ذرى المجد-محمد صبري الربيعي- بغداد

Tue, 26 Jun 2012 الساعة : 12:45

الوصول الى المجد هو حلم مشروع يتشارك فيه جميع البشر ، ولكن الكثيرين منهم يعجزون عن تحقيق هذا الحلم لعدم امتلاكهم مقومات الوصول اليه ، اما البقية فإنهم يجدون أمامهم طريقين للوصول الى المجد ، وفي الحقيقة ان احد هذين الطريقين زائف يؤدي بالنتيجة الى هلاك من يسير فيه واندثاره ، والطريق الثاني هو الطريق الصحيح الذي غالبا ما يكون وعرا وصعبا وأشبه بطريق ملئ بالأشواك ويسير فيه شخص حافي القدمين ، ومن يختارون سلوك الطريق الأول هم العاجزون في داخلهم ولا يمتلكون مقومات النجاح الحقيقي فلا يعود أمامهم الا ان يتسلقوا على أكتاف المبدعين بأساليب رخيصة وينسبون نجاحات الآخرين لأنفسهم ، وهذا نوع خطير من أنواع الأمراض التي يعاني منها الإنسان خاصة في عصرنا الحديث ، اذ ان سالكي هذا الطريق يزاحمون أصحاب الاستحقاق بصورة غير مشروعة على أماكن هم أحق بها وربما يستطيعون ان يزيحوهم من طريقهم بفضل لغة التملق والربت على الأكتاف ومسح اللحى التي يمارسونها دون حياء او خجل ، وهذا المجد الزائف الذي يحاولون صنعه هو أشبه بقصر فخم من الرمال بني على الشاطئ تسحقه أول موجة بحرية تطوله ، ولو أدرك من صنعوا هذا القصر انهم لو استغلوا وقتهم وقاموا ببناء غرفة صغيرة صلبة الجدران لكنها تدوم لكان خيرا لهم من بناء وهم يزول بسرعة وكأنه لم يكن .
اما من يسلكون الطريق الثاني رغم صعوبته ووعورته ، فهم من يسيرون بخطى ثابتة وواثقة لأنهم يمتلكون حقا مقومات النجاح الحقيقي لذلك فهم يزدادون ثباتا كلما زادت الصعوبات التي تواجههم ويحفرون أسماءهم على الصخر بأصابعهم لتبقى خالدة لا تذروها ريح ، ولا تمحوها أعتى الموجات ، ورحم الله المتنبي حين قال :
لا خير في الم حقير حاقد والخير في الألم السماوي الأشم
أنا فرقد الألم البديع ففجري يا قوة الآلام شعري في القمم
إن لم تقل آه وأنت مجرح سيان في الدنيا وجودك والعدم
ان محكمة التاريخ رغم قسوتها ، الا إنها محكمة عادلة ، تعطي لكل ذي صاحب حق حقه ولو بعد حين ، ولا ترحم المتطفلين والمتسلقين من أصحاب النفوس الضعيفة لأنهم وقت تساقط الأقنعة لن يجدوا من ينظر في وجوههم ، وما غيبته سحب النفاق اليوم ستجلوه حتما شمس الحقيقة عندما تشرق ، وهذه هي سنة الحياة ، فالبقاء للأفضل والمجد لمن يستحق المجد ويصل الى قمته بخطى ثابتة وأقدام راسخة .

Share |