الإفلات من الرّبيع العربي-حسين شلوشي
Tue, 26 Jun 2012 الساعة : 11:51

بعد مرور أكثر من سنة على انتفاضة الشعوب العربية ضد حكوماتها، وبرغم عدم وضوح الرؤية بعد سقوط الحكومات الفاسدة وتفشي مشاعر الضجر والاحباط واليأس أحياناً بين نفوس الشعوب العربية، إلا أن التحول في " تحدي الأنظمة" وإمكانية تغييرها بالقوة الشعبية، أصبح واقعاً ممكناً يشجع الشعوب الأخرى على التمرد ورفض ولاية الفاسدين والظالمين.
فبالوقت الذي اهتدت الشعوب العربية بشمعة بوعزيزي المحترقة في طرقات تونس لتحرير ذاتها، ولو جلداً حد الموت توزعت الأنظمة العربية بين قبول الواقع الجديد للشعوب أو رفضه أو تقويضه، وتعاطى على شاكلته، وقد كانت التحليلات الأولى في الوطن العربي والآخر الغربي تسير باتجاه انها نار لا تبقي ولا تذر، وستغطي كامل مساحة الوطن العربي وربما المنطقة، الا أن الزمن والتوقيت سيختلف من دولة الى أخرى، وتأسيساً على التفسير المادي للسلوك والواعز الذي ينتج منه الجوع، فقد اعتقد المحللون أن دول الخليج ستكون في ذيل القائمة لأنها ستتعاطى مادياً وتغدق على شعوبها لغرض إسكاتهم، ولما كانت دول الخليج متفاوتة القوة الإقتصادية والمالية، خرجت البحرين عن القاعدة وقادت لواء الثورة الخليجية لتكون في مواجهة خزائن النفط وحماتها من الغربيين، ما جعل مهمتها في غاية التعقيد لأن التدبير كله يسير باتجاه ايقاف هؤلاء وتخطئتهم في خياراتهم.
إن التحول الشعبي في هذه البلدان وعندما يسير على فطرته وخيارات شعوبه فإنه لا يروق، بل يهدد اسرائيل ومصالح الغرب في المنطقة. وإن أنظمة الخليج أدركت هذه الحقيقة فقط دون أن تفكر لحظة أنها من سلخت مواطنيها وعليها التفكير بالالتصاق بالشعب، بل راحت الى العنصر المؤثر المانع لثورة الشعوب (إسرائيل) ، وقالت له بالمباشر والعلن علينا أن نشكل جبهة قوية لمنع التغيير لأنه ليس في صالح إسرائيل، وهذا نص رسالة وزير خارجية البحرين لإسرائيل والدول الأخرى التي تأخذها العزة بالإثم كما السعودية، ذهبت الى دائرة التأثير المعاكس للثورات ليس في بلدها ( السعودية )، إنما في البلدان الأخرى كما هو الحال في البحرين واليمن لتكافح صحوة الشعوب العربية وثورتها باعتبارها أمراضا معدية.
خيار دول الخليج التأثير في الثورات ومنعها أو تسييسها لصالحها أفقدهم فرصة التفكير بالاصلاح لغرض البقاء في أوطانهم ولإمكانية قبولهم جزءاً من الشعب، الا انهم اعتقدوا بأن هذه الاجراءات ستنقذهم من حمى أو طاعون الربيع والتغيير دون الوقاية الكاملة السابقة منه.
وإن الدخول في دائرة التأثير بالثورات العربية أو ركوبها وتسييسها له افراز آخر وهو الافراز الذي تقتضيه الموازنات الدولية في العلاقات والتحالفات، وإن كانت حكومة البحرين رخوة وبليدة ومسيَرة، فإن الدول الأخرى تريد معالجة ذاتية كما هو حال الإمارات أو على طريقتها كما هو حال الكويت، أو أن لها مقاولا يحل مشكلاتها في شركة قطر للغاز الدولية.
إن جميع المعطيات تؤكد تخلي الولايات المتحدة عن دعم بقاء هذه الأنظمة الفاشلة أو أنها في أيامها الأخيرة من العقد الذي وقعته مع آل سعود بعد الحرب العالمية الثانية والأسباب كثيرة.