بانتظار الفرج-حسين باجي الغزي

Sat, 7 Jul 2012 الساعة : 10:45

نحن العراقيون كتب علينا العذاب وننتظر الفرج .اظنها عبارةً مناسبة ً على فم كل عراقي  يتعدى حدود وطنه إلى اقرب دولة مجاورة  , أو جملة صارخة في وجدان كل مولود ونحن في  الألفية الثالثة من الزمن الردئ , حين يكتشف أنه بلا حدود واضحة ولاهوية ولا جواز سفر واضح الملامح  جلي الخطوط  يعبر به إلى الضفة الأخرى حيث الأمن والسلام والشواطئ الخضراء  .
إننا كشعب  عراقي  نعيش أزمة هوية واضحة من الشمال إلى الجنوب , حتى لو تسترنا بأعلام كثيرة وحدود هلامية داخل الوطن الهزيل , يقف على جانبيها جنديان هزيلان يبحث كل منهما عن قات يومه قبل قوت عياله وينتظر عمولة عبور شاحنة او مسافر (غشيم ) .

من المخجل أن يدفع جيلنا والجيل الذي يليه فاتورة حروب سابقة ولاحقة  ومعارك وتجاذبات واصطفا فات سياسية لم يكونوا طرفاً فيها , وأن يدافعوا عن حدود الهزيمة التاريخية وأن يمثلهم رجال لايفكون الخط ولا يحسنون تحدث لغة أخرى غير تلك التي فطرها الله عليهم .

أعلم أننا مارسنا جلد الذات حتى ملت جلودنا من ظهورنا , لكن السؤال الذي يهمني الآن :مع كل الثورات التي تجتاح العالم  ورياح التغيير , ماهو واجبنا  وكيف ننتفض على هذا الواقع المرير  ؟سأكون بعيداً عن الشكوك والبكائيات ونظرية المؤامرة وثقافية المظلومية من نسيان العرب وجحود الأصدقاء والأقرباء  لقضية شعب كامل أنهكته الحروب  والعنف الطائفي وربابنة السفينة الخرقاء  دون أن يلتفت إليه أحد .ولن أرتكب خطأ دائما بوضع اللوم على المانحين للعنف وحواضن الإرهاب وقوى (الاستكبار ) ومشعلي حرائق الفتن , بل سأتجه مباشرة لأقرب طريق بين نقطتين , سنركز على دور الفرد العراقي  الذي هو أنا وأنت ،هو وهي , نحن جميعاً بملامحنا المتشابهة في كل المطارات ومواقف القطارات وطوابير الهجرة في كل دول العالم  وفي بغداد والموصل والناصرية وكل بقعه من هذا الوطن العزيز .

علينا  الاعتزاز بالهوية والاسم والجغرافيا والتاريخ العراقي  , مهما شتتنا المنافي وباعدتنا الحدود فإننا نبقى بنفس الملامح واللغة والتاريخ والعادات والتقاليد المشتركة , لايعني كونك أمريكياً أنك نسيت العراق  , فالعراق  أقدم تاريخاً من أمريكا بالنسبة لي ,  وحصولك على جنسية أخرى  لن يغير ملامحك واسمك , ركوبك خطوط  الدرجة الأولى لن يعفيك من ألم مشاهدة طفلاً تيبس من العطش هذا الصيف  في الجنوب أو شيخ انهكتة  متاهة الكهرباء  , العراق هوية كاملة لاتتجزأ , إما أن تقبل بها كلها او انك ستعيش مشوهاً مسخاً لايحسن مشية الأرض التي تقيم فيها وتكون أضعت وقفة الرجل العراقي النبيل .. لن تحترم ذاتك ولن يستطيع أحد النظر إليك كنصف مواطن في بلد جديد . لسنا بحاجة ألى مآسي جديده وقصص معاناة أكثر من تلك التي نسمع ونشاهد منذ  ان فرقت بيننا افاعي الكهوف وخفافيش الظلام  , نحن بحاجة إلى ملهمين حقيقين لا خوارق ولا مستعجبات . لأن أرواحنا مسكونة بالخوف والجوع والخجل من وطن أضاعه رجال بجهلهم كان أجمل منهم على أية حال . نحن اشد مانحتاجة اليوم نهضة حقيقة بأنفسنا وأرواحنا وان نغير ما بأنفسنا  ونوايانا ليغير الله ماكتب علينا بأيدينا وان نتجه اتجاها واقعيا صميما وان ننتظر الفرج بسواعدنا وهممنا .لان الانتظار ونحن خانعون مستسلمون هي عقيدة باطله وعقيدة الكسالى والاتكاليون .

تذكرون جميعاً شعور الفخر الذي اعترانا عندما يلوح  مشجعوا فريقنا الوطني  بعلمنا الشامخ في ملاعب العالم او نبوغ عقل عراقي في مجالات الفن والعلم والهندسة والإبداع .تذكروا خيبتنا وحسرتنا ونحن نرى بلد الحضارة وملهم الإنسانية  في المراتب الأولى  في قوائم الفساد والأمية والرشوة والتخلف التكنولوجي والعلمي .

 امرا لعل الله  يغيره ويلوح بالأفق نورا في نهاية النفق وان  تكتحل عيوننا بنور الفرج .

Share |