المأزومون (2) علاوي : الهروب بالأزمة للأمام - ابو تبارك الناصري- الناصرية

Thu, 21 Jun 2012 الساعة : 10:18

مــــذ أعلان نتائج الأنتخابــات التــي هـــي من وجهة نظري المتواضعة نواة الأزمــــــات والتأزمــــات التي عاشها العراق في هذه الدورة البرلمانية .
أزمة الكتلة الأكبر وحَـق تشكيل الحكومة كـــانت هي الأزمة الأكــبر التي عاشتها القــائمة العراقية وأنعكست على جَـميع مواقف وقرارات القائمة بالتــأزم , رغم كسل القائمة العراقية وفشلـــها في عقد تحالفــات تُـمكنها من تشكيل الحكومة بـأغلبية برلمانية ولو نصف +1 بقيت القـــائمة العراقيــة تراوح مكانها أسيرة لتلك الأزمة وما أنبثق عنها من تأزمات داخلية على مستوى القائمة وخارجية على مستوى علاقتها بالقوائم الأخـرى , فـــــي الوقت الذي تَمكنت فيه دولـة القانون من إنجاز تحالف أعتبرته المَحكمة الأتحادية هو الأكـبر برلمانيـــاً , بقــي العراق بجميع مؤسساته التشريعية والتنفيذية مُعطـــل طوال ما يقارب 8 أشهر أثــر تلك الأزمـة , وحتى بعد أن عقدت الاطراف السياسية صفقـة تشكيل الحكومـة وتوزيع المناصب في اربيل 1 لم تستطع القائمة العراقية أن تجتــاز هذه الأزمة وهذا ما شهدناه حينما إنسحاب أعضائها بُـعيد إنتخاب رئيس البرلمان وقُـبيل إنتخــاب رئيــس الجمهورية في جلسة البرلمان الاســـتيكيـة الأولــى , فكــانت هي أول من خرق اتفاقية اربيل 1 بذاك الإنسحاب وعدم التصويت لرئيس الجمهورية مرشح التحالف الكردستانــي , منطلقة من هذا الانساحب في محاولة لخلق أزمة جديدة عســـى ولعـــــل ان تُغير هذه الازمة المفتعلة من واقع الخريطة السياسية شيء .
إشتركت القائمة العراقية في الحكومة وأخذت حصتها من المنـــاصب السيــاديـة والحقائب الوزارية كـاملـــة , وسقطت دون رجعة مواقفها المنطلقة من عقدة أحقيتها بتشكيل الحكومة إثـر الانشقاقـــات المتلاحقــة سواء كانت بصورة رسمية او غير رسمية حتى وصل عدد أعضاء هذه القائمة في أفضل تقدير 75 نائب (( لانه بعض الإنشقاقات لم تظهر بشكل جلي و واضح والرقم مأخوذ من عدد التواقيع المعلنة التي جمعتها القائمة لإجل سحب الثقة ))
بعد تلك الإنشقاقات التي إبتداءت بالعراقية البيضاء ولم تنتــــهِ بالوفـــاء للعراق رافقت هذه الإنقسامات عملية توزيع حصة القائمة من المناصب على مكونات القائمة فكانت أولى عمليات الإنشقاق كردة فعل على توزيع تلك المناصب على قادة مكونات القائمة السياسية كـ غنيمة ومكاسب شخصية او حزبية بعيدا عن شعارات الكفاءة والوطنية التي كان زعماء القائمة يتجلببون بها .
وبعد ان أصبحت العراقية وبفعل المواقف المتأزمة كتلة صغيرة داخل البرلمان – أصغر بكثير مما كانت عليه - أنتقلت العراقية في مواقفها المتأزمة من عقدة أحقيتها برئاسة الحكومة الى عقدة اخرى كردة فعل على الانشقاقات المتوالية الا وهي عقدة تناقص شعبيتها بسبب الأنشقاقات وتنامي شعبية الأطراف المنشقـــة عنــها او حتى المنافسة انتخابيا لـــها فيما سبق . فأخذت تفتعل الازمة تلو الأزمة من أجل خلق واقع تُبرز فيه القائمة على إنها المُمثل الوحيد للمكون السنــي .
فكان قرار القائمة بالإنسحاب من الحكومة والبرلمان و الـتُـهم التي اطلقتها حول تهميش مكون معين والاستئثار بالسلطة متـوافقــاً الى درجة كبيرة مع توجهات قوى أقـليمية في إبقاء العراق في دائرة التجـــاذب الطائفــي دون ان يتخطاها لِيعود الى موقعه المُؤثر والفاعل بالواقع الإقليمي , فـدخلت على خــط الأزمــات قوى عربيــة مثل قطر والسعودية و أقليميــة مثل تركيا من أجل إبقاء العراق أسير أزماته الداخلية ولا يمتلك قرار في قضايا المنطقة الستراتيجية والمهمة , بالتالي تَستفرد هذه القوى بقرار المنطقة .
