ويمكرون ويمكر الله- باقر الرشيد ـ بغداد
Sat, 30 Jun 2012 الساعة : 11:19

شهد العراق ومنذ الأيام الأولى التي أعبقت سقوط نظام البعث فصولاً عديدة من سيناريوهات التآمر التي كانت ترسم مشاهدها عقول أعرابية خائبة وتنفذ أدوارها وجوه سحقت ملامحها موجة التغيير فلم تجد لها وسيلة تعبر من خلالها عن اليأس الذي وجدت نفسها في دائرته سوى الإنتحار ، تارة بتفجير أجسادها النتنة على ناصيات (المساطر) وواجهات المساجد والحسينيات والكنائس والمدارس ، وأخرى بقتل آخر ما تبقى لديها من الحياء وذلك من خلال ممارسة التسول في أروقة قصور خليج العرب ومغربه الموبوءة وبيع كل ما بقي لديها من مروءة وما تبقى لها من عزّة نفس ، وشرف أحياناً . إن تلك النفوس المريضة لم تبال بكل ما تخسره من صفات الإباء والرجولة و عفة النفس ، بعد أن تطبّعت على حالة الإذلال والاٌستعباد الذي عاشته وآستلذت به طوال سنوات حكم الطاغية المقبور .
لقد تيقـّن العراقيون أن ما تعرضوا له من مؤامرات متواصلة تخطط لها عقول عفنة ومحشوة بالحقد لبعض حكام الخليج الذين لا تروق لهم الخارطة السياسية للعراق الجديد ، مستغلين بقايا أزلام النظام السابق ومن تضرّر معهم من الوضع الجديد لتنفيذ أجنداتهم السادية في قتل العراقيين وعرقلة مسيرة النهوض للعراق الجديد من خلال العمليات الإرهابية التي طالت الآلاف من الأبرياء ، وخلق الأزمات داخل العملية السياسية كوسيلة بائسة لعودة العراق إلى زمن القهر والظلم والإستبداد الذي عانت منه غالبية العراقيين لأكثر من تسعين عاماً . وقد توضّحت هويات القتلة والمتآمرين بعد أن عرفت أهدافهم البائسة والشريرة ، حيث تبيّن أن على رأس الهرم لعرّابي التآمر على العراق الجديد ونظامه الديمقراطي وحكومته المنتخبة وقتلة الأبرياء بالمفخخات والعبوات والكواتم هم ذاتهم من أذاقوا بمنهجهم العدواني اللئيم شعب العراق شتى ألوان القهر والظلم والتهميش ، ولعل ما تكشّف عن دور الهاشمي ( وهو نائب لرئيس العراق) من أوامر وتوجيهات ودعم لرجال حمايته المتورطين بقتل العشرات من العراقيين والقيام بالعديد من الأعمال الإرهابية أكبر دليل على أن همّ الهاشمي ومشروعه (كما هو حال الآخرين من الحاقدين والطائفيين) لا ينحصر أو يتمثل في مشاركتهم في قيادة حكم العراق وبنائه وتوفير المناخات التي تحقق الخير والتقدم والإزدهار لشعبه ، وإنما كان وسيظل همهم وهدفهم عودة العراق إلى ما كان عليه قبل التحرر من قيود الدكتاتورية والقمع والتهميش .
وما أن باءت وبلطف من الله وهمة المسؤولين على قيادة الشعب كل فصول التآمر تلك ، وهرب الهاشمي عن وجه العدالة ليتخذ من التسول في أبواب أسياده القطريين والسعوديين والأتراك وسيلة أخيرة للخلاص من مواجهة العدالة متناسياً أن أسياد اليوم سيتخلون عنه عندما تنتفي الضرورة من دعمه ولم يجدوا منه فائدة ، كما حصل مؤخراً له في تركيا التي رفضت تجديد إقامته فآضطر للسفر بائساً إلى منفاه المؤقت في قطر والسعودية .. أقول ما أن وصل الأمر بالهاشمي إلى هذه الحالة وهو الذي كان يمثل رأس الرمح للمتآمرين والقتلة ، حتى طفت فقاعة جديدة أفرزتها عقول الخائبين ، والمتمثلة بسحب الثقة عن رئيس الوزراء نوري المالكي الذي كان وما يزال يمثل الشوكة التي فقأت وتفقأ عيون الأشرار الذين لايريدون للعراق البناء والنهوض ولا لشعبه التقدم والإزدهار مهما كانت هوياتهم القومية أو الطائفية ، لقد أدرك المعاندون والمهووسون أن المالكي ومن خلال تعامله الوطني والحازم مع مجمل القضايا التي تهم العراق على الصعيدين الداخلي والإقليمي والدولي قد كسب تأييد ومحبة شعبه قبل إعجاب وتقدير المجتمع الدولي ، ومن هنا لم يجد هؤلاء ومن يدعمهم من قمامة الخليج وسيلة من وسائل الخبث أو أجندة من أجندات التآمر سوى التلويح بمشروعهم الخائب المتمثل بسحب الثقة عن المالكي ، وجمعوا لأمرهم هذا ما آستطاعوا من وجوه يتقطر منها الحقد ومال سحت مستجدى من خزائن حمد وعبد الله . وما المحاولات الأخيرة التي قام بها أعداء العملية السياسية ، الساعون إلى بقاء العراق أسير أجنداتهم الطائفية الظالمة والخبيثة سوى صحوة سبقت الموت المحتم لكل ما يعتمل في نفوسهم العدوانية المريضة وزوال تواجدهم عن المشهد السياسي للعراق الجديد .