العراقيون .. وحدة المصير-طاهر مسلم البكاء-الناصرية
Mon, 18 Jun 2012 الساعة : 10:18

أوائل الخمسينات عندما كادت الكاظمية تغرق بفيضان نهر دجلة ، تنادى أهل الأعظمية لنجدت أهل الكاظمية وبنو سدتها ،وكانوا يرددون سوية الأهزوجة المعروفة:
( إجه الروج عالسدة وموسى بن جعفر رده)
وفي حادثة الجسر القريبة التي وقعت في عشرة عاشوراء ، كان أول من هب لمعونة الزوار ونجدت الجرحى هم أهل الأعظمية ،فحملوا الجرحى الى مستشفى النعمان بسياراتهم وعلقوا لافتات على بيوتهم تدين العمل الأرهابي .وطيلة فترات الزيارة كانوا يوفرون الطعام والماء للزوار الوافدين عبر الأعظمية بأتجاه الكاظمية ،ولايمكن ان ننسى وبنفس الحدث وبفعل بطولي قل نظيره ، قيام عراقي من ابناء الطائفة السنية يدعى عثمان العبيدي بعملية انقاذ للزوار الشيعة من الغرق في نهر دجلة وقد قام بأنتشال ومساعدة سبعة منهم ثم شعر بالأعياء مع الثامن فتهاوى جسده الشريف في مياه دجلة ليكون شاهدا" ابديا" يحكي للاجيال العراقية قصة الوطن الذي لم تتمكن خطط ودسائس الأعداء من التأثير في تلاحم أبناءه.
تشارك بيوتات العراقيون ،على أختلاف أديانهم ومذاهبهم، في مراسم عزاء آل بيت الرسول وكل بطريقته الخاصة ، وقد شاهدنا في مدينة الناصرية أن طائفة الصابئة تشترك في مواكب أستقبال زوار الحسين(ع)وكذلك ، في بغداد والمدن الأخرى ، تشارك طوائف مسيحية العوائل العراقية التي تجاورها في مراسيم العزاء.
وأذا عدنا للعقل والمنطق ،فأن آل بيت رسول اللة لايعودون لطائفة معينة ،بل هم لكل المسلمون ، وقد شاهدنا في أقصى بلاد العرب ،في بلاد المغرب ، أضرحة مقدسة يزورها المغاربة هي لبعض آل بيت الرسول البعيدين في شجرة النسب ممن هاجروا الى المغرب ودفنوا هناك ،وهكذا الحال في كل البلاد الأسلامية حتى من تواجد فيها حكام كبت وجور ،ففي موسم الحج فوجئت باحد الأخوةالسعوديين بعد أن إطمئن الى اني عراقي ، يطلب مني وبشديد التوسل ( تربة الصلاة ) ، وحسب زعمه أنه يريد أن يشم رائحة الحسين فيها.
أما حادثة تفجير البطحاء على مشارف مدينة الناصرية ،فقد سجلت أبهى واروع صور ،مثلت وحدة المصير لدى العراقيين خاصة والمسلمون عامة ،حيث أتقى الملازمنزهان الجبوري وهو من الطائفة السنيةالأرهابي المعبئ بالمتفجرات والديناميت ،أتقاه بصدره محاولا" حماية الزوار الشيعة الذين كانوا في طريقهم الى الحسين( ع )، وهي بحق ملحمة خالدة لن ينساها اهل الناصرية خاصة ولا العراقييون عامة ، حيث اطلقوا اسمه على شوارعهم وساحاتهم العامة وسموامواليدهم الجدد على أسمه.
أن هذا النسيج العظيم من الوحدة الذي حيك منذ آلاف السنين وعمقته الرسالة المحمدية على طول التاريخ الأسلامي ،لايمكن ان ينهار ببساطة تحت وطاة طرق دعاة الفوضى الخلاقة والتدمير الحديث ،والذين حاولوا بصفحات متعددة وعلى مدى عشرات السنين النيل من وحدة هذا البلد وتفكيكه الى دويلات بمختلف السبل ،ولكنهم كانوا يفاجئون دائما" بتمسك العراقيون بوحدتهم واخوتهم وتار يخهم المشترك ، وان العراقيين دائما يمزقون ما كان يخطط على الورق لتجزئتهم والقضاء على وحدتهم ،فهذا أحدأركان العالم الجديد يصرح أن:
( العراق طائر بثلاث اجنحة لايمكنه ان يطير ) ، ويشيرون الى وجود تركيبة الشيعة والسنة والأكراد ، أملين وحالمين في تجزئت العراق وتفكيكه والتخلص من الكابوس الذي يمثله للصهاينة حتى بعد ان حل ما حل به ،ولكنهم تناسوا ان شعب العراق قد عاش تاريخ طويل على هذه الأرض موحدا" وقاتل المحتلين وقاتل الدكتاتوريةصفا" واحدا" ،وكانت العوائل في بغداد تتجاور وتتصاهر وتعيش تحت خيمة العراق بسلام حتى قبل ان تولد اميركا أو يظهر كيان الصهاينة في فلسطين ،ولكنهم لم يفلحوا في ذلك على الرغم من كل ما تعرض له العراق أرضا" وشعبا" .
واليوم يحتفي ملايين العراقيين في ذكرى استشهاد الأمام موسى الكاظم (ع ) ويخلدون هذه الذكرى بمختلف الوسائل ومنها زيارة المرقد الشريف وهذا مايغيض أعداء العراق وأعداء وحدته ،فنجدهم يبذلون كل ما يستطيعون من اجل النيل من وحدة العراق وأذكاء الفتنة بين ابناءه ،ولكن على الرغم من سقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى ،فأن الدم الطاهر الذي سال على تراب العراق يكتب قصة الشعب الذي تمسك ،برغم المحن ، بوحدة المصير.