لم يكن قرار الإنسحاب واضح المطالب ولا حتى المعالــم سوى الحديث عن تهميش واقصاء غير مترجم بوقائع ملموسة , وبعد ان حَسمت الحكومة خيارها بأستبدال الوزراء بآخرين ولو بالوكالة اذا لم يَعـود الوزراء المقاطعين وهذا يعني فقدان الوزراء المقاطعين وكتلهم لأمتيازاتهم الحكومية , طفحت للسطح تصدعات أخرى في موقف القائمة كادت ان تؤدي بها الى مزيد من الإنشقاقات , فعاد الوزراء والنواب المقاطعين للحكومة دون ان نعرف سبب مقــاطعتهم وسبب عودتــهم .
كان الواضح من تلك الحركة هو فقط عرقلة أداء الحكومة من أجل إفشالــها او خلق ازمة من اجل المساومـة بها حول ملف طارق الهاشمي الذي كان ساخن في تلك الفترة , او كانت محاولة لإفشال الحكومة في تنظيم القمة العربية مقابل كسب مواقف داعمة لها من الجهات التي كانت تعمل على هذا الملف (( الحيلولة دون عودة العراق المؤثر للمنطقة )) , وقد تكون هذه الاسباب مجتمعة هي من دفع العراقية لخلق أزمة الإنسحاب , وحينما لم يتحقق شيء منها من خلال الإنسحاب بل كادت ان تعصف بتماسك القائمة الذي اصبح هش بفعل سيلان لعاب زعماء الكتلة على المناصب والامتيازات التي كادوا ان يفقدوها , عاد النواب والوزراء للحكومة من دون شرط او قيد او حتى سبب او علــــه .
أنتقلت العراقية الى أزمـــة سحب الثقة , على مدى ما يقارب شهرين والعراقية مصنع ومستودع كبير للتصريحات الاعلامية المأزومة والمتناقضة والمكذوبة , فبعد ان كانت شعاراتها الانتخابية مركزة ضد ما يسمونه بالمليشيات أصبحت التيار الصدري - الذي يصفونه بإمتلاك المليشيات - حلفيفهم الأهم في مشروعهم , واصبح قائد قوات البيشمركَة هو الحاضن والراعي الرسمي لمشروعهم , في الوقت الذي لا يجمع هولاء الثلاثة أي مشروع او رؤيا مشتركة سوى سحب الثقة فكل لديه مشروعه الذي قد يكون متناقض مع مشروع الآخر , وهذا ما دفع بجماهير هذه القائمة لا سيما نوابها الممثلين لما يسمى المناطق المتنازع عليها الى المُروق عن قرار القائمة , وهذا ما شكل الإنشقاق الأكبر في أوساط القائمة خصوصا بعد حديث جمع التوقيع لسحب الثقة وما رافقه من ردات فعل من قبل اؤلائك النواب , مما دفع زعماء القائمة للتأزم اكثر فأكثر حتى بَدَت منهم تصريحات التهديد والوعيد لؤلئك النواب او جميع من يخرج من القائمة او ينشق عنها دون ان تجدي تلك التهديدات نفعا في ايقاف الانشقاقات داخل القائمة , بل إزداد الطين بلة حين حاول اياد علاوي التشهير باحد المنشقين عن قائمته وأكثرهم إعتراضا على سياساتها , قائلا بانه دفع رشوة ليرفع اسم النائبة عالية نصيف من قائمة الاجتثاث , هذا التصريح الذي ردت عليه النائبة نصيف بانها ستقيم دعوى على هيئة المسائلة وعلاوي باعتبارهما راشي ومرتشي , مما دفع علاوي الى التنصل من تصريحه والقول كنت اقصد اني قد سمعت هكذا كلام !!
ومن التصريحات المأزومة للقائمة ورئيسها تلك التصريحات التي حاول بها ان يحرج رئيس الجمهورية ليقدم طلب سحب الثقة للبرلمان بعد ان رفض الأخير تقديم الطلب متعذراً بان العدد غير مكتمل حيث قال علاوي ان سحب الثقة كان اقتراح من رئيس الجمهورية , فجاء الرد ببيان توضيحي من رئاسة الجمهورية تنفي ذلك وتستنكر تلك التصريحات التي تصدر من قادة القائمة بين الحين والفين .
في خظم هذا الحراك الحــامي الوطيس بين الفرقاء السياسيين وأرتفاع اســــهم التصريحـات المتشنجة في بورصـا الأزمــات السياسيـة المفتعلــة لا تزال العراقية ومواقفها من دون رؤيا لمشروع وطني او حتى طائفي واضحة المعالم تتبناه او تسير عليه , فجميع أفعالها وأقوالها ماكانت الا عبارة عن محاولة لتخطي الأزمات الداخلية التي عاشتها القائمة سواء ازمة الكتلة الأكبر مروراً بأزمات الأنشقاقات او أنخفاض شعبيتها لدى جمهورها , و ماهي الا محاولات للنفوذ من دائرة الأزمات الداخلية التيي تعيشها القائمة وتصدير تلك الازمات للخارج على المستوى الوطني وان كانت مفتعلة من أجل الحفاظ على ما تبقى من القائمة دون تصدعات , او خلق واقع طائفي شبيه بما كان عليه إبان 2005\2006 لتعيد ثقة جماهيرها اليها من خلال طرح نفسها كـ قائمة تمثل المكون السني .
 

Share |