ذنوب الأشخاص.... وفتاوى القتل- السيد علي الموزاني - بغداد
Mon, 18 Jun 2012 الساعة : 11:18

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
الذي ينظر إلى الإسلام ذلك النظام المتكامل من كل الجوانب والاتجاهات وذات القرارات والتصريحات الكفيلة بحفظ النظام والحياة السعيدة للمجتمع والفرد، ويعيش كل من المسلم وغيره في ظل الحكومة الإسلامية باطمئنان وأمان،وهذا الأمر يجعلنا نعيش في تعجب عندما تصدر فتاوى من علماء دين ينادون بالإسلام وهم يجيزون القتل على ابسط ذنب يرتكبه الفرد حتى وان كان الذنب ليست عقوبته القتل أو هو ليس بذنب بحقكم عقيدته ومذهبه، وأنا هنا لا أوريد أن أتكلم عن الأشخاص الذين يظهرون على شاشات التلفاز أو مواقع الانترنت ويحرضون على الطائفية والقتل العشوائي فهذا القسم ليس من الفتوى وإنما هو من التحريض على الإرهاب وهو مرفوض من كل الجهات الإسلامية والإنسانية والدولية ولاكني أوريد التحدث عن علماء دين كبار ومراجع للمسلمين وشخصيات بارزه ولها تاريخا من النضال والاستدلال في الفقه والأصول وغيره، كيف تصدر منهم ببساطة مثل هكذا فتاوى تجيز القتل الجماعي من دون تمحيص وتدقيق وشهود وإقرار وغير ذالك ،وقد عودنا الفقهاء على قاعدة عامة وهي(الاحتياط في الدماء والفروج) مما يعسر على طالب هاذين الاتجاهين من الحصول عليهما بسهولة وما هذا التعسير إلا لخطورة مثل هكذا أمور ولو أتيحت الفرصة لكل من هب ودب لحصل الفساد والدمار في كل مجتمع تحكمه مثل هكذا توجهات وأراء أو ليس القران الكريم قد تكلم بخصوص القتل وإزهاق الروح قال تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً }النساء92
وقال أيضاً {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }المائدة32
وقال أيضاً {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }الإسراء33
فالله تعالى يقول وان كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن يعني يصف العدو رغم كونه في صفوف الأعداء بالمؤمن ويجعل الدية على قتله، فكيف بنا إذن.
وهنالك الكثير من الروايات التي تتعامل مع القتل بحيطة وحذر فقد جاء عن النبي الأكرم محمد صلى الله عليه واله انه وقف بمنى حين قضى مناسكها في حجة الوداع فقال: (أي يوم أعظم حرمة؟ فقالوا :هذا اليوم ، قال: فأي شهر أعظم حرمه؟ فقالوا: هذا الشهر، قال: فأي بلد أعظم حرمه؟ فقالوا: هذا البلد، قال: فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه فيسألكم عن أعمالكم، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال : اللهم أشهد ...) وسائل الشيعة ج10ص 195.
وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: (لا يدخل الجنة سافك دم، ولا شارب الخمر، ولا مشاء بنميم) وسائل الشيعة ج10ص 196.
وفيما أوحى الله إلى موسى بن عمران عليه السلام : (وعزتي يا موسى لو أن النفس التي قتلت أقرت لي طرفة عين أني لها خالق ورازق أذقتك طعم العذاب، وإنما عفوت عنك أمرها لأنها لم تقر لي طرفة عين أني لها خالق ورازق).
إذن فالقتل اخطر شيء يتعامل معه الفقيه لأن فيه من هتك الكرامات ما تزول منه الجبال الرواسي وتحبس السماء مائها عن الأرض، وربما قد تاب المذنب من ذنبه أو تراجع عنه أو أصر بداخله على عدم العود مرة أخرى، أفلا نفسح له مجال التوبة خصوصا وان باب التوبة مفتوح للمذنبين وانقل لكم هذه القصة التي تحكي قصة رجل تائب (كَانَ هُنالك رَجُلٌ قتلَ تِسْعةً وتِسْعين نفْساً ، فسأَل عن أَعلَم أَهْلِ الأَرْضِ فدُلَّ على راهِبٍ ، فَأَتَاهُ فقال له : إِنَّي قَتَلتُ تِسعةً وتسعِينَ نَفْساً ، فَهلْ لَي مِنْ توْبَةٍ ؟ فقال : لا فقتلَهُ فأكمل بِهِ مِائةً ثمَّ سألَ عن أعلم أهلِ الأرضِ ، فدُلَّ على رجلٍ عالمٍ فقال : إني قَتلتُ مائةَ نفسٍ فهلْ لَي مِنْ تَوْبةٍ ؟ فقالَ: نَعَمْ ومنْ يحُولُ بيْنَك وبيْنَ التوْبة ؟ فانْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كذا وكذا ، فإِنَّ بها أُنَاساً يعْبُدُونَ الله تعالى فاعْبُدِ الله مَعْهُمْ ، ولا تَرْجعْ إِلى أَرْضِكَ فإِنَّهَا أَرْضُ سُوءٍ ، فانطَلَق حتَّى إِذا وصل إلى نَصَف الطَّريق أَتَاهُ الْموْتُ فاختَصمتْ فيهِ مَلائكَةُ الرَّحْمَةِ وملائكةُ الْعَذابِ . فقالتْ ملائكةُ الرَّحْمَةَ : جاءَ تائِباً مُقْبلا بِقلْبِهِ إِلى اللَّهِ تعالى ، وقالَتْ ملائكَةُ الْعذابِ : إِنَّهُ لمْ يَعْمَلْ خيْراً قطُّ ، فأَتَاهُمْ مَلكٌ في صُورَةِ آدمي فجعلوهُ بيْنهُمْ أَي حكماً فقال قيسوا ما بَيْن الأَرْضَين فإِلَى أَيَّتهما كَان أَدْنى فهْو لَهُ، فقاسُوا فوَجَدُوه أَدْنى إِلَى الأَرْضِ التي أَرَادَ فَقبَضْتهُ مَلائكَةُ الرَّحمةِ). فهلا كنا كملائكة الرحمة لكي يرحمنا الله تعالى....
السيد علي الموزاني: [email protected]