خرم الإبرة البحريني في القفص السعودي-حسين شلوشي
Sat, 30 Jun 2012 الساعة : 13:49

كان المجنون أفلاطون يعتقد ويدعو الى فكرة علَها تأخذ الناس الى الفضيلة، فيردد ان الامور لا تستقيم الَا عندما يكون الفلاسفة ملوكاً أو تتحول الملوك الى فلاسفة، وهو كان محاطا بملوك حقيقيين وأبناء الحضارة الاغريقية، وبالتأكيد لم يكن يقصد لحقبة زمن من ملوك الحاضر الذين تحولوا من رعاة الابل والماعز يعيشون على الكلأ وينقطعون عن الدنيا في جوف الصحراء ولا يفرق في زواجه من جنسه او من دونه ... بليلة وضحاها تحول الى ملك وظل عقله مركباً ومنسجماً على انه ملك الحيوانات (راعي) .. على الابل وقطعان الماعز والاغنام ويسوقها حيث يريد، وينهرها من أي جهة تذهب، وهو الأول والآخر والذي يحيي ويميت في هذه البهائم، وعندما صار ملكاً على الناس، فهو يتصرف بهذا الخزين المعرفي الحيواني.
أيضاً هذا المجنون أفلاطون لم يقل كلمته ولم يرسم جمهوريته الفاضلة أمام تلاميذ الفلسفة في عصر هؤلاء الملوك الرعاع، انما كان يقول ذلك الى أهل الحكمة من طلابه الذين يعتقد فيهم الاستنباط والاستقراء والنقد والاستمرار بقوانين العقل وآليات المنطق لطمس فراغات الرذيلة وبسط الفضيلة اينما كان ذلك ممكناً، وان حرية الناس في الخيال والعاطفة لتجميل الواقع، انما هو ابداع للرقي والتحضر والمدنية وبناء الأمم، وهكذا تأسست واستمرت الحضارات وظلت عناوين للحكمة، انما الذي يؤسس مفردات متناثرة ويحاول ان يسميها دستوراً قبل عقدين ( عشرون سنة )، كما هو حال آل سعود في أرض نجد والحجاز، وهو دستور وقانون لم يقبله المنطق (البشري)، انما هو لملكيات أخرى مرَت قبل قرون وقرون، وعلى أقل تقدير لفظها الاسلام وأسس غيرها في هذه الجزيرة المغتصبة من دولة (اليهود العميقة)، دولة يتم فيها انهاء حق ووجود أكثر من سبعة وعشرين مليون انسان، واقرار الحق لألف أو ألفين فقط، واعتبارهم من صنف البشر القادرين ان يكونوا ملوكاً وأمراء ووزراء ومديرين ...
هؤلاء يكتبون في ثاني فقرات الدستور ان الملك هو من آل سعود حصراً !! والآخرين ليسوا من جنس البشر، وهذا الملك لا يسمح لجمعية أو حزب أو فئة أو طائفة أو دين أو ملَة أو مجموعة أن تلتقي وتجتمع الا ان يكون هو مسؤولها وتعود له.
لا نريد أن نذهب في تفصيل هذه الخزعبلات التي تسمى دستوراً بعرف آل سعود، انما الطامة الكبرى هي في البشر من دول اخرى غير السعودية لدول ضاربة بالحضارة ويعدون انفسهم من ذوي العقل ويعتقدون بابداع العقل الحر يوماً ومنهم من يستنشق رائحة المتنبي العتيق في بغداد لأنه يحمل أسرار الكون في هذه الرائحة النافحة من بلل الورق وغبار الكتب وانفعالات الكتَاب الحفاة الأمناء على مفرداتهم وحبيباتهم المتلألئة أقماراً في دجلة الخير. العجب أنهم يلقون عقولهم ويحاكون عصبيات الغضب الحيواني ونرجسيات الصبيان وهم في عمر الثبات السبعيني.
آل سعود وجدوا نافذة صغيرة في دولة البحرين المجاورة أصبحت متنفساً وفيها هامش وبصيص من الحرية، ألا وهو تشكيل الجمعيات، وهي بديلة عن الاحزاب، ومن ثم برلمان وان كان أعرج بنصف رجل، فهو أفضل من السعودية (ماكو) ، وهذه الجمعيات فيها تنوع سياسي وطائفي ولعله الأهم في الموضوع وهو الذي تنسفه مملكة آل سعود من الجذور.
هذا البصيص والهامش وخرم الابرة في البحرين والذي أوجدته دماء أهل البحرين و وطنيتهم اعتبره آل سعود انه حربة وهو ثغرة يجب اغلاقها وحرَكت الجيوش والبشر لردمها وأومأت الى ردَاحين وسفسطائيين أغدقت عليهم ليباركوا خطوة القفص الحديدي الحر!.