نفط البصرة , زعماء الكتل , الشخصية العراقية...اسباب الفساد-علي الخفاجي-بريطانيا
Sat, 7 Jul 2012 الساعة : 10:42

الكتابة عن النظرية النسبية والتلوث في كوكب الارض وسبل معالجاته , اسهل واهون من ان تكتب عن الفساد بالعراق , او ان تؤشر لاسبابه وحواضنه وكيفية القضاء عليه لاسامح الله !
اكرر تحذيري القديم الجديد ومنذ سقوط الطاغية , ان العراق وبقاؤه بهذا الشكل , سينقرض كدولة , لان الفساد كالسرطان الذي وصل لنخاع العظم والشعب لايدري مايفعل معه , وكل يوم يمر تتوسع وتترسخ منظومة الفساد , بينما تتهاوى منظومة الدولة العراقية , بل ان الجسم السرطاني للفساد اصبحت له اذرع تحارب كل جهة تحاول ان توقف التردي , اما قطعان المتزلفين والمنافقين ممن يروج للزعيم غير ذلك عبر صور الفوتوشوب عن المشاريع العملاقة , فهي لاتعدو كونها صور حاسوب لاعلاقة لها بالحقيقة الغبراء الجرباء التافهة لتلك المشاريع الفاشلة في كل شئ , والتي لايقبل بها اي خبير متخصص .
الفساد يشمل مؤسسات الدولة كاملة بلا استثناء , من رئاسة الجمهورية الى الوزراء الى مجلس النوائب و كل دائرة ومؤسسة , ومن المضحكات المبكيات ان هناك جهات يفترض نزاهتها لانها دينية ينخرها الفساد ايضا تحت شعار (ان الله يحب ان يرى على عباده اثر نعمته !).
ناهيك عن القوات الامنية فهي حدث ولاحرج , سمعت وانا في سيارة اجرة صغيرة عائدة من الكاظمية للنجف من جنود مجازين استئجروا المقاعد الخلفية , ان قائد فرقتهم جاء اليوم صارخا غاضبا مزمجرا , ليس على ثغرة امنية استغلها الارهاب وقتل العراقيين , بل كيف وهو قائد فرقة وكل ماحصل عليه بشهر مجرد دفترين ؟؟!! اي عشرين الف دولار ؟ استغربت هل راتبه ام ماذا ؟ فاتضح من التفاصيل ان هناك منظومة فساد في كل فوج ولواء وفرقة , تجمع للقائد واعوانه اموال سحت حرام من رواتب لشخوص وهميين , ورشاوى لجنود مساكين , ربما فيهم من يحمل شهادة ارقى من الضابط الفاسد , يتم تطويعهم بسعر يتراوح بين خمس الى عشرة اوراق ($500 الى $1000) وهلم جرا .
اود في هذه السطور ان اشير الى اهم اسباب الفساد:
اولا.نفط البصرة , البصرة وماادراك مالبصرة (مثل العيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول) .
نفط البصرة الذي يفترض ان يكون نعمة على اهلها ويفيض على بقية العراقيين هو السبب الاهم للفساد , ومن باب النكتة اقول لو لم يكن ذلك النفط (اللعين) لربما لم يرجع للعراق الكثير ممن يسمى اليوم قيادات سياسية ولبقوا في منافيهم , او لربما لم يكن هناك صدام اصلا ولا البعث ولا حروب الخليج وحصار امريكا .
ميزانية العراق مئة مليار , وسمعت ان السنة القادمة اكثر من ذلك , زيادة اثارت قلقي لانه مجرد رقم اكبر يعرض امام وحوش الفساد , ولاينال الشعب منه سوى صور فوتوشوب عن مشاريع مهلهلة على ارض الواقع , واجهزة ومعدات تالفة او عفا عليها الزمن , او ادوية فاسدة تشبه شخصية المسؤول الذي جلبها للعراقيين.
سمعت يوما , ربما من احد قادة ايران , انه يتمنى ان يغلق انابيب النفط ليخلص ايران من الغرب وجرائمه , واقول لو بيدي لغلقت ابار البصرة حتى يتم تطهير العراق من وحوش الفساد لانه غذاءها الاول ومنه تعتاش وتتكاثر مثل خلايا السرطان .
ثانيا. زعماء الكتل , يقول المثل (الناس على دين حكامها) , واقول ان (الكتل على دين زعيمها) .
جاءوا للعراق وجوههم لاتشي بالنعمة ويعلوها الصفار , ليس من العبادة على مايبدو , بينما الشعب تخلص من جلاده بفضل الله وامريكا الظالمة التي سلطها على الجلاد وليس ببطولات وجهاد اي قائد او زعيم , بمعنى انه ليس لاحد فضل على العراقيين غير الله , واذا بلزعماء وحواشيهم يسكنون قصور وبيوت الطاغية , ويضعون لانفسهم ميزانيات لانعرف مصدرها , ويجب ان نعرف , تمول اتباع وحمايات وقصور وفنادق وقنوات تطبيل فضائية.
اما الجانب الاخر في موضوع الزعيم وماعليه , ولم يفعله , هو امتناعهم جميعا , وكانهم متفقون , على عدم محاسبة احد من اتباعهم ؟
هل رايتم يوما قيادات مايسمى الصف الاول اجتمع باتباعه حاثا اياهم على النزاهة ؟ ام ان الفاسدين من قوم ياجوج وماجوج وكتلته مجموعة من الملائكة الصالحين ؟
بالمناسبة هنا اشير لنقطة تؤكد الغباء السياسي للكثير من الزعماء : الشعب العراقي شعب مكلوم مسكين يرضى بالقليل , ومجرد هكذا خبر يصدر عن زعيم يعزل محافظا او يطرد وزيرا فاسدا من اتباعه سيرفع رصيد ذلك الزعيم بطريقة دراماتيكية ولكن لاحياة لمن تنادي.
ثالثا . الشخصية العراقية , لربما لها اثرا حاسما في الفساد , فبعد ان اشرت باختصار للنفط والزعماء ودورهم الكبير في الفساد , تبقى الشخصية العراقية شخصية سلبية تفتقد للمبادرة بشكل كبير , فكل العراقيين يعرفون ويبكون من الفساد , والعراق يفترض انه ديمقراطي وهناك حرية راي وتظاهر , لماذا لايخرج العراقيون ليعتصموا ويحاصروا وزارة او مؤسسة او دائرة تاكدوا من فسادها , وحاصروها ورشقوها بالنعل والحجارة ليجعلوها عبرة لبؤر الفساد الاخرى ؟ بل ويجبروا الزعيم التي تتبع له تلك الجهة على عقاب ذلك التابع الذي عينه فيها ؟ لماذا العراقي مستعد وبصورة غريبة لدفع رشى وقبوله بالامر الواقع ايا كانت مرارته ؟ كان بامكانه ان يفضح الفاسد من الايام الاولى لسقوط الصنم , بل ويجعله يتوسل به ان يصمت , الى ان تحول فضح الفساد اليوم الى تصرف احمق؟!!
في الختام , اختصرت الكثير وتطرقت للقليل القليل من كارثة الفساد بالعراق , بصراحة لاتعوزها الدقة , لابد من الاشارة لامر اخير وهو دور المراجع الكبار وهم يرون البلد يذبح وثرواته تبدد وتهرب للاردن ودبي وبريطانيا وغيرها؟؟!! هل يبقى الشيخ الكربلائي والسيد الصافي يتكلمون عن مواضيع جانبية بدل ان يرفعوا العصا الغليظة للمرجعية بوجه هؤلاء الوحوش ؟؟!!
اذكر نفسي وجميع الزعماء واتباعهم ومتزلفيهم والوزراء وغيرهم بقول لسيد المتكلمين علي بن ابي طالب عليه السلام :
من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهوته ...
بصرة – بريطانيا
BSc BEng MEng MIET
[email protected]