تسارع الأحداث وتصارع الأيدلوجيات -صالح الزيدي

Wed, 20 Jun 2012 الساعة : 11:01

تتسارع الأحداث وعلى مدى الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد على المستوى الطائفي تارة والقومي تارة أخرى وبدوافع المصالح والمطامح الكتلوية والحزبية الفئوية وبشكل مكشوف بين الأطراف بعد أن كان يلف هذا الصراع رداء الوطنية أو المشاركة أو التوازن وجوهره التحاصص الطائفي والقومي والحزبي الضيق ، وان أمواج المد الطائفي ورقة رابحة لمن يمتلكها لكسب ود دول الجوار الاقليمي المناظرة لجميع الفرقاء ، فنرى السيد برزاني عندما عجز عن الاستفادة من الورقة الكوردية في كسب تأييد الجوار العراقي ذات البعد الطائفي المشابه ارتمى في أحضان الطائفية اللاهبة في منطقة الخليج وتركيا فحصل على نتائج مذهلة لم يكن يتوقعها !!
وتتصارع القوى مع تسارع الأحداث من اجل الحصول على مكاسب من خلال وجودها في تيار الأحداث المتأزم بل وخلق المزيد من الأزمات وإطالتها لإقناع جماهيرها بأنها في سعي دائم لتحقيق الوعود  -التي لا تمت بصلة للخدمات والجوانب المعيشية -  بل هي  وعود ( الأيدلوجيات ) المتصارعة ، كالانفصال عن العراق وتأسيس دولة مستقلة بالنسبة للكورد ، فتأسيس تلك الدولة البرزانية الكوردية المزعومة بعد أن حصلوا على ما لايمكن تصوره في أحلام الفرد الكوردي القابع فوق قمم شواهق الجبال في منامه  بليله البهيم فارا من ادوات السلطة الجائرة آنذاك  بفضل  بحبوحة الديمقراطية والانفتاح المعصرن بالفدرالية واللامركزية ، إلا إنهم لن يكتفوا بتلك المكاسب فالانفصال يبقى حلما وغاية أبدية ووعدا لايمكن انجازه للشعب الكوردي من قبل الجهات الكوردية وخاصة البرزاني  الذي لم يستطع تحمل المكاسب فسابقته مشاعره الخفية أكثر من مرة ليبوح عن الرغبة الجامحة بالانفصال عن العراق ، ولكن لا احد يضمن اتساق الأحداث للسيد برزاني لحين الوصول لهذه الغاية ، فان الواقع الكوردي نفسه والجوار الاقليمي الذي يعاني من المشكلة ذاتها لن يسمح  بالانفصال  أبدا .
 وما تسارع الأحداث وتصارع الفرقاء واتشاح الصراعات الداخلية والإقليمية بوشاح الطائفية إلا نذير شؤم وفأل سوء على الشعب الكوردي المخدوع وسرعان ما يكون في مقدمة الخاسرين في النهاية ، وان أول من ينقلب عليه هم حلفاء اليوم لأسباب يعرفها الشعب الكوردي  وبرزاني قبل غيره ..
وفي احد أطراف الصراع أوجدت الحاجة الضاغطة للسنة العرب بضرورة نسف كل أسباب الإبعاد عن السلطة وتملك القرار على النحو السابق ومطامح إعادة الأمور إلى سابق عهدها باستخدام جميع الأسلحة المتاحة للوصول إلى ذلك ، فكانت القائمة العراقية المعبر عنهم حيث يلاحظ من خلال وعودها الانتخابية صدى وانعكاس ذلك من خلال الاستماتة إلى حد قطع الأنفاس لإلغاء قانون اجتثاث البعث أو إفراغه من محتواه وخلق الأزمات تلو الأزمات لذلك ، فصار هذا الأمر حلما وغاية لاعتبارات العودة إلى السلطة من جديد وتكريس الدكتاتورية المنصرمة بلباس آخر وبركوب موجة التوازن الوطني (الطائفي ). وما مجلس السياسات إلا مشروعا يقصد منه تكبيل حركة الدولة والحكومة لئلا تنتقل إلى ضفة الأمان من الانقلابات والثورات الحمراء والبيضاء!!
إلا إن منهج القائمة العراقية لم يكن بمستوى طموح ناخبيها من العرب السنة لعدم تمريرها لأطروحاتها السياسية لا فوق الطاولة ولا حتى تحتها ؟! زعزع ثقة جماهيرها بصلاحيتها ، وان سلوك خداع الرأي العام بتلك الأطروحات ومخالفتها  في الوقت ذاته كرفع شعار الوحدة الوطنية  وتمثيلها لكل الأطياف من جهة  وسعيها لإقامة الإقليم الطائفي من جهة أخرى  أمران غير منسجمان البتة . مما زاد  في ميزان شخص المالكي الذي يحاولون إضعافه شعبيا وسياسيا ، عندما استلم زمام المبادرة منهم بعدم مساومته على وحدة الوطن ، وان إرباك القائمة العراقية للوضع العام وخلقها الأزمات على الدوام بقصد إطالة المشاكل وتعطيل الخدمات لإفشال الغريم السياسي  افقدها جماهيرها في الجنوب الشيعي ومن ثم انفراط عقدها وتبعثر مكوناتها بمسميات عدة ، ومغازلتهم الأكراد بمنحهم ما لم يحصلوا عليه من المالكي ما هي إلا ( قشة البعير ) ، وان تنفيذ أيا من الوعود للكورد على حساب مصلحة العراق الواحد ووحدة ثرواته وشعبه من أي طرف سيكون المسمار الأخير في نعشه السياسي ..

Share |