، فهو سبب فساد الدولة وتردي الخدمات وسوء الحصة التموينية وسبب اخفاقات منتخبنا الوطني لكرة القدم وسبب التصحر وارتفاع العنوسة وانخفاض مستوى شط العرب ويصورون لنا الامر اننا كنا سننعم بعيشة سويسرية لولا .. نوري المالكي !!
شخصيا ً لست من مؤيدي المالكي ولا من عشاق حزب الدعوة ولكني سأستعير ماقاله السيد المسيح لليهود ( من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر ) .. واقول لكل الساسة من كل الكتل ( من لم تتلوث يداه بدماءنا.. ولم تدخل جيوبه السحت الحرام من اموالنا..
ولم يتستر على سارق أو قاتل .. ولم يتامر مع اعداءنا .. ويقف بالضد من مصالحنا .. فليسحب الثقة من المالكي وكلنا معه ، وأنا أكيد انه كما حدث مع اليهود والسيد المسيح سيرمي الجميع احجارهم ويفرّوا هاربين لانهم كلهم عورات وللشعب أعين يرى بها !!
جميل جدا ً أن يحوي البرلمان على بائع بطاقات الموبايل ، والسمكري والبعثي و الطبيبة البيطرية والدلالة ومفوّض الامن من النظام السابق وبائعة الخضرة و.. ألكببجي ..وغيرها من المهن لان هؤلاء هم الشعب وهذه مهن الشعب وبالتالي يُفترض باصحاب كل هذه المهن تحت سقف البرلمان أن يعملوا بما يملكوه من خبرة في مجالهم لخدمة اهل هذه المهن ومعالجة مشاكلهم وبالتالي تتم خدمة المجتمع ، الا ان الذي يحصل فعلا ً ان السادة البرلمانيين ما أن تطأ أقدامهم أرض المجلس العتيد حتى يتحولون الى دنابك ( جمع دنبك ) يضرب به رئيس قائمتهم وولي نعمتهم متناسين ان الشعب العراقي هو ولي النعمة الحقيقي وهو مصدر ثرواتهم وامتيازاتهم التي يحسدهم عليها كل نواب ونائبات العالم ، وبالتالي فالشعب هو الاولى بالخدمة وليس القادة ورؤساء القوائم ( ولكن لاحياء لمن تنادي!! ) ،
لو استغل السيد / بهاء الاعرجي خبرته وما توافر له من معلومات في مجال الاتصالات والهاتف الخلوي في العمل مع الوزارات والجهات المختصة لتحسين واقع الاتصالات المتردي في العراق لاستطاع أن يقدم خدمة كبيرة لشريحة هائلة من العراقيين يعانون الامرّين من تردي خدمات الهاتف النقال وانعدام خدمة الهاتف الارضي؟
لو استغلـّت الدكتورة / مها الدوري معلوماتها المكتسبة من دراستها الاكاديمية في العمل مع ذوي الاختصاص لحل المشاكل التي تواجه الثروة الحيوانية ومشاكل مربي الحيوانات لاستطاعت ان تخدم شريحة مهمة من ابناء الشعب ( المظلومين ) ولقدمت خدمة جليلة لكل العراقيين بتسهيل وصول اللحوم لهم باسعار مناسبة ؟
لو اهتم السيد/ حيدر الملا و العشرات من البعثيين المنتشرين في معظم الكتل السياسية وفي مراكز مهمة في الدولة على الاعتذار ممن أساءوا لهم من العراقيين وسقوهم كؤؤس المعاناة وحاولوا تضميد جراحات ضحاياهم والتودد لهم لقطعوا خطوات كبيرة ومهمة في طريق المصالحة والوئام الوطني التي صدّعوا رؤؤسنا بها ليل نهار ؟؟؟
لو اهتم السيد/ فرهاد الاتروشي بأحوال المطاعم والشروط الصحية التي تطلبها دوائر الصحة والبلديات واهتم بسن تشريعات تحفظ لعمال المطاعم حقوقهم ولروادها اكلا ً نظيفا ً باسعار معقولة لقدّم خدمة جليلة لاصحاب المطاعم وعمالهاوروادها( وماأكثرهم)
حين تفتّحت مداركنا في بدايات شبابنا كنا نسمع من اهلنا دائما ً عن ( مظلومية ) هذا الشعب فاهلنا وُلِدوا أيضا ًووجدوا أهاليهم يرزحون تحت ظلم حكامهم وهكذا كان اجدادنا حتى أصبح الحديث عن الظلم والمظلومية صفة تميزنا نحن العراقيين وسحبناها على كل مفردات حياتنا حتى أوصلناها للغناء ولو تابعت أي لقاء فني عن الاغنية العراقية لسمعتهم يقولون ان الاغنية العراقية تميزت بحزنها بسبب ما عاشه العراقيين من ظلم وظيم ومعاناة طوال قرون عدة !!، ولكن ، أما ان لهذه الخاصية أن تزاح عن كواهلنا
خاصة واننا منذ سقوط نظام البعث الدموي عام 2003 ونحن وتحت حماية بسطال المحتل صرنا نختار حكامنا بلا خوف من ( الرفاق ) ولا أوامر ومراقبة من ( الفرقة الحزبية ) ولا مغني يغني ( احنه كلوب بالصندوك خليّنه.. !) ، بل صرنا نتكلم عن ( عرس ) الاصابع البنفسجية التي وهبت لنا هذا ( اللملوم ) من ساسة الـ3 بــربع ،قبل ستة سنوات انتخبنا هذه الوجوه الكالحة المتامرة وبقينا بعدها اربع سنوات نراقبهم وهم يسرقون ويقتلون ويعيثون في الارض فسادا ً ويتجاوزون على كل ّ المُـحرّمات ويمدون اياديهم الى خارج الحدود ويتامرون على ارضنا وثرواتنا وكرامتنا ونحن نعاني من فقدان كل شيء بِدءا ً بالامن وانتهاءا ً بكل مستلزمات الحياة الادمية ، ولما حان موعد الانتخابات الجديدة عدنا لننتخب نفس الوجوه الكالحة التي كانت تمارس جلدنا وتعذيبنا فعادت أشد قسوة ً وسوءً ورمت في الساحة السياسية بمجموعة جديدة من السرّاق و الفاسدين والفاشلين الا في خلق الازمات ، وها نحن منذ سنتين نلعن سلسفيل أسلافهم ونلعن الساعة السوداء التي انتخبناهم بها ونحلف اننا سنقطع اصابعنا لو بصمت لهم مرة أخرى ، وها هم من سنتين يملئون جيوبهم بالسحت الحرام ويكدسون ثرواتهم ويمارسون ابشع انواع التجويع والتفقير بحقنا والتامر علينا وتبديد ثرواتنا والتهديد بتقسيم بلادنا ، وبعد سنتين ستحين الانتخابات مرة أخرى ، وسنذهب لمراكز الاقتراع وسننتخب ذات الوجوه الكالحة التي انتخبناها في المرات السابقة وسيجلبون لساحتنا بحرامية جدد وقتلة جدد و سيتمتعون بلعبة حرماننا من كل شيء والاستئثار لانفسهم بكل شيء !!
بعد كل هذا ، هل نحن فعلا ً شعب مظلوم؟؟ أ ُجيب وبكل صراحة ، بل نحن شعب ظالم..ظالم..ظالم ، ومن شدة ظلمه فانه لما لم يجد من يظلمه فقد ظلم نفسه ، فنحن شعب لا يستحق أن يبكي عليه أحد ، ويكفينا اننا نحن من يغني ..( أنه البيدي جرحت ايدي..)