أيامها ليست سوى أرقام متسلسلة- دلال محمود- المانيا
Mon, 2 Jul 2012 الساعة : 15:08

ها هي تبدأ يومها بخطوات مثقلة, فساعات نومها كانت قليلة جداً.
الجو خارج المسكن جميل فهو ربيعي, لكنها لم تكن تشعر بعذوبته.
حاولت ان تحث الخطى علَّها تجد بصيصاً من أمل أو تفاؤل يلوح في الأفق البعيد, لكنها لم تفلح..
أحسَّت , أنها لاعمل لها سوى ان تشطب أياماً من عمرها .
أشعلت موقدها , لتُعِدّ الشاي بعد أن انتهت من إحضار وتهيئة وجبة الفطور لأبنها الأصغر والذي تشعر أن كل يوم يزداد حبها له فهي تحسُّ أنه شيئ رائع وعذب .
بدأت, بترتيب الغرفة التي كانت مبعثرة وكأن زلزالاً قد ضرب تلك المساحة من المسكن, فالملابس حول الخزانة وليست كما توعدنا عليه حيث يجب أن تكون في داخلها .
أصابها الضجر, فالجو سرعان ماتبدل وبدأ المطر يتساقط بتغنج يغازل الاشجار والرصيف, وأسرعت لسعات البرد تقرص جدران الشقة لتتسرب الى جسدها المتعب.
إقتربت من جهاز التسجيل , وضعت الكاسيت لتطرب على صوت فيروز الملائكي تاهت بعيداً بذكرياتها فصوت فيروز يعيدها الى زمن ثمين, كان فيه للأنسان قيمة عظمى, وكان الغناء فن راقي تنتقى فيه الكلمات العذبة عكس مايعرض الآن على شاشات التلفزة المبتذلة والتي تديرها أيادِ خفية شريرة تسعى الى قتل كل الأشياء الحلوة والنقية.
ذاك الزمن الذي هيهات له ان يعود حيث النقاء يملأ الأجواء ليشمل اغلب العلاقات الصادقة , فالجار السابع بمثابة الأخ كما ان الانسان العابر بمثابة الصديق الصادق الصدوق.
كان صوت فيروز حاضر كل يوم في نادي الجامعة حين يحتسي الطلبة الشاي فيه.
لقد ظلَّ ذاك الشعور الجميل ملازماً لها وهي تستمع الى تلك الاغاني النقية ,فهي لاتستذوق احتساء الشاي الا وصوت فيروز يغوص في مسامعها.
على رقة وعذوبة صوت مطربتها المفضلة سقط القدح من بين يديها فتناثرت اجزاءه كما تناثرت اوراق ذكرياتها.