الجهل المقدس-ليث السراي
Sun, 8 Jul 2012 الساعة : 13:56

لم استغرب كثيرا وانا اسمع بهذا الاصطلاح من احد المفكرين الكبار فهو امر نشاهده ونمارسه كل يوم على علم منا او في بعض الاحيان دون علم.لكن يبقى السؤال المحير والكبير هو كيف وصل مجتمع ما او امة ما الى تقديس جهلها؟
والاجابة عن هذا السؤال صعبة وتحتاج الى تحليل تاريخي عميق,.وفي اعتقادي ان المسالة اجتمعت عليها عدة عوامل فمنها التراكمات التاريخية ومنها ما يتعلق بنهج بعض المتصدين للعمل الاصلاحي حينما يمارسون تجهيل الناس بحسن نية تارة لضمان الاتباع والطاعة او بسؤ نية تارة اخرى.فالموضوع ببساطة ان في بعض الجهل راحة للكثير من الناس من عناء العلم والمعرفة وما يستتبعها من شكوك واسئلة لا نجد لها جواباً في اغلبها ..
الجهل المقدس او تقديس الجهل عادةً ما يحدث عندما يرتبط الامر بالنصوص المقدسة الصادرة عن احد المقدسات الدينية,, ونحن نعرف بان الله عز وجل مثلاً انزل القران وهو عبارة عن عدد من النصوص (الايات) دون تفسيرا واضح وبين وقد ترك امر تأويله للراسخون في العلم حسب ما يخبرنا نفس كتاب الله .والحقيقة ان المسلمون في صدر الاسلام كانوا لا يختلفون في تفسير الايات او معرفة اسباب النزول لانهم معاصرون للاحداث واللغة ايضاً كانت مفهومة اكثر من الان ووجود النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يحل ما تشابه عليهم فلم يكونوا يحتاجون الى مفسر ليفسر لهم النص ولكن بعد ذهاب الرسول (ص) اختلفوا في تاويله .
المشكلة حدثت بعد ذلك بكثير عند ابتعاد الناس عن صدر الرسالة وهو وقت طويل جدا لعبت الاحداث التاريخية والأيدلوجية دورا كبيراً جدا في اختلافنا الان على تفسير وتأويل جميع النصوص الدينية بما فيها السنة النبوية وسنة الائمة عليهم السلام عند المذهب الشيعي بعدما كان الاختلاف بسيط ولا يتعدى بعض ايات من القران.
والحقيقة اننا كلما ازددنا بعدا بالزمان ازدادت اختلافاتنا ,وكل ما موجود بين ايدينا اليوم هو نتاج الفاعلين الاجتماعيين من خلال تفسيراتهم للنصوص,,ومن المؤسف في هذا الزمان وبعد اكثر من 1400 سنة وتطور العقل البشري هذا التطور الكبير نجد ان الخطاب الديني يكرر عقائد وتفسيرات دون اخضاعها للمنطق والعقل والتحليل التاريخي.,فضلاً عن انه خطاب ليس بمعصوم بل نتاج بشري وهو كما نعرف ونجزم يحتمل الخطأ والصواب, والادهى من ذلك صرنا نقبل بالكثير من الامور حتى وان خالفت الثوابت العقلية التي لا نعرف ثوابت اصدق منها.وها هو الحديث القدسي المشهور يقول مخاطبا للعقل (( وعزتي وجلالي لم اخلق خلقاً اكرم منك علي بك اثيب وبك اعاقب )).
والغريب في الامر ان فتح باب الاجتهاد كان من اجل معالجة هذا الامر ولكن الحقيقة المرة اننا قبلنا بالكثير من الامور والممارسات دون التفكير بصحتها وتوجيه النقد اليها,,لنقدسها بعد ذلك دون علمنا او بعلمنا اننا نقدس جهلنا في بعض الاحيان .
ومن اجل ذلك حسب وجهة نظري اننا بحاجة الى قراءة اخرى للدين تعتمد بالدرجة الاساس على العقل وحرية التفكير لنحفظ كرامة الانسان مهما كان بغض النظر عن انتمائه (فهو اما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق )حسب تعبير امير المؤمنين(ع) وكما يؤكد اخر (ان هم الله عباده وليس عبادته )