المتعلم والمثقف/الباحث الاجتماعي نوفل عبد الحميدالموزان

Thu, 5 Jul 2012 الساعة : 9:40

ان المتعلم في المفهوم العام هو من تعلم امورا لم تخرج عن نطاق الاطار الفكري الذي اعتادعليه منذ صغره، فهو لم يزدد من العلم الا مازاد في تعصبه وضيق في مجال نضره وقد امن براي من الاراء او مذهب من المذاهب، فاخذ يسعى وراء المعلومات التي تؤيده في رايه وتحرضه على الكفاح في سبيله، اما المثقف فهو يمتاز بمرونه رايه وباستعداده لتلقي كل فكره جديده والتامل فيها واخذ وتبني وجه الصواب فيها ،ومما يؤسف ان المثقفين بيننا قليلون والمتعلمين كثيرون وقد بلغ متعلمونا مبلغا من الغرور لايحسدون عليه لما تعلموه سابقا، والكثير بل اغلبهم لايتحمل رايا مخالفا لرايه . لقد اجمع علماء النفس وعلماء الاجتماع ان قياس ثقافة الشخص ممكن أن تاخذ من مدى تحمله اراء غيره المخالفه لرايه فالمثقف الحقيقي يكاد لايطمئن الى صحة رايه، ذلك لان المعيار الذي يزن به صحة الاراء غير ثابت لديه فهو يتغير من وقت لاخر، وكثيرا ما وجد نفسه مقتنعا براي معين في يوم من الايام ثم لايكاد يمضي عليه الزمن حتى تضعف قناعته بذلك الراي وقد ينقلب ضده انقلابا كبيرا، ومن يدرس جمهور المتعلمين في تطور افكارهم بين الحين والاخر يرى عجبا فطالما رايناهم يسخرون من فكرةفي هذا اليوم ثم يقدسونها غدا فاذا سالناهم عن سبب هذا الانقلاب المفاجئ قالوا انهم كانوا يبحثون عن الحقيقه ثم وجدوها اخيرا، ولعلهم يتحولون الى غيرها بعد زمل طويل او قصير لقد قال احد الحكماء (ليس من العجيب ان يختلف الناس في أذواقهم وميولهم ولكن العجب أن يتخاصموا من اجل هذا الاختلاف ).ان الفرد كلما قلت عقده النفسيه كان أقدرعلى الانتفاع من قواه الكامنه او الخارقه،فالفرد الذي امتلأ ت نفسه بالعقد والرغبات المكبوته يصعب عليه النجاح في معاملته مع الناس ، ذلك لان قواه لاتكون نقيه او حره في عملها. لقد امتدح علماء الغرب النبي محمد(ص) ووصفوه بانه قوي الفراسه ويحسن اختيار اصحابه واعوانه وفيه صفات المثقف المتكامله رغم قلة تعليمه وهذا كان من اسباب نجاحه العظيم،وسبب ثقافته وفراسته كونه من اولي النفوس المطمئنه الصافيه التي لاتحمل حقفدا او ضغينه على احد. لقد ذكر علي الوردي في كتاباته ( ان في اغوار اللاشعور قوى مبدعه تستطيع ان تقود الفرد الى سبيل النجاح لو احسن استثمارها وطهرت مما يلحق بها من ادران الهوى والعاطفه الممسوخه ويضن ان مايسمى بالحظ عند الناس ناتج عن استثمار هذه القوى اللاشعوريه، وكثير من الناس ينتفعون بهذه القوى في حياتهم العمليه من غير ان يعرفوا مصدرها او يفهموا ماهيتها فينسبونها الى الحظ وهي ليست من الحظ في شئ بل ،هي حوافز تنبعث من داخل النفس ويعتقد الناس انها آتيه من الخارج كما يصفها على الوردي ) . وقول احد المفكرين الغرب ( أني أختلف معك ولكني أبذل نفسي من أجل ان تقول كلمتك) وهذه هي الثقافه الحقيقيه التي تقود المجتمع الى التطور والانفتاح وللحديث بقيه.

Share |