كلمات في ولادة سيد الشهداء ( ع) .. أبو هدى الشطري

Tue, 26 Jun 2012 الساعة : 12:46

الواقفون على بحر عطاءك يا سيدي يحارون من أين يبحرون وفي اي إتجاه يسيرون ..
والذين يقرؤون كربلاء ويتأملون في مولد سيد الشهداء لاتسعفهم الكلمات ولاتغيثهم قوافي الشعراء..
فلقد جعلت من صحراءها مدرسة لكل الطامحين نحو العلى ..
ولكل التواقين لتسجيل اسماءهم في صفحة من صفحات المجد والخلود ..
وجعلت من ساعات عاشوراء زمناً للمسؤولية ومراجعة الذات ورمال كربلاء المسقية بدماءك الطاهرة والمعفرة بزفير شهادتك المقدسة غدت اليوم ساحة للممانعة والمقاومة .. ونهار عاشوراء الذي اقمت صلاتك فيه تحت أسنة الحراب كان يوماً للتقوى وتاريخاً لتوأمة الحرية والصلاة ..
وبصبرك الذي يهد الجبال الرواسي اضحت كربلاء كعبة للباحثين عن الخلاص ورعباً يلاحق الطواغيت .. يزلزل عروشهم ويطيح بجبروتهم ..
وبعزمك القاهر لكل جحافل الطغيان ايقضت امة من سباتها ونزعت الخوف من بين جوانبها فاوضحت لها الطريق وكنت السفينة يوم الغريق ..
يا ثائراً ضد غفلة هذه الامة وسطحية وعيها وانشغالها عن حقيقة ما يراد بها ويخطط لها ..
يا واقفاً بوجه المنحرفين والمخرفين .. يا صارخاً في احشاء الزمن ومستنهضاً روح الغيرة للدفاع عن دين الامة وكرامتها ..
يا تاركاً هذه الدنيا قبل اوان الرحيل معلنا ً سفر المنيبين الى الله والراغبين في مقعد صدق عند مليك مقتدر .. سيدي ابا عبد الله .. ارادوا لك الأفول فابى الله الا ان تكون شمس الاسلام التي لا تزول ..
وارادوا لقبرك ان تضيع معالمه فابى الله الا ان يكون ملاذ الحائرين وقبلة الثائرين .
وارادوا القطيعة بينك وبين امة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فجعل الله افئدة من الناس تهوي اليك وغدوت كما اراد جدك (( حسين مني وانا من حسين )) ..
ان يوم الثالث من شعبان يوم لميلاد الموقف والمواجهة ورفض الحيادية وثقافة المتفرجين . يوم كانت فيه صرخة الاستهلال صرخة في وجه امة اغمضت عينيها واثرت الاسترخاء والراحة والترف وإختطت لنفسها ثقافة (( حميد بن مسلم )) لا لكم ولا عليكم ..
يومٌ بكى فيه الحسين امة افترشت الغفلة والتحفت بانقاض المصالح الشخصية ولا تزال .. يومٌ بكى فيه الحسين امة ضيعت دينها وباعت قيمها ومبادئها من اجل دنيا رخيصه وملك لا يدوم .. يوم كانت صرخة الحسين فيه استصراخاً لضمير جفت منابعه وماتت عروقه وتحريكاً لجثة هامدة واحياءاً لجسدٍ تناثرت اشلاءه ..
ان يوم الثالث من شعبان يوم قال لنا الحسين فيه .. لا تبحثوا عن اسباب لتبرير هزائمكم ولا عن شماعةٍ تعلقون عليها اسباب فشلكم .. ان السبب انتم .. لسكوتكم وسطحية وعيكم ومادية ثقافتكم .. سوء الظن ببعضكم .. بتفرقكم وانشغالكم بانفسكم .. بنومتكم العميقة وغفلتكم .. عما يراد بكم حتى غدوتم بلا قضية .. فعوت في دياركم الذئاب الخائبة ونهشت لحومكم الكلاب السائبة ..
ان يوم الثالث من شعبان نطل من خلاله على اعماق تاريخنا لنستلهم منه فرحاً واعياً لا مجرد اهازيج وهتافات ..
وسروراً رشيداً لا مجرد شموع ولافتات .. ليكون جزءاً من حركتنا ونبراساً في مواجهتنا وقدوة للقيمين على حراسة الدين ورعاية مصالح الامة وحفظ هويتها ..
انه يوم ولدت فيه نظرية القول والعمل في امة صار ابناءها يستهلكون ولا ينتجون .. يتكلمون كثيراً ولا يفعلون .. فشهقت بولادة الحسين جموع الثرثارين والمهرجين .. وخرست السن الكذابين الذين امتهنوا الضحك على ذقون المغفلين ..
انه يوم الانسان الذي اراده الله مؤتمناً على حقوق البلاد والعباد .. يوم الهوية والقضية التي تلخص حكمة الخالق من هذا الوجود .. يوم توقفت فيه عقارب الساعة ليصرخ الحسين في احشاء التاريخ ..
(( إنَ الحياةُ عقيدةُ وجهادِ))

 

 

 

Share |