هل انتهى الارهاب في العراق ..؟ -عدنان الاسدي
Thu, 21 Jun 2012 الساعة : 18:47

قد يتصور المتابع العادي ان ادارة الملف الامني في مكان محدد امر اعتيادي يمكن ادارته وفق سياقات ثابته معلومة واليات وسياقات وخبرات تراكمت خلال سنين طويلة وماعلى المسؤول عن هذا الملف الا ادارة الفريق العامل معه وفق تلك السياقات . لكن هذا التصور قد يصلح او يصح عندما تكون الحالة مستقرة ولاتخرج عن الاعتياد وتكون الخروقات الامنية عادية ويمكن معالجتها وتاتي ضمن مجالات معتادة وعلى سبيل المثال لاللحصر الخرق الذي يصدر من مجموعة متظاهرين غاضبين للقانون او اعمال شغب من جمهور في ملعب كرة او عربدة سكران يقض بها مضاجع من يمر بقربهم او فعل انتقامي كالثأر او العداوة او السرقة او الاعتداء وهذه كلها تدخل ضمن الاعمال الاجرامية التي تحدث عادة داخل المجتمعات وبشكل يومي وتتولى معالجتها الشرطة المحلية او شرطة مكافحة الاجرام وتاتي ضمن السياقات العامة لواجبات قوات حفظ الامن . واذا كان المسؤولين عن حفظ الامن في الدول والبلدان التي تعيش استقرارا يضعون خططهم ويتابعون مجرمين عاديين خرجوا على اعراف وقوانين مجتمعاتهم فأننا في العراق نواجه نوعا اخر من الاجرام وهو بطبيعته اخطر من (المافيات ) وتجار المخدرات لأن هؤلاء ينحصر اجرامهم فقط في كيفية تصريف بضاعته واستعدادهم للاصطدام مع القوات الامنية من اجل ذلك في حين نواجه ومنذ سنوات عدوا لايصطدم من اجل بضاعة ممنوعة ولايرتكب جريمة عادية يمكن ان تنتهي به محتجزا او مسجونا في احد مراكز الشرطة المنتشرة في المدن والضواحي بعد ان تطارده الشرطة وتتعرف على اسلوبه في ارتكاب الجرائم وتحفظ (طبعات ) اصابعه وفي النهاية يقع في قبضتها .
ان الظروف التي استجدت في العراق بعد عام 2003 لم تاتي بالقوات الامريكية فقط وانما أتت بطرف المعادلة الثاني وهو ( الارهاب ) ليخوض الطرفان حربا معلنة وخفية على ارض العراق حد تداخل السواتر بينهما وتبادل الادوار تحت مسميات خبرناها وعرفناها وتعايشنا معها مجبرين ودفع العراق وطنا وشعبا ثمنا باهظا جراء ذلك . لقد انظم الى معسكر الارهاب كل الموتورين والمتضررين ومن ضربت مصالحهم جراء سقوط النظام السابق فحملوا السلاح ودفعوا الاموال بسخاء من اجل الحاق الاذى بالشعب العراقي تحت مسمى محاربة القوات المحتلة وهو الشعار الذي رفعته ( القاعدة ) وكان لبعض دول المنطقة الدور الكبير والفاعل في تصدير الارهاب والارهابيين للعراق ومدهم بالمال والسلاح . لذا واجه المسؤول الامني وعنصر الامن صعوبة بالغة في التعامل مع هذا النوع الجديد من الاجرام الوافد من خارج الحدود ومما صعب الامر في مواجهته اتخاذه شعارات دينية ووطنية وذريعة المقاومة مما اوجد له حاضنات متعددة حتى على مستوى المنطقة الواحدة وتعاون الكثير من البسطاء المغرر بهم معه وتوفير ملاذات امنة للمجرمين وتمهيد الطريق لهم لكي يتمكنوا من تنفيذ جرائمهم لذا واجه المسؤول الامني هذا الوضع بصبر وثبات واخترع الاساليب التي تؤدي اول الامر الى كشف الارهابي المجرم اولا امام حاضنته او من وفر له ملاذا امنا لكي تسهل محاصرته واجتثاثه رغم ان بعض المجرمين كانوا محسوبين على القوات الامنية وبمواقع ورتب متفاوتة وادى تواجدهم في هذه المواقع الى خروقات خطيرة لكنها ادت الى انكشاف امرهم وانتهى الامر اما بموتهم او القاء القبض عليهم وتقديمهم للقضاء او هروب بعضهم الى خارج البلد .
اليوم الوضع في العراق مختلفا تماما بعد خروج القوات الامريكية واستلام القوات الامنية الملف الامني بالكامل وانكشاف كل اساليب الارهاب وكشف نواياهم من قبل من كانوا يوفرون لهم حاضنات وعلى الجانب الاخر اكتسبت القوات الامنية خبرة طويلة واصبحت اشد مراسا وكبرت تجربتها واخذت بيدها زمام المبادرة واصبحت هي وبجهدها الاستخباري من يراقب الارهاب ويتتبع اثره ويمنعه من ارتكاب الجرائم اضافة الى ما يحدث في الوطن العربي من ثورات وانتفاضات ادت الى تشتيت العناصر الارهابية . لكن هل انتهى الارهاب بالعراق ؟
اقول وبكل ثقة ان الخروقات الامنية تحصل في كل زمان ومكان وفي اكثر البلدان تطورا وقد تنفجر عبوة هنا ومفخخة هناك لكن الارهاب وبالذات القاعدة لم تعد عدوا مرهوب الجانب في العراق بعد اليوم،وماتبقى منها لايمكن ان ينجح الا بخروقات بسيطة تبقى تحت السيطرة،وقد تكشف قبل وقوعها في اغلب الاحيان،اذا ما تعامل رجل الامن بحرفيه مع المعلومة الاستخبارية،لاسيما ان التركيز،لابد ان ينصب بخطط الامن الستراتيجية على تجفيف منابع الارهاب والسيطرة على الاماكن الرخوة التي تعد حاضنة لتفريخ الارهاب