المشكلة الأمنية والحواضن السياسية للإرهاب-عبد الرحمن أبو عوف مصطفى/ كاليفورنيا

Sun, 24 Jun 2012 الساعة : 12:01

يحاول البعض التقليل من أثر العامل الخارجي في التأثير على الوضع الأمني العراقي، فقد وصلتني عدة رسائل بهذا الخصوص ردا على مقالي السابق (الأزمة العراقية الى أين؟) والذي ركّزت فيه على ضرورة الإرتقاء بالعمل الأمني الى مستوى التحديات المتعاظمة، وتطرقت فيه الى " أن الأرهاب والقوى الإقليمية المساندة له عاكفة على إعادة صياغة طرق تعاملها وآليات إختراقها للواقع العراقي بطرق جديدة ومتجددة". ومع أن الحال ليس خافيا على الجميع ألا أن البعض يحاول خلط الأوراق بتبرئة بعض دول الجوار مما يحصل من قتل وإرهاب في العراق وبالنتيجة ماهي ألا محاولة يائسة للتغطية على تبعية جهات سياسية عراقية للأجندات الخارجية والتي تشكل في الأساس السبب الرئيسي وراء تلكؤ الأداء الأمني بين الحين والآخر. أي أن التداخل بين العامل الخارجي والآخر الداخلي لاإنفكاك له عند تناول المشكلة الأمنية في العراق.

يؤكد العديد من المسؤولين الأمنيين من خلال تصريحاتهم الإعلامية على وجود أيدي خارجية تحاول العبث المستمر في الوضع الأمني، وبمن فيهم القائد العام للقوات المسلّحة ورئيس مجلس الوزراء السيد نوري المالكي الذي ذكر مرارا "بأن الإرهاب مصدّر لنا من الخارج".. ولاشك أنه يستند في ذلك الى نتائج التحقيق وإعترافات معظم الإرهابيين الذين وقعوا في قبضة الأجهزة الأمنية.. كما وصف الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية السيد عدنان الأسدي في مقال له سابق التحدي الذي يجابه رجل الأمن بالقول.." يواجه المسؤول الامني وعنصر الامن صعوبة بالغة في التعامل مع هذا النوع الجديد من الاجرام الوافد من خارج الحدود ومما صعب الامر في مواجهته اتخاذه شعارات دينية ووطنية مما اوجد له حاضنات متعددة ".. وذلك يلقي الضوء وبوضوح على الهياج القاتل والإندفاع الجنوني لدى الدول الداعمة للإرهاب تجاه الوضع الجديد في العراق. ولاشك أن طول الفترة الزمنية لهذا الهياج والإندفاع الذي إبتدأ بتصدير الإرهابيين وتمويل وتدريب وتسليح مجاميع من هذا النوع، قد إنتهى به الحال الى خلق حواضن سياسية ودينية وتحقيق بعض الإختراقات على مستوى الأجهزة الأمنية نتيجة إنتهاج سياسة المحاصصة في توزيع المراكز الوظيفية في الدولة.

لايمكننا إغفال العوامل الداخلية الكامنة وراء المشكلة الأمنية في العراق والاكتفاء بإلقاء اللوم بالكامل على العامل الخارجي، فقد كان العامل الداخلي ولايزال عاملا مساعدا في دحرجة كرة النار على الأرض العراقية، حيث نجحت الأجهزة الأمنية بتطويق الكثير من حواضنه وتجفيف منابعه الرئيسية. ورغم أن القوى الإرهابية قد استطاعت ومنذ بدء المعركة التسلل الى مراكز القرار الأمني في البلد ألا أن الغربلة المستمرة للأجهزة الأمنية من قبل القادة الأمنيين أدت الى الحد من هذه الخروقات الخطيرة، لكن تطويق ومحاصرة الإختراق الوظيفي لايعني السيطرة التامة على مفردات الوضع الأمني خاصة فأن الجانب السياسي لازال يشكّل دافعاً كبيرا لتحريك النزوع نحو القتل والدمار لدى القوى الإرهابية وشراذم البعث الطامعة بالعودة الى السلطة.

رغم أننا نرجح العامل الخارجي في كونه سبباً في حصول الإخفاقات الأمنية وأن العامل الداخلي قد أصبح ثانوياً خاصة مع الخبرات التي إكتسبها القادة الأمنيين في صراعهم الطويل مع الإرهاب، لكن ذلك لاينفي وجود علاقة مباشرة وإرتباط وثيق بين العوامل الخارجية والداخلية تقف وراء الإخفاقات الأمنية التي تحصل بين الحين والآخر.. كما أن أهم مايجب الإلتفات اليه أن الطرق التقليدية وردود الأفعال الانتقامية في محاربة الإرهاب لم تعد مضمونة النتائج وإن عالجت بعض أوجه المشكلة لكنها لاتستطيع القضاء على المشكلة نهائيا مالم يتم محاربة الأفكار والحواضن والشخصيات المحرّكة لنوازع القتل الجماعي والمحرّضة لتلك القوى في وقت الأزمات السياسية والتي تريد للعراق أن يكون حاضنة للإرهاب بدلا من أن يكون الحاضنة الإستثمارية الأكبر في الشرق الأوسط.

 

Share